دروس مستفادة من غزة ولبنان وسوريا
تاريخ النشر: 23rd, January 2025 GMT
عشنا أياماً في خضم تجربة جربتها إسرائيل مع العرب مراراً. تأتي التجربة تحت عنوان من ثلاث كلمات هي «استراتيجية هجومية شاملة»، استراتيجية تسمح بتعبئة كل إمكانات «الأمة»، متعمداً هنا عن قصد أكيد استخدام كلمة «الأمة»، باعتبار أنها في المعنى والحيز أوسع مساحة وأعمق تاريخاً وأوفر إمكانات من كلمة الدولة، وباعتبار أننا نراعي في فهمنا لهذه الدولة حقيقة أن التعامل المجدي لفهم حقيقة القوة الإسرائيلية يكون بحساب إسرائيل أمة واسعة الانتشار، فهي موجودة في كل ركن من أركان العالم منذ مطلع التاريخ، وهي عظيمة الإمكانات إلى حد لا يقارن بإمكانات دولة عادية كما تحب أن تبدو أحياناً، محدودة المساحة قليلة السكان، بينما هي في الحقيقة أمة مغروسة أو غرست نفسها كرهاً أو وداً أو واقعاً في كل دين سماوي آخر وغير سماوي، ولم تتوان عبر القرون عن التدخل مرات عديدة بالتحسين أو الإساءة لتغيير نصوص أو أساطير أو وعود في هذا الدين أو تلك العقيدة.
رأينا بعيوننا وقلوبنا كيف أعدت حكومة إسرائيل، باسم أمتها الممتدة، استراتيجية هجومية شاملة. عبأت كل إمكانات الأمة في الداخل والخارج. عبأت معظم أساتذة الجامعات في كل الدول العظمى شرقاً وغرباً، اليهود منهم وغير اليهود. وبالفعل استطاعت تقييد فرص نجاح الثورة الطلابية لصالح شعب غزة في مختلف جامعات الغرب بخاصة. نعرف أنه يجري حالياً رغم التوقف المؤقت للقتال في لبنان وغزة فصل أساتذة جامعات قصروا في أداء واجبهم تجاه الهيمنة الصهيونية على الحياة السياسية داخل الجامعات.
لا شك أن إسرائيل، بحسن وكفاءة قيادتها لأمتها اليهودية، عادت فأكدت خلال الشهور القليلة ما كان دائماً في نيتها وترسانتها من خطط وأفكار سياسية وعسكرية واقتصادية. الأمثلة عديدة ونعيش تردداتها العنيفة في يومنا هذا. كانت لا تزال دولة على طريق النشأة تقودها وتضع خططها ميليشيات إرهابية، حسب التوصيف البريطاني لها في ذلك الحين، وبقي الوصف أساساً لاستراتيجية هجومية شاملة تلتزمها أمة اليهود في كل مكان، وخلفت خططاً وسياسات مشهودة:
*أولها: التمسك بمبدأ التوسع باعتباره أقصر الطرق للدفاع.
*ثانيها: الاستمرار في حفظ وتقديس خرائط التراث الديني والأساطير اليهودية كمستودع لا غنى عنه لتأكيد الشرعية لحكام إسرائيل ومختلف تياراتها السياسية. هذه الخرائط ليست فقط لتأكيد الشرعية، ولكن أيضاً لتعبئة جنود بني إسرائيل ولتنشئة أجيال نشأة عسكرية وسياسية وعلى أسس صهيونية.
*ثالثها: التحالف المقام مع القوة الدولية الأقوى في حينها، إمبراطورية كانت أم جماعة بالغة الثراء والنفوذ. لذلك يصعب علينا الفصل «الهزلي أحياناً أو غالباً» بين أمريكا الوسيط لوقف إطلاق النار بين إسرائيل والفلسطينيين، وأمريكا الدولة الأعظم حامية الحقوق الإنسانية ورائدة الديمقراطية وحامية النظام الدولي والراهن والمهيمنة على أكثر تفاصيله، وأمريكا التي تزود جيش إسرائيل بالقنابل ثقيلة الوزن والفتك بالجملة بالفلسطينيين واللبنانيين واليمنيين في الحرب الصهيونية التي تشنها إسرائيل ضمن هذه الاستراتيجية الهجومية الشاملة. فهمنا بطبيعة الحال أن هذه الحرب المتكررة والوحشية تبعث برسالة تذكير وتنبيه للدول العربية وغير العربية في الشرق الأوسط.
