سواليف:
2025-02-02@22:14:29 GMT

وقف إطلاق النار في غزّة وتحول ميزان القوة

تاريخ النشر: 23rd, January 2025 GMT

بسم الله الرحمن الرحيم

#وقف_إطلاق_النار في غزّة وتحول #ميزان_القوة

دوسلدورف/ أحمد سليمان العُمري

منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع #غزة، شهدت الساحة الفلسطينية تحولات دراماتيكية كان لها انعكاس كبير على مواقف الأطراف المعنية، وخاصّة في الجانب الإسرائيلي، فالتصعيد الأخير لم يكن مجرّد جولة أخرى من الحرب، بل كان له تأثير عميق على القوى السياسية والعسكرية في إسرائيل، مما جعلها تضطر إلى وقف إطلاق النار.

مقالات ذات صلة غزة بين نار العدوان والأمل بالسلام 2025/01/22

هذه الصفقة، التي جرى التوصل إليها بعد مفاوضات معقّدة، جاءت في وقت كانت فيه إسرائيل تعاني من انقسامات داخلية شديدة، مع معاناة للجيش الإسرائيلي داخل قطاع غزّة.

الإحساس بالنصر في الشارع الفلسطيني

عند الإعلان عن صفقة وقف إطلاق النار، عبّر الشارع الفلسطيني في غزّة والفلسطيني عامّة والعربي عن مشاعر الانتصار، ورغم الخسائر البشرية والمادية الفادحة وغير المسبوقة في تاريخ الحروب التي تكبدتها غزّة، إلّا أنّ الفلسطينيين شعروا بالغلبة لأن جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يحقق أي من أهدافه العسكرية المُعلنة، والتي كان يروج لها منذ بداية العدوان الغاشم، لا بل على العكس، أُجبر على إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار، ما يُعتبر هزيمة عسكرية ومعنوية.

وهنا استحضر بالضرور رأي التحليل العسكري، حسب الخبير العسكري، اللواء فايز الدويري: “النصر في الحروب غير المتناظرة يختلف كليّا عن الحروب التقليدية، فإذا استطاع الطرف الأضعف مواصلة القتال والبقاء، فهو يُعتبر منتصرا، في حين يُعتبر الطرف الأقوى خاسرا إذا لم يُحقّق النصر”. كما يرى أيضا المُحلّل العسكري، الدكتور نضال أبو زيد: “تفوّقت الفصائل الفلسطينية على إسرائيل من خلال صمودها وكسر إرادتها العسكرية”.

هذه التصريحات تتماشى مع ما ذكره اللواء الدويري حول الحروب غير المتناظرة، حيث يمكن للطرف الأضعف من حيث الإمكانيات تحقيق التفوق من خلال استراتيجيات فعّالة وصمود مستمر.

الخسائر البشرية والإحصاءات الجديدة

والحديث عن الخسائر البشرية الفلسطينية الغزّيّة حسب دراسة طبية نشرتها مجلة “ذا لانسيت”، فإنّ حصيلة الشهداء في القطاع خلال الأشهر التسعة الأولى من الحرب تجاوزت 64 ألف شهيدا، بزيادة قدرها 40% عن الأرقام الرسمية التي أصدرتها وزارة الصحة في غزّة، حيث سجّلت الوزارة 37,877 شهيدا حتى نهاية يونيو 2024، بينما قدّرت الدراسة الحديثة الرقم بين 55,298 و78,525.

يمثّل هذا الرقم 2.9% من سكان غزّة، ويشمل 59% من النساء والأطفال وكبار السن، إضافة إلى ذلك، تتوقّع تقارير أن حوالي 10 آلاف مفقود قد يكونون مدفونين تحت الأنقاض.

لقد استُخدم تحليل إحصائي متقدّم من قبل الباحثين باستخدام ثلاثة مصادر رئيسية لحصر أعداد الضحايا: البيانات الرسمية من وزارة الصحة، استطلاعات الإنترنت التي أطلقتها الوزارة، وبيانات النعي من وسائل التواصل الاجتماعي.

