بوابة الوفد:
2024-09-30@19:04:31 GMT

إن الله معنا

تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT

رغم انتهاء شهر الله المحرم بما يحمله من معانى الهجرة النبوية، فإن الدروس المستفادة من تلك الهجرة أكبر من أن يحدها زمان أو مكان. من أكثر الآيات القرآنية الكريمة التى لا تفارقنى لارتباطها بالهجرة قوله تعالى: «إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثانى اثنين إذ هما فى الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا».

منتهى الاطمئنان والسكينة حتى فى أحلك الظروف المحيطة بالرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم)، الذى أراد أن يطمئن الصديق أبا بكر عندما شعر ببعض القلق عندما شاهد أقدام الكفار عند باب الغار، فإذا به وهو من هو يقول للرسول: لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا، فيجيبه الرسول مطمئنًا: ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟!

لم يمنع يقين الرسول (صلى الله عليه وسلم) الكامل بنصرة الله له، لكنه أخذ بالأسباب البشرية الأرضية كلها. كان من يريد الذهاب للمدينة يتجه من مكة المكرمة شمالًا، فخدع الرسول الكفار وسلك فى البداية طريق الجنوب، واستعان وصاحبه بأحد الأدلة ليرشدهما للطريق. كما زرع (صلى الله عليه وسلم) بين الكفار من ينقل له الأخبار، فقد ظل الكفار مرابطين فترة طويلة على مدخل الطريق الشمالى فى انتظار أن يسلمه الرسول وصاحبه فى الوقت الذى كانا فيه فى الغار. وعندما جاء الكفار للغار ظن أبو بكر الصديق أن الهجرة فى طريقها للفشل، كان يكفى أن ينظر أحدهم تحت قدميه ليرى المهاجر وصاحبه، لكن عندما يكون الصاحب هو رسول الله فلا تقلق. هكذا جاءت الرسالة لأبى بكر الصديق ولكل البشرية من بعده. فعندما تأخذ بكل الأسباب الإنسانية، وفى الوقت الذى تظن أن تلك الأسباب لم تأت بثمارها وأنك هالك لا محالة ستأتيك الأسباب السماوية والنصرات الغيبية، فقط ثق بالله ولا تحزن واجعله معك حيثما وأينما كنت. واقرأ معى بتمعن بقية الآية: «فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هى العليا والله عزيز حكيم».

لو أخذنا تفاصيل الهجرة النبوية نبراسًا لنا وتعاملنا مع كل مشكلة كما تعامل معها رسول الله فحتمًا سنجد الله معنا. لا أفهم مثلًا أن يؤنب والد ولده الذى لم يحالفه الحظ فى الثانوية العامة ويعايره بما صرفه عليه لدرجة تدفع الولد للانتحار رغم اعتراف الوالد نفسه بأن الولد لم يدخر جهداً فى المذاكرة. أى أنه أخذ بالأسباب لكنه لم يوفق فى الامتحان. كثير من الطلبة المتميزين دراسيًا لديهم فوبيا من أداء الامتحانات فتأتى نتائجهم غير متوقعة بالمرة. لا يجب أن يكون عدم التوفيق فى خطوة سببًا فى انهيار كامل للإنسان. ستأتيك فرص أخرى كثيرة، وربما قمت بتحويل مسارك بعد التعثر فى مجال ما إلى مجال آخر أصبحت فيه من المتميزين جدًا والأمثلة كثيرة، ولو انهار كل من تعرض لذلة فى الطريق لما رأينا آلاف العباقرة فى كل المجالات.

كل المطلوب منى ومنك أن نهجر غرورنا بأنفسنا، أن نتيقن أن توفيق الله عز وجل سيكون حليفك طالما أخذت بالأسباب كلها، حتى لو تعثرت مرة ومرتين وعشر مرات سيصيبك التوفيق والنجاح فى المرة الحادية عشرة. حتى لو أحاط بك كثير من الكارهين يتمنون لك كل فشل فكن على يقين أن المكر السيئ لن يحيق إلا بأهله. وكلما حدثتك نفسك بيأس من عدم فاعلية أسباب الأرض أو انتهائها فقل لها وأنت مصدق: يا نفس لا تحزنى إن الله معنا. ولحظتها فقط ستتدخل السماء بأسبابها لتنصرك.

