موقع النيلين:
2025-01-23@05:18:38 GMT

هل أشعلت الحرب عقول الشباب السوداني؟

تاريخ النشر: 23rd, January 2025 GMT

حدثنا البروفيسور شمس الدين زين العابدين عن الرئيس الهندي الأسبق أبوبكر عبد الكلام أنه خاطبهم في قاعة الشارقة بجامعة الخرطوم قائلا لهم: “لا تكتفوا بتدريس طلابكم، بل أشعلوا عقولهم”.
كتاب له مشهور عنوانه Ignited Minds إشعال العقول، عوّل فيه على إشعال العقول الشابة Igniting young minds حين بدأ التخطيط لفترة رئاسته.

رأى أن يكون قائدًا ولا يفرض فكره على الآخرين.
كتب في مقدمة الكتاب أن صدمة كبيرة أوصلته إلى هذه القناعة، عندما نجا من تحطم مروحية كانت تقله.
يبدو أن الحرب قد أشعلت عقول السودانيين، أو كما نقول بالدارجة: “فَتحَت راسهم”. وربما أصابهم ما يصيب الجسم بعد العلاج بالصدمة الكهربائية. صدمة مؤلمة لكنها فعالة.
ظهرت العشرات من العناوين التي ألفها السودانيون في فترة الحرب، ومئات المنصات الالكترونية العلمية ومنها منصات ذات محتوى رفيع لشباب واعد يقدم مشروعات في الزراعة والصناعة والطاقة وغيرها.
قد يقال إن هذه الكتب والمؤلفات والمنصات ليست سوى مظهر لـ “قلة الشَغَلة” بعد أن أوى اللاجئون إلى الشقق في مصر وتركيا والسعودية ولم يجدوا شيئًا يفعلونه غير صياغة المشروعات وتأليف الكتب.
وقد يقال إن هذه المنصات الالكترونية الرصينة ليس لها أثر، لأن المؤثرين الفعليين هم (اللايفاتية) بأصواتهم العالية ورؤوسهم الخاوية!
هل يصل إلى الناس مثلا ما يقوله البروفيسور سيد أحمد العقيد أو الدكتور عباس أحمد الحاج؟ أذكر هذين الاسمين من علمائنا المرموقين، من باب المثال لا الحصر. الأول أنشأ مجموعة إعادة قراءة ونشر تاريخ السودان القديم المنسي من أجل الوعي بالذات. هكذا سمى المجموعة وقال إنها مجموعة تهدف إلى إيقاظ الحس الوطني. أما عباس فهو يعرِّف نفسه بأنه إعلامي، لكني أراه ممتلئًا بالتاريخ آخذًا بزمامه.
في صباح هذا اليوم الذي أكتب فيه بعث إليَّ الدكتور عباس تسجيلا صوتيًا يرد فيه على من أراد التقليل من الحضارة السودانية. ويعجبك عباس حين يتكلم بعمق عن أمة السودان العظيمة وعن الدولة العادلة في السلطنة الزرقاء وعن الكتلة التاريخية التي نشأت بتحالف عمارة دنقس وعبد الله جماع. ومن الجديد الذي سمعته منه أن نظام فصل السلطات أخذه الأمريكيون من السلطنة الزرقاء فقد زار أحد الآباء المؤسسين لأمريكا سنار وهو توماس جيفرسون، واحد ممن كتبوا الدستور الأمريكي. ويمضي دكتور عباس في القول بأن الحضارة السودانية سبقت بعلم الفلك وأن السودان موطن اللغة العربية، ففيه كان مبعث سيدنا إدريس عليه السلام أول من قرأ وأول من كتب في الرمل وأول من تطبب وأول من خاط الملابس.
أنشأ عباس مع آخرين مركز بحوث التاريخ والحضارة السودانية، ليضم أكثر من 180 عالما في التاريخ والثقافة. وجاء في تعريفه: مجموعة لإعادة قراءة تاريخ السودان بما يكشف جوانب المجد والسمو لهذا البلد العظيم.
إيه حكاية إعادة قراءة التاريخ؟
على طريقة السودانيين ترك البعض جوهر القضية وانغمسوا في حوار جانبي: هل الصحيح أن نقول إعادة قراءة التاريخ أم إعادة كتابة التاريخ؟ وكاد المتحاورون أن يتفرقوا إلى حزبين متشاكسين: حزب إعادة القراءة وحزب إعادة الكتابة!
يقول الكاتب المغربي محمد عابد الجابري: “مهمة المؤرخ إعادة بناء الماضي عقليًا”.
ليتفق المتحاورون إذن أن الكتابة والقراءة كلتيهما دراسة، فلتكن مهمة المجموعتين: إعادة دراسة التاريخ.
والمهم في إطلاق هذه المبادرات العلمية والأدبية أن تساعد في تنمية الوعي بأوضاع بلادنا التي تجتاز منعطفًا أساسيًا في تاريخه. معرفة الماضي تكشف الأسباب والعوامل التي قادت إلى ما نحن فيه الآن، والفهم الصحيح للماضي يساعد على فهم الحاضر واستشراف المستقبل.
يا ليت حركة التأليف والنشر لا تنتهي إلى مجرد إنتاج فكري متراكم، أو إلى بحوث توضع في أرفف المكتبات، وإلا فما أكثر الإنتاج البحثي في جامعاتنا التي لا تصل إلى الناس. المطلوب مشروع فكري يقود الحركة السياسية وتنفعل به حركة المجتمع، ولتكن هذه الصحوة الفكرية هي أساس صحوة وطنية شاملة.
بالله عليكم انبذوا مشعلي الإثارة والتهييج والعنف، وشجعوا مُشعلِي العقول الذين ينيرون طريق المستقبل المنشود.

بقلم: د. عثمان أبوزيد
صحيفة البلد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: إعادة قراءة

إقرأ أيضاً:

حرمة الدماء بين النصوص السماوية وواقع السودان المؤلم: جيش السودان الموجّه ومليشيات الكيزان نموذجًا

د. أحمد التجاني سيد أحمد

المقدمة

بينما تُحرّم الأديان السماوية قتل النفس البشرية وتؤكد قداسة الحياة، يعيش السودان مأساة إنسانية تفوق الوصف. حكومة السودان الانقلابية، التي تفتقد الشرعية، وجيش السودان الموجّه (SAF) بالتعاون مع مليشيات الكيزان، يمارسون أبشع الجرائم ضد الشعب السوداني. من قتل الشباب وربطهم بالحبال ورميهم في الترع والنيل، إلى بقر البطون، قطع الرؤوس، وتهشيم الجماجم، باتت البلاد ساحة لجرائم بشعة تتناقض مع كل القيم الدينية والإنسانية.

في هذا المقال نستعرض النصوص السماوية التي تحرم سفك الدماء، ونكشف عن تفاصيل الجرائم التي تُرتكب في السودان، مع دعوة صريحة لمحاسبة الجناة ووقف هذا العنف غير المبرر.

١. تفاصيل الجرائم الوحشية في السودان

قتل الشباب وربطهم ورميهم في الترع والنيل
- أحد أكثر الجرائم وحشية هي قتل الشباب بعد تقييدهم بالحبال وإلقاؤهم في النيل أو الترع. تم توثيق العديد من الحالات التي تُظهر شبابًا مقيدين تعرضوا للتعذيب قبل أن يُلقوا في المياه وهم أحياء أو بعد قتلهم.
- شهادة إحدى الأسر: “تم اختطاف ابننا من منزله ليلاً، وفي اليوم التالي وجدنا جثته مربوطة بالحبال تطفو على سطح النيل.”

بقر البطون وقطع الرؤوس
- في المناطق المتضررة مثل دارفور وكردفان والنيل الأزرق، ارتُكبت جرائم بقر بطون النساء الحوامل أمام أعين أزواجهن، في محاولة لإرهاب المجتمعات المحلية وتدمير نسيجها الاجتماعي.

قطع الرؤوس: أصبحت أداة لإرسال رسائل إرهابية للسكان، حيث تُعرض الرؤوس في الأماكن العامة لبث الرعب.

تهشيم الجماجم والتصفية الجماعية
- في بعض المجازر، جُمعت مجموعات من الشباب وأُجبروا على الركوع، ثم تم تهشيم جماجمهم بالهراوات.
- شهادة محلية: “في إحدى الليالي، جمعوا شباب الحي بحجة التحقيق معهم، ولم يعودوا أبدًا. وجدنا جثثهم مهشمة في أطراف القرية.”

التعذيب والاعتداء على النساء والأطفال
- تُعد النساء والأطفال أهدافًا رئيسية لهذه الجرائم. يتم اغتصاب النساء كوسيلة للضغط النفسي على الأسر، بينما يُقتل الأطفال بوحشية أو يُستخدمون كدروع بشرية.

٢. النصوص السماوية وحرمة القتل

في الإسلام
١.“مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا.” (سورة المائدة 5:32)
الإسلام يحرم قتل النفس البريئة ويعتبره جريمة ضد الإنسانية جمعاء.
٢.“وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ.” (سورة الأنعام 6:151)
القتل بغير حق هو من أعظم الكبائر التي حرمها الإسلام.
٣.قال النبي ﷺ: “لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يُصب دمًا حرامًا.” (رواه البخاري)
هذا الحديث يؤكد خطورة سفك الدماء البريئة.

