مقالات:
بقلم/ سند الصيادي
وهو يتلو محددات ما بعد جولة النصر – الذي خطه المقاومون في طوفان الأقصى – ظهر السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي عصر الاثنين الفائت كقائد تجاوز في معطيات مشاركته قصة الإسناد اليمني التاريخي لغزة، هذا الإسناد الذي جرى تحت قيادته وإشرافه المباشر، وبحنكة وحكمة وشجاعة و اقتدار عز أن تجده في التاريخ الإنساني المعاصر.
كان النقل التلفزيوني الواسع لكلمته يجسد انعكاسا طبيعياً لمدى الحضور الكبير لهذا القائد ودولته في المشهد الإقليمي والدولي، وسط مؤشرات ودلائل تثبت أن هذا الإسناد كان له الأثر الكبير في رسم طاولة المفاوضات والبدء في تنفيذ مقرراتها على الميدان، كيف لا، وهو الذي وضع كل ثقل أنهك به الكيان وأمريكا وبريطانيا براً وبحراً وجواً، على مدى عام ونيف في يد المفاوض الفلسطيني، وترك له كامل الخيار في استثمار مقرراته.
أما عن ارتدادات هذا الإسناد، يكفي أن نقرأ رواية أصحاب الشأن، غزة و أهلها، في بيان تلاه أبو عبيدة وأفرد فيه لليمن مساحة ومفردات مميزة يمكن لجميع المراقبين رصد استثنائيتها في الخطاب، هذا رغم الحرص الكبير على أن لا يقول الكثير مما يجب أن يقال، تجنبا لمزيد من العداوات مع «إخوان الزيف والكذب»، على امتداد الجغرافيا العربية، ببعدهم الرسمي والتنظيمي .
ظهر هذا القائد اليماني وفي لهجته ونبرة صوته امتزج النصر مع كافة الاحتمالات والخيارات المستقبلية للصراع، سوى على المشهد في الداخل الفلسطيني بأبعاده المرحلية والاستراتيجية، أو في ما يتعلق بأي صراع قد تضطر اليمن إلى مواجهته منفردة، وهو صراع محتمل وقائم كضريبة للمعادلات التي صنعتها اليمن، وفي ظل هذا التفوق المستفز على طواغيت العالم الذي أحدثته في أتون الموقف.
يعرف هذا القائد أن الحرب لم تنته بعد، وأن ما حدث مجرد محطة هامة وفارقة في تاريخ الصراع، صراع الإرادات الذي نشب اليوم، وبدأ ينبعث طرفه الآخر والأصيل والغالب في الحق من بين رماد الهوان والارتهان، بعد عقود طويلة من الرقص الأحادي الماجن للغزاة والمجرمين على مسرح الأحداث، وعلى جثامين النساء والأطفال والقضية عموماً، يعرف هذا القائد أن مسلسل النصر لا يزال طويلا في تفاصيله و مفعما بالمزيد من المفاجآت المدهشة لجمهور المقاومة، الصادمة لأعدائها وخصومها على السواء .
على هذا الطريق يوفر القائد المزيد من الأدوات والمفاعيل الضاغطة للجولات القادمة، وينفقها بسخاء وترشيد عجيب، بما يتسق ويتواءم مع الظرف، وفي الزمان والمكان الذي تستحقه، يطمئن شعبه وأمته بأننا في صراع الأدوات والإرادات في وضع تمويني مبشر، بما يكفي لتوقع أسوأ الاحتمالات.
ختاماً.. لقد أظهر هذا القائد وشعبه مهارة مبهرة في صناعة التاريخ، كيف أن طريق الذهاب إلى القمة ليس معبدا بالأماني والأحلام، غير أنه ليس مستحيلا، ويمكن اختزاله بالوعي والصبر والعمل، وقبل كل ذلك الإيمان.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: هذا القائد
إقرأ أيضاً:
قانون تقاعد الحشد الشعبي… صراع سياسي في الوقت الضائع
أصبحت حكاية هذا القانون سياسية بعد أن كانت انتخابية، يحصد قادتها آلاف الأصوات التي تؤهلهم لمراكز قيادية في مراكز السلطة بشقيها التشريعي والتنفيذي.
