الاستحقاق الرئاسي في عنق الزجاجة.. رسالة الموفد الرئاسي الفرنسي لودريان إلى نواب لبنان تثير جدلا واعتراضاً
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
رسالة تصدرت الاهتمام بل وأثارت جدلا في الأوساط اللبنانية
على مشارف نهاية موسم الاصطياف الذي أزاح الستار ولو مؤقتا عن واقع بلد الأرز المتأزم والمعقد والذي يؤرق يوميات اللبنانيين، وبعيدا عما سينتهي إليه من حصيلة أعداد ومكاسب نهائية، عادت أزمة الاستحقاق الرئاسي الى الواجهة مع رسالة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى مجلس النواب اللبناني.
اقرأ أيضاً : عيون لبنان على بدء عملية التنقيب وآمال تواكب وصول منصة الحفر - فيديو
رسالة، تصدرت الاهتمام بل وأثارت جدلا في الأوساط اللبنانية، أرسلت عبر بريد البرلمان الرسمي إلى نواب الأمة، حول أولوية سيّد العهد الجديد ومواصفاته وصفاته.
فباللغة العربية وصلت رسالة لودريان الى ثمانية وثلاثين نائباً من رؤساء كتل ومجموعة من النواب المستقلين تتضمن سؤالين هما:
- ما هي بالنسبة الى فريقكم السياسي المشاريع ذات الأولوية المتعلقة برئاسة الجمهورية خلال السنوات الست المقبلة؟
- ما هي الصفات والكفاءات التي يجدر برئيس الجمهورية المستقبلي التحلي بها من أجل الاضطلاع بهذه المشاريع؟
فرضت الرسالة قراءة مختلفة في شكلها وتوقيتها ومضمونها، لما يمكن ان تؤدي اليه مهمة المبعوث الفرنسي الجديدة في شأن الاستحقاق الرئاسي، خلال الجولة الثالثة المرتقبة له إلى لبنان في أيلول المقبل. كما أنّها حملت مؤشرات إلى ما يمكنه القيام به من خطوات إنفاذاً لمهمته الرئاسية التي أشار اليها في زيارته الثانية لبيروت ما بين الخامس عشر والسابع عشر من تموز الماضي، والتي تلت لقاء الدوحة الذي جمع
أعضاء «لقاء باريس الخماسي» بنسخته القطرية.
وعلى مسافة أيام من بداية شهر ايلول، الذي يُشكل امتحاناً أخيراً لمهمة لودريان، تدرجت الأجواء السياسية من التشكيك في إمكان توصل الحوار الذي وعد بإطلاقه للتوافق على رئيس للجمهورية، الى التشكيك في إمكان انعقاده، بعد الاعتراضات على هذا الحوار، التي أبدتها الاطراف، التي تصنف نفسها سيادية وتغييرية، وتزامنت مع “رسالة السؤالين”.
فردة الفعل السلبيّة الواسعة على الرسالة تنذر بعدم إرسال النواب أقله في نسبة كبيرة منهم الأجوبة التي طلبها لودريان وسط ترقب لدى مختلف الأفرقاء لأي موقف يصدر عن باريس في هذا الصدد لتُبنى عليه الحسابات المقبلة.
الوسيط المحايدمصادر سياسية تقول لـ"رؤيا"، مع أّن لودريان حافظ في أسئلته على صفة الوسيط المحايد ولم يدخل في لعبة الألسماء، بعد انتقادات وجهت في وقت سابق لباريس على خلفية ما وصف بدعمها أحد المرشحين وتحديدا رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، فإن رسالته استفزت على ما يبدو شريحة واسعة من النواب، في الشكل قبل المضمون.
وفجرت الرسالة الكثير من المواقف المعترضة على السلوك الفرنسي، وتجلى ذلك في مواقف نواب المعارضة، الذين أصدروا بياناً جامعاً فيما بينهم، حول رفض فكرة الحوار والتشاور، وحصر أي مبادرة لانتخاب رئيس، على أن يقود الرئيس المنتخب أي حوار في المستقبل، مع الإصرار على أن يكون الحوار مخصصاً للبحث في نزع السلاح غير الشرعي.
في المقابل عّبر نواب آخرون عن سخطهم من طريقة التعاطي الفرنسية في توجيه رسالة مكتوبة تطلب تقديم أجوبة مكتوبة من قبل النواب الذين وصفها بعضهم بأنها أقرب الى ورقة امتحان فيما ذهب آخرون الى اعتبارها إهانة ديبلوماسية غير مسبوقة وتجاوزاً لكل الأعراف.
فأعلنوا عن رفضهم تقديم الإجابات، وفي ظل اعتراض قوى المعارضة، ولا سيما القوات اللبنانية، حزب الكتائب، وبعض الكتل الأخرى للمشاركة في جلسات الحوار، لا يزال
البحث يدور فيما بينهم حول تقديم أجوبة موحدة حيال المبادرة الفرنسية ككل، وإبلاغ اعتراضهم على كل المسار الفرنسي. وسط تساؤلات
تطرح إذا ما كان هذا الموقف سيؤدي إلى إفشال المبادرة الفرنسية، أم قد يدفع لودريان إلى تعديل خطواته أو تأجيل زيارته، أو غض النظر عن فكرة عقد الحوار.
وهنا تقول مصادر نيابية لرؤيا، أن باريس تحاول أن تتعاطى مع لبنان وكأنها إحدى جمعيات المجتمع المدني، من خلال إرسال أوراق تتضمن أسئلة وتحتاج إلى ملء استمارات، علماً أن المطلوب هو تقديم مسعى سياسي قادر على الوصول إلى تسوية بين القوى اللبنانية المتعارضة.