*رابعها: إلى جانب الحماية الأمريكية المضمونة دائماً أو على الأقل حتى الآن، قامت إسرائيل الدولة ودول غربية أخرى بتدريب فرق يهودية على أعمال الاستخبارات الخفية مثل التفنن في اغتيال مسؤولين كبار وقادة عسكريين أجانب وعلماء طبيعة بخاصة علماء الذرة في كافة أنحاء الشرق الأوسط. كادت هذه الفرق بفضل استخدام الغرب لها بين الحين والآخر وحمايته لها تحتل مكانة بارزة ومؤثرة في ميزان الاستراتيجية الكلية لإسرائيل.
*خامسها: الاطمئنان لعدم المساس بها من جانب الأمم المتحدة ومؤسساتها اعتماداً على حق الفيتو للدول الغربية في مجلس الأمن بخاصة الولايات المتحدة ونفوذها في مؤسسات التنظيم الدولي بشكل عام. بمعنى آخر تقوم الاستراتيجية الهجومية الإسرائيلية على قاعدة إهمال مبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان ما يضيف إلى قواتها المسلحة قوة على قوة.
في ما يلي أعرض بإيجاز لأهم ما يجب أن نخرج به من ملاحظات واستنتاجات حول حروب إسرائيل الثلاث ضد غزة ولبنان وسوريا وما آلت إليه قرب توقفها..
*أولاً: نعرف أن كل دولة متقدمة وضعت لنفسها استراتيجية دفاع معلنة وملزمة ومتطورة مع حال الحرب والسلم في الإقليم الذي تعيش فيه وفي الحيز الحيوي من أمن البلاد. نلاحظ أن لا دولة واحدة في العالم العربي كبيرة أو صغيرة تبنت استراتيجية دفاعية أو هجومية شاملة أعلنت عنها والتزمت الوفاء بها أمام شعبها أو أمتها.
*ثانياً: لم يعد سراً خفياً أو معلناً أن لدول كبرى ميليشيات لها دور محدد في استراتيجيتها غير المعلنة هجومية كانت أم دفاعية. أغلب هذه الميليشيات كما عهدناها لا تحمل اسم الدولة الراعية.
ثالثاً: أحداث الأيام الأخيرة وصداها في العالم العربي وموقف الغالبية العظمى من شعب إسرائيل وغالبية أعضاء الكنيست وجميع أحزاب إسرائيل خلال الأيام العصيبة الماضية تؤكد أن التطبيع لم يعالج أو حتى يمس بالرضا أو بالاعتدال أساساً واحداً من أسس الصراع مع إسرائيل.
إسرائيل تبقى وستبقى مشكلة العرب الأولى. لا يوجد حتى يومنا هذا دليل واحد يثبت لنا في عالمنا العربي أو في عالم الشرق الأوسط أن إسرائيل استبدلت، أو استعدت لاستبدال استراتيجيتها الهجومية المباشرة باستراتيجية سلام عادل.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية اتفاق غزة غزة وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
"الدبلوماسية الفائقة".. صُنع في الإمارات
يبرز العمل الدبلوماسي كأحد أهم أدوات الدول في تحقيق مصالحها الوطنية، وتطوير العلاقات الإيجابية مع محيطها الإقليمي أو المجتمع الدولي. فاليوم مع تطور العولمة وتوسع تأثيرها على الدول والشعوب، لم يعد كافياً الاعتماد على القوة العسكرية أو الاقتصادية وحدها لتحقيق النفوذ، بل أصبحت الدبلوماسية، أو ما توصف بالقوة الناعمة، التي تجمع بين المهارة السياسية والرؤية الاستراتيجية والقدرة على التأثير الثقافي والسياسي والدبلوماسي، أحد أبرز الطرق في نجاح الدول بتحقيق البناء الحضاري المتناغم مع القوى الدولية الأخرى.