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: إن الله معنا طلة شهر الله المحرم الهجرة النبوية

إقرأ أيضاً:

تقرير أمريكي يرصد سيناريوهات ما بعد نصر الله

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شكل اغتيال الأمين العام لـ "حزب الله" حسن نصرالله على يد إسرائيل لحظة مفجعة للحزب، يمكن أن تغير المشهد السياسى اللبنانى وكذلك الديناميات فى جميع أنحاء المنطقة.
جاء مقتل نصرالله فى نهاية أسبوع وحشى لـ "حزب الله"، الذى فقد الآن معظم قياداته العسكرية، بالإضافة إلى نظام اتصالاته ومجموعة من مستودعات الأسلحة والمرافق الأخرى. وكل هذا أصبح ممكنًا بفضل اختراق المخابرات الإسرائيلية قيادة "حزب الله" وبنيته العسكرية. ولأسباب متعددة، بما فى ذلك النمو الهائل لـ "حزب الله"، سيكون مستقبل الخلافة اليوم أكثر تعقيدًا مما كان عليه قبل ثلاثة عقود عندما قُتل سلف نصرالله، عباس الموسوي.
وبحثا عن مستقبل الحزب فى ظل الوضع الراهن قدمت الباحثة بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى لبنانية الأصل " حنين غدار' قراءة فى كف الحزب المبتورة من خلال السيناريوهات المحتملة سياسيا وعسكريا وإقليميا. 


الخلافة السياسية

تقول حنين على الورق على الأقل، لن يكون استبدال نصرالله صعبًا، وسيتولى "حزب الله" هذه المهمة إلى جانب "الحرس الثورى الإسلامي" الإيراني. ومن بين الخلفاء المحتملين نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم ورئيس "المجلس التنفيذي" هاشم صفى الدين - الذى هو أيضًا ابن شقيق نصرالله. 
ومع ذلك، فعلى مستوى أعمق، سيكون من الصعب جدًا استبدال هذا الزعيم الكاريزماتى الذى استمر بمنصبه لفترة طويلة. فقد أصبح نصرالله لا ينفصل عن العلامة التجارية للحزب، ويُعرف بنجاحات مثل انسحاب إسرائيل من لبنان فى عام ٢٠٠٠ و"النصر الإلهي" المفترض ضد إسرائيل فى صيف عام ٢٠٠٦. وكان نصرالله بمثابة شخصية الأب للعديد من الشيعة اللبنانيين، الذين اعتبروه مزوّدهم وحاميهم. ومن يخلفه سيكون فى موقف لا يُحسد عليه نظرًا للحالة المتدهورة للحزب والأيام المظلمة المحتملة التى تنتظره. ومع ذلك، فإن الفراغ الناتج عن ذلك سيوفر فرصًا للمجتمع الدولى للدعوة إلى قيادة أفضل للشيعة اللبنانيين وللأمة بأكملها.


الآفاق العسكرية

منذ أكتوبر ٢٠٢٣، عندما التزم "حزب الله" بدعم قتال "حماس" ضد إسرائيل، تم قتل ثلاثة من قادته من الصف الأول، وهم فؤاد شكر، وإبراهيم عقيل، وعلى كركي، بالإضافة إلى معظم قادته من الدرجة الثانية. ونظرًا لهذه الخسارة فى الأفراد، إلى جانب الضربات التى لحقت بالبنية التحتية وضعف الثقة المرتبط بها، فسوف تكون مهمة إعادة بناء القدرات العسكرية للحزب شاقة وستستغرق سنوات. وعلاوة على ذلك، لعب نصرالله نفسه دورًا رئيسيًا فى إعادة هيكلة الأنشطة العسكرية لـ "حزب الله" والتنسيق مع المرشد الأعلى الإيرانى على خامنئي. وبالتالي، تم الآن قطع النسيج الرابط بين لبنان وإيران.


التحركات الإقليمية

تقول حنين إنه فى وقت مبكر من الحرب الأهلية فى سوريا، التى بدأت فى عام ٢٠١١، دعم "حزب الله" نظام بشار الأسد، حيث عمل مباشرة تحت قيادة قائد "فيلق القدس" التابع "للحرس الثوري" الإيراني، قاسم سليماني. وبعد ذلك، برز "حزب الله" كذراع إقليمية "للحرس الثوري"، حيث قدم الدعم اللوجستى والتدريب والقيادة للميليشيات فى العراق وسوريا واليمن. وعندما قُتل سليمانى فى أوائل عام ٢٠٢٠، توسع دور "حزب الله" فى المنطقة بشكل أكبر، وحتى وقت قريب أمضى قادته وقتًا أطول فى تلك البلدان فى الخارج مما قضوه فى لبنان. ومع تعرض "حزب الله" لأضرار جسيمة الآن، يجب على "فيلق القدس" أن لا يستبدل قيادة "حزب الله" فى لبنان فحسب، بل أيضًا الدور الذى لعبه فى جميع أنحاء المنطقة. وبالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها، توفر هذه الفترة الانتقالية فرصة كبيرة للتخفيف من التهديد فى المنطقة الذى تقوده إيران.