تعكس هذه الأرقام حجم الكارثة الإنسانية التي تعرّض لها سكان غزّة، حيث تشير الدراسة إلى أنّ الأعداد الحقيقية قد تكون أعلى بكثير بسبب الصعوبات في الوصول إلى جميع المناطق المتضرّرة، خاصّة مع استمرار الحصار والانقطاع المستمر للاتصالات. العديد من المؤسسات الدولية والأمم المتحدة أعربت عن قلقها من أنّ الحصيلة الفعلية قد تشمل المزيد من المفقودين والوفيات التي لم يتم توثيقها رسميا.

هذا الإحصائيات تعكس الهوّة الكبيرة بين الأرقام الرسمية والحقيقية التي يصعب حصرها بظلّ هذا الدمار وقتل كلّ مقوّمات الحياة، ويضع ضغوطا إضافية على المجتمع الدولي للتدخّل وإيجاد حلول دائمة لهذه الحرب غير المنتهية؛ المجتمع الدولي الذي راق له دور المتفرّج أو العاجز أمام إجرام الجيش والقرار السياسي الإسرائيلي.

خسائر الجيش الإسرائيلي وأثرها على القيادة الإسرائيلية

في الجانب الإسرائيلي، سجّل الجيش الإسرائيلي خسائر بشرية واقتصادية كبيرة، وخسائر إخلاقية هائلة؛ لم تعرفها الشعوب من قبل، وعزلة سياسية؛ ومُذكّرات اعتقال من المحكمة الجنائية.

وفقا للبيانات الرسمية الإسرائيلية، قُتل أكثر من 840 جنديا إسرائيليا في المعارك، رغم التفوّق العسكري، مما دفع المحللين العسكريين الإسرائيليين إلى تسليط الضوء على ما وصفوه بـ “الفشل الإستراتيجي” في العمليات العسكرية.

وعلى الجبهة التحليلية العسكرية الأخرى أشار الخبير العسكري الدويري إلى أنّ الخسائر المادية والبشرية في صفوف الجيش الإسرائيلي تفوق بكثير عمّا يُعلن عنه رسميا، وأوضح أن الجيش الإسرائيلي يخسر آلية و6 أفراد بين قتيل وجريح كل ساعة و20 دقيقة، مما يعني سقوط 3185 جنديا بين قتيل وجريح خلال 28 يوما من المعارك، إضافة إلى أنّ الأرقام التي يُعلنها الجيش الإسرائيلي عن خسائره في غزّة متواضعة ولا تعكس الواقع الحقيقي، لأنّ التقدير المنطقي يقول بأنّ جيش الإحتلال فقد بين 40% و45% من معداته القتالية خلال الحرب، ويُرجئ الدويري تحليله إلى طبيعة العمليات العسكرية والمواجهات الدائمة.

وفي أعقاب إبرام صفقة تبادل الأسرى؛ شهدت الساحة السياسية الإسرائيلية تطورات عميقة، ففي 19 يناير 2025، قدم وزير الأمن القومي الإسرائيلي، “إيتمار بن غفير”، استقالته من الحكومة، تلاه وزيرا المالية “بتسلئيل سموتريتش”، والداخلية “آرييه درعي”.

هذه الاستقالات جاءت نتيجة للانتقادات الحادة التي وُجّهت للحكومة الإسرائيلية بسبب إدارتها لحرب غزّة، والموافقة على وقف إطلاق النار والشعور العام بالإحباط داخل الأوساط السياسية الإسرائيلية.

دور ترامب في الصفقة

على الرغم من الوضع الداخلي المتوتّر في إسرائيل، فإن الضغوط الدولية، وخصوصا من الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، صاحب الدور المحوري في دفع نتنياهو وحكومته نحو قبول صفقة وقف إطلاق النار، من خلال مبعوث ترامب الخاص إلى الشرق الأوسط، “ستيفن ويتكوف”، الذي أسهم بالوساطة بين إسرائيل وحماس، وكان مُحمّلا برسالة تحذير من مغبة انهيار الاتفاق، الذي سيؤدي إلى فوضى عارمة. ولقد أرفق ترامب التحذير بتأكيدات لتقديم امتيازات لإسرائيل، إذا قبلت الاتفاق؛ وهو ما دفع الحكومة الإسرائيلية نحو الموافقة على الشروط.

 لم تأتِ الضغوط الأمريكية من خلفية إنسانية أو أخلاقية، إنّما مدفوعة برغبة لاحتواء التصعيد ومنع توسّع رقعة الصراع إلى مناطق أخرى، قد تهدد استقرار المنطقة ومصالحها فيها.

