ميديا بارت الفرنسي: هكذا أصبح حميدتي الفتى المدلل للغرب
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
قال موقع "ميديا بارت" الفرنسي إن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، الشهير بحميدتي، استطاع أن يفرض نفسه شخصية أساسية في المعادلة السياسية بالسودان حتى قبل الحرب، موضحا أنه نجح في إقناع الغرب بأنه رجل دولة ومخاطَب لا يمكن تجاوزه.
وأضاف الموقع أن لا أحد في عالم الديمقراطيات الغربية يمكنه التباهي علنا بإقامة علاقات جيدة مع حميدتي، لكنه مع ذلك يعتبر مدللا لديهم إلى حد كبير، وما زال مبعوثوه يُستقبلون في الخفاء في السفارات الأوروبية.
وضرب الموقع مثلا على ذلك بالمحامي يوسف عزت المهري (ذي الجنسية الكندية) الذي استقبل في وزارة الخارجية الفرنسية، وزار لندن وهولندا بوصفه مستشارا لحميدتي.
وبحسب ميديا بارت، لا يزال حميدتي مصرا على تقديم نفسه على أنه نصير لحقوق شعب السودان، وحصن ضد إسلاميي نظام الرئيس السابق عمر البشير.
لقاء غريب
وذكّر الموقع باجتماع وصفه بالغريب عُقد في البرلمان الأوروبي تحت عنوان "تعزيز السلام والأمن في السودان"، نظمه أعضاء البرلمان الإيطاليون بعد 3 أشهر من بدء الحرب، والتقوا عبر الفيديو مع "المدافعين السودانيين عن حقوق الإنسان"، غير أن الجميع ركزوا فقط على الانتهاكات التي زعموا أن الجيش النظامي ارتكبها، ولم يتفوه الحاضرون بكلمة واحدة عن الانتهاكات التي ترتكبها قوات الدعم السريع.
ولم تبدأ عملية "العلاقات العامة" هذه -حسب الموقع- بدءا من الصراع بين قوات الدعم السريع والجيش النظامي، بل قبل ذلك بكثير، وهي اليوم تحاول تصوير زعيم حرب كرئيس للدولة.
ولتوضيح ذلك، ذكر ميديا بارت أن المهري قال في مقابلة هاتفية سابقة معه "نحن ملتزمون بحكومة مدنية وببناء جيش وطني يمثل كل السودانيين ولن يسيطر عليه الإسلاميون. لقد فتحنا خطوط اتصال مع المدنيين ومع فولكر".
وفولكر بيرتيس هو مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة دعم الانتقال الديمقراطي، والذي يفترض أنه عمل على تيسير التحول الديمقراطي بعد ثورة 2019.
وقد أعلن قادة الجيش السوداني رفضهم المباشر لاستمرار فولكر في منصبه بعد اتهامه بالانحياز وتجاهل تنفيذ التفويض الممنوح للبعثة وانصرافها للتركيز على القضايا السياسية وإهمال المسائل ذات الصلة بدعم السلام والمساعدة في الانتقال والتحضير للانتخابات.
تحول مثير
غير أن المثير للإعجاب -حسب ميديا بارت- هو التحول المثير الذي شهده مسار حميدتي، الذي يتظاهر الجميع على الساحة الدبلوماسية بتصديقه، بل إن البعض يبدو مقتنعا به.
ووفق الموقع الفرنسي، يبدو أن حميدتي يتقن "فن التحوّل"، و"هو يعرف كيف يحيط نفسه بمستشارين في مجال العلاقات العامة، وقد استطاع أن يقنع المستشارين الغربيين بأنه ضروري لأي تسوية سياسية".
ونقل عن المحللة السياسية السودانية خلود خير قولها إن "حميدتي بارع في فهم ما يريده المجتمع الدولي، وهو يريد أن يظهر كمؤيد للديمقراطية"، ولأن الدول الأوروبية تريد منع المهاجرين من عبور الحدود السودانية إلى ليبيا، فقد كلف حميدتي قواته رسميا -منذ زمن بعيد- بضمان مراقبة الحدود.
