موقع 24:
2025-02-02@16:16:14 GMT

هل يعي ترامب اللحظة الإيرانية؟

تاريخ النشر: 23rd, January 2025 GMT

هل يعي ترامب اللحظة الإيرانية؟

يعود دونالد ترامب إلى البيت الأبيض محاطاً بفريق من الصقور، مستعداً لمواجهة إيران في لحظة تحمل تحولات إقليمية ودولية فارقة.

في ولايته الأولى، تبنّى ترامب سياسة "الضغط الأقصى" تجاه إيران، مبتدئاً بالانسحاب من الاتفاق النووي لعام 2015، الذي وصفه بأنه اتفاق سيء ساعد طهران على توسيع نفوذها الإقليمي. أعقبت ذلك عقوبات اقتصادية شاملة أضعفت الاقتصاد الإيراني وزادت من عزلتها الدولية، لكن رغم ذلك تمكنت طهران من التكيف نسبياً مع الضغوط، معتمدة على وكلائها في المنطقة لزعزعة استقرار خصومها.


تتزامن عودة ترامب إلى السلطة مع تغيرات إقليمية عميقة. فقد شهدت إيران تراجعاً في نفوذها في سوريا بعد اضطرارها إلى الانسحاب إثر ضغوط دولية وإقليمية، بينما أصبح حزب الله في لبنان يواجه أزمة داخلية وضغوطاً عسكرية وسياسية غير مسبوقة، وهو ما أضعف موقف إيران على الساحة الإقليمية. في العراق تصاعدت الاحتجاجات الشعبية ضد التدخل الإيراني، وفي اليمن تعرض الحوثيون لضربات موجعة من الطيران الإسرائيلي والأميركي والبريطاني، ما زاد من عزلتهم. هذه التحولات تُظهر إيران أضعف من أي وقت مضى، لكنها قد تدفعها إلى تصعيد عدائيتها لتعويض خسائرها، خاصة أن النظام الإيراني يجد نفسه محاصراً داخلياً وخارجياً، وهو ما قد يؤدي إلى اضطرابات أكثر حدة.
اختيار ترامب لفريق من الصقور يعكس نيته الاستمرار في سياسة الضغط الأقصى. فماركو روبيو، وزير الخارجية، يُعرف بمواقفه المتشددة تجاه إيران، ودعوته لتصعيد العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية. أما جون راتكليف، الذي يتولى إدارة وكالة الاستخبارات المركزية، فيرى أن تعزيز العمليات الاستخباراتية ضد البرنامج النووي الإيراني هو السبيل لشل طموحات طهران. وجود شخصيات مثل مايك والتز كمستشار للأمن القومي ومايك هاكابي كسفير لدى إسرائيل يعزز فكرة تكوين جبهة موحدة مع تل أبيب لمواجهة إيران عسكرياً واقتصادياً.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل تكفي الصرامة لتحقيق النتائج المرجوة؟ إيران ليست خصماً سهلاً، ورغم ضعفها الظاهر تمتلك أدوات ضغط قوية تشمل برنامجها النووي وشبكة وكلائها في المنطقة وقدرتها على زعزعة استقرار الدول المجاورة. في ظل هذه المعطيات، فإن نجاح ترامب يعتمد على قدرته على إحداث التوازن بين الضغط العسكري والاقتصادي وبين الدبلوماسية الذكية. هذا التوازن ضروري لتجنب التصعيد العسكري المباشر الذي قد يؤدي إلى نتائج كارثية على المنطقة.
إسرائيل تبدو مستعدة أكثر من أي وقت مضى لتوجيه ضربات عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية. فقد نفذت ضربات دقيقة خلال العامين الماضيين استهدفت مواقع إستراتيجية لإيران، ويُعتقد أنها كانت تدريبات تحضيرية لهجوم أكبر. إدارة ترامب، بتركيبتها الجديدة، قد تدعم هذا السيناريو، خصوصاً مع تقاربها القوي مع حكومة بنيامين نتنياهو. الدعم الأميركي قد يشمل تقديم معلومات استخباراتية دقيقة، وتوفير أسلحة متطورة تساعد إسرائيل على تحقيق أهدافها بأقل الخسائر الممكنة.
