سر رغبة ترامب في السيطرة على «قناة بنما».. وما علاقة الصين؟
تاريخ النشر: 23rd, January 2025 GMT
خرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصريحات كثيرة حول نية بلاده استعادة السيطرة على قناة بنما في أمريكا الجنوبية، لكن أحدث التصريحات كانت حول إدارة الصين لهذا الممر الحيوي.
واتهم ترامب في حفل تنصيبه الإثنين الماضي الصين بالسيطرة على القناة إدارة، مبينا أن بلاده أعطتها لبنما وليس للصين، وتم بناء القناة التي يبلغ طولها 82 كيلومترًا (51 ميلًا)، والتي تربط المحيطين الأطلسي والهادئ، من قبل الولايات المتحدة وامتلكتها في أوائل القرن العشرين قبل أن يتم منحها في النهاية إلى بنما في عام 1977 بموجب معاهدة تضمن حيادها، وفي عام 2021 تمّ تمديد الاتفاقية التي تسمح لشركة مواني بنما بالاستمرار في العمل كمشغل لمدة 25 عامًا، بحسب صحيفة «ذا جارديان» البريطانية.
وتعد الولايات المتحدة أكبر مستخدم للقناة وهي مسؤولة عن حوالي ثلاثة أرباع البضائع التي تمر عبرها كل عام، وتأتي الصين في المرتبة الثانية بفارق كبير.
ما هو النفوذ أو الحضور الذي تتمتع به الصين؟يوجد ميناء على طرفي القناة تديره شركة مقرها هونج كونج، ومن المحتمل أن يكون هذا ما كان ترامب يشير إليه عندما قال: «إن الصين متمركزة على طرفي قناة بنما» ويوجد إجمالي 5 مواني مجاورة للقناة، وبعضها الآخر مملوك لشركات أجنبية، بما في ذلك الشركات الأمريكية.
وفي عام 1996، منحت بنما شركة في هونج كونج، كانت تسمى آنذاك هاتشيسون-وامبوا، امتيازًا لتشغيل ميناء بالبوا، على جانب المحيط الهادئ، وميناء كريستوبال، على الجانب الأطلسي. لم يمنح العقد شركة Hutchison-Whampoa ملكية الموانئ ولكنه سمح لها بتشغيلها نيابة عن حكومة بنما.
ويُعرف مشغل الميناء اليوم باسم Hutchison Ports، وهي شركة تابعة لمجموعة CK Hutchison Holdings ومقرها هونج كونج، والمملوكة للملياردير Li Ka-shing.
في عام 1999، قالت وزارة الخارجية الأمريكية ردًا على منح الامتيازات لشركة هوتشيسون-وامبوا إنَّ مسؤوليها بحثوا في القضية على نطاق واسع ولم يكشفوا عن أي دليل يدعم الاستنتاج القائل بأن جمهورية الصين الشعبية ستكون في وضع يسمح لها «السيطرة على عمليات القناة».
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينج، الأربعاء، إنَّ «الصين لا تشارك في إدارة وتشغيل القناة ولم تتدخل قط في شؤون القناة».
إلى أي مدى يجب أن نكون قلقين؟وقال بعض المسؤولين والمحللين الأمريكيين إن هناك مخاوف مشروعة بشأن الوجود المكثف لشركة صينية في قناة ذات أهمية استراتيجية، لكنهم يعتقدون أن تصريحات ترامب تهدف حقًا إلى الحد من الوجود الدبلوماسي والاقتصادي المتنامي لبكين في أمريكا اللاتينية.
وفي السنوات الأخيرة، أقنعت الصين العديد من الدول – بما في ذلك بنما في عام 2017 – بالتخلي عن اعترافها بتايوان وإقامة علاقات دبلوماسية مع بكين.
وتساءل وزير خارجية ترامب، ماركو روبيو، وهو من الصقور الصينيين منذ فترة طويلة، عما إذا كان بإمكان الشركات الصينية السيطرة على الموانئ بناء على أوامر من بكين و«إغلاقها أو إعاقة عبورنا».
وقال بنجامين جيدان، مدير برنامج أمريكا اللاتينية في مركز ويلسون ومقره واشنطن، لوكالة فرانس برس إن بكين قد تضغط على شركة هاتشيسون أو تؤممها إذا أرادت الاستفادة من الأصول، ربما في حرب أو نزاع تجاري.
العلاقات بين بنما والصينوكانت بنما أول دولة في أمريكا اللاتينية توقع على مبادرة «الحزام والطريق» الصينية في عام 2017. وكثيرا ما يرتبط مخطط الاستثمار الأجنبي بدبلوماسية بكين الجيوسياسية وأهداف نفوذها.
وأثارت المبادرة مخاوف من أنها شكل من أشكال الإمبريالية الاقتصادية التي تمنح الصين الكثير من النفوذ على الدول الأخرى، وغالبًا ما تكون تلك الدول الأصغر والأفقر.
دافع ترامبويعتقد بعض المحللين أنَّ هذا هو الدافع الحقيقي وراء خطاب ترامب، إذ وقال إقليدس تابيا، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بنما، إن «حجة ترامب الكاذبة» تهدف إلى إخفاء رغبته في رؤية بنما «تخفض علاقاتها مع الصين إلى الحد الأدنى».
وقالت ناتاشا ليندستيدت، خبيرة العلاقات الدولية بجامعة إسيكس: «إنه (ترامب) يحاول بالتأكيد تخويف بنما، وهذه أداة للتفاوض أو إلهاء أو كليهما».
ماذا تقول بنما؟ونفى الرئيس البنمي خوسيه راؤول مولينو وجود أي نفوذ أجنبي على الميناء، وقال إن بلاده تديره من خلال مبدأ الحياد. وقال مولينو: «القناة كانت وستبقى تابعة لبنما». كما اشتكت حكومة مدينة بنما إلى الأمم المتحدة بشأن تهديدات ترامب.
وبغض النظر عن ذلك، أطلقت السلطات البنمية يوم الأربعاء عملية تدقيق لمواني هوتشيسون، وذكرت سلطات الميناء أنَّ التحقيق الشامل «يهدف إلى ضمان الاستخدام الفعال والشفاف للموارد العامة»، فيما أوضح مكتب المراقب المالي أنّ الهدف هو تحديد ما إذا كانت الشركة ملتزمة باتفاقيات الامتياز الخاصة بها، بما في ذلك التقارير الكافية عن الدخل والمدفوعات والمساهمات للدولة.
وقالت شركة «Hutchison Ports PPC» في بيان إنّها «حافظت وستواصل الحفاظ على علاقة شفافة وتعاونية» مع السلطات البنمية، وتابعت: «نحن لا نزال ثابتين في التزامنا بالامتثال لجميع القوانين واللوائح، والممارسة الكاملة لمسؤولياتنا التعاقدية»، مضيفة أنَّه تمّ تدقيقها من قبل المراقب المالي مرتين من قبل، وتبين في المرتين أنها في امتثال كامل.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: قناة بنما أمريكا الصين ترامب السیطرة على فی عام
إقرأ أيضاً:
مدبولي: نشهد اليوم تحولًا جذريًا في أنشطة وخدمات قناة السويس وانفتاحها على العالم
شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، احتفالية هيئة قناة السويس بيوم التفوُّق، على ضفاف قناة السويس الجديدة بالإسماعيلية، وذلك بحضور عدد من الوزراء، والمُحافظين، ورئيس هيئة قناة السويس، وقائد الجيش الثاني الميداني، ورئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ورئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي لدي مصر وجامعة الدول العربية، وعددٍ من سفراء دول الاتحاد الأوروبي ومُمثلي البعثات الدبلوماسية، والأمين العام لغرفة الملاحة الدولية ICS، ومسئولي الجهات المعنية وقيادات هيئة قناة السويس، ولفيف من رؤساء ومُمثلي التوكيلات الملاحية العالمية.
ألقى رئيس الوزراء كلمة استهلها، بالترحيب بالحضور في هذه البقعة الطيبة من أرض مصر على ضفاف قناة السويس الجديدة، التي التقت عندها مياه البحر الأحمر بالبحر المتوسط لأول مرة منذ عشرة أعوام في أغسطس ٢٠١٥ لتكون شريانًا حيويًا جديدًا يربط الشرق بالغرب ويُحقق الاستدامة لسلاسل الإمداد العالمية، وإيذانًا لفكر جديد ومتطور في إدارة أحد أهم الممرات الملاحية في العالم إن لم يكن أهمها على الإطلاق.
وأضاف رئيس الوزراء، أنه مُنذ هذا التاريخ شَهِدت هيئة قناة السويس جهودًا مُستمرةً لا تتوقف، مُحققةً طفرةً في مشروعات تطوير المجرى الملاحي بالقناة بتعميق مناطق الانتظار في مدخلي القناة الشمالي والجنوبي، وإنشاء جراجات للطوارئ، وشمعات رباط عملاقة لربط السفن، ثم المشروع الأضخم بتطوير القطاع الجنوبي للقناة، الذي لم يشهد أي تطوير منذ عام ١٩٩٠، نتيجةً للصعوبات والتحديات المُرتبطة بطبيعة التربة الصخرية شديدة الصلابة في تلك المنطقة.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أنه على الرغم من التحديات المُختلفة التي واجهتها ولا تزال تواجهها قناة السويس، فإن الدعم المُستمر والمُتواصل من فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وتوافر القدرات والإمكانات البشرية والفنية لدى الهيئة العريقة، كان الدافع الرئيسي لنجاح الهيئة في اجتياز المواقف الصعبة وتخطي الأزمات المتتالية.
وتابع قائلاً: نُعاني اليوم من أزمة أمنية غير مسبوقة في منطقة البحر الأحمر، التي كان لها بالغ الأثر في تراجع مُعدلات الملاحة بالقناة وتراجع الإيرادات المُحققة، رغم أن مُسببات الأزمة لا ترتبط بالأساس بقناة السويس، وهو ما يُشكل عبئًا على مصالح الدولة المصرية باعتبار القناة أحد أهم مصادر النقد الأجنبي.