ويقول مستشار "أطباء بلا حدود" حول قضايا الهجرة واللاجئين جيروم توبيانا إن "ما منح حميدتي شرعية قوية هو أنه أعلن عن نفسه سيد الهجرة بين 2016 و2019 وطبعا الاتحاد الأوروبي لم ينس له ذلك".
وفي إطار تحسين صورته، اعترف حميدتي منذ صيف عام 2022 بأن "الانقلاب فشل في إحداث التغيير المنشود والآن نتّجه نحو الأسوأ". وفيما يتعلق بعودة الجنود إلى ثكناتهم دون إغلاق الباب أمام مستقبل سياسي، أضاف "ليست لدي أطماع سياسية، لكن الواقع أجبرني على أن أكون موجودا".
رجل الدولة
وأوضح تقرير ميديا بارت أن الرجل مسح ماضيه وأصبح رجل أعمال ثريا للغاية، لكنه لم يكتف بذلك، وبات أكثر طموحا، وقد انقادت السفارات الغربية له بسبب الدبلوماسية وهوسها المزدوج بموضوع الهجرة والإسلاميين.
وقد رأوا فيه الخط السياسي الواقعي، بل إن واشنطن تراه "شخصية أكثر موهبة وقدرة من اللواء (رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح) البرهان"، كما جاء في وثيقة دبلوماسية تمكنت ميديا بارت من الرجوع إليها.
وأشار الموقع إلى أن فرنسا هي الأخرى تتحاور مع حميدتي ومع أعوانه، وقد اطلع ميديا بارت على وثيقة تصف لقاء "وديا" بين دبلوماسيين فرنسيين وعبد الرحيم دقلو شقيق حميدتي والذي تحدث عن الدور الرئيسي الذي لعبته قوات الدعم السريع في مكافحة الهجرة غير النظامية والإرهاب والمخدرات والأسلحة والاتجار بالبشر، وأعرب عن أسفه لأن المجتمع الدولي لم يقدر تلك الجهود ولم يؤيدها.
وقد اكتسب حميدتي -رغم كل الاتهامات- مكانة المحاوَر هو ورجاله لما أنفق من ثروة على اتصالاته، حتى إنه حاول إنشاء وحدة خاصة تتولى الدفاع عن حقوق الإنسان.
واستمر حميدتي في عملية صناعة "الصورة الحسنة"، حتى إن الصحفي رينو جيرار من صحيفة "لوفيغارو" كتب عمودا بعنوان "لا تتخلوا عن السودانيين"، خلص فيه إلى أن "حميدتي أكد للمجتمع الدولي رغبته في محاكمة البرهان "لمحاربة الإسلاموية" وإحلال الديمقراطية وسيادة القانون في السودان".
وقال جيرار "الأميركيون يتحدثون مع حميدتي، إنهم على حق، لأن المهم هو عدم ترك السودانيين لمصيرهم".
وأكد ميديا بارت أن مشروع حميدتي القائم على احترام "الاسم والهدف" تحطم في النهاية على صخرة الصراع الذي ساعد هو نفسه في إشعال فتيله، علما أن العديد ممن يتباكون اليوم على محنة الشعب السوداني -من مؤيدي البشير إلى الدول الغربية إلى القوى الإقليمية- هم من قاموا بدور فعال في جعل هذا الرجل يعتقد أنه يتمتع بمكانة رجل دولة يمكن أن يطمح إلى السلطة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع میدیا بارت
إقرأ أيضاً:
وجه شبه بين حميدتي وأوليائه من المدنيّين
التصريحات المنسوبة لجعفر تقدم، بخصوص روسيا، لفتت نظري لوجه شبه ما كنت منتبه ليه بين حميدتي وأوليائه من المدنيّين:
إنّه الاتنين “ناس ساي”، لقوا حظ من الأهمّيّة أكبر كتير من محتواهم؛
ما بقول ما اجتهدوا، بالعكس، نموذج في الاجتهاد؛
لكن مجهود غير منتج، يفتكر للكفاءة يعني؛
ولك أن تسأل كيف لقوا اللقوه برغم خواهم؟
السر، في الحقيقة، بيكمن تحديداً في الخواء، لمن يتلمّ مع “جنون العظمة”؛
النوع دا من الشخصيّات قادر على كسب شعبيّة وخلق أثر كبير، هدّام بطبيعة الحال؛
تحديداً، بيجذبوا نوعين من الناس:
١- أصحاب النفوذ والمصلحة بيستغلّوا النوع دا لتمرير أجندتهم عبرهم، باعتبار إنّهم صوتهم عالي لكن ما عندهم محتوى، فبيصلحوا كمكبّرات صوت لتمرير المحتوى الانت دايره؛
ودونك ضجيجهم العالي بشعارات “لا للحرب” و”حرب عبثيّة” و”تفاوض” ومش عارف، بدون وجود محتوى موضوعي مترابط لهذه الشعارات؛
وعادي بغيّروا ليهم الشريحة طوّالي بدوّروا في النغمة الجديدة!
٢- الناس الخاوين زيّهم لكن ما لاقين حظوتهم، بشوفوا ديل تجسيد لأحلامهم بالوصول لمقام عالي بالاجتهاد رغم تواضع الإمكانات؛
ديل ناس الحمدوكات الصغار البسبّحوا بالشكر لحمدوك ويرفعوا من مقامه على أمل بلوغ مقام كبير لأنفسهم بدون ما يقدّموا فايدة للناس؛
عقليّة “يا نصيب”؛
“يحبّون أن يحمدوا بما لم يفعلوا”؛
وانا حسّة بكتب مرّ من أمامي عدد من النماذج للناس الخاوين من أيّ محتوى مفيد، العاطلين عن المواهب، البستشعروا أهمّيّتهم من خلال التصفيق لناس خاوين زيّهم نجحوا في الوصول لدائرة الضوء وجذب الاهتمام!
رجوعاً لموضوعنا؛
قحت\تقدم بتضم ناس نجحوا في إكمال تعليمهم في جامعات عالميّة معتبرة والحصول على شهادات “رفيعة”؛
بس “الشهادة” الجامعيّة هي مجرّد “وعد بالإنجاز، وليست إنجازاً في حد ذاتها”، أو كما وصفتها قبل ٢٤ سنة؛
وكذلك بنلقى فيهم ناس نجحوا في تصدّر تنظيمات سياسيّة، قدروا من خلالها يلقوا طريقهم لمقابلة شخصيّات اعتباريّة عالميّة؛
لكن في الحقيقة، هم على تنظيماتهم، ما عندهم محتوى “substantial” زي ما بقولوا؛
يعني ما عندهم حاجة جوهريّة يعرفوا بيها أو منتوج يُذكروا بيه أو إرث يخلّفوه وراهم؛
لا كتب؛
لا نظريّات؛
لا عبارات ملهمة؛
لا مبادئ محفوظة؛
لا تلاميذ لامعين؛
لا شيء!
فلا غرابة إذن في إنّه يتلقّوا تمويلهم من المنظّمات؛
ولا عجب لمن تلقاهم بياخدوا مصروفهم من القوني، بعد شهادة هارڤارد!
زي كلامي دا طبعاً ممكن يؤثّر في أجندة المجموعة الراعية الذكرناها دي، لكن الناس ديل ما بي أهمّيّة إنّه يتعبوا فيهم ويدافعوا عنّهم؛
لكن الكلام الزي كلامي دا بيهدّد سلام المجموعة التانية: القاعدة البستندوا عليها الناس الساي ديل؛
فيمكن يجوا حسّة يهاتروا ويشاتموا ويبتذلوا في التعليقات؛
حبابهم؛
باعتباري ما عندي إنجازات تذكر يعني، فممكن تعتبرني صفر تقيس عليه؛
وتعال عدّد لينا بعض الناس القطعوا خط الصفر دا بين قيادات وكوادر قحت\تقدم، من أصغر جدادة لأكبر حمدوك؛
تعال ورّينا قدّموا شنو مفيد للبشريّة يعني يذكروهم بيه؟!
Abdalla Gafar