الوطن ليس شعارا.. والمسؤولية ليست أغنية
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
تتشابك خيوط الحياة الواقعية وتتعقد تعاملاتها يوما بعد يوم وعاما بعد آخر، ولا تخلو حياة الإنسان اليومية من منغصات وتحديات تعطي للسعي المخلص محفزات، وللمسؤولية الفردية منافذها، وكذلك الأمر بالنسبة للأوطان والشعوب فليس الوطن ختم جواز سفر أو شجرة عائلة نباهي بها وحسب، ولا ينبغي أن تصبح المواطنة شعارات نظرية مكرورة، أو أن تمسي المسؤولية المجتمعية مجرد أغنية معادة، وكما يُمتحن صدق المرء أوان الابتلاء تُمتحن المواطنة الحقَّة أوانَ الأزمات والتحديات لا أوان الرغدِ والرخاء.
في الأزمات وحدها تظهر أهمية اعتناق المسؤولية المجتمعية التي تبدأ من الفرد مرورا بالجماعات وانتهاء بالمؤسسات أو الشركات صغرت أم كبرت، هنا فقط نتبيّن فكرة التكافل الاجتماعي ونسعد باعتناقنا جميعا فكرة المسؤولية وتجسيرنا جميعا لعلاقة الفرد بغيره من الأفراد، ثم علاقته بمجتمعه.
تروم المقالة طرحَ عدة أسئلةٍ نلمس خلالها معنى المسؤولية المجتمعية المتكئة على صدق المواطنة، ولنأخذ مثالا واقعيا كأزمة «الباحثين عن عمل» لاختبار صدق مواطنتنا بعيدا عن الشعارات والأغاني المستهلكة، تأتي بداية الاختبار في الشعور قبل ترجمة السلوك؛ فهل تشعر وأنت المواطن الحاصل على وظيفة بأزمة الباحثين عن عمل ممن يعيشون حولك؟ وإن شعرت فإلى أي درجة تشعر بمسؤوليتك في المساهمة لحل هذه الأزمة؟ هل تعتبر جهدك وطاقتك ورأيك ومقترحاتك مؤثرات إيجابية تساهم في حل هذه الأزمة؟ هل فكرت في شاب امتلأ أملا وطموحا، داعما طموحه تعليما لسنوات من عمره وانتظار أهله وهنا على وهن، ثم رافدا ذلك تحصيلا معرفيا ومهاريا حتى انتهى به الأمر لقطار الانتظار البطيء (وربما يراه البعض معطّلا)؟ هل فكرت فيه وهو يكابد أسئلة المحيطين كل يوم؛ ألم تعمل بعد؟ هل تزوجت؟ كم عمرك؟ متى تعمل؟ متى تبني بيتا؟ من أين تنفق؟ أيعقل أنك مهندس بلا وظيفة؟ طبيب بلا عمل؟ خريج دون دخل ثابت أو حتى مؤقت؟ كل هذه الأسئلة القاتلة في مجتمع يعيش دوائر اجتماعية متصلة تؤمن لقرون بمسؤولية الفرد تجاه أسرته وعائلته ومجتمعه ليجد هذا الفرد المتعب نفسه في دوامة مواجهة كل هذه الدائرة الخانقة دون مبررات ودون تعليل سوى الانتظار والأمل الذي يخفت عاما بعد آخر؟ هل فكرت فيما قد يحتاجه ولا يملك ثمنه من متطلبات يومية عابرة بعيدا عن أحلامه ومشاعره ورؤاه؟
هل فكرت في كل ذلك أم أنك استرحت لفكرة اكتفائك أنت في مساحة آمنة حيث الوظيفة واستقرارها؟ دون أن يرد في ذهنك أن ذلك الشاب قد يكون أخا أو قريبا وقد يكون جهده وتحصيله وكفاءته أضعاف ما لدى كثير من الموظفين حاليا ولكنها طاقات معطّلة ومهارات غير مستغلة، وإن لم يكن ذلك فتعمّق أكثر يا رعاك الله إن تراكمت أعداد الباحثين وتعقدت أزمتهم أن يتغير بك الحال وترى حفيدك بعد عقود في دائرتهم وضمن معاناتهم دون أن تملك حينها ما قد تملك اليوم من قدرة على حلحلة الأزمة، وقد تستريح لفكرة أخرى إن لم تكن من كل أولئك مربِّتا على كتف ثروة تحسبها لا تنفد، وغنى تظنه لا يبيد فلا يرمش لك جفن ولا يكدر صفوك أمرهم متناسيا أنك أورثت أبناءك الثروة دون المسؤولية والعقار دون الانتماء وأن لا ضمانات تقيك مع أبنائك وأحفادك تحوّل الحال، ولست وثرواتك في مأمن إن فقدت شعورك بالآخرين، وتجاهلت مسؤوليتك تجاه الأرض التي أنجزتك ما وعدتك، ولم تفها ما وعدتها.
