دمشق – شهدت ساحة "السير/الكرمة" وسط مدينة السويداء جنوبي سوريا، صباح اليوم الأحد، مظاهرة حاشدة احتجاجا على الوضع المعيشي والخدمي المتردي في المحافظة، تزامنا مع موجة غلاء شملت السلع الغذائية والاستهلاكية، وقرار حكومة النظام رفع الدعم عن المحروقات.

ورفع المتظاهرون لافتات تندد بالواقع الاقتصادي المتدهور بعد 12 عاما على بداية الحراك الشعبي والأزمة الاقتصادية، وتطالب بحل سياسي وفق القرار الأممي الخاص بسوريا رقم 2254.

وتلبية لدعوة ناشطين للإضراب العام، قطع محتجون الطرقات، وأغلقوا مؤسسات الدولة ومراكز لحزب البعث في عدد من قرى ريف السويداء.

وأصدرت "الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين" بيانا أيّدت فيه الحراك الشعبي بالسويداء، وندّدت بسياسات السلطات وكافة الجهات المسؤولة في البلاد، وحمّلتها مسؤولية ما يقاسيه السوريون من معاناة على كافة المستويات.

 

 

حراك السويداء

ولليوم الرابع على التوالي، تشهد السويداء وريفها موجة احتجاجات واسعة على سياسات حكومة النظام الاقتصادية والخدمية.

ويتخذ الحراك الشعبي في السويداء أشكالا عدة، أبرزها الوقفات الاحتجاجية للأهالي في عدد من قرى المحافظة، ابتداءً من الأربعاء الماضي، حيث قاموا برفع لافتات مطلبية وإلقاء كلمات وقطع طرق وإشعال الإطارات احتجاجا على الواقع المعيشي والخدمي.

ولجأ الحراك للإضراب العام أو العصيان المدني في الساحات، إذ أغلقت المحال التجارية في المدينة وريفها اليوم الأحد، وتغيّب موظفون في القطاعين العام والخاص عن وظائفهم.

وخرجت اليوم الأحد مظاهرة شعبية في ساحة الكرامة وسط المدينة، ورفع المتظاهرون خلالها لافتات مطلبية معيشية وسياسية، منها المطالبة بالحل السياسي في سوريا، والإفراج عن المعتقلين السياسيين في سجون النظام.

وردّد المتظاهرون شعارات طالت رموزا سياسية كقولهم "سوريا لينا وما هي لبيت الأسد"، في إشارة واضحة للطبيعة السياسية للحراك.

قطع الطرقات من أدوات الحراك الاحتجاجي الذي يصفه القائمون عليه بأنه تلقائي (مواقع التواصل) "تحرك تلقائي"

وعن أدوات الحراك الشعبي في السويداء، يقول الشاب مناف (اسم مستعار)، وهو ناشط في الحراك، للجزيرة نت "هذا التنوع تلقائي وغير مخطط له، حيث ترى كل مجموعة من الأهالي الطريقة الأنسب لإيصال صوتها إلى كل السوريين والمجتمع الدولي".

وعن أهداف الحراك، يضيف مناف "نريد حياة كريمة فيها ماء وكهرباء ومراكز صحية ومواصلات وخدمات عامة وقدرة شرائية، رواتب وأجور تتناسب مع الغلاء الحاصل مؤخرا، والأهم أن يكون فيها حكومة تمثّل الشعب حريصة على مستقبله ومستقبل أبنائه".

ويتابع "كانت هذه مطالبنا في حراكات واحتجاجات الأعوام السابقة كحراك "بدنا نعيش" الذي كان سقف المطالب فيه لا يعلو على الاحتياجات اليومية لأهالي المحافظة، ولكن مع عدم استجابة النظام لتلك المطالب خلال سنوات، أصبحت المطالب السياسية ضرورة لا بد منها في الحراك الحالي".

بيان يواكب الحراك

وأصدرت "الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين" في سوريا ممثلة بالشيخ حكمت سلمان الهجري، بيانا اليوم الأحد، أيّدت فيه الحراك الشعبي "المحق" في السويداء.

وقال البيان إن "الصمت لا يعني الرضى، فقد طالت التصرفات والإجراءات لقمة العيش، فآن الأوان لقمع مسببي هذه الفتن والمحن ومصدري القرارات الجائرة المجحفة الهدّامة، ونقتلع من أرضنا كل غريب وكل مسيء، وكل حارق مارق قبل أن يسرق أموالنا من موقعه".

وندّد البيان بتعامل السلطات والمسؤولين مع "الشعب الصامد"، وقال إن "في مواقع المسؤولية أشخاصا موتورين يتصرفون بالسوء والجباية والتخريب بقرارات مخالفة للأصول والدستور".

