بوابة الوفد:
2025-01-31@08:47:22 GMT

غاياتنا فى الحياة

تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT

لُهاث وسعى وصراع وشد وجذب ولف ودوران ومناكفة وكبد. جد وكد وصد وكر وفر واجتهاد وبذل وتعب. ذلك مُلخص ما نمشيه على الأرض. ما العُمر سوى ساعات تختطفنا لندور سعياً لمكسب وتحقيقاً لأمل، ربما يكون مالاً، جاهاً، سُلطاناً نظُن أنه قمة السعادة، لكن سرعان ما يذوب مذاق ما تحقق على صخرة الزمن.

نفترض أننا نعيش لنصنع مجداً عظيماً، فإذا ما تحقق هذا المجد لم يعُد للحياة معنى، ونشعر بأن مسيرتنا على الأرض عبثية.

الطبيعة تُعلمنا أن اكتمال القمر يُمهد لزواله تماماً، وأن كل مد يليه جزر.

كان صديقى الملياردير يظن أنه يعيش ليجمع مليار دولار تُغنيه عن العالمين، فلما فعلها شعر بأنه بحاجة لمليار أخرى، ثم خفتت نشوة المليار الثالث، ولم يعد يشعر بقيمة لأى فعل أو سعى لجنى أموال أخرى، وتحول الأمر إلى دأب آلى، وقال لى إن نشوة المال زالت بفعل المال.

حلم صديقى الآخر بمنصب كبير يجعله صاحب سلطان، يأمر فيطاع، ويقرر فيلتزم الجميع، وصار ما أراد، لكنه شعر أن الناس تهابه لسلطته لا لذاته، وأن القلوب تخفى تجاهه ما لا تبوح به الكلمات. وسرعان ما انتابه قلق دائم خوفاً من زوال سلطته، فاندفع لفعل ما لا يحب حفاظاً على السلطة المكتسبة من الزوال.

أما مَن طلب الشهرة فأدركته، وصار مركز الأضواء وذائع الذكر، فإنه يتعذب كل يوم إن خفت ذكره، ويدخل فى اكتئاب بعد اكتئاب.

تتبدد الغايات إن لم تسلم النوايا. ماذا تُريد أن تفعل فى هذه الدنيا؟ سألنى والدى رحمه الله يوماً ما. لم أعرف رداً، وظللت حائراً. سنين وسنين وما اهتديت.

أفكر الآن بحكمة المشيب وبزهد المفارق لجد الشباب، المقاوم للعلل الطبيعية للإنسان عندما يقبل على الشيخوخة. أرى أن أفضل ما نحققه هو أن نشعر بنفع الآخرين. للمنح لذة تغالب لذة الكسب. أن تُعطى فأنت فى بهجة، أن تُسعد آخر فأنت فى نعمة عظيمة. أن تفيد بشراً أو تعينه فأنت تستعير سعادته فى قلبك، فتشعر بإنسانيتك.

أكتب لأكسب سعادتى. الكتابة فعل عظيم عظيم. نترك بصمات ربما تسهم فى إنارة عقول، تبديد أوهام، إنصاف مظاليم، مقاومة قبح. أكتب لأننى سأموت، وآمل أن تبقى كلماتى أثراً لى بعد غيابى. أؤمن بأن نجيب محفوظ لم يمت، محمود درويش حى، إدوارد سعيد، أمل دنقل، طه حسين، وعبدالرحمن الكواكبى، ومحمد عبده، وكل مَن خط كلمات مؤثرة خالدٌ بعد رحيل جسده.

يقول محمود درويش فى قصيدته «جدارية»:

« هزَمَتْكَ يا موتُ الفنونُ جميعُها..

هزمتك يا موتُ الأغانى فى بلادِ الرافدين.

مِسَلَّةُ المصرى، مقبرةُ الفراعنةِ،

النقوشُ على حجارةِ معبدٍ هَزَمَتْكَ.

وانتصرتْ، وأِفْلَتَ من كمائنك

الخُلُود».

فى كل موقع وعمل يُمكن للإنسان أن ينفع الناس. سيموت كل مَن عليها، لكن الزبد يذهب جفاء، وما ينفع الناس يمكث فى الأرض.

والله أعلم.

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الملياردير العالمين

إقرأ أيضاً:

الفلسطينيون العائدون لمشروع بيت لاهيا يفتقرون لأدنى مقومات الحياة

مراسل الجزيرة رصد جانبا من المعاناة في مشروع بيت لاهيا شمالي قطاع غزة.

31/1/2025

مقالات مشابهة

  • الفلسطينيون العائدون لمشروع بيت لاهيا يفتقرون لأدنى مقومات الحياة
  • وتريات الإسكندرية يعزف أعمال باخ في سيد درويش
  • كيف وصلت الحياة إلى كوكب الأرض؟.. علماء يكشفون نتائج مثيرة
  • اكتشاف كويكب قريب من الأرض يحمل عناصر الحياة
  • العراق في خطر.. هل تجاوز سرّ الحياة الخطوط الحمراء؟
  • موعد الأيام البيض في شهر شعبان 2025.. لصيامها فضل عظيم
  • الزعاق يوضح سر ارتباط الحياة البشرية بالكائنات الحية والرياح .. فيديو
  • فاتن عبد المعبود: المصريون شعب عظيم.. وموقفهم من تهجير الفلسطينيين رسالة مهمة
  • الكاتب صبحي موسى: قرار مصر برفض تهجير الفلسطينيين إنجاز عظيم
  • شهيد القرآن.. رجل حكيم ومشروع عظيم أركع الاستكبار العالمي