إلى جانب الضغط العسكري هناك رهان آخر يتمثل في تمكين المعارضة الإيرانية. إدارة ترامب قد تلجأ إلى توفير وسائل اتصال آمنة مثل "ستارلينك"، وتعزيز وسائل الإعلام المستقلة لنشر رسائل المعارضة وتقويض شرعية النظام الإيراني. هذه الإستراتيجية قد تكون فعّالة على المدى الطويل، لكنها تتطلب تخطيطاً دقيقاً وتنسيقاً مع الحلفاء الإقليميين لضمان نجاحها.
رغم كل ما سبق، فإن المعضلة الأساسية تظل في مدى فهم ترامب لتعقيدات اللحظة الإيرانية. إيران اليوم ليست فقط نظاماً يسعى للبقاء، بل هي دولة محاصرة تُدرك أن أي تهاون قد يكلفها وجودها. هذا الإدراك يجعلها أكثر استعداداً للمخاطرة، سواء عبر تصعيد أنشطتها الإقليمية أو تسريع برنامجها النووي. لذلك، فإن أي إستراتيجية أميركية تجاه إيران يجب أن تأخذ بعين الاعتبار هذه الحقائق، وتوازن بين القوة العسكرية والسياسية لتحقيق الأهداف دون الانزلاق إلى حرب شاملة.
لكن في الداخل الإيراني تبدو الصورة أكثر قتامة. منذ الثورة الإسلامية عام 1979، رسم النظام الإيراني نفسه كقائد لمحور إقليمي يمتد من العراق إلى سوريا ولبنان واليمن، مروراً بدعمه الحركات الشيعية في مختلف الدول. هذا المحور الذي أسسه علي خامنئي يواجه الآن نكسات غير مسبوقة، مع تراجع النفوذ الإيراني في سوريا ولبنان، والضربات المتزايدة على الحوثيين في اليمن، وتآكل الهيمنة الإيرانية في العراق بسبب الانتفاضات الشعبية.
النتيجة المباشرة لهذه النكسات الإقليمية هي انعكاسها على الداخل الإيراني. يجد الشعب الإيراني نفسه في مواجهة مزدوجة: الفقر الناتج عن العقوبات الاقتصادية، والهزيمة السياسية المذلة. النظام الذي طالما تاجر بالشعارات الثورية لتبرير مشاريعه التوسعية بات عاجزاً عن إقناع الإيرانيين بجدوى هذه السياسات. فالأموال التي أُنفقت على دعم الميليشيات الإقليمية أصبحت عبئاً على الاقتصاد الوطني، بينما يعاني المواطن الإيراني من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وتدهور الخدمات الأساسية.
التذمر الشعبي في إيران قد يتحول إلى حراك أوسع إذا استمر النظام في تجاهل مطالب الداخل والانشغال بالمغامرات الخارجية. في هذا السياق قد يشكل دعم المعارضة الداخلية وتوفير وسائل الاتصال المستقلة عاملاً محورياً في إضعاف النظام. كما أن استمرار الضغوط الاقتصادية سيجعل من الصعب على طهران تمويل مغامراتها الإقليمية، وهو ما قد يؤدي إلى انهيار المحور الذي بُني منذ أربعة عقود.
اللحظة الإيرانية الحالية تمثل فرصة لإعادة رسم المشهد الإقليمي. لكن النجاح يتطلب مقاربة شاملة تجمع بين العقوبات الاقتصادية والتهديد العسكري والدعم الداخلي للمعارضة الإيرانية. إذا تمكن ترامب من استغلال هذه الفرصة بذكاء، فقد يشهد الشرق الأوسط تحولات جذرية تُنهي عقوداً من الهيمنة الإيرانية. أما إذا أخفق فإن التحديات الإيرانية ستتعاظم، ما يجعل المشهد الإقليمي أكثر تعقيداً.
هل يعي ترامب هذه اللحظة؟ أم أنه سيكرر أخطاء الماضي، حيث تكون النتائج عكسية وتصب في صالح إيران؟ الأيام المقبلة ستكون حاسمة في تحديد شكل المواجهة القادمة، وما إذا كانت ستقود إلى استقرار إقليمي أم إلى المزيد من الفوضى.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إيران وإسرائيل عودة ترامب

إقرأ أيضاً:

إيران تراقب إدارة ترامب عن كثب

نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، تحليلاً تناولت فيه الإشارات والرسائل المنشورة في وسائل الإعلام الإيرانية حول احتمالية وجود حل دبلوماسي في الأزمة مع الولايات المتحدة.