وأضاف البيان "وصل الحرمان حتى لقمة الخبز والماء والمحروقات باختلاق أزمات وتقصير في التمويل والأداء، وسارت الخطط بمواجهة الشعب لا في مصلحته، مما زاد من معاناته وأوجاعه". وحمّل حكومة النظام المسؤولية عن تدمير الشعب ومقدراته، وإسقاط الاقتصاد الوطني، والهروب الجماعي للسوريين.

وأكّد على مشروعية مطالب المحتجين في عموم البلاد قائلا "حقكم أن تطالبوا بالعيش الكريم ولن نرضى بالحد الأدنى". ودعا البيان المسؤولين والجهات المعنية في البلاد إلى ترك مناصبهم إن كانوا عاجزين عن القيام بواجباتهم تجاه أهلهم ووطنهم واقتصادهم.

وحذّر السلطات من التعامل مع الحراك الحالي في السويداء كما تم التعامل مع حراك ديسمبر/كانون الأول الماضي، حيث قامت "جهات ما"، بحسب البيان، بحرق مبنى المحافظة واتهام المتظاهرين بذلك.

وأشار البيان إلى "حالة الفوضى الأمنية التي تشهدها محافظة السويداء، وندد بممارسات الجهات الأمنية التي لا وجود لها إلا لقمع الكلمة في حين تغيب عند الحاجة والضرورة".

وسلط الضوء على الواقع البائس للسوريين في الداخل والخارج، وقال "أصبح أبناؤنا أذلاء في الخارج بسبب ما يحصل في الداخل، عائلات تموت غرقا أو في البراري بحثا عن لقمة عيش، وفي سوابق ذلّ لم يعرفها السوري عبر التاريخ، تفشت المخدرات والممنوعات والرذائل، ويتم تدمير العلم والمتعلمين والتنمر عليهم، وإذلال الموظفين والعاملين والعمال".

مظاهرات وعصيان مدني وإضراب وقطع طرقات..

خروج المئات من أهالي محافظة السويداء في مظاهرات تطالب بإسقاط النظام ورحيل الأسد، وترفع هتافات تضامن مع المدن السورية pic.twitter.com/JyRv9vydhD

— هادي العبدالله Hadi (@HadiAlabdallah) August 20, 2023

ضوء أخضر

وعن الأثر المتوقع لبيان الرئاسة الروحية على الحراك في المحافظة، تقول المنسقة في حراك السويداء ريما شهد (اسم مستعار) للجزيرة نت "إن البيان بمثابة ضوء أخضر ليس لشابات وشبّان السويداء فحسب، ولكن لكل شباب سوريا للتحرّك من أجل وقف هذه المهزلة المستمرة منذ 12 عاما، مع ما يستلزم ذلك التحرك من مواقف مؤيدة وقرارات داعمة من هذه القيادة".

وتضيف شهد "كان البيان شديد اللهجة، ولا سيما فيما يتعلق بسياسات النظام في المحافظة من فلتان أمني وتجنيد للشباب في مليشياته، والسماح بدخول المخدرات وتخريب المجتمع وإفقار الناس".

وعن الجديد في خطاب الرئاسة الروحية، تحدثت المنسقة عن "توجه جديد في الخطاب إلى المجتمع الدولي متمثّلا بالدول الصديقة والضامنة، وفي ذلك إشارة واضحة إلى تبني الخطاب للحل السياسي كمخرج من الأزمة السورية المستعصية".

وإلى جانب السويداء، شهدت محافظات سورية عدة خلال الأيام القليلة الماضية مظاهرات منددة بالواقع المعيشي المتردي وسوء القرارات الحكومية، مطالبة بحل سياسي للأزمة السورية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الیوم الأحد فی السویداء

إقرأ أيضاً:

ما أهمية سيطرة الجيش السوداني على مدينة سنجة؟.. خبراء يجيبون

خلال الساعات القليلة الماضية حقق الجيش السوداني انتصارًا استراتيجيًا باستعادة مدينة سنجة وجبل موية، ما عزز قدرته على إغلاق الطرق أمام مليشيا الدعم السريع وقطع إمداداتها.

الانتصار رفع معنويات الجيش والمواطنين، ومهّد لتقدم جديد نحو ولاية الجزيرة، هذه الخطوة تعكس تغير ميزان القوى لصالح الجيش نحو استعادة الاستقرار بالسودان.

انتصار مهمة للجيش 


من جانبه قال الدكتور كمال دفع الله بخيت، المحلل السياسي السوداني، إن السيطرة التي بسطها الجيش على مدينة سنجة تُعد انتصارًا استراتيجيًا مهمًا في سياق الصراع المستمر مع مليشيا الدعم السريع.

وأوضح أن هذا الانتصار يأتي في وقت حرج، حيث يوفر الفرصة للجيش لإعادة تنظيم صفوفه وتعزيز قدرته العسكرية في المناطق المجاورة، ويتزامن مع قطع إمدادات المليشيا القادمة من دول الجوار، خاصة ليبيا وتشاد، بواسطة القوات المشتركة في دارفور.

