مرحلة جديدة من محاولة تصفية القضية
تاريخ النشر: 23rd, January 2025 GMT
#مرحلة_جديدة من #محاولة #تصفية_القضية _ #ماهر_أبوطير
في مقالي قبل يومين، الذي كان بعنوان”استبدال جبهة بجبهة في الضفة، أشرت إلى أن إسرائيل بعد كلف حرب غزة، سوف تستثمر الهدنة، وتستبدل غزة بالضفة الغربية.
وخلال اليومين الماضيين، شنت إسرائيل هجوما ضد مدينة جنين ومخيم المدينة، بعد أن خرجت قوات اوسلو الأمنية منه، بعد عمليات تواصلت على مدى 45 يوما، لنزع سلاح المقاتلين، وهذا الهجوم استعملت فيه إسرائيل طائرات الأباتشي، والمروحيات، والمسيرات، فيما أغلب المقاتلين لديهم أسلحة رشاشة وربما متفجرات وألغام، لكن القصة تتجاوز المخيم بكثير، وهو مخيم حاولت سلطة أوسلو تطهيره من المقاومة بذريعة الحفاظ على الفلسطينيين من بطش إسرائيل المتوقع واللاحق، لكنها لم تنجح، وأبرأت ذمتها توطئة لدخول إسرائيل ذاتها.
دخلنا مرحلة جديدة من محاولة تصفية القضية الفلسطينية، وهذه العمليات الإسرائيلية ستؤدي في المحصلة إلى انفجار الضفة الغربية، ومن أبرز التداعيات المحتملة، حدوث انشقاق في أجهزة الأمن الفلسطينية، حيث لا يعقل أن يسكت عشرات آلاف العناصر على قتل أبناء شعبهم، والاحتلال أمامهم، مثلما حدث في قطاع غزة، والاحتلال بعيد عنهم في القطاع، اضافة إلى أن هذه المواجهات ستؤدي إلى مجازر قد تصل إلى استهداف أغلب مدن الضفة، والسعي لنقل الفلسطينيين من مناطق محددة، إلى مناطق ثانية، وتكرار سيناريو ترحيل أهل شمال قطاع غزة إلى جنوبه، من خلال تطبيق تصور جديد لسيناريو الإزاحة السكانية يضمن تفريغا لمدن بأكملها وعلى رأسها الخليل ونابلس، وما ينتظر القدس، والمسجد الأقصى في مرحلة لاحقة، كما أن هذه العمليات ستؤدي إلى تفكيك سلطة أوسلو سياسيا، وإنهاء هياكلها أمام المشهد، في الوقت الذي يظن البعض أن السلطة قادرة على العودة إلى غزة، وحكم القطاع.
التداعيات كثيرة، وعلينا أن نتذكر أن الضفة الغربية، المعرفة إسرائيليا بكونها يهودا والسامرة، أهم لإسرائيل مليون مرة أكثر من قطاع غزة لاعتبارات دينية، وأمنية، وسياق المواجهات العسكرية يأتي في الوقت الذي تريد فيه إسرائيل إعادة فرض سيادتها على الضفة، وتهجير الفلسطينيين نحو الأردن، بشكل ناعم أو قسري، وصولا إلى الدعم الأميركي للمخطط الإسرائيلي في ظل رئاسة أميركية جديدة، تعلن شعارات وقف الحرب، لكنها لا توقفها في الضفة الغربية، لأننا أمام شعار وقف الحرب بشروط الإسرائيليين، وليس بشروط عربية.
وزير الخارجية أيمن الصفدي، يصرح امس في دافوس إن الخطر مجاور للأردن مشيرا إلى كلفة ما يجري في الضفة الغربية، وللمفارقة لم نكد نتنفس الصعداء بخصوص غزة، حتى اشتعلت معركة الضفة، التي ستكون أبرز مستهدفاتها الإسرائيلية إنهاء سلطة أوسلو، ودفن مشروع الدولة الفلسطينية من ناحية جغرافية لعدم توفر أرض للدولة، وتهويد كل الضفة الغربية، ومواصلة تصنيع ظروف اقتصادية طاردة للفلسطينيين الذين عانوا الأمرين في الضفة الغربية خلال حرب غزة، وهذه الظروف ستترافق مع الضغط الأمني والسياسي والعسكري.
معركة الضفة الغربية إذا تواصلت ستؤدي إلى مذابح وهي معركة تعد اختبارا للفلسطينيين، ولقدرة واشنطن على منع تمددها، أو نشوء نتائج سياسية عنها، تصب في إطار صفقة القرن التي كانت واشطن قد تبنتها خلال رئاسة ترامب السابقة، وهي معركة ستقود بالضرورة إلى ملف القدس، والوجود الفلسطيني فيها، وما يرتبط أيضا بالمسجد الأقصى المهدد اليوم بشكل كبير جدا، إذا تواصلت المؤشرات بذات الطريقة ولم تحدث تغيرات مفاجئة على المشهد.
صناعة أزمة سياسية وأمنية وإنسانية في الضفة الغربية، يضر الأردن أولا على صعيد الإقليم، والذي يعنيه الأردن سياسيا وأمنيا، ومحددات الاستقرار وعلاقتها بالأمن الإقليمي، في ظل جبهات مفتوحة مرتبطة بالعراق واليمن، وكلفة معركة الضفة الغربية التي تختلف تماما عن كلفة معركة غزة، لاعتبارات جوار الضفة مع الأردن، والمنطقة العربية.
يخشى مراقبون اليوم أن نكون أمام سيناريو غزة 2 بما تعنيه في الضفة الغربية، والذي يعنيه على كل الملف الفلسطيني، خصوصا، مع رغبة الحكومة الإسرائيلية بالخلاص من محاسبات حرب غزة على المستوى الإسرائيلي، بالهروب نحو جبهة جديدة، وإشعالها بهذا الشكل.
الضفة الغربية في حسابات الأمن الإستراتيجي الأردني، حساسة دائما، لكنها اليوم باتت أكثر حساسية وخطورة مما سبق، وسط حرائق الإقليم وأدخنته التي تتدفق إلينا.
الغد
مقالات ذات صلة تعليق المساعدات الأمريكية 2025/01/22المصدر: سواليف
كلمات دلالية: مرحلة جديدة محاولة تصفية القضية فی الضفة الغربیة
إقرأ أيضاً:
هل تنجح قمة القاهرة في مواجهة مخططات تصفية القضية الفلسطينية؟
القاهرة- تختلف توقعات الخبراء بشأن نتائج القمة العربية الطارئة بالقاهرة المقررة، غدا الثلاثاء، والمخصصة لقطاع غزة، حيث يرى بعضهم أنها قد تتبنى خطة واضحة لرفض مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتهجير سكان غزة، وتأكيد إعمارها وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وفق قرارات الشرعية الدولية.
في المقابل، يشكك آخرون في قدرتها على اتخاذ موقف حاسم، نظرا للخلافات العربية التي برزت في القمة التشاورية بالرياض، مما قد يؤدي إلى بيان نظري دون خطوات عملية لإفشال المخطط.
وتعرض الخطة التي طرحها ترامب، وقوبلت بانتقادات واسعة النطاق، أن تتولى بلاده زمام السيطرة على القطاع المدمر بسبب الحرب، وتعيد تطويره ليصبح "ريفييرا الشرق الأوسط".
موقف قويمن جهته، أعرب وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية السابق، اللواء محمد رشاد، عن ثقته في قدرة هذه القمة على تبني موقف قوي تجاه خطط الرئيس الأميركي، "خاصة في ظل وجود إجماع عربي ضد هذا المخطط الذي يشكل ضررا بالغا بالأمن القومي العربي، ويسهم في إنجاح المخطط الصهيوني لتصفية القضية الفلسطينية".
وبرأيه، فإن الأمر تجاوز المخاطر على القضية الفلسطينية وأهلها الصامدين، وأصبحت التهديدات تمس أغلب الدول العربية بما يفرض عليها تبني خطوات واضحة ترفض خطة التصفية.
إعلانوأكد اللواء رشاد -للجزيرة نت- أن دعم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه والعمل على فك الحصار عن قطاع غزة في ظل تعنت الاحتلال تجاه دخول المساعدات، يتطلب تبني خطوات قوية تجاه إعمار القطاع تتجاوز الفيتو الإسرائيلي تجاه هذا الملف المهم.
وشدد على ضرورة اتخاذ القمة مواقف قوية تجاه كفاح الشعب الفلسطيني لإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، ورفض أي مقترحات "صهيونية" بنزع سلاح المقاومة أو تقليص دورها، باعتبار أن دعم الشعب الفلسطيني يخدم الأمن القومي في الدول العربية، وفي مقدمتها مصر والأردن.
وحسب وكيل المخابرات العامة السابق، ستدرس القمة أيضا موقفا عربيا من خرق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المستمر لاتفاق وقف إطلاق النار مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ومحاولاته استئناف الحرب.
ووفقا له، تمتلك الدول العربية أوراقا قوية، مثل الطاقة والممرات المائية الإستراتيجية، وورقة التطبيع والتعاون الاقتصادي، ويرى أنها قادرة على ردع العدوان ومنع استئنافه، وأن القمة ستتبنى "سقفا عاليا جدا باعتبارها مفصلية وحاسمة تدرس قرارات لا تحتاج إلى أنصاف الحلول".
قمة مختلفةمن ناحيته، قال الأكاديمي المصري أحمد فؤاد أنور، إن هذه القمة الطارئة ستكون مختلفة عن سابقاتها، حيث ستتجاوز الشجب التقليدي وتعتمد خطة عربية قوية تدعم صمود الفلسطينيين، وتحقق حقوقهم المشروعة في بناء دولتهم المستقلة، متجاوزة مخطط ترامب لتهجيرهم.