فكّر في غيرك ولا تنس قدرتك على المساهمة بتجاوز تحديات وطنك حين يتعاظم شعورك بالمسؤولية تجاه من لا يملكون ما تملك، فإن كنت موظفا عاما في موقع إدارة قسم أو مسؤولية قطاع تذكر أنك تملك سلطة تمكنك من تدريب مجاني لمجموعات من الشباب يمنحهم الخبرة التي تؤهلهم للمستقبل وتبعدهم عن شبح البطالة وترفد أوقاتهم بالمفيد من العمل، والممكن من علاقات قد تسهم في خلق فرص وظيفية أو حياتية أرحب، فكر في غيرك وضع المواطن أولا في حسابات حاجات قسمك، وموارد قطاعك سواء كنت في مؤسسة حكومية أو خاصة متأكدا أن بقدر عطائك تضاعف عطاءهم وبقدر دعمك ترسخ إبداعهم لك قائدا لا مجرد مدير، وللمؤسسة انتماء وليس وظيفة، فكّر بغيرك وأنت تملك تمكين موظفيك الأكثر خبرة ومهارة من الإحلال في الوظائف القيادية دون أن تصاب بالغيرة أو تشعر بالحسد الناتجين عن عدم ثقة وضعف كفاءة، فكر بغيرك وأنت توقف وتعطل «لوبيات» التنفذ والتسلط على الشباب العمانيين من غيرهم مستحضرا في ذهنك حكاية «أكلت حين أكل الثور الأبيض» وما تصنعه من إعانة الغير على أخيك اليوم ستجده مضاعفا غدا ، فكر بغيرك وأنت تعينهم على فتح مشاريع صغيرة أو متوسطة لتمكينهم من الحياة والأحلام بعيدا عن احتكار الكبار وتسلطهم، وتمكين وطنك من الإفادة منهم، لا أن تخترع معوقات وتبتكر صعوبات تحول بينهم وبين الممكن من أسباب الأمل ومنافذ الطموح الحر.
فكر بغيرك وأنت تضع وطنا كاملا نصب عينيك متخذا من نفسك عضوا في فريق متكامل وظيفته العمل المخلص، والمتابعة الحثيثة لكل ما من شأنه حلحلة هذه الأزمة دون سلبية التجاهل، أو اتكالية الكسل، فريق يعمل بإخلاص ومكافأته التي لا تنتهي ولا تنفد هي الاحتفاء بالتكامل الوظيفي والتكافل المجتمعي فما نزرعه اليوم نحصده غدا، وكل أفواج الباحثين عن عمل من الشباب طاقات يمكن أن تكون ثروة نعوّل عليها مستقبلا لخدمة هذا الوطن العزيز، كما يمكنها أن تشكِّل قنبلة موقوتة اقتصاديا واجتماعيا إن تعقدت مع التجاهل والتهميش.
فكّر بغيرك مجتمعا متكاملا ولنفكر جميعا في عمان وطنا عَبَرَ تحدياتٍ تاريخية، وتجاوز أزمات معاصرة ولن ينوء -يقينا- بحمل مستقبل أبنائه وأحلامهم وهم مورده الأغلى ورهانه الأسمى لمستقبل مأمول يليق بعمان وشعبها.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
مصطفي قمر يكشف كواليس أغنية "صناعة مصرية "
قال النجم مصطفي قمر ان اغنية " صناعة مصرية" جاءت فكرتها من احد الفنانين من الإسكندرية اسمه محمد قاسم، وجذبني الاسم جدا وأعجبت بها وقمنا بالعمل علي تقديم مشروع غنائي مع المخرجة بتول عرفة واتفقنا علي التصوير في الإسكندرية، وبالفعل اختارنا لوكيشن مختلف ورائع.
واضاف قمر خلال حلوله ضيفا في السهرة الخاصة مع د. عمرو الليثي بقناة الحياة، انني سعيد بردود الفعل علي الاغنية وحريص علي تقديم اغاني تعبر عن السعادة بجانب الأغاني الدرامية، وانا بطبعي وحتي الان لدي افكار بخاصة تصوير الاغاني وان اقدم شكل يعبر عني واغاني تجعلنا متفردين مثل هنقول احنا لسه حبايب ومنايا، وبعض هذه الاغاني أفكاري.
وتابع انني حريص علي تقديم أغاني وأفكار جديدة وفيديو كليب مختلف، وقام مصطفي قمر بغناء "منايا "، و"الليلة دوب ".
كما كشف أسرار وكواليس آخر مشاريعه الفنية والعديد من الكواليس الخاصة،، وعشقه للعندليب بعد الحليم حافظ وعلاقته بالكابو حميد الشاعري، وابرز المطربين الذي قام بالتلحين لهم، وعلاقته بنجوم الغناء الذين شكلوا وجدانه.
كما تحدث عن حياته الخاصة وأولاده وعلاقته بوالده ووالدته الراحله ومدي تأثره بهم، وأنه سعيد بتجاربه كممثل، وكيف تأثر بالبحر في اسكندريه والجيتار والاغاني التي كان يقدمها في بداياته مع أصحابه.