إسطنبول – في واحدة من أسوأ الكوارث التي شهدتها تركيا في السنوات الأخيرة، لقي 79 شخصا مصرعهم وأُصيب عشرات جراء حريق اندلع في فندق بمنتجع كارتال كايا للتزلج بولاية بولو في شمال غربي البلاد.

الحادثة التي وقعت في ذروة موسم السياحة الشتوي أثارت صدمة واسعة بين المواطنين ووضعت علامات استفهام حول معايير السلامة في المنشآت السياحية.

فكان ذلك سببا في تعالي الأصوات المطالبة بفتح تحقيق شامل وتحديد المتسببين في الكارثة التي جاءت لتكشف عن أوجه القصور في الرقابة والسلامة العامة.

تفاصيل الحادث

فجر يوم أمس الأول، اندلع حريق هائل في مطعم فندق "غراند كارتال" المكون من 12 طابقا، وكان مكتظا بـ238 نزيلا، معظمهم عائلات يقضون عطلة نصف السنة الدراسية، وذلك ما جعل الكارثة أكثر وقعا.

بدأ الحريق في الطابق الرابع حيث يقع المطعم، وسرعان ما امتدت النيران إلى الطوابق العليا بفعل الرياح القوية وتصميم الفندق الذي يعتمد بشكل كبير على الخشب في الجدران والأسقف، مما عزز من سرعة انتشار الحريق.

ووفقا للتقارير الأولية وشهادات الناجين، لم يعمل نظام إنذار الحريق، وهو ما أدى إلى حالة من الفوضى داخل الفندق، كما اضطر النزلاء إلى التحرك عبر ممرات مظلمة ومملوءة بالدخان الكثيف، بينما لجأ آخرون إلى القفز من النوافذ أو استخدام أغطية الأسرّة كحبال للهروب.

إعلان

واستغرقت فرق الإطفاء من عدة محافظات حوالي 40 إلى 45 دقيقة للوصول إلى الفندق، نظرا لموقعه الجبلي الصعب، وهو ما منح النيران الوقت الكافي للانتشار والسيطرة على المبنى.

ورغم تعبئة 156 سيارة إطفاء و428 عنصرا من فرق الإنقاذ والإطفاء، احتاجت السيطرة على الحريق مدة 10 ساعات، وسط ظروف صعبة بسبب طبيعة المبنى.

أما عن أسباب الحريق، فلا تزال موضع تحقيق مستمر، إذ تشير بعض الفرضيات إلى حدوث ماس كهربائي أو تسرب غاز في المطبخ، لكن تقريرا سابقا لإدارة الإطفاء كان قد حذر من وجود مواد قابلة للاشتعال داخل الفندق.

الحادثة وقعت في ذروة موسم السياحة الشتوي (رويترز) تحقيقات موسعة

وفي أعقاب الكارثة، أظهرت تركيا تضامنا واسعا مع الضحايا، فقد أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان أمس الأربعاء يوم حداد وطني وتعهد بمحاسبة المتورطين، وشارك في جنازات ضحايا بمدينة بولو، بينما واصلت فرق الطوارئ عملها لتحديد هوية باقي الضحايا باستخدام اختبارات الحمض النووي.

من جانبه، أعلن وزير العدل التركي يلماز تونج أن السلطات احتجزت 11 شخصا في إطار التحقيق، وذكر أن أحد نواب رئيس بلدية بولو ومدير إدارة الإطفاء في البلدية ومالك الفندق ومديره من بين المحتجزين، بينما صدر قرار قضائي بهدم الفندق.

في السياق، أكد مصدر في وزارة الداخلية التركية -فضل عدم الكشف عن هويته- انتهاء اختبار عينات الحمض النووي للتعرف على الضحايا، وارتفاع الحصيلة النهائية للوفيات إلى 79 شخصا. وأضاف أن 39 من أصل 51 مصابا قد تماثلوا للشفاء وغادروا المستشفيات، في حين لا يزال 12 مصابا يتلقون العلاج.

وأشار المصدر -الذي تحدث للجزيرة نت- إلى أن مكتب المدعي العام في بولو، بالتعاون مع فريق مكون من 6 مدعين عامين و7 خبراء متخصصين، يواصل التحقيق في الحادثة للكشف عن جميع ملابساتها. وأكد أن التعليمات الرسمية تنص على ملاحقة كل من يثبت تورطه أو الاشتباه في صلته بالحريق.

