العمل يتضاعف في الأماكن المقدسة، ومنها مكة المكرمة، لذلك يحرص كثير من الناس على الإكثار من الطاعات وتجنب المعاصي فيها، فما مدى صحة ذلك؟.

هل تسوية الصفوف في الصلاة من تمام صحتها؟.. دار الإفتاء تجيب حكم قول أذكار الصباح قبل صلاة الفجر .. الإفتاء تجيب


قالت دار الإفتاء إن حِكمة الله تعالى وسُنَّته جرت على تفضيل بعض المخلوقات على بعض، وكذا في الأمكنة والأزمنة؛ فقد فضَّل الله تعالى جنس الإنسان من بني آدم على سائر مخلوقاته، فجعله مكرمًا مصانًا؛ قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء: 70]، ثم اصطفى مِن بين ذرية آدم وبَنيه الأنبياء والرسل، فجعلهم محلَّ وحيه وتجلي رسالته، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: 33]، ولم يقتصر ذلك التفضيل على الأشخاص بل جرى في الأمكنة؛ ففضَّل الله تعالى مكة المكرمة على غيرها من بقاع الأرض، فجعلها مركز الأرض، وأشرف البقاع وأجلَّها.

وأضافت الدار : قد فَضَّل الله تعالى مكة على غيرها من البلاد في الأجر والثواب وجعله مضاعفًا؛ وذلك حتى يحرص المسلم فيها على الإكثار من الطاعات، وتجنب المعاصي والمذلات، فيسود فيها الخير والنفع؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وآله وسَلَّمَ قال: «مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ بِمَكَّةَ، فَصَامَهُ، وَقَامَ مِنْهُ مَا تَيَسَّرَ لَهُ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِئَةَ أَلْفِ شَهْرِ رَمَضَانَ فِيمَا سِوَاهَا» أخرجه ابن ماجه في "السنن" 
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «رَمَضَانُ بِمَكَّةَ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ رَمَضَانَ بِغَيْرِ مَكَّةَ» أخرجه البزار في "المسند".

وقال الإمام الحسن البصري في "فضائل مكة" (ص: 21-22، ط. مكتبة الفلاح): [مَا على وَجه الأَرْض بَلْدَة يرفع الله فِيهَا الْحَسَنَة الْوَاحِدَة غَايَة ألف حَسَنَة إِلَّا مَكَّة، وَمن صلى فِيهَا صَلَاة رفعت لَهُ مائَة ألف صَلَاة، وَمن صَامَ فِيهَا كتب لَهُ صَوْم مائَة ألف يَوْم، وَمَن تصدَّق فِيهَا بدرهم كتب الله لَهُ مائَة ألف دِرْهَم صَدَقَة، وَمَن ختم فِيهَا الْقُرْآن مرَّة وَاحِدَة كتب الله تَعَالَى لَهُ مائَة ألف ختمة بغيرها.. وكلَّ أَعمال الْبر فِيهَا كل وَاحِدَة بِمِائَة ألف، وَمَا أعلم بَلْدَة يحْشر الله تَعَالَى فِيهَا يَوْم الْقِيَامَة من الْأَنْبِيَاء والأصفياء والأتقياء والأبرار وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَالْعُلَمَاء وَالْفُقَهَاء والفقراء والحكماء والزهاد والعباد والنساك والأخيار والأحبار من الرِّجَال وَالنِّسَاء مَا يحْشر الله تَعَالَى من مَكَّة، وَإِنَّهُم يحشرون وهم آمنون من عَذَاب الله تَعَالَى، وليوم وَاحِد فِي حرم الله تَعَالَى وأمنه أَرْجَى لَك وَأفضل من صِيَام الدَّهْر كُله وقيامه فِي غَيرهَا من الْبلدَانِ] اهـ.

وأوضحت: كما ضُعِّف فيها الثواب وعُظِّم؛ قُبِّح فيها الذنوب والمعاصي عن غيرها من البلاد؛ قال الإمام النووي في "الإيضاح في مناسك الحج والعمرة" (ص: 402-403، ط. دار البشائر الإسلامية): [فإِن الذنبَ فيها أقبح منهُ في غيرِها، كما أنَّ الحَسَنَةَ فيها أعظمُ منها في غيرها. وأمَّا مَن استحبَّها فلِما يحصلُ فيها من الطَّاعَاتِ الَّتي لا تَحْصُلُ بغَيرِها مِنَ الطَّوَافِ وَتَضْعِيفِ الصَّلَوَاتِ والْحَسَنَاتِ وغيرِ ذلكَ]اهـ.

وقال الشيخ ابن القيم في "زاد المعاد" (1/ 52): [من هذا تضاعف مقادير السيئات فيه لا كمياتها، فإن السيئة جزاؤها سيئة، لكن سيئة كبيرة جزاؤها مثلها، وصغيرة جزاؤها مثلها، فالسيئة في حرم الله وبلده وعلى بساطه آكد وأعظم منها في طرف من أطراف الأرض، ولهذا ليس من عصى الملك على بساط ملكه كمن عصاه في الموضع البعيد من داره وبساطه، فهذا فصل النزاع في تضعيف السيئات، والله أعلم] اهـ.