وتتجلى أهمية الذكاء الدبلوماسي في قدرته على حل النزاعات بالطرق السلمية، وبناء جسور الثقة والتعاون بين الشعوب والحكومات، لأن أداء المسؤولين السياسيين في أي دولة ينعكس - بطبيعة الحال - على مؤسسات الدولة وشعبها. فكلما كان العمل الدبلوماسي أكثر تفوقاً وذكاءً حقق المزيد من المكتسبات لمؤسسات الدولة عبر التعاون الخارجي، ولشعب الدولة عبر فتح آفاق الاستثمار والاستقرار الاقتصادي والرخاء المادي والاجتماعي والانفتاح الثقافي. بالإضافة إلى ذلك، يسرع العمل الدبلوماسي الذكي في تكوين الهوية الحضارية للدولة أمام الرأي العام العالمي، وتقديم الدولة نفسها كشريك موثوق وفاعل على الساحة الدولية.
على رأس القائمة.. بالقوة الدبلوماسية الناعمةفي هذا السياق، برزت دولة الإمارات العربية المتحدة في السنوات الأخيرة كقوة دبلوماسية ناعمة تُجسد النموذج المثالي للدبلوماسية الفائقة. ولكي نعلم ما هي الدبلوماسية الفائقة، أو ماذا نقصد بهذا المصطلح، فهي باختصار تعني الاتصال الدولي المنتج، الذي يحقق للدولة المكتسبات، من قبيل التي ذكرناها أعلاه، ويوازن بين جميع القوى الدولية، بالتالي تصبح الدولة على مسافة واحدة من جميع القوى، خاصة التي تشهد حالة من الصراع فيما بينها مثل روسيا وأوكرانيا، بحيث تقف الدولة على الحياد الإيجابي المنتج، الذي يخفف حدة الصراع ولا يدعم طرفاً ضد الآخر. لذلك فإن الدبلوماسية الفائقة هي التي تكون إيجابية وبناءة ومنتجة بالضرورة.
وعلى هذا النهج سارت الدبلوماسية الإماراتية، التي يقودها فريق من السياسيين الأذكياء، الذين جعلوا من دولة الإمارات رقماً صعباً في السياسات الدولية، وفاعلاً رئيسياً في إرساء السلام العالمي، وحل النزاعات أو خفض التصعيد في كثير من بؤر الصراع في الشرق الأوسط والعالم.
حضور الإمارات الدبلوماسي، لم يكن وليد الصدفة، بل ارتكز على سياسات مرنة ومبتكرة، تتخذ من إرساء السلام أو خفض التصعيد منطلقاً لها، ثم تسير في مضمار المبادرات التي تعزز الحوار بين الشعوب والتواصل بين الحكومات العالمية. ومن أمثلة هذه المبادرات استضافة الأحداث العالمية، مثل معرض إكسبو 2020، ودعم التنمية المستدامة عبر مشاريع الطاقة المتجددة مثل شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر" التي تكتسح العالم بالتعاون الطاقي مع الشركات العالمية، ومجموعة "جي 42" المتفوقة بمجال الذكاء الاصطناعي. أضف إلى ذلك، حملات تقديم المساعدات الإنسانية للدول المحتاجة والشعوب المنكوبة، مثل مبادرات "الفارس الشهم" بنسخها الثلاث. حيث تعتبر هذه الخطوات وغيرها ركائز تعزز مكانة دولة الإمارات كدولة تسعى للريادة في مجالات الابتكار والسلام والتعاون الدولي، وتحقيق الاستقرار، وتطوير كينونتها الدبلوماسية الفائقة والمتفردة.