خيارات إيران

جمهورية الملالى لديها خياران واسعان للرد على ضربة نصرالله، وهما: التصعيد أو التراجع.
إذا اختارت إيران التصعيد، فقد تتبنى نهجًا مباشرًا فى قيادة قوات "حزب الله" القتالية، وهو مسار غير فعال فى أفضل الأحوال نظرًا لغياب القيادة العسكرية المتمركزة فى لبنان حاليًا. أو بدلًا من ذلك، يمكن أن تسهل إيران إطلاق صواريخ "حزب الله" الموجهة بدقة قبل أن تدمرها إسرائيل، أو توجّه وكلاء مثل الميليشيات الشيعية المتمركزة فى العراق والحوثيين فى اليمن للاشتباك عسكريًا مع إسرائيل. ولكن هذا الخيار أيضًا يواجه تحديات، بما فى ذلك المخاطر الشخصية التى يتعرض لها القادة الإيرانيون المتمركزون فى لبنان، والذين على أى حال ليسوا على دراية بالبلاد وتعقيداتها الأمنية والسياسية. وقد يؤدى التصعيد فى النهاية إلى حملة إسرائيلية أوسع نطاقًا ضد أصول إيران فى المنطقة.
التراجع.. بدلًا من ذلك، قد تتراجع إيران فى الوقت الحالى للحفاظ على وكيلها من تكبد المزيد من الخسائر. وقد يستلزم ذلك قبول المبادرة الدبلوماسية الأمريكية-الفرنسية، وتوجيه "حزب الله" للانسحاب عسكريًا إلى شمال نهر الليطاني. كما يعنى هذا التراجع الفصل بين جبهتى الحرب فى لبنان وغزة. وكل هذا من شأنه أن يوفر "للحرس الثوري" الإيرانى الوقت والمساحة لإعادة بناء ترسانة "حزب الله" وإعادة هيكلة قيادته العسكرية. ومع ذلك، فإن التراجع يحمل مخاطر أيضًا، بما فى ذلك التعرض لحملة عسكرية إسرائيلية مستمرة تشمل إضعاف أو القضاء على صواريخ "حزب الله" الموجهة بدقة.


كيف يمكن للجهات الفاعلة الغربية ملء الفراغ؟

مع مقتل نصرالله وتضرر جماعته، سوف يشعر "حزب الله" والمجتمع الشيعى اللبنانى - فضلًا عن جميع اللبنانيين - بالانكشاف وعدم الحماية. وحتى الآن، لم يهب أى طرف فعليًا لمساعدة "حزب الله"، سواء من النظام الإيرانى أو من أى جهات فاعلة متعاطفة أخرى فى المنطقة.
تختم حنين غدار تحليلها بالقول إن هناك فرصة للمجتمع الدولى للاستثمار بجدية فى مستقبل لبنان، وهو التعهد الذى سوف ينطوى على أكثر كثيرًا من إرساء إطلاق النار أو إعادة تنفيذ "قرار مجلس الأمن رقم ١٧٠١" الذى أنهى حرب لبنان فى عام ٢٠٠٦. وتتمتع الولايات المتحدة بالفعل بنفوذ قوى على لبنان من خلال برنامجها للمساعدة للجيش اللبناني، ولكن على الجيش اللبنانى أن يكون مسئولًا أمام حكومة لبنانية مستقلة، وليس لحكومة خاضعة لسيطرة "حزب الله". وبعد وقف إطلاق النار يجب أن يكون لبنان مرتكزًا فى المقام الأول على سيادة الدولة واستقلالها. علاوة على ذلك، بإمكان المجتمع الدولى الآن أن يعمل على دعم ائتلاف موثوق وشامل من الشخصيات والقوى المعارضة - والذى يجب أن يشمل المجتمع الشيعى بكل تنوعاته - لمواجهة "حزب الله"وحلفائه والنفوذ الإيرانى فى لبنان.

مقالات مشابهة

  • وطنك لا يخذلك
  • أمريكا تكذب ولا تتجمل!!
  • تقرير أمريكي يرصد سيناريوهات ما بعد نصر الله
  • "تكريم الرسول للمرأة" ندوة لـ"خريجي الأزهر" بالوادي الجديد
  • نحن لا نُهزم .. عندما ننتصر ننتصر وعندما نُستشهد ننتصر .. نصر الله
  • الرئيس السادات صاحب فكر عالٍ وجسور (٢)
  • انطلاق أعمال المؤتمر الدولي الثاني للرسول الأعظم بصنعاء
  • المؤتمر الدولي الثاني للرسول الأعظم يناقش 18 بحثا علميا
  • الشهيد القائد السيد حسن نصر الله: نحن لا نُهزم.. عندما ننتصر.. ننتصر.. وعندما نُستشهد.. ننتصر
  • انطلاق أعمال المؤتمر الثاني للرسول الأعظم بصنعاء