وذكرت "جيروزاليم بوست"، أن إيران تراقب عن كثب كيفية تعامل إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب مع سياستها، مشيرة إلى أن طهران ربما كانت تتوقع عودة حملة الضغط الأقصى من واشنطن كما حدث في الإدارة الأولى، وعلى الرغم من ذلك، فإنها ترى فرصة سانحة لمحاولة تهدئة الولايات المتحدة الأمريكية.
وأضافت الصحيفة تحت عنوان "إيران تراقب إدارة ترامب الجديدة عن كثب"، إلى ما نُشر في 29 يناير (كانون الثاني) في وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية، بأنه لم يتم إرسال أو تلقي رسالة مُحددة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، وما يتم طرحه موجود فقط في وسائل الإعلام، وذلك نقلاً عن وزير الخارجية عباس عراقجي.
واعتبرت الصحيفة أن هذا مهم لأن نفس وسائل الإعلام الرسمية كانت قد قالت إنه "قد يرسل ترامب إشارات مبدئية إلى إيران حول الانفتاح على الدبلوماسية"، كما ذكر التقرير أن وزير الخارجية الإيراني "رفض التكهنات الإعلامية حول التبادلات الدبلوماسية بين طهران وواشنطن". 

بين التصعيد والمساومة: هل تسعى إيران لعقد صفقة مع ترامب؟https://t.co/1aZKg0XD5E pic.twitter.com/LErZs2I3Va

— 24.ae (@20fourMedia) January 29, 2025  رغبة إيران في التواصل

وقالت الصحيفة إنه على الرغم من ذلك، إلا أن إيران تلمح أنها تريد التواصل مع واشنطن، وأن عراقجي صرح بأنه لا توجد ثقة كبيرة بين الولايات المتحدة وإيران، ولكنه ذكر إمكانية إعادة الثقة بين البلدين، موضحة أن الدبلوماسي الإيراني تطرق أيضاً إلى الاتفاق النووي الذي أُبرم عام 2015، والذي انسحبت إدارة ترامب الأولى منه عام 2018، وردت إيران بتجاوز القيود النووية للاتفاق بشكل تدريجي، وصولا إلى تخصيب اليورانيوم إلى 60% وتركيب أجهزة طرد مركزي متقدمة.

إيران تنتظر سياسة واضحة

كما ألقت الصحيفة الضوء على ما قالته وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية، بأن الجهود الرامية إلى إحياء الاتفاق في ظل إدارة بايدن توقفت في عام 2023 بسبب الخلافات حول آليات رفع العقوبات، مشيرة إلى أن إيران تنتظر سياسة واضحة، وهذا ما أوضحه عراقجي عندما قال "لا يمكن حل انعدام الثقة بسهولة وبكلمات لطيفة وجميلة"، وأن إيران تنتظر سياسة واضحة من واشنطن. 

على غرار إسرائيل... ترامب يأمر بإنشاء "قبة حديدية" أمريكيةhttps://t.co/pRpcEeva3O

— 24.ae (@20fourMedia) January 28, 2025  رسالة مهمة

وفي الوقت نفسه، أشار تحليل آخر لوسائل الإعلام الرسمية، إلى أن "ترامب قد يرسل إشارات إلى إيران بأنه قد يكون على استعداد للتعامل مع طهران دبلوماسياً". واعتبرت الصحيفة أن هذه رسالة مهمة من إيران. ووفقاً للتقارير الإيرانية، فإنه من غير الواضح ما إذا كانت هذه التحركات تشير إلى تحول في التكتيكات أو الاستراتيجية أو الموقف.
وذكرت الصحيفة الإسرائيلية، أن التقارير الإيرانية توضح مدى مراقبة الحكومة الإيرانية لإدارة ترامب الجديدة عن كثب، كما تشير إلى أن إيران منفتحة على المناقشات والمحادثات.

مقالات مشابهة

  • نتنياهو: غيرنا وجه الشرق الأوسط وسأبحث مع ترامب قضايا حرجة بينها مواجهة المحور الإيراني
  • نتنياهو: سأبحث مع ترامب سبل القضاء على حماس والتصدي للمحور الإيراني
  • المعارضة الإيرانية: النظام في طهران يعمل على إنتاج قنبلة نووية
  • وزير الخارجية الإيراني: مهاجمة مواقعنا النووية ستكون أكبر خطأ ترتكبه الولايات المتحدة
  • صحيفة تتحدث عن رسالة سرية بعثتها الخارجية الإيرانية إلى ترامب
  • شهرود وسمنان.. إيران تسارع سرّا نحو السلاح النووي
  • رئيس حزب الريادة: مصر ثابتة على موقفها من القضية الفلسطينية منذ اللحظة الأولى
  • هل يكون إنهاء التهديد الإيراني إرثاً جديداً لترامب؟
  • إيران تراقب إدارة ترامب عن كثب
  • مستشار للرئيس الأمريكي: ترامب بصدد وضع حد للنفوذ الإيراني في الشرق الأوسط