شهدت مناطق سيطرة الجيش السوداني تفاقمًا في أزمة شح السيولة النقدية عقب قرار تغيير العملة، حيث تم سحب الفئات القديمة من فئة الألف جنيه واستبدالها بأخرى جديدة. خلال فترة التغيير، فُرض على المواطنين إيداع الفئات القديمة مع تحديد سقف سحب لا يتجاوز 200 ألف جنيه بالعملة الجديدة. إلا أنه بعد انتهاء هذه الفترة، خفضت المصارف سقف السحب اليومي إلى ما بين 50 و100 ألف جنيه، مما زاد من حدة نقص السيولة المتاحة.

يُعزى ذلك جزئيًا إلى عدم توزيع الفئات الجديدة بفعالية أو بالكميات المطلوبة، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى بنية مصرفية جيدة، مما أدى إلى زيادة الاعتماد على السماسرة والأسواق السوداء. أسباب شح النقد: 1. ضعف البنية التحتية المصرفية: في العديد من المناطق، خاصة الريفية منها، يواجه المواطنون صعوبة في الحصول على العملة الجديدة بسبب نقص الفروع المصرفية. 2. الاقتصاد الموازي: تُقدَّر نسبة الكتلة النقدية المتداولة خارج النظام المصرفي بما يتراوح بين 90% إلى 95%، مما يُضعف فعالية السياسات النقدية ويزيد من حدة الأزمة. 3. ضعف الشمول المالي: يُعد السودان من بين الدول ذات النسب المنخفضة في الشمول المالي، حيث تشير بعض التقارير إلى أن نسبة الشمول المالي في السودان بلغت حوالي 15% اعتبارًا من عام 2014، ولا يُعتقد أنها تحسنت كثيرًا منذ ذلك الحين. 4. الصراعات والحروب: تؤدي الأوضاع الأمنية غير المستقرة إلى تدمير البنية التحتية المصرفية وتعطيل الخدمات المالية، مما يزيد من صعوبة الوصول إلى النقد. التداعيات الاقتصادية والاجتماعية: 1. انتشار السوق السوداء والسماسرة: بسبب ندرة النقد، يلجأ المواطنون إلى السماسرة للحصول على السيولة، مما يؤدي إلى نشوء سوق سوداء واحتكار السيولة من قبل مجموعات تستغل ضعف الرقابة المصرفية. 2. ارتفاع تكلفة النقد: يفرض السماسرة خصومات عالية للحصول على الكاش، مما يزيد من تكاليف المعيشة ويرفع أسعار السلع والخدمات، ويقلل من القوة الشرائية للأفراد، مما يوسع فجوة الفقر ويزيد المعاناة الاجتماعية. 3. تعطل النشاط الاقتصادي: يؤدي ضعف توفر الكاش إلى عرقلة العمليات التجارية، خاصة في المناطق الريفية التي تعتمد على التعاملات النقدية، مما يساهم في انخفاض الإنتاجية، خاصة في القطاعات الزراعية والصناعية. 4. فقدان الثقة في النظام المصرفي: مع عجز المصارف عن توفير السيولة، يلجأ المواطنون إلى الاكتناز أو التعامل مع السوق السوداء، مما يزيد من ضعف القطاع المصرفي. إن أزمة شح النقد في السودان ليست مجرد مشكلة اقتصادية، بل هي أزمة ثقة تتطلب معالجات جذرية لاستعادة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في البلاد حلول مقترحة لتخفيف الأزمة: 1. إصلاح النظام المصرفي: تقوية البنية التحتية المالية وتشجيع التحويلات الرسمية، بالإضافة إلى زيادة عدد الفروع المصرفية في المناطق الريفية. 2. زيادة الشفافية: مكافحة السوق السوداء عبر سياسات مالية ورقابية صارمة، وتعزيز الثقة o.sidahmed09@gmail.comفي النظام المصرفي. 3. التوسع في الدفع الإلكتروني: نشر حلول الدفع عبر الهاتف أو الإنترنت لتقليل الاعتماد على الكاش، وتطوير البنية التحتية اللازمة لذلك. عدم تفعيل قنوات الدفع الإلكتروني من قبل فترة كافية من بدء عملية استبدال العملة هو السبب الرئيسي الذى أدى الي تفاقم ازمة السيولة حيث كان يهدف بنك السودان-من تحديد حد أقصي للسحب النقدى- ان تكون وسائل الدفع الإلكتروني بديلا لسحب النقد من البنوك و التحاويل بين الحسابات و الخطأ الذى ارتكبه هو مطالبة البنوك بتفعيل التطبيقات المصرفية بالتزامن مع عملية الاستبدال (صدررالمنشور للمصارف يوم 6ديسمبر 2024 )و كان من المفترض ان يكون القرار السليم هو ان تسبق خاصة عملية ربط التطبيقات المصرفية مع شركة الخدمات المصرفية الإلكترونية EBS عملية الاستبدال قبل ثلاثة شهور علي الاقل لتعزيز ثقة المواطن في استخدامها كخيار امثل دون الحاجة الي النقد او الشيكات. 4. إصلاح السياسات النقدية: إصدار كميات نقدية كافية بطريقة مدروسة لتلبية الطلب دون التسبب في التضخم، وضمان توزيع عادل للعملة الجديدة.

