محمد عرب صالح.. "يوقد من شجرة جدته"
تاريخ النشر: 23rd, January 2025 GMT
يدّعي أحدنا التفرد، واللغة تصدّق ذلك، أو تكذبه.
وبعدها تنسج مصادفات الطريق خيوطها، وتحاصر الشتات.
(١)
كنت مهمومًا بتجربة "بوابة الموهوبين بمركز أطفيح"، حين أخبرني صديق قبل نحو ٧ سنوات عن شاعر من قرية عرب بني صالح - ذات الهوى الرائق، والذائقة البديعة.
وهي قرية ذات طبيعة صحراوية، يميل أهلها إلى الصلابة، والأصالة معًا، ولها خصوصية تميزها عن مختلف قرى مدينة أطفيح/ إحدى مدن جنوب الجيزة، بما لدى معظم أبنائها من ميل فطري للتفوق الأكاديمي.
تفاءلت، واتصلت، فالبلاد التي تنجب شاعرًا، بوسعها أن ترفع هامة، وتنصب قامة.
وهاتفيًا، جاءني صوت دافيء، جملت الصحاري أهدابه، وأطلقت بلاغته، وطلبت أن يلبي دعوة للقاء أطفالنا الموهوبين، ويبسط جناح شاعريته.
(٢)
والشاعر، هو ابن الدهشة، وعدو اليقين.
وتساءل الحائز لتوه - وقتذاك- على جائزة الشارقة في الإبداع العربي عن ديوان "وقالت جدتي الصحراء"- عن حاضنة تتذوق الشعر في المدينة الجامدة، وقلت: نعم، موجودة، وستتسع إذا أنت ناديت في الناس.
والتقينا أول مرة، واختصر الزمن مسافة، وسنوات، وصرنا في بضع دقائق متوحدين يسيران على قدر مشترك.
(٣)
القصيدة تؤم جمهورها، فإذا صلحت صلحوا.
حكى الشاب ( الحائز مؤخرًا جائزة الدولة التشجيعية) تجربته مع الشعر، وبصوته الشجي، الخفيض، أزاح عراقيلًا، وذلل عقبات أمام الناشئة، وهو يسترجع بداياته مع الموهبة الإبداعية المدهشة.
فالذي لم ينسلخ عن قريته في المسمى قال: إن ربة الشعر جذبته في عامه الأخير بكلية دار العلوم، وعندئذ لم يتوقع بعد أن تثمر قصيدته، وتتنامى حد التتويج بجائزة كبرى.
لكنه آمن بغراس جدته الصحراء، وأقام حيث تورق شجرتها الملهمة.
(٣)
يمهل الشعر من يدعون وصله، ثم ينقّح أنسابه.
اتصلت لقاءاتنا، حتى حان موعد افتتاح الموسم الثالث لمسابقة الموهوبين بأطفيح، ولم يكن يصدق محمد عرب صالح أن جمهورًا عريضًا من مختلف الأعمار، والثقافات سيكون في انتظاره.
وفي خاطره أن أمسية كهذه، في مدينة بأقصى جنوب الجيزة، لا يمكن أن يتجاوز عدد الحضور فيها ١٠ أفراد.
خليت بينه وبين جمهوره، بعد تقديم يليق بموهبة شعرية استثنائية، وأفصح عن ذاته بقصيدة عن أبويه، واهتزت القاعة من فرط الاحتفاء، كما اهتز فؤاده.
(٤)
لا دائرة حمراء حول تذوق المدينة، لقد كسرت القاعدة، ومالت على موسيقى قصائده.
شق الشاب الطَموح الذي لا تهدأ روحه الثائرة طريقه نحو التجديد، متكئًا على خيال خصيب ينهل من طبيعة البراح الريفية، ولغة تجري على أوراقه كجداول عذبة.
وأطل من خلف شاشة الشارقة/الإماراتية كصوت مصري واعد بمسابقة أمير الشعراء، يرتق أحلام محبيه، ويوقد جمر القوة الناعمة المصرية، ويطلق صورته الشعرية في فضاء عربي، فتستحيل بشهادة النقاد إلى مصابيح تزين سماء الحرف.
ويبرق نجم القرية، كلما ناداه مقدم أمسية، فلا يكاد متلق أن يحسم إجابة ( من يخلَّد من؟).