دروس من العدوان الإسرائيلي وآثاره

أما على الصعيد الدولي، فقد شهدت القضية الفلسطينية دعما غير مسبوقا، فقد تزايدت الأصوات العالمية المطالبة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، حيث اعترفت دول عدة بالدولة الفلسطينية وأكّدت على حقوق الفلسطينيين في مواجهة السياسات الإسرائيلية الإستيطانية والتوسّعية، فضلا عن العزلة التي أصبحت تعيشها إسرائيل جرّاء ذلك.

إن العدوان الإسرائيلي على غزّة يعكس الإنتهاكات الإسرائيلية المستمرّة في المنطقة، ويُثبت أنّ القوة العسكرية وحدها ليست كافية لإخضاع الشعب الفلسطيني المناضل، الذي أصرّ على تمسّكه بشروطه، مما دفع الاحتلال إلى قبول اتفاق وقف إطلاق النار، بضغط من دونالد ترامب.

وأخيرا، تبقى غزّة رمز الأنفة والكرامة والشجاعة الاسطورية؛ حقّا وليس تشبيها، رغم تخلّي العالم عنهم ووقوفهم وحدهم أمام حشود الشر، وهم داخل قطاع محُاصر.

سلامٌ على غزّة.

ahmad.omari11@yahoo.de

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: وقف إطلاق النار ميزان القوة غزة الجیش الإسرائیلی وقف إطلاق النار فی غز ة

إقرأ أيضاً:

ماذا نعلم عن الفلسطيني المقتول بالضربة الإسرائيلية في الضفة الغربية السبت؟

(CNN)-- أدت غارة إسرائيلية، السبت، في الضفة الغربية إلى مقتل رجل فلسطيني تم إطلاق سراحه كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وقطاع غزة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 واتفاق إطلاق سراح الرهائن. 

أحد القتلى يُدعى باسم عبد الهادي علاوة، والذي أُطلق سراحه كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة في نوفمبر 2023، في حين قتل كذلك ثلاثة آخرون، من بينهم صبي، في غارة على حي جنين الشرقي، السبت، وقال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف "إرهابيين مسلحين".

وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن شخصين قتلى في قباطية قرب جنين عندما أصابت غارة جوية إسرائيلية سيارة، في حين قال الجيش الإسرائيلي إنه "ضرب سيارة كان بداخلها إرهابيون" مدعيا أنهم كانوا في طريقهم "لتنفيذ هجوم إرهابي وشيك"، لكنه لم يقدم أدلة تدعم هذا الادعاء.

منذ أن شنت إسرائيل حملة عسكرية "واسعة النطاق" في جنين، بعد أيام فقط من دخول وقف إطلاق النار لوقف القتال في غزة حيز التنفيذ الشهر الماضي، قُتل ما لا يقل عن 20 شخصًا، من بينهم فتاة تبلغ من العمر عامين وصبيان في سن المراهقة، بحسب حصيلة CNN لتصريحات وزارة الصحة الفلسطينية.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن العملية تهدف إلى "القضاء على الإرهاب في جنين".

مقالات مشابهة

  • باحث في الشؤون الإسرائيلية: الولايات المتحدة غطت العجز الاقتصادي لتل أبيب
  • حزب الله: سنواجه الخروقات الإسرائيلية في الوقت المناسب
  • ‏حماس تطالب الوسطاء بإلزام إسرائيل بإدخال مواد الإغاثة التي نص عليها اتفاق غزة ووقف الانتهاكات
  • ماذا نعلم عن الفلسطيني المقتول بالضربة الإسرائيلية في الضفة الغربية السبت؟
  • الجيش اللبناني ينتشر في الجنوب وسط تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية
  • ‏3 حافلات تقل فلسطينيين مفرج عنهم من السجون الإسرائيلية تصل إلى خان يونس بغزة
  • تعرف على حجم المساعدات التي وصلت لغزة بعد وقف إطلاق النار
  • هيئة الأسرى: الإفراج عن 90 أسيرا في السجون الإسرائيلية .. غدا
  • مصلحة السجون الإسرائيلية توزع "أساور تذكارية" على الأسرى الفلسطينيين المحررين
  • يديعوت أحرونوت عن مسؤول بالاتحاد الأوروبي: القوة الأوروبية ستلعب دورا مهما في وقف إطلاق النار بقطاع غزة