عمر سيداحمد -خبير مصرفي ومالي مستقل وقيادي مصرفي سابق

23 يناير 2025

 

o.sidahmed09@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: البنیة التحتیة النظام المصرفی

إقرأ أيضاً:

أستاذ اقتصاد: الانقسام السياسي يؤخر الإصلاحات ويضغط على العملة الليبية

???? ليبيا | الفارسي: ليبيا دولة مانحة وقرارات صندوق النقد غير ملزمة لها

ليبيا – أكد أستاذ الاقتصاد بجامعة بنغازي أيوب الفارسي أن توصيات صندوق النقد الدولي بشأن الإصلاح المالي في ليبيا غير ملزمة، نظرًا لكون ليبيا دولة مانحة وليست مقترضة.

???? صندوق النقد يفرض الشروط على الدول المقترضة فقط ????
أوضح الفارسي في تصريحات خاصة لموقع “إرم نيوز” أن تدخل صندوق النقد الدولي عادة يكون عندما تطلب دولة قرضًا لضمان تسديده، ويُفرض عليها إصلاحات وضريبة وتخفيض للعملة، بينما في حالة ليبيا تظل التوصيات استشارية فقط.

???? الانقسام السياسي عائق أمام الإصلاحات ????️
بيّن الفارسي أن الانقسام السياسي يمثل العقبة الأساسية أمام تنفيذ أي حزمة إصلاحات اقتصادية، مما أخّر التوصل إلى صيغة اقتصادية متوازنة لا تضغط على العملة الوطنية.

???? خفض الدينار مرتبط بالإنفاق العام لا بالمصرف فقط ????
لفت الفارسي إلى أن قرار خفض قيمة الدينار لا يعتمد فقط على سياسة المصرف المركزي، بل يتأثر أيضًا بسلوك المالية العامة للدولة ومدى الوصول إلى ميزانية موحدة.

???? تحذير من تكرار خفض قيمة العملة ⚠️
حذر الفارسي من أنه في حال استمرار الإنفاق غير المنضبط وعدم إقرار ميزانية موحدة، فإن البلاد قد تشهد مزيدًا من التخفيض في قيمة العملة، أما إذا تم ضبط الإنفاق وإقرار ميزانية موحدة، فستتجه ليبيا نحو الاستقرار المالي.

مقالات مشابهة

  • احتجاجات غاضبة في عدن مع تفاقم أزمة التيار الكهربائي
  • تفاصيل التحقيقات مع 4 متهمين بتجارة العملة خارج نطاق السوق المصرفية
  • أستاذ اقتصاد: الانقسام السياسي يؤخر الإصلاحات ويضغط على العملة الليبية
  • البنك الدولي يحذر من تفاقم أزمة ديون الأسواق الناشئة ويدعو إلى خفض التعريفات الجمركية
  • لماذا نعاني من الأرق في الصيف؟.. تغيير التوقيت أبرز الأسباب
  • سفير بريطانيا رحب باقرار قانون السرية المصرفية: إشارة قوية لالتزام الإصلاحات الضرورية لمستقبل لبنان
  • تحذيرات من تفاقم أزمة السيولة النقدية بقطاع غزة
  • مصير متهم بتجارة العملة خارج نطاق السوق المصرفية
  • البرلمان اللبناني يقر تعديلات تحدّ من السرية المصرفية يطلبها صندوق النقد  
  • مركز حقوقي يحذر من تفاقم أزمة السيولة النقدية بقطاع غزة