عالم الحيوان وأسراره المذهلة
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
أحببت عالم الحيوان حبًا جمًا منذ الصغر، وما زلت، فقد كنت محظوظًا بوالد عظيم لفت انتباهى بقوة إلى السحر الكامن فى دنيا الحيوانات والطيور وما تخبئه البحار من كائنات مذهلة. أذكر جيدًا كم اصطحبنى هذا الوالد الفذ وشقيقى الأصغر الراحل المهندس صلاح إلى حديقة الحيوان بالجيزة، حيث كان ينبه عقولنا الصغيرة، وأنا لم أتجاوز السادسة، إلى هيبة الأسد المتمثلة فى هيكله المتين ولبدة شعره الكثيفة ونظراته الواثقة المخيفة، ثم يشير بأصبعه نحو النمر موضحًا شراسته ومكره وتربصه.
كما كان يدعونا إلى تأمل نظرات القرد والشمبانزى وإنسان الغاب وسلوكياتهم، لنرى حجم التشابه بينها وبين الإنسان، مؤكدًا أن الله عز وجل حبا الإنسان بعقل جبار جعله قادرًا على اصطياد كل هذه الحيوانات ليتفحصها ويدرس أفعالها وتصرفاتها وردود فعلها. أما غرام هذا الوالد المرحوم عبدالفتاح عراق بأشكال الطيور وتنوعها المدهش وألوانها البراقة، فحدث ولا حرج، إذ أذكر كيف كان يرسم لى أنواعًا مختلفة من الطيور شارحًا لماذا يمتاز هذا الطائر بأرجل طويلة، وذاك مزود بمنقار حاد وثالث مدعوم بجناحين عريضين، والهدف واحد للجميع وهو: كيف يمكن له تدبير طعامه فى هذه الغابة المحتشدة بمئات الحيوانات؟ وفى الوقت نفسه كيف يستطيع الهرب من الوحوش الجائعة؟.
الحق أننا لا يمكن فهم سلوك الإنسان دون التوقف كثيرًا عند سلوك الحيوانات، ولعلك تعلم أن ثمة جينات وراثية مشتركة بين الإنسان وبين جميع الحيوانات والطيور، فكلما ارتقى الحيوان فى منظومة التطور صارت جيناته قريبة جدًا من جينات الإنسان، فعلى سبيل المثال، فجينات الشمبانزى هى هى جينات الإنسان بنسبة 98%، أما جينات إنسان الغاب والغوريلا فأقل قليلا، حيث تصل النسبة إلى 96% تقريبًا.
اللافت أن جوهر الحياة لدى جميع الكائنات الحية، بمن فيهم الإنسان، يكمن فى ثلاثة أهداف هى: البحث عن الطعام، والرغبة فى التناسل، والهرب من الخطر المحدق دومًا. ولا يوجد كائن حى غير مهدد طوال حياته!
هذه الأهداف الثلاثة هى التى يجرى حولها الصراع فى عالم البشر، كما يدور حولها محور الحياة لدى جميع الكائنات الحية، فالصراعات السياسية التى قد تصل إلى الحروب عرفها الإنسان منذ البداية من أجل السيطرة وتوفير ظروف معيشية أفضل. والسعى الدائم إلى الزواج والإنجاب هدف كل رجل وامرأة مادام وصل الاثنان إلى مرحلة النضوج الجنسى، أما المستقبل، فهو المجهول الغامض الذى يهابه الجميع ويعملون له ألف حساب، فيكافحون من أجل تفادى عواقبه الخطيرة ومفاجآته الغادرة، إذ إن العمل على تحقيق مستقبل آمن هدف جوهرى يمسك بخناق البشر، لدرجة أنه قد يدفع بعضهم إلى قتل الآخرين!.
إن تأمل عالم الحيون يمنحنا دروسًا ثمينة لفهم أنفسنا، وأذكر جيدًا كيف كان الوالد ينتظر بشغف، قبل نصف قرن، مشاهدة برنامج (عالم الحيوان) الذى كان يعده ويقدمه بصوته الجميل ظهر كل جمعة فى التليفزيون المصرى الأستاذ سعيد محمود.
السلام لروح الوالد والأستاذ سعيد.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
هل يمكن تغيير مواعيد الحج؟.. عالم أزهري يرد
استنكر الدكتور أسامة قابيل، أحد علماء الأزهر الشريف، التصريحات التي أدلى بها شخص يدعى انتماءه لـ الأزهر الشريف، حول إمكانية أداء الحج خارج أيام ذي الحجة، مؤكداً أن هذه الآراء غير صحيحة شرعاً وتخالف ما استقر عليه إجماع الأمة الإسلامية منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال الدكتور قابيل، في تصريحاته، "ما قاله المدعي انتماؤه للأزهر ليس إلا نوعًا من الاجتهاد الفاسد الذي لا يستند إلى أي دليل شرعي معتبر".
وأوضح أن الحج له وقت محدد لا يجوز تجاوزه، وهو أيام ذي الحجة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام من بعده.
وتابع "أما قوله بأن الحج لا يجب أن يكون في ذي الحجة فقط، فهو طرح باطل يسعى من خلاله إلى إثارة الجدل والظهور الإعلامي على حساب ثوابت الدين".
واستطرد "من المثير للسخرية أن يأتي شخص يدّعي العلم ليشكك في ما هو معلوم من الدين بالضرورة، تمامًا كما فعل ذلك الأعرابي الذي بال في المسجد طلبًا للفت الانتباه، فالعلم الشرعي لا يكون بإطلاق تصريحات مخالفة للنصوص الصريحة، بل بالرجوع إلى القرآن والسنة وما أجمع عليه العلماء".
وأوضح الدكتور قابيل أن قول الله تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ﴾ لا يعني أن الحج يمكن أداؤه في أي وقت من هذه الأشهر، بل المقصود أن أعمال الحج تبدأ من شوال بالإحرام والتهيؤ له، لكنه لا يتم إلا في أيامه المحددة في ذي الحجة، وهو ما أجمع عليه جمهور الفقهاء.
وشدد على أن موعد الحج هو نفس الموعد الذي علَّمنا إياه النبي ﷺ، فلا يتغير ولا يتبدل، فقد حجَّ النبي ﷺ في العام العاشر من الهجرة.
وبيَّن أن الحج عرفة وأن الوقوف بعرفة يكون في اليوم التاسع من ذي الحجة، كما قال النبي ﷺ: "خذوا عني مناسككم، فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا"، ومنذ ذلك الحين، والمسلمون يحجون في نفس الأيام التي حج فيها النبي ﷺ، اتباعًا لسنته واقتداءً بهديه، دون تغيير أو تبديل".
واختتم حديثه قائلاً: "أنصح من لا يملك أدوات الاجتهاد أن يلزم الصمت، فالدين ليس مجالًا للآراء الشخصية، خاصة إذا كانت مخالفة لما هو ثابت بنصوص واضحة وإجماع الأمة".