وقال العلامة البُهُوتِيُّ في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 488، ط. عالم الكتب): [إنَّ الحسنات والسيئات تتضاعف بالزمان والمكان الفاضل] اهـ.

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مكة المكرمة دار الإفتاء الله ت ع ال ى الله تعالى غیرها من ر م ض ان ا من ال ل الله الله ع

إقرأ أيضاً:

معاش والدتي المتوفاة مازال يصرف بالخطأ فهل يجوز الحصول عليه.. الإفتاء تجيب

ورد إلى دار الإفتاء سؤال من أحد المواطنين يتعلق بمصير المعاش الذي كان يصرف لوالدته المتوفاة. 

السائل أوضح أنه بعد وفاة والدته، أخطر هيئة التأمين والمعاشات بإرسال صورة من شهادة الوفاة، وبعد مرور فترة، اكتشف أن مبلغ المعاش ما زال يتم صرفه ويوضع في حساب والدته في البنك، نتيجة لذلك، قام السائل بسحب المبلغ الموجود، مما أثار تساؤلات حول شرعية هذا التصرف في ظل الظروف المالية الصعبة التي يمر بها.

وفي ردها على هذا السؤال، أكدت دار الإفتاء أنه إذا كان السائل لا يستحق شيئًا من معاش والدته المتوفاة، فلا يجوز له أن يأخذ هذا المعاش، حتى لو كان يمر بضائقة مالية.

 وشددت على أن أخذ هذا المال يعد تصرفًا غير جائز شرعًا، وأوضحت دار الإفتاء أنه يجب على السائل حساب المبلغ الذي حصل عليه بغير وجه حق والذي قام بالتصرف فيه، والقيام برده إلى هيئة المعاشات إن كان ذلك ممكنًا. وفي حال عدم القدرة على إعادته، يُنصح بتوجيه هذا المال إلى مصالح الفقراء والمساكين.

هل يرى المؤمنون الله يوم القيامة؟.. دار الإفتاء توضح معنى الحديث الشريفشروط الجمع بين صلاتين.. الإفتاء تصحح مفاهيم خاطئةهل يجوز إخراج مبلغ مالي بنية الزكاة والصدقة معا؟.. الإفتاء توضحدار الإفتاء تكشف السبب الرئيسي للهم والحزن الذي يصيب الإنسان فجأة

هل يجوز الزواج عرفيا لضمان استمرار صرف معاش زوجي المتوفي 

من جهة أخرى، تناول الشيخ محمد كمال، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، سؤالًا آخر من سيدة تدعى "مها"، التي أشارت إلى أنها عادت إلى زوجها السابق بعقد زواج عرفي بعد الطلاق الرسمي، وذلك بغرض الاستفادة من المعاش.

وأوضح الشيخ كمال أن الطلاق ينقسم إلى نوعين: الطلاق الرجعي، والذي يمكن للمرأة أن تعود فيه إلى زوجها دون الحاجة لعقد جديد، والطلاق البائن، الذي ينقسم بدوره إلى بائن بينونة صغرى وبائن بينونة كبرى. إذا كان الطلاق بينونة صغرى، فيمكن للمرأة العودة إلى زوجها بعقد جديد. أما إذا كان الطلاق بينونة كبرى، فلا يمكنها العودة إلى الزوج السابق.

وأضاف الشيخ كمال أن الزواج العرفي في هذه الحالة قد تم عقده فقط بغرض الحصول على معاش لا تستحقه الزوجة في حال كانت متزوجة بشكل رسمي. واعتبر هذا الأمر تحايلاً وغشًا، وهو غير جائز شرعًا.

وأوضح أمين الفتوى أن المال الذي يتم الحصول عليه بطرق غير شرعية يفقد بركته ويجب تجنب هذه الممارسات. وأكد أن من الضروري أن يتحلى المسلم بالالتزام بالمعايير الشرعية في جميع معاملاته المالية.

مقالات مشابهة

  • «الإفتاء» توضح حكم صيام ليلة الإسراء والمعراج.. توافق الـ27 من شهر رجب
  • معاش والدتي المتوفاة مازال يصرف بالخطأ فهل يجوز الحصول عليه.. الإفتاء تجيب
  • حكم الاحتفال بالإسراء والمعراج.. الإفتاء تجيب
  • حكم الدعاء بقول حسبي الله ونعم الوكيل .. دار الإفتاء تجيب
  • هل يرى المؤمنون الله يوم القيامة؟.. دار الإفتاء توضح معنى الحديث الشريف
  • الإفتاء: عذاب القبر ونعيمه من الأمور الغيبية تعرف بالوحي فقط
  • المقصود بـ"مكر الله" في القرآن الكريم
  • تنفيذ حُكم القتل قصاصًا بمواطن قتل يمني بمكة المكرمة
  • حكم الصلاة في البيوت حال المطر .. دار الإفتاء تجيب
  • هل يوجد أوصاف مطلوبة شرعًا يجب توافرها في المؤذن..الإفتاء تجيب