وفي ذات السياق، أوضح رئيس الوزراء أن الدولة المصرية أبدت مُنذ اليومِ الأول للأزمة تفهمًا للتداعيات السياسية والاقتصادية، ولم تنخرط في اتِّخاذ أيَّة إجراءاتٍ تتعارضُ مع دورها الإقليميِّ، بل على العكس، عَملت على اتخاذ خطواتٍ فعالة نحو حل جُذور ومُسببات الأزمة سياسيًا، وتعويض الآثار الاقتصادية السلبية الناجمة عنها باتخاذ خطوات فعلية نحو تعزيز الاستثمارات، وتوطين الصناعات الثقيلة، ومُواكبة التوجه العالمي للطاقة النظيفة والمُتجددة، وتنمية أنشطة الجذب السياحي وغيرها من الأنشطة التي تتضمنها خطة الدولة المصرية، وفي القلب منها قناة السويس والمنطقة الاقتصادية للقناة.
وتابع الدكتور مصطفى مدبولي حديثه قائلًا: ومن هذا المنطلق، فإننا نشهدُ اليوم بالفعل تحولًا جذريًا في أنشطة وخدمات قناة السويس وحجم شراكاتها وانفتاحها على العالم، لتتحول من هيئة ملاحية مَعْنية بالأساس بإدارة المِرفق الملاحي لقناة السويس إلى هيئة مُتعددة الأنشطة والخدمات البحرية واللوجيستية المُختلفة.
وأضاف رئيس الوزراء أن قناة السويس بدأت في استحداث خدماتٍ جديدةٍ والتَّوسع بها، كخدمات صيانة وإصلاح السفن بترسانات الهيئة، وخدمات الإسعاف البحري وتبديل الأطقم البحرية، وأيضًا خدمة جمع وإزالة المُخلفات من السفن العابرة للقناة بطريقة آمنةً ومُستدامةً، تتناسب مع جهود الهيئة للتحول الأخضر بحلول عام 2030.
وقال: كُنتُ شاهدًا على بدء توقيع اتفاق التعاون المُشترك بين هيئة قناة السويس وشركة "آنتيبوليوشن" اليونانية لتقديم خدمة الجمع الآمن لمُخلفات السفن العابرة للقناة، واليوم نشهد ثِمّار تلك الجُهود بتواجد تلك الخدمة والإعلان عنها وتقديمها بأيادٍ مصرية وبتقنيات مُتطورة صديقة للبيئة.
وتابع الدكتور مصطفى مدبولي حديثه قائلًا: وتُجسد هذه الشراكة نجاحًا تتجلي مَعهُ جُهود الدولة المصرية بالتوسع في جذب الاستثمارات الأجنبية وعقد شراكات مع الشركات العالمية الكبرى، وهي دعوة جادة نتمنى من خلال سفراء دول الاتحاد الأوروبي وشركاء النجاح من الجهات المعنية بصناعة النقل البحري والخدمات البحرية واللوجيستية استثمارها، لتكون قناة السويس والمنطقة الاقتصادية للقناة مِنَصة عالمية للخدمات البحرية واللوجيستية.
وخلال كلمته، أوضح رئيس الوزراء أن قناة السويس تعمل بشكلٍ مُتوازٍ على تَعزيز الشراكات الوطنية لتوطين صناعة بناء الوحدات البحرية واليخوت السياحية من خلال مصنع مصر للقاطرات، وشركة قناة السويس للقوارب الحديثة ضمن المنطقة الحرة بسفاجا، بالشراكة مع شركة ترسانة جنوب البحر الأحمر.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي، أن هذه جُهود مُستمرة على مُختلف الأصعدة للخروج من عُنق الزجاجة لآفاقٍ أرحب من التطوير والتحديث والتنمية بقناة السويس والمنطقة الاقتصادية المُحيطة بها، بما يُشكل الضمانة الحقيقية لريادة القناة وتعظيم دورها ومكانتها العالمية مهما تصاعدت حِدّة التحديات المُحيطة.
وفي ختام كلمته، قال رئيس الوزراء: إنني سَعيدٌ بِتواجدي في هيئة قناة السويس بالتزامنِ مع احتفالها "بيوم التفوُّق"، وأفخرُ بأن يكون تاريخ وحاضر القناة دائمًا مُلهمًا ومُضيئًا حتى في أشدِّ وأصعبِ الأوقات، وأجدها فُرصة لتوجيه تحية شُكر واعتزازٍ وتقديرٍ لجهود كل العاملين بالهيئة، مُتعهدًا بتقديم مُختلف أوجه الدعم اللازم لتظل القناة شريانًا للخير والرخاء للعالم أجمع، وأمانةً تتوارثها الأجيالُ المصريةُ جيلًا بعد جيلٍ.