إعلان كارثة ضخمة

وصف الخبير في إدارة الأزمات السياحية خورشيد يورولماز -في حديث للجزيرة نت- الحريق بأنه "أزمة خطيرة تكشف عن ضعف بنيوي في معايير الأمان داخل القطاع السياحي التركي"، موضحا أن الكارثة أظهرت قصورا واضحا في أنظمة الحماية والإخلاء، حيث غابت مسارات الهروب الآمنة ولم تعمل أنظمة الإنذار كما ينبغي.

وأضاف يورولماز "في منشآت بهذا الحجم، يجب أن تكون أنظمة الحماية من الحرائق مصممة بحيث تستجيب فوريا، بما في ذلك أجهزة استشعار الحريق، وأنظمة الرش التلقائي، والإشارات الصوتية والبصرية التي تُوجّه النزلاء نحو مخارج الطوارئ".

وحسب الخبير، فإن تأخر فرق الإطفاء في الوصول إلى موقع الحريق يعكس تحديات إضافية في إدارة الأزمات، لكنه شدد على أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الجهات المعنية بضمان مطابقة المنشآت للمعايير الدولية.

وختم يورولماز حديثه بالقول إن "هذه الكارثة تمثل جرس إنذار للقطاع السياحي بأكمله، وضرورة لإعادة النظر في تطبيق معايير السلامة وإجراءات الرقابة على المنشآت".

تصميم الفندق يعتمد بشكل كبير على الخشب في الجدران والأسقف وذلك ما عزز من سرعة انتشار الحريق (رويترز) تبادل للاتهامات

أثار الحريق تبادلا حادا للاتهامات حول المسؤولية عن الكارثة بين وزير الثقافة والسياحة التركي محمد نوري أرصوي ورئيس بلدية بولو تانجو أوزجان.

فمن جانبه، نفى أوزجان أي مسؤولية لبلديته عن الحادث، مؤكدا أن الفندق يقع خارج الحدود الإدارية المباشرة للبلدية بل تحت إشراف وزارة السياحة. وأشار إلى أن آخر تقرير تفتيش أصدرته البلدية بشأن الفندق كان في عام 2007، ولم يتم إجراء أي تفتيش جديد منذ ذلك الحين.

وأضاف في مؤتمر صحفي أن "البلدية قامت في ديسمبر/كانون الأول 2024 بزيارة تفتيشية بناء على طلب من الفندق، وخلصت إلى وجود مخالفات في معايير السلامة من الحرائق. ومع ذلك، ألغى الفندق طلبه لاحقا وحصل على شهادة مطابقة من شركة معتمدة من الوزارة".

إعلان

في المقابل، أكد أرصوي أن البلدية هي المسؤولة عن عمليات التفتيش الدورية على أنظمة الحماية من الحرائق، بموجب اللوائح المعمول بها. وأوضح أن الفندق حصل على شهادات سلامة في عامي 2021 و2024 خلال تفتيش أجرته الوزارة، ولم تكن هناك تقارير تشير إلى مخالفات، مضيفا أن "البلدية لم تقدم أي تقارير تفيد بوجود مشكلة في الفندق، ونحن نتحمل مسؤوليتنا في إطار القوانين".

وذكرت صحيفة صباح أن سادات غولنير، نائب رئيس بلدية بولو وأحد أقارب تانجو أوزجان، وقع تقريرا يمنح أحد مقاهي الفندق شهادة مطابقة للسلامة رغم المخالفات، الأمر الذي أدى إلى اعتقال غولنير إلى جانب 10 آخرين، من بينهم مالك الفندق ومديروه التنفيذيون.

وكشفت الصحيفة أن البلدية أصدرت شهادة "مطابقة للسلامة" للفندق بعد أيام فقط من تقرير أولي أكد عدم كفاية التدابير المتخذة ضد الحرائق. وأشارت إلى أن هذا التلاعب في الوثائق كان بإيعاز مباشر من غولنير، وهو ما يعكس، وفق الصحيفة، تواطؤا واضحا في تسهيل وقوع الكارثة.