قانون تقاعد الحشد الشعبي الذي أصبح مادة دسمة للصراع بين الكتل والزعامات السياسية يزداد ضراوة تحت قبة البرلمان. الغرابة في ذلك التنافس أنه في الوقت الذي تنادي فيه الولايات المتحدة بحل سلاح الفصائل وتسليمه إلى الدولة العراقية، يأتي الصراع على قانون تقاعد الحشد الشعبي الذي تعتقد بعض الكتل أن إقراره سيخفف من الضغط الأمريكي والغضب بتجاوز أعداد منتسبيه أكثر من 250 ألفاً، بعد أن كان لا يتجاوز الـ50 ألف مقاتل في حكومة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، وتضخم ميزانيته من ملياري دولار إلى ثلاثة مليارات حالياً.معضلة الخلاف على القانون أنه سيزيح أكثر من أربعمئة من قادته يشغلون مناصب مهمة، بدءاً من رئيس الهيئة فالح الفياض الذي لا تزال كتل وفصائل مسلحة تتصارع على الاستئثار بمنصبه بعد إحالته على التقاعد، عبر ظهور أسماء ومسميات لقادة فصائل وشخصيات بدأت تترشح لرئاسة الهيئة.
يقود طرف المقاطعة ائتلاف دولة القانون الذي يرى أنه لا أهمية لتضرر عدد قليل إذا كان قانون الحشد يخدم آلاف المنتسبين الذين هم جزء من المنظومة الأمنية، حسب تعبير المتحدث باسم الائتلاف النائب عقيل الفتلاوي، ويشير الفتلاوي إلى مقاطعة نواب الائتلاف لجلسات مجلس النواب إلى حين إدراج قانون الخدمة والتقاعد لهيئة الحشد الشعبي على جدول الأعمال للتصويت عليه.
وترى بعض الكتل السياسية ضرورة ترحيل القانون إلى ما بعد الانتخابات، إلا أن تلك الخطوة قد تواجهها صعوبات خصوصاً وأن الإدارة الأمريكية الجديدة قد أوصلت رسائلها إلى الحكومة العراقية بضرورة هيكلة الحشد الشعبي أو إيجاد مخرج لسلاح الفصائل في العراق.
يُعتقد أن الاتفاق النهائي، ولأجل الخروج بحل يرضي جميع الأطراف “الفصائلية” فقد تم التوصل إلى قرار يقضي بأن يكون السن التقاعدي لمنتسبي الحشد الشعبي 68 سنة حسب صلاحية القائد العام للقوات المسلحة، كون الذين تطوعوا كانوا بأعمار كبيرة خلال الحرب مع داعش. في ذات الوقت، هو قرار يخدم قادة الحشد ويبعدهم عن مقترح تحويلهم إلى مستشارين في الهيئة بعد بلوغهم السن التقاعدي.
السن التقاعدي المقترح بـ68 سنة هو أعلى من سن التقاعد الطبيعي في العراق والبالغ 63 سنة، ويرى البعض بأنه إرضاء لأولئك القادة للبقاء في مناصبهم ولو على حساب الغضب الأمريكي.
من بين كواليس البرلمان العراقي، يجد بعض النواب أن سيناريو قانون الحشد الشعبي هو مغازلة للأمريكان ومحاولة لمسك العصا من المنتصف كمحاولة عراقية لإعادة هيكلة الحشد الشعبي وتقليل أعداده المتزايدة وإزاحة بعض القيادات “الحشدية” التي تعارض الوجود الأمريكي في العراق.
خلاصة الصراع الشيعي – الشيعي تدور حول منصب من يتولى رئاسة هيئة الحشد الشعبي بعد فالح الفياض الذي طار إلى إيران من أجل التوسط لحل الخلاف المتصاعد بين أطراف الإطار التنسيقي حول المنصب. يُعتقد أن هناك حلاً بأن تتولى الرئاسة شخصية عسكرية من خارج الفصائل المسلحة كمحاولة لتسوية الخلاف، إلا أن ذلك المقترح قد يواجه بالرفض من بعض الكتل التي ترى أحقيتها بالمنصب.
في الوقت الذي تشير كل الوقائع والأحداث إلى أن العراق مقبل على انهيار اقتصادي وشيك بسبب قلة السيولة ومشاكل في توزيع رواتب الموظفين والمتقاعدين وعمليات النهب اللامعقول من العملة الصعبة إلى خارج الحدود، واحتمالية أن تُشعل هذه الأحداث احتجاجات واسعة في الشارع العراقي في انتفاضة قد تكون أشد من ثورة تشرين تحرق أخضرها بيابسها، تتصارع تلك الكتل على منصب رئاسة هيئة الحشد الشعبي، وهي تعلم أن العقوبات الأمريكية القادمة ستكون الأشد على النظام السياسي العراقي. فأي صورة قاتمة يعيشها العراق وشعبه؟