وأضاف بخيت في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن السيطرة على سنجة مكنت الجيش من إغلاق الطرق المؤدية إلى خمس ولايات أمام قوات الدعم السريع وهم:" سنار، النيل الأبيض، القضارف، الجزيرة، وإقليم النيل الأزرق".

وأكد أن هذا الإجراء لا يعزز من قدرة الجيش على التصدي لأي هجمات محتملة فحسب، بل يسهل أيضًا عملية تعزيز موقفه على الأرض، مما يمكّنه من التقدم نحو ولاية الجزيرة، مشيرًا إلى أن هذا الانتصار يمكن أن يساهم في رفع معنويات القوات المسلحة السودانية والمواطنين على حد سواء، حيث يعيد الأمل في استعادة السيطرة على المناطق الأخرى المتأثرة بالنزاع.

وشدد المحلل السياسي السوداني على أهمية أن يظل الجيش حذرًا من إمكانية إعادة تنظيم مليشيا الدعم السريع، التي قد تبتكر تكتيكات جديدة لمواجهة التحديات.

واختتم حديثه بالقول: "بصفة عامة، يمثل هذا الانتصار خطوة مهمة نحو تحقيق الاستقرار في المنطقة، حيث يحتاج الجيش إلى متابعة حثيثة للظروف الأمنية والإنسانية التي قد تؤثر على المدنيين".

الجيش السوداني يواصل سلسلة انتصاراته

من جهتها، قالت صباح موسى، المتخصصة في الشأن السوداني، إن الجيش السوداني يواصل سلسلة انتصاراته في معركته المستمرة لاستعادة الأراضي التي احتلتها مليشيا الدعم السريع، محققًا تقدمًا استراتيجيًا باستعادة السيطرة على مدينة سنجة، عاصمة ولاية سنار، وموقع جبل موية المهم.

وأكدت موسى في تصريحات خاصة لـ "الفجر" أن هذه الانتصارات تعكس تقدم الجيش بخطى ثابتة نحو إعادة الأمن والاستقرار للسودان، خصوصًا أن هذه المدينة ليست مجرد مدينة عادية لأنها تمثل عاصمة ولاية سنار التي كانت هدفًا استراتيجيًا للدعم السريع ضمن محاولاته للتوسع نحو شرق السودان، عبر ولايتي القضارف وكسلا وحتى مدينة بورتسودان التي تضم مقر الحكومة الإدارية.

وأضافت أن استعادة السيطرة على سنجة يمثل ضربة قوية للمخططات التوسعية للميليشيا التي تمكنت في وقت سابق من السيطرة على أربع ولايات بدارفور غرب السودان وهددت بالوصول إلى شرق البلاد، مشيرًا إلى أن سيطرة الجيش على جبل موية، بالإضافة إلى استعادة سنجة، يعزز من قوة الجيش ويضعف مليشيا الدعم السريع بشكل كبير.

وعن خطط الجيش المقبلة، نوهت موسي إلى أن القوات المسلحة السودانية تواصل تنفيذ خطة محكمة لتحرير المناطق المحتلة، مع التركيز حاليًا على تأمين ولاية الجزيرة ومدني، التي تعد الهدف المقبل"، مؤكدة أن استعادة مدينة مدني ستكون خطوة حاسمة نحو استكمال تحرير المناطق الوسطى، تمهيدًا لمحاصرة مليشيا الدعم السريع في دارفور.

واختتمت المتخصصة في الشأن السوداني تصريحاتها بالقول: "ميزان القوى على الأرض بدأ يتغير لصالح الجيش السوداني الذي استعاد زمام المبادرة التقدم السريع والانتصارات المتتالية تؤكد أن الجيش ماضٍ في استعادة السيطرة الكاملة على جميع الأراضي السودانية، مما يعزز الآمال بعودة الأمن والاستقرار قريبًا إلى السودان".

مقالات مشابهة

  • الاحتلال يشن غارات جوية على مناطق في ريف حمص وسط سوريا (شاهد)
  • "بلدي الوسطى" يستعرض تطورات الحراك الاقتصادي في المحافظة
  • الغاء الاستنفار المؤقت في 7 مناطق حدودية بين العراق وإيران
  • شكوك جديدة بشأن مخزون النظام السوري من الأسلحة الكيميائية
  • ما أهمية سيطرة الجيش السوداني على مدينة سنجة؟.. خبراء يجيبون
  • البحر الأحمر على صفيح ساخن.. مصر تحذر من التداعيات الخطيرة
  • قانون حماية المستهلك ضمن جلسة حوارية في السويداء ‏
  • تعرف على الرموز الروحية لصوم الميلاد
  • وزير الخارجية السوري يلتقي المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا في دمشق
  • هاكان فيدان يكشف كواليس الموقف السوري تجاه القصف الإسرائيلي