وفي ظل هذا التوتر، دعا أوزجان وزير السياحة للاستقالة، متهما الوزارة بمحاولة تحميل البلدية مسؤولية الحادث. في المقابل، أكد الوزير أرصوي أن الفندق يمتلك جميع التصاريح القانونية المطلوبة وأن الوزارة أوفت بواجباتها الرقابية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

زلزال قوي يضرب كاليفورنيا ويعيد المخاوف من الكارثة القادمة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ضرب اليوم ولاية كاليفورنيا الأمريكية  زلزال  بلغت قوته 2ر5 درجة على مقياس ريختر ،مما أدى إلى سقوط الصخور على الطرق الريفية خارج سان دييجو وحالة من الذعر والقلق بين الموطنيين حيث أوضحت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية أن الزلزال كان مركزه على بعد 4 كيلومترات جنوب مدينة جوليان شرق سان دييجو وشعر به السكان حتى شمال لوس أنجلوس.

قوة الطبيعة تضرب مجددًا: زلزال كاليفورنيا يوقظ المخاوف ويثير الذعر والقلق

ووفقا لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية ضرب الزلزال الساعة 10:08 صباحا بالتوقيت المحلي وكان مركزه في مقاطعة سان دييغو على بُعد بضعة أميال 4 كيلومترات فقط من جوليان وهي بلدة جبلية يبلغ عدد سكانها حوالي 1500 نسمة وتشتهر بمتاجر فطائر التفاح وشعر به السكان شمالا حتى مقاطعة لوس أنجلوس على بعد حوالي 120 ميلا 193 كيلومترا، وأعقبت الزلزال عدة هزات ارتدادية .

شهدت ولاية كاليفورنيا الأمريكية مؤخرًا زلزالًا قويًا أعاد إلى الأذهان المخاطر الزلزالية التي تهدد هذه المنطقة النشطة جيولوجيًا و الزلزال الذي بلغت قوته ما بين 5.5 إلى 6.0 درجات على مقياس ريختر بحسب التقديرات الأولية هز عددًا من المدن والبلدات في الولاية وتسبب في اهتزاز المباني وانقطاع التيار الكهربائي في بعض المناطق، كما أصاب السكان بالذعر خاصة في مناطق قريبة من مركز الزلزال.

وتقع كاليفورنيا على امتداد صدع سان أندرياس الشهير وهو أحد أكثر الصدوع نشاطًا في العالم ما يجعل الولاية عرضة لزلازل متكررة  ولذا حذر الخبراء مرارًا من إمكانية وقوع الزلزال الكبير في المستقبل وهو زلزال محتمل قد يتسبب في دمار واسع النطاق.

وبالرغم من أن الزلزال الأخير لم يسفر عن خسائر بشرية كبيرة أو دمار واسع إلا أنه كان بمثابة جرس إنذار للسلطات والمواطنين بضرورة تعزيز خطط الطوارئ والجاهزية وخاصة في ظل كثافة السكان والبنية التحتية المعقدة في المدن الكبرى مثل لوس أنجلوس وسان فرانسيسكو.

حيث أن السلطات المحلية سارعت إلى تقييم الأضرار وأكدت على أهمية الالتزام بإجراءات السلامة عند حدوث زلازل مثل الاحتماء تحت الطاولات أو داخل المباني، وتجنب استخدام المصاعد أو الوقوف قرب النوافذ.

وتبقى الزلازل من الظواهر الطبيعية التي لا يمكن التنبؤ بها بدقة ما يجعل الاستعداد المسبق والتوعية العامة عاملين حاسمين في تقليل الخسائر وحماية الأرواح.

مقالات مشابهة

  • حريق ضخم بمحطة "روتنبرغ" للطاقة في عسقلان.. و12 فريق إطفاء يكافحون النيران
  • غضب قبلي في وجه الحوثيين.. تصدّع داخلي واتهامات بالتخابر وابتزاز القبائل
  • ألمانيا: اتهام طبيب قتل 15 مريضًا بقسم الرعاية الملطّفة وتحقيقات في 75 حالة أخرى
  • حريق في محطة كهرباء بمدينة عسقلان
  • محافظ الدقهلية يتفقد فندق مركز التعليم المدنى باستاد المنصورة
  • حريق مغلق خشب عزبة الورد يخلف خسائر بالملايين.. ومعاينة النيابة: الحريق التهم 10 مخازن للأخشاب
  • الخارجية الفلسطينية: نطالب المجتمع الدولي بالاهتمام بالتقارير حول الكارثة الإنسانية في غزة
  • زلزال قوي يضرب كاليفورنيا ويعيد المخاوف من الكارثة القادمة
  • ‎حريق مروع يلتهم بناية ومخازن أخشاب .. فيديو
  • المعمل الجنائي يفحص آثار الحريق داخل مبنى تابع لنقابة المعلمين