صحيح أنّ تسمية رئيس الحكومة المكلف نواف سلام بموجب الاستشارات النيابية في قصر بعبدا، قوبلت بـ"امتعاض" أقرب إلى "الاحتقان" في صفوف "الثنائي الشيعي"، وقد عبّر عنه حينها بصراحة رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد في كلمة وُصِفت بـ"النارية"، واستُتبِعت بتسريبات بالجملة من المحيطين به، ممّن تحدّثوا عن "تقسيم وتحريض وانقلاب وخديعة وغدر"، وكلّ ما يمتّ إلى هذا الحقل المعجمي "السلبي" بصلة.



وصحيح أيضًا أنّ "الثنائي" لم يتلقف كلمة الرئيس المكلف الأولى من قصر بعبدا، التي حاول من خلالها تبديد الهواجس التي عبّر عنها النائب محمد رعد، من دون تسميته، حين أكد رفضه لمنطق الإلغاء والإقصاء، فأصرّ على رفع سقف التصعيد إلى الحدّ الأقصى، بإعلانه مقاطعة الاستشارات النيابية غير الملزمة في مجلس النواب، ولو بدا الأمر مجرّد "تسجيل موقف" لم يكسره، إلا بلقاء "استلحاقي" مع رئيس مجلس النواب، بعد انتهاء المواعيد الرسمية.

لكنّ الأصحّ من هذا وذاك أنّ قطار "التفاهم" بين "الثنائي الشيعي" والرئيس المكلّف سلك طريقه بعد ذلك بسلاسة، ليعقد الطرفان اجتماعَين بالحدّ الأدنى، أعادا مشهديّة "الخليلَين" إلى الواجهة بعد طول انقطاع، ووُصِفا بالودّيين والإيجابيين، بل قيل إنّهما أفضيا إلى "تفاهمات مبدئية"، حُسِمت بموجبها مشاركة "الثنائي" في الحكومة، وحصوله على حقيبة المال، لكن ما الذي حصل بعد ذلك، ولماذا يعتقد كثيرون أنّ هذه التفاهمات "سقطت"؟!

المعارضة "توجّست"؟

من استمع إلى الرئيس المكلف قبل يومين وهو يتحدث من قصر بعبدا، شعر أنّ التفاهمات التي كثر الحديث عنها بين الرجل و"الثنائي الشيعي" قد ولّت وأصبحت في خبر كان، ولا سيما أنّ الرجل نفى في معرض كلامه أن يكون في وارد تكريس أيّ أعراف جديدة، ملمّحًا إلى أنّ حقيبة المال ليست محسومة لأيّ طرف، أو حتى أيّ طائفة، كما أنّها في الوقت نفسه، ليست ممنوعة على أيّ طرف أو طائفة، شأنها بذلك شأن أيّ حقيبة أخرى، بمعزل عن التصنيفات.

ثمّة من يعتبر أنّ كلام الرئيس المكلّف هذا وقد جاء في سياق خطاب وُصِف بـ"التصعيدي"، جاء ردًا على الضغوط التي يتعرّض لها، ليس من "الثنائي" بالتحديد، بل من خصومه، الذين اشتكوا ممّا اعتبروه "تساهلاً غير مبرَّر" من جانب الرئيس المكلّف مع "الثنائي"، ووقوفه على خاطره، كما لم يفعل مع غيره، مع العلم أنّ "الثنائي" هو الذي لم يسمّه، وهو الذي صوّب عليه، بل خوّنه في مكانٍ ما، وبالتالي فمن غير المفهوم لماذا "يُكافَأ" على ذلك بهذه الطريقة.

ويشير العارفون إلى أنّ "شكوى" خصوم "الثنائي" إلى سلام، من سلام إن صحّ التعبير، عبّرت عن "توجسّ" وربما "نقزة" تولّدت لدى المعارضة من أداء الرئيس المكلّف، الذي قد يكون مفهومًا أن يكون راغبًا في مشاركة "الثنائي" في حكومته، إلا أنّه لا يجب أن يخفّض سقفه لهذه الدرجة، ويقبل بمطالب الأخير من دون نقاش، في وقتٍ يدرك هو وغيره أنّ المعادلات كلّها تغيّرت، وأنّ على "الثنائي" أن يتأقلم مع الواقع الجديد الذي ارتسم.

هل عادت الأمور إلى نقطة الصفر؟

لا يعني ما تقدّم، بحسب العارفين، أنّ التفاهمات والاتفاقات قد أصبحت فعلاً في خبر كان، أو أنّ "انقلابًا" حصل عليها، أو حتى أنّ الأمور عادت إلى "نقطة الصفر"، فكلّ الأمور لا تزال قيد النقاش بحسب ما يقولون، ويشيرون إلى أنّ الرئيس المكلَّف لم يتعهّد لأحد بشيء، وهو لا يزال "يطبخ" تشكيلته وفقًا لمعايير واضحة بالنسبة إليه، وبالتنسيق مع رئيس الجمهورية، بما ينسجم مع تطلّعاتهما، التي عبّر عنها "خطاب القسم" إلى حدّ بعيد.