وأشار إلى أنها حظيت بإعداد جيد، إذ سبقتها قمة تشاورية في الرياض تأجلت لضمان قرارات قوية تحظى بالإجماع، نظرا لخطورة التحديات الراهنة. وأوضح أن التهديدات الإسرائيلية لم تعد مقتصرة على دول الطوق، "بل امتدت إلى السعودية، حيث طالبها نتنياهو بتوطين الفلسطينيين".
وأكد الأكاديمي أنور، أن هناك وعيا عربيا متزايدا بالمخاطر المحدقة بالأمن القومي العربي، ما يستوجب موقفا قويا ضد "الأطماع الصهيونية ورفض مخطط تصفية القضية".
إعلانورجح -في حديثه للجزيرة نت- أن تُصدر القمة قرارات عملية ترفض التهجير، وتدعم إعادة إعمار غزة عبر "مشروع مارشال عربي"، كما ستتبنى تصورا لما بعد الحرب يحافظ على ثوابت القضية الفلسطينية ويعالج قضية سلاح المقاومة. وأكد "قدرة القمة -بسقف مطالبها العالي- على إفشال مخطط ترامب كما انحرفت سياساته السابقة في غزة".
بيان فضفاضفي المقابل، رأى مساعد وزير الخارجية المصري السابق عبد الله الأشعل أن قمة القاهرة لن تتبنى مواقف جادة تجاه مخطط ترامب لتهجير الفلسطينيين، وأن البيان الختامي سيكون فضفاضا وغير قادر على تقديم رؤية عربية واضحة لإفشال المخطط.
وأوضح أن الخلافات بين الدول العربية وضبابية مواقفها من التصفية بدت واضحة في قمة الرياض، حيث لم يصدر بيان يعكس رفض التهجير ودعم الفلسطينيين. وقال إن "بعض الدول العربية تعادي المقاومة وتسعى إلى نزع سلاحها، بينما يرى بعضها الآخر في بقاء الكيان الصهيوني دعما لوجوده".
وحسب الأشعل، ستكتفي القمة برفض نظري لمخطط التهجير دون خطوات عملية تدعم صمود الفلسطينيين أو تسهم في إقامة دولتهم، مؤكدا للجزيرة نت "أن الأنظمة العربية لا تبدو مستعدة لمعارضة ترامب أو ردع نتنياهو، رغم امتلاكها أوراقا قوية قادرة على إفشال المخطط، لكنها تفضل مصالحها الخاصة على مصالح شعوبها".
من جانبه، أكد الأكاديمي المصري والخبير في شؤون الصراع العربي الإسرائيلي، محمد سيف الدولة، أن القمة لن تكون مختلفة عن كل القمم السابقة، حيث ستكرر عبارات شجب وإدانة مخطط ترامب، خاصة أن كل الإدارات الأميركية المتعاقبة كانت الحاضر الغائب في جميعها، و"كانت هي ضابط إيقاعها بشكل يغلق يدها عن تبني مواقف جادة تجاه مخطط التهجير والتصفية".
وتساءل سيف الدولة "كيف نتحدث عن سقف عالٍ للقمة ورفض لمخطط التصفية وهو قائم فعلا في الضفة الغربية، حيث تم تهجير أكثر من 45 ألف فلسطيني من مخيمات اللاجئين دون أن تحرك الدول العربية ساكنا، رغم أن السيطرة على منزلين في حي الشيخ جراح قرب القدس أقامت الدنيا، ولم تقعدها منذ عامين؟".
إعلانوبرأيه، فإن مخطط التهجير في قطاع غزة يجري على قدم وساق مع دق نتنياهو طبول الحرب في غزة مجددا، ومساعيه لتحويلها إلى "جحيم يستحيل معه العيش فيها بشكل يجبر الفلسطينيين على الخروج منها".
وأردف "حين تتخذ قمة القاهرة مواقف جادة حول قطع العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني، ووقف التطبيع، والتوقف عن تقديم تسهيلات وقواعد عسكرية لواشنطن في المنطقة، وامتيازات لوجستية في الممرات المائية العربية، ووقف تقديم البترول والغاز للدول الداعمة للإجرام الصهيوني، عندها نستطيع أن نتحدث عن قدرة القمة والدول العربية على إفشال مخطط ترامب ومساعي نتنياهو لتصفية القضية الفلسطينية".
وخلص إلى أن القمة لن تأتي بجديد ولن تستطيع تحدي مخطط ترامب ولا ردع تطلعات نتنياهو للعودة إلى حرب الإبادة ضد غزة والتهجير في الضفة، "بشكل يدعونا إلى اليقين بأنها ستكون فارغة من أي مضمون وستكرر عبارات الشجب رغم ضخامة التحديات".