(٥)
أن تصادق شاعرًا يعني أن تطل من أعلى نقطة كونية على الأرض.
فالذي لا يستطيع صلابة في مواجهة عاطفته، هو ذاته من يكبلها، ويسوقها عارية إلى العامة.
وما أشهى أن تقارب هشاشة صاحبك، وتسكبان معًا ماء القصائد العذب على جمر الواقع .
(٦)
بهذه الرحلة التي أسفرت عن " ٣ دواوين" ورغم اجتياز نقطة واحدة، أو نقطتين، من مسار لا محدود، يمكنني أن أقول: إن محمد عرب صالح أقر قاعدتين خالدتين، أولاهما" الصحراء لاتزال سيدة البلاغة"، والأخرى " الحر يبدي نسبًا لأمه بكل فخر".
هذا جانب من سيرة شاعر التقيته على طريق الموهبة، حيث لا تظمأ روح في حضوره، ولا يمكن لقلب أن يبرأ من خفقة الطرب عند سماعه، وتنساب موسيقاه وناسة لمن يفتحون نوافذ الكون.
وحبنا للزمالك زيادة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محمد عرب صالح صحراوية
إقرأ أيضاً:
«ثروة 4» يكشف عن الموهوبين في مدارس شمال الباطنة وجنوب الشرقية
بدأت مدارس محافظة شمال الباطنة تطبيق المرحلة الأولى من البرنامج الوطني للكشف عن الطلبة الموهوبين في نسخته الرابعة «ثروة 4». ويستهدف البرنامج الكشف عن الطلاب الذين يمتلكون قدرات عقلية عالية في مجالات الإبداع والابتكار، وذلك من خلال تقييم درجات الذكاء والإبداع لديهم، بهدف تحديد احتياجاتهم ورعايتهم بشكل متكامل.
وفي هذا السياق، أوضح حمد بن سيف المعمري، مدير دائرة التربية الخاصة والتعليم المستمر بالمديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة شمال الباطنة، أن المرحلة الأولى من البرنامج تشمل 31 مدرسة في المحافظة، ويشارك فيها نحو 1974 طالبًا وطالبة. وتستمر فترة التطبيق حتى 8 مايو 2025.
وأضاف المعمري: إن البرنامج يهدف إلى توفير برامج إثرائية متخصصة لرعاية هذه الفئة الموهوبة من الطلاب داخل وخارج المدرسة، بما يتماشى مع التوجهات العالمية في مجال رعاية الموهوبين.
وأشار إلى أن عملية الكشف عن الموهوبين تتم وفق أسس علمية ومعايير واضحة، باستخدام اختبارات ومقاييس مقننة لقياس قدراتهم في الجوانب العلمية، والمهارية، والإبداعية، مما يضمن أن تكون النتائج دقيقة وتعكس قدراتهم الحقيقية، كما أن هذه الخطوة تساهم في توفير التأهيل والرعاية المتكاملة للطلاب الموهوبين، وتعزز من بناء قاعدة بيانات محوسبة وشاملة حول آلية رعايتهم، بالإضافة إلى توثيق مشاركاتهم وإنجازاتهم.
وفي محافظة جنوب الشرقية، انطلقت فعاليات التطبيق الأول للبرنامج بمشاركة واسعة من الطلاب، حيث بلغ عدد المشاركين 930 طالبًا وطالبة من 23 مدرسة موزعين على 9 مراكز في مختلف أنحاء المحافظة.
وقد تم تنظيم الفعاليات على مرحلتين في مراكز مختلفة، ففي ولاية صور، استضافت مراكز (مدرسة الصلت بن القاسم للذكور، ومدرسة صور الساحل للبنات، ومدرسة لبابة بنت الحارث للبنات) فعاليات التطبيق على مدار يومين، بمشاركة 62 طالبًا من الذكور و227 طالبة من الإناث، وفي ولايات جعلان، وعلى مدار 8 أيام في مراكز شملت (مدرسة الكامل، ومدرسة قتيبة بن مسلم، ومدرسة بلاد بني بو علي بنات، ومدرسة بلاد بني بوحسن، ومدرسة السلطان قابوس، ومدرسة سعود بن عزان)، حيث بلغ عدد المشاركين 330 طالبًا من الذكور و311 طالبة من الإناث.