وفيما يوحي المطّلعون على كواليس التشكيلة الحكومية، أنّ الأمور تُطبَخ بسرية، وأنّ كلّ الاحتمالات تبقى واردة، فيما يتعلق بالحقائب الشيعية كما غيرها من الحقائب، يشدّد المقرّبون من "الثنائي" على أنّ ما يُنشَر في هذا السياق لا يعكس الواقع، "فحقيبة المال أصبحت وراء ظهرنا"، بحسب ما يقولون، مشدّدين على أنّ الاتفاق مع الرئيس المكلف تمّ على أن تبقى بيد "الثنائي"، للكثير من الحسابات والاعتبارات المعروفة.

ويؤكد هؤلاء أنّه بخلاف ما يقول المعارضون، فإنّ "الثنائي" يقدّم كلّ التسهيلات الممكنة لولادة الحكومة، وهو يبدي المرونة والليونة في التعامل مع الرئيس المكلف، بما يتعلق بالحقائب خارج "المالية"، من دون أيّ اشتراطات محدّدة، ويشدّدون على أنّ كلّ "الضجّة المفتعلة" في هذا السياق، تحاول "إلهاء" الرأي العام عن المشكلة الحقيقية التي تعترض التأليف، والتي يعرفها الرئيس المكلف جيّدًا، وهي مرتبطة بالتمثيل المسيحي والسنّي، لا الشيعي.

ليس واضحًا حتى الآن إذا ما كانت المعارضة قد "أطاحت" فعلاً بالتفاهمات بين الرئيس المكلّف و"الثنائي"، ولا إذا ما كانت هذه "التفاهمات" حاصلة أساسًا، ولا إذا كانت "العقدة الحقيقية" فعلاً على هذا المستوى. لكنّ المطّلعين على الكواليس يشدّدون على أنّ الأمور لا تزال "ضمن المعقول"، وأنّ السعي لا يزال حثيثًا من أجل ضمان ولادة الحكومة في أقرب وقت ممكن، اليوم قبل الغد، والأهمّ، قبل موعد انتهاء مهلة الستين يومًا، الأحد المقبل..
  المصدر: خاص لبنان24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الثنائی الشیعی الرئیس المکل ف الرئیس المکلف على أن

إقرأ أيضاً:

الملك سلمان يُعزي الرئيس التركي في ضحايا الحريق الذي اندلع في منتجع بولاية بولو

 

بعث خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود برقية عزاء ومواساة لفخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية، إثر اندلاع حريق في منتجع بولاية بولو في الجمهورية التركية وما نتج عنه من وفيات وإصابات.
وقال الملك المفدى:" علمنا بنبأ اندلاع حريق في منتجع بولاية بولو في الجمهورية التركية، وما نتج عنه من وفيات وإصابات، وإننا إذ نبعث لفخامتكم ولأسر المتوفين ولشعب الجمهورية التركية الشقيق أحر التعازي وأصدق المواساة، لنسأل المولى سبحانه وتعالى أن يتغمد المتوفين بواسع رحمته ومغفرته، ويلهم ذويهم الصبر والسلوان، وأن يمن على المصابين بالشفاء العاجل، ويحفظكم وشعب الجمهورية التركية من كل سوء ومكروه، إنه سميع مجيب

مقالات مشابهة

  • الرئيس السيسي يستقبل رئيس الصومال لبحث التعاون الثنائي والأوضاع الإقليمية
  • ولي العهد السعودي يبحث مع الرئيس الأمريكي تعزيز التعاون الثنائي لمحاربة الإرهاب
  • «الدبيبة» يلتقي الرئيس العراقي لبحث التعاون الثنائي والقضايا الإقليمية والدولية
  • قاسم هاشم : الرئيس سلام والثنائي الشيعي اتفقا على الحقائب
  • الرئيس المكلف يواجه المطالب... المعايير الموحدّة في عملية التأليف تريح الجميع
  • الملك سلمان يُعزي الرئيس التركي في ضحايا الحريق الذي اندلع في منتجع بولاية بولو
  • دعوة من الكتائب للرئيس المُكلف والعماد عون: لعدم الرضوخ للابتزاز المتمادي الذي يمارسه الثنائي
  • القوات اللبنانية: حريصون على السرية في مفاوضات التشكيل مع الرئيس المكلّف
  • اعطاء الثنائي الشيعي وزارة المال يفتح الشهية على الحقائب الأخرى ويطيح المداورة