في التوراة
- “لا تقتل.” (سفر الخروج 20:13)
- “من قتل نفسًا عن عمد فإنه يُعاقب بالموت.” (التكوين 9:6)

في الإنجيل
- “من سفك دم الإنسان، بالإنسان يُسفك دمه، لأن الله على صورته عمل الإنسان.” (سفر التكوين 9:6)

الأحاديث النبوية
**.“من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة.” (رواه البخاري)
الإسلام يدين قتل غير المسلمين الأبرياء أو إيذاءهم.
**.“إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين.” (رواه النسائي)
تحذير واضح من التطرف الذي يؤدي إلى الجرائم التي تُرتكب باسم الدين.

٣. جيش السودان الموجّه ومليشيات الكيزان: أدوات الدمار

تسييس الدين وتبرير القتل
- تستخدم الحكومة الانقلابية الدين كغطاء لتبرير القتل والتنكيل.
- المليشيات المتطرفة، بدعم من فلول الكيزان، تنفذ جرائمها بأساليب مستوحاة من التنظيمات الإرهابية العالمية، مثل التكفير واستباحة الدماء.

القمع بالترهيب
- الهدف الأساسي لهذه الجرائم هو سحق الروح الوطنية لدى الشعب السوداني، عبر استخدام الرعب والقتل الجماعي وسيلة لإخضاعهم.

التدمير المنهجي للمجتمع
- تم استهداف الشباب والقادة المحليين والنشطاء لإسكات أي صوت يطالب بالعدالة والحرية.

٤. دعوة لمواجهة الجرائم ومحاسبة الجناة

المسؤولية الوطنية
- الشعب السوداني أمامه مسؤولية مواجهة هذا النظام القمعي بكل الوسائل السلمية الممكنة.
- توثيق الجرائم وملاحقة الجناة هو جزء من النضال لإعادة بناء الوطن.

المسؤولية الدولية
- هذه الجرائم ترتقي إلى مستوى جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.
- يجب على الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية التدخل الفوري لمحاكمة المتورطين وضمان العدالة.

دعوة للعمل
١.محاسبة الجناة:
يجب تقديم كل من تورط في هذه الجرائم إلى العدالة، سواء كانوا قادة عسكريين أو مليشيات أو داعمين لهم، عبر المحاكم الوطنية والدولية.
٢.التضامن الشعبي:
يجب على السودانيين التكاتف لمواجهة هذه الجرائم عبر المقاومة السلمية وتنظيم حملات دولية لتسليط الضوء على معاناة الشعب السوداني.
٣.دعم دولي عاجل:
على الأمم المتحدة والهيئات الحقوقية الدولية التدخل الفوري لوقف هذه الجرائم وتقديم الدعم الإنساني للضحايا.

رسالة للعالم

الجرائم التي ترتكبها حكومة السودان الانقلابية ومليشيات الكيزان ليست مجرد أفعال عنف عشوائية، بل هي حملة إبادة ممنهجة تستهدف الشعب السوداني بأسره. هذه الأفعال التي تشمل قتل الشباب وربطهم ورميهم في النيل، بقر البطون، وقطع الرؤوس، ليست سوى دليل على انهيار أخلاقي وإنساني.

السودان ليس مجرد قضية داخلية، بل هو جرح إنساني ينزف أمام أعين العالم. السكوت عن هذه الجرائم يعني التواطؤ في استمرارها. يجب أن يتحمل الجميع مسؤوليتهم، أفرادًا ومؤسسات، لإيقاف هذا النزيف والوقوف إلى جانب الشعب السوداني في معركته من أجل الحرية والعدالة والسلام

إن السكوت عن هذه الجرائم خيانة لدماء الضحايا وللإنسانية جمعاء. السودان يحتاج إلى عدالة شاملة توقف هذا النزيف، وتعيد للشعب حريته وكرامته.

د. أحمد التجاني سيد أحمد
20 يناير 2025 - نيروبي، كينيا


ahmedsidahmed.contacts@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • «الجيش السوداني» يحبط هجوما للدعم السريع بالمسيرات على محطات الكهرباء
  • الآلية الوطنية لحماية المدنيين تناقش إعادة تشكيل الآلية بما يواكب المستجدات التي فرضتها الحرب
  • عرب كركوك: حكومة السوداني والبرلمان خذلونا بتمرير قانون إعادة العقارات الباطل
  • ما هو أثر العقوبات الأمريكية على الحرب السودانية؟
  • عرس قانا الجليل.. المعجزة الأولى التي غيرت مسار التاريخ الروحي
  • حرمة الدماء بين النصوص السماوية وواقع السودان المؤلم: جيش السودان الموجّه ومليشيات الكيزان نموذجًا
  • السيادة السوداني: قرار وزارة الخزانة الأمريكية ضد البرهان كيدي ويستهدف وحدة السودان
  • مساعد قائد الجيش السوداني: المرتزقة من جنوب السودان يشكلون 65% من قوات الدعم السريع
  • القتل على أساس الهوية في السودان