أثر الدبلوماسية الفائقة.. في صراع العمالقة!تمكنت الدولة من تعزيز دورها كوسيط دبلوماسي في المنطقة العربية والعالم، حيث لعبت أدواراً محورية في تهدئة التوترات الإقليمية وتوقيع اتفاقيات سلام تاريخية مثل "اتفاقيات أبراهام" في عام 2020، التي فتحت آفاقاً جديدة للتعاون بين دول الشرق الأوسط، والتواصل بين شعوب المنطقة، ناهيك عن توظيفها كجسر للتفاهم حول النزاعات وخفض التصعيد ودعم الاستقرار.
ومنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا في 2022، عملت دولة الإمارات على تخفيف حدة الصراع بين العملاق الروسي، وأوكرانيا مدعومة من العملاق الغربي، وتغليب لغة التفاهم، ضمن جهود دبلوماسية فائقة تجلت آثارها عبر تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا، لمرات عدة، حيث نجحت دولة الإمارات في إتمام 14 وساطة لتبادل الأسرى، ليصل إجمالي عدد الأسرى الذين تم تبادلهم بين روسيا وأوكرانيا عبر الوساطات الإماراتية إلى 3 آلاف و233 أسيراً. وهذا الأمر عكس دور دولة الإمارات كوسيط دبلوماسي موثوق وفعال في تخفيف التوتر بواحدة من أكثر الصراعات شراسة منذ مطلع العقد الحالي.
كما تركز دولة الإمارات على الثقافة والتعليم، من خلال إنشاء مؤسسات ذات قيمة ثقافية كبيرة مثل متحف اللوفر أبوظبي وجامعة السوربون، وغيرها الكثير. الأمر الذي يساهم في تصدير الصورة الحضارية التي تعكس انفتاح الدولة وتطلعاتها نحو التناغم مع المزاج الحضاري العالمي. بالإضافة إلى تقدير انتماءات ضيوف الدولة المقيمين على أرضها، ومنحهم استحقاقات الممارسة الثقافية والاجتماعية والدينية بمنتهى الحرية والأمان، بما ينسجم مع أدبيات الدولة والمجتمع الإماراتي، ويحافظ على حالة الوئام بين الثقافات الأخرى والهوية الإماراتية الأصيلة والمتجذرة.
علامة فارقة.. في الدبلوماسية الإماراتية الفائقةفي أحدث التحركات الدبلوماسية للدولة، تتصدر زيارة الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم إمارة أبوظبي، رئيس مجلس إدارة مجموعة "جي 42"، إلى البيت الأبيض في مارس (آذار) 2025، حيث أثارت اهتماماً واسعاً وحظيت بردود فعل إيجابية على مستويات عدة، وأبرزت الدور المتزايد لدولة الإمارات كشريك استراتيجي للولايات المتحدة عامة، وفي مجال الذكاء الاصطناعي بشكل خاص.
والملفت أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رحب بالشيخ طحنون بن زايد بحفاوة، وأشار في منشور على منصة "تروث سوشال" إلى أن الزيارة تجسد "العلاقات طويلة الأمد وروابط الصداقة" بين البلدين، كما أكد الالتزام المشترك بتعزيز السلام والأمن في الشرق الأوسط والعالم. ووصف اللقاء بأنه "أمسية تاريخية"، ما يعكس أهمية الزيارة في تعزيز الشراكة الاستراتيجية، وتعزيز السلام، ونجاحها في تحقيق الهدف بكفاءة عالية، وذلك ما تجلى من خلال انطباع الرئيس ترامب حولها. ما يبرز الشيخ طحنون بن زايد كأحد أبرز أقطاب الدبلوماسية الإماراتية الفائقة.
كما وصف خبراء سياسيون أمريكيون الزيارة بالعلامة الفارقة التي تؤكد تقارب وجهات النظر بين أبوظبي وواشنطن، مشيرين إلى الدور المحوري لدولة الإمارات في ترسيخ الأمن والاستقرار بالمنطقة والعالم. مع إبراز استقبال الشيخ طحنون بن زايد في البيت الأبيض على أنه يعكس مكانة دولة الإمارات كفاعل دبلوماسي مؤثر.
بالإضافة إلى ذلك، أثارت الزيارة تفاعلاً كبيراً، على وسائل الإعلام ولدى النشطاء على منصة X ومنصات التواصل الاجتماعي الأخرى، حيث رأى البعض أن استقبال ترامب الحافل للشيخ طحنون بن زايد يفوق استقبال زعماء دول أخرى من حيث الحفاوة، ما يعكس دور دولة الإمارات ومكانتها وتأثيرها في قضايا ووساطات المنطقة. كما وصفوه بـ"صمام أمان الشرق الأوسط" و"قائد ثورة الذكاء الاصطناعي".
التكامل السياسي.. أساس النجاح والتفوق الدبلوماسيتتشكل الهوية الدبلوماسية الفائقة لدولة الإمارات من هرم متراص البنيان يمثل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، قمة هذا الهرم، بينما يمثل الإرث الدبلوماسي الذي تركه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان القاعدة التي يقوم عليها هذا الهرم.
وإلى جانب الشيخ طحنون بن زايد، يلمع نجم الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، الذي يؤدي دوراً بارزاً في تعزيز العلاقات مع الدول الغربية. كما أنه دعم السلام في اليمن عبر تعزيز التنسيق بين دولة الإمارات والأمم المتحدة والشركاء الدوليين لتسهيل الحوار بين الأطراف المتحاربة. وخلال جائحة كوفيد 19، أشرف على مبادرات إنسانية عالمية لدعم الدول المتضررة، حيث قدمت الدولة مساعدات طبية وإمدادات لأكثر من 135 دولة، بما في ذلك اللقاحات والمعدات الطبية، ما عزز صورتها كدولة رائدة في الدبلوماسية الإنسانية وحسن إدارة الأزمات.
كما يبرز اسم الدكتور أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس الدولة، الذي ساهم في صياغة سياسة "دبلوماسية بناء الجسور"، التي ركزت على تصفير الأزمات الإقليمية، وتعزيز الوحدة الخليجية. كما لعب دوراً بارزاً في دعم جهود المصالحة الوطنية في ليبيا، حيث أيدت دولة الإمارات، تحت إشرافه، مؤتمر برلين في 2020، الذي وضع أسس وقف إطلاق النار، وساهم في تهيئة الظروف لتشكيل حكومة وحدة وطنية في البلاد كما ساهم قرقاش في تعميق الشراكة الاستراتيجية مع الصين، خاصة في إطار مبادرة "الحزام والطريق". وعندما كان قرقاش المتحدث الرسمي باسم دولة الإمارات في التحالف العربي، بلور الدور الإماراتي كضرورة لمواجهة التمدد الحوثي وحماية الأمن الإقليمي. كما أدار الحوار مع المنظمات الدولية لتوضيح موقف الإمارات، الأمر الذي ساعد في الحفاظ على صورتها كدولة ملتزمة بالقانون الدولي. بالإضافة إلى دوره في توسيع عمل دولة الإمارات في القارة الإفريقية عبر دعم الاستثمارات والمساعدات التنموية، وتحسين الظروف المعيشية والتعليمية لشعوب دول القارة السمراء.
بالمحصلة نجد أن كل شخصية في الفريق الدبلوماسي الإماراتي لها تأثيرها في موقعها، وجميعهم يتصفون بالذكاء والحنكة الدبلوماسية، لذلك نجد أن النهج الإماراتي المتكامل، الذي يمزج بين الاقتصاد والثقافة والدبلوماسية الفائقة، جعل دولة الإمارات نموذجاً يُحتذى به في كيفية استخدام الدبلوماسية الناعمة لتحقيق المصالح الوطنية. ومن هنا تبرز أهمية العمل الدبلوماسي الذكي كأداة لدى الدول لمواجهة التحديات المعاصرة، وتُظهر الإمارات كيف يمكن للدولة أن تصبح عملاقاً دبلوماسياً ولاعباً دولياً لا يشق له غبار، في القدرة على تغيير المعادلات وإعادة تشكيل المشهد العالمي بطريقة إيجابية ومستدامة على أسس السلام والاستقرار والازدهار.