في المقابل برزت نبرة أقل حدة لدى عدد من النواب قالوا لرؤيا إنه كان من الأفضل ان يتجنب لودريان هذه الخطوة ونحن بانتظار تصحيحها لكنها لا تستدعي رد الفعل العنيف الذي قوبلت به.
مصادر دبلوماسية تقول لرؤيا إن هذه الاعتراضات لا تشجع على توقع ايجابيات، وفي ضوء الاجوبة ستتحدّد بالتأكيد خطوة لودريان التالية مضيفة أن الاطراف السياسية في لبنان امام فرصة للتوافق بصورة عاجلة على انتخاب رئيس للجمهورية، وثمة صعوبة كبيرة في أن تتكرر هذه الفرصة، وعلى القادة السياسيين في لبنان ان يتحملوا مسؤولياتهم، وهو ما أكد عليه لودريان في زيارته الاخيرة الى بيروت.
الرسالة ومضمونهاوحول شكل الرسالة ومضمونها لفتت مصادر مطلعة لرؤيا انها عبرت عن إحصاء وتصنيف دقيقين لمن جمعتهما جولتا لودريان الأولى والثانية من المعنيين بالاستحقاق الرئاسي. وحصرها برؤساء الكتل النيابية والنواب المستقلين والتغييريين، ومن التقاهم بصفتهم نواباً منفردين
وأضافت المصادر عينها انّ لودريان بذل جهداً كبيراً للإحاطة بمواقف الأطراف كافة وردات الفعل على الطروحات الجديدة التي تقدم بها، ليس لكونه موفداً رئاسياً فرنسياً فحسب، انما بالنيابة عن أطراف اللجنة الخماسية التي حمّلته الملاحظات التي عكست الصيغة الجديدة،التي حملها إلى المسؤولين اللبنانيين في زيارته الثانية.
على وقع هذه الأجواء يبدو أن الأمور تتجه نحو مزيد من التعقيد الداخلي الذي يمليه انتظار الاتجاه الحاسم للتحرك الفرنسي ولا يبدو أن ثمة معطيات ثابتة يمكن رسم الصورة الواضحة لمجريات الازمة الرئاسية على أساسها قبل حلول أيلول.
الأزمة الرئاسيةفالأجواء الموصولة بالأزمة الرئاسية تتجه نحو تلبد كثيف في قابل الأيام والأسابيع في ظل بلوغ مهمة الموفد الرئاسي الفرنسي مرحلة محفوفة بالحذر الكبير بحيث بدأت تطرح سيناريوات وتساؤلات من نوع هل يكمل مهمّته أم يمتنع عن زيارته المقبلة لبيروت في أيلول.
أفق الانسداد السياسي الآخذ في الاشتداد والذي يخشى أن يكون لبنان مقبلاً على مزيد من مضاعفاته يطرح أسئلة عن التسوية المنتظرة وتقدم حظوظ قائد الجيش العماد جوزف عون خصوصا وأن المسار الأمني تقدم على ما عداه خصوصاً في فترة الشغور الرئاسي.
تجربة عرفها اللبنانيونوهناك تجربة عرفها اللبنانيون في محطات متعددة أفضت الى تسوية بانتخاب قائد الجيش رئيسا للجمهورية كأقصر طريق للتسوية.
ففي العام 1958 انتخب فؤاد شهاب إثرالثورة أو الحرب. وفي العام 1998، انتخب اميل لحود على وقع أحداث كفرحبو في الضنية.
وفي العام 2008 عبر انتخاب ميشال سليمان بعد أحداث السابع من أيار.
ومنذ فترة تقدمت الأحداث الأمنية على ما عداها، من اشتباكات مخيم عين الحلوة، إلى حادثة وادي الزينة، فالكحالة وصولاً إلى اكتشاف خلية إرهابية في منطقة حي السلم في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وتقول مصادر مطلعة أن كل ذلك من شأنه في المعيار السياسي أن يسهم في تعزيز حظوظ قائد الجيش، والذي يحظى بموافقة خارجية واسعة وموافقة جهات متعددة في لبنان.
فهل سيستكمل المسار على وقع هذه الأحداث، لترسو الإنتخابات الرئاسية على جوزيف عون؟ لا يمكن لأحد توقع الإجابة او المسار خصوصا في ظل الظروف الداخلية والخارجية والاثمان التي ستدفع مقابل هكذا تسوية.
وعليه، فإن لبنان ما بعد محطة لودريان ونتيجتها لا بد أن يشهد تحركاً سياسياً جديداً ولن يكون كما قبلها.
المصدر: رؤيا الأخباري
إقرأ أيضاً:
نواب من دون مرشح
أشار مصدر نيابي إلى أن كتلا نيابية عدة لم تعلن بعد دعم أي مرشح رئاسي، على الرغم من مرور أكثر من سنتين على الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية، وفي ظل العدوان الاسرائيلي على لبنان والحاجة الماسة الى انتخاب رئيس واستغلال أي فرصة لوقف إطلاق النار لملء الشغور.
وقال المصدر النيابي إن هذه الكتل لا تزال تنتظر الحوار أو التوافق على إسم مرشح، ما يعني أنه رغم مرور أكثر من سنة على جلسة الانتخاب الاخيرة لا يزال هناك العديد من النواب الذين لم يختاروا مرشحهم.
المصدر: لبنان 24