تركيا ودورها المستتر في وقف العدوان على غزة
تاريخ النشر: 23rd, January 2025 GMT
دخلت غزة مرحلة جديدة مع وقف إطلاق النار بعد واحدة من أفظع الحروب في التاريخ. هذا الوقف "الهش" لإطلاق النار، أوقف قصف إسرائيل للمناطق السكنية مؤقتًا، لكنه يبقى وضعًا حساسًا قد ينهار في أي لحظة.
مثلما كانت الحرب شديدة الوطأة، فإن المفاوضات التي سبقت وقف إطلاق النار، كانت طويلة ومتوترة، حتى بدت وكأنها حرب بحد ذاتها.
وفي هذه المفاوضات، شاركت كل من قطر، ومصر، والولايات المتحدة، بينما رفضت إسرائيل بشدة وجود تركيا على طاولة النقاش. ورغم أن تركيا لم تشارك رسميًا، فإنها تدخلت بشكل أو بآخر في كل مراحل المفاوضات.
وفي تصريح لمحمد نزال، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، خلال مقابلة أجراها، قال: " لم تكن تركيا بعيدة عن هذه المفاوضات في أي وقت، وخصوصًا في الأشهر الأخيرة. ورغم اعتراض إسرائيل على دور تركيا الفاعل، فقد أكدنا دائمًا على ضرورة أن تكون تركيا طرفًا في العملية".
الدفاع عن شرعية "حماس"لعل الخطوة الأكثر إستراتيجية التي اتخذتها تركيا خلال هذا المسار، هي نجاحها في تقديم حماس كطرف مشروع وقانوني في الحرب، ومفاوضات وقف إطلاق النار.
فعلى الرغم من أن حركة حماس مدرجة ضمن قوائم التنظيمات الإرهابية في بعض الدول، وكانت الولايات المتحدة وإسرائيل ترفضان التعامل معها يأي صورة تمنحها شرعية سياسية، مفضلتين التفاوض عبر قنوات أخرى، فإن الموقف التركي نجح في تغيير هذه الديناميكية.
إعلانورغم محاولات لاستبعاد قطر أيضًا من هذا الدور، وفرض عواصم أخرى كمركز رئيسي للمفاوضات، فإن قطر أثبتت أنها لا غنى عنها؛ بفضل موقعها الدبلوماسي وبراعتها السياسية، لتصبح لاعبًا رئيسيًا في المحادثات.
تركيا، من جانبها، قبلت أن تكون قطر اللاعب الأساسي في المفاوضات، وامتنعت عن فرض شروط، لكنها استمرت في دعم موقفها علنًا. وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في تصريحات حاسمة، قائلًا: "حماس ليست منظمة إرهابية، بل هي حزب سياسي شرعي يدافع عن أرضه"، وقد كرر هذا الموقف في مختلف المحافل الدولية، كما استقبل قيادات حماس.
بدوره، حرص وزير الخارجية هاكان فيدان على الاجتماع بقادة حماس في مناسبات عديدة، مما عزز من مكانة الحركة كطرف رسمي في مفاوضات وقف إطلاق النار، ليس فقط أمام الدول العربية بل حتى في نظر الولايات المتحدة.
أما رئيس جهاز الاستخبارات التركية، إبراهيم قالن، فقد عقد اجتماعات مع مسؤولين في الولايات المتحدة، وإسرائيل، ومصر، مؤكدًا أن استبعاد حماس من المفاوضات سيجعل الحل مستحيلًا. وقد لعب دورًا كبيرًا في تقديم الدعم الإستراتيجي ورسم الخطط خلال هذه الفترة.
تدخل حاسم من أجل وقف إطلاق النارإستراتيجية تركيا في دعم شرعية حماس أثرت أيضًا في التوازنات الداخلية للحركة، لتتيح للدبلوماسية فرصة أكبر للتأثير.
وفي تصريحات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قبيل انتهاء فترة عمله، أشار إلى الدور التركي قائلًا: "تحدثنا مع الرئيس أردوغان لاستخدام ثقله وتأثيره لإعادة حماس إلى طاولة المفاوضات، وقد نجح في تحقيق ذلك".
واصلت تركيا أداء هذا الدور التيسيري من خلال مشاركتها في المفاوضات، وجهود الإغاثة، ودعم التوازنات الإقليمية، مع استخدام لغة تواصل حذرة للغاية؛ لضمان استمرار دور قطر ومصر المحوري.
وعندما سُئل وزير الخارجية هاكان فيدان عن دور تركيا في إعلان وقف إطلاق النار، أجاب باختصار قائلًا: "لا أرغب في سرقة الأضواء من وزراء الدول الأخرى الذين أسهموا في تحقيق هذا الاتفاق".
إعلان الدعم التركي الإعلامي لفلسطينأثناء تسهيلها لمحادثات وقف إطلاق النار بشكل غير مرئي، بذلت تركيا جهودًا استثنائية في كشف جرائم الحرب الإسرائيلية أمام العالم.
خصصت وسائل الإعلام التركية، بجميع قنواتها تقريبًا، تغطية مكثفة لإظهار وحشية إسرائيل من خلال تقارير وبرامج خاصة. كما أعدت القنوات والصحف التي تبثّ بالعربية والإنجليزية أفلامًا وثائقية وملفات إخبارية حول معاناة غزة.
من جهتها، وثقت وكالة الأناضول الصور ومقاطع الفيديو التي تثبت وقوع مجازر بحق الفلسطينيين، وأصدرتها على شكل كتب وأفلام تم تقديمها كأدلة إضافية للمحكمة الجنائية الدولية.
وبالتزامن، عمل مركز مكافحة التضليل التابع لرئاسة الاتصالات التركية على تفنيد الأكاذيب الإسرائيلية ونشر الحقائق بلغات متعددة.
أما الرئيس أردوغان، فقد واصل انتقاداته لإسرائيل في جميع برامجه المحلية والدولية، محاولًا حشد الرأي العام العالمي ضدها.
وَفقًا للبيانات الإسرائيلية، تحتل تركيا المرتبة الأولى بين الدول التي تقدم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة. ولا تقتصر المساعدات التركية على الغذاء فقط، بل تشمل أيضًا مجالات: الصحة، الطاقة، والبنية التحتية، وهي جاهزة للتدخل فور تسهيل إسرائيل إدخال المساعدات إلى القطاع.
ولضمان استمرار وقف إطلاق النار، تواصل تركيا اتصالاتها مع الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة دونالد ترامب. إذ يبدو أن الرئيس الأميركي مهتم بلعب دور لإنهاء الحرب ومنع انتشارها، مما يجعل تركيا في موقع محوري.
وتعلن تركيا، كما هو الحال في القضية السورية، استعدادها لأداء دور فعال في حل القضية الفلسطينية، وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
تحالف إقليمي ضد التوسع الإسرائيليمنذ بداية الحرب في غزة، أكدت تركيا مرارًا أن إسرائيل لن تتوقف عند احتلال القطاع، وهو ما ثبت لاحقًا من خلال التوسع الإسرائيلي في الضفة الغربية، وسوريا، ولبنان.
إعلانتسعى تركيا جاهدةً لتوضيح أن استمرار التوسع الإسرائيلي يهدد بقية دول المنطقة أيضًا. وتعتقد أن التصدي لهذا الخطر يتطلب تحالفات إقليمية وتعاونًا مشتركًا.
وقد أظهرت التجربة في سوريا مدى نجاح التعاون الإقليمي، حيث نجحت تركيا في إحباط خطة إسرائيل والولايات المتحدة لإنشاء كيان انفصالي شمال سوريا بقيادة مليشيات "قسد/ PKK"، وهو ما أدى إلى حماية وحدة الأراضي السورية، ووقف المخططات الإسرائيلية.
ومع استمرار مساعي إسرائيل لتقسيم غزة، والتوسع في الضفة الغربية، وتهديد الدول المجاورة مثل: الأردن، ومصر، ولبنان، وسوريا، تزداد أهمية الجهود الدبلوماسية التركية لمنع تنفيذ هذه المخططات.
ومع إدارة ترامب التي تضم شخصيات معروفة بميولها المتطرفة لدعم إسرائيل، تدرك تركيا أن التحركات الدبلوماسية أصبحت مسألة حيوية للحفاظ على استقرار المنطقة.
ولا شك أن وقف إطلاق النار الحالي سيؤدي إلى تغيرات كبيرة في التوازنات الإقليمية.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات وقف إطلاق النار ترکیا فی
إقرأ أيضاً:
إسرائيل توسع عملياتها البرية.. مقترح مصري لوقف إطلاق النار خلال عيد الفطر
شنت طائرات الجيش الإسرائيلي، سلسلة غارات استهدفت مواقع مدنية وسكنية في عدة بقطاع غزة، تزامنا مع عمليات هدم واسعة النطاق طالت المباني.
ففي رفح، استهدفت الطائرات الحربية الإسرائيلية المناطق الشرقية للمدينة جنوبي القطاع، وتم الإبلاغ عن تقدم دبابتين إسرائيليتين إلى وسط مدينة رفح، وسط قصف مدفعي عنيف وقذائف استهدفت محيط مسجد “عباد الرحمن” وشارع الفالوجا في حي الجنينة شرق المدينة، مما أسفر عن إصابات وأضرار مادية كبيرة.
وفي خان يونس، أفادت وسائل ‘علام فلسطينية “بمقتل مواطنان وإصابة آخرين جراء استهداف الطائرات الإسرائيلية خيمة تؤوي نازحين جنوب المدينة، وتم نقل الضحايا إلى مجمع ناصر الطبي”.
أما في بيت لاهيا والنفق، نفذ الجيش الإسرائيلي عمليات هدم واسعة النطاق في قرية أم النصر شرقي بيت لاهيا شمال قطاع غزة، حيث قامت القوات الإسرائيلية بنسف عدد من المباني السكنية.
واستهدفت القوات الإسرائيلية محيط منطقة “نتساريم” غربي بلدة المغراقة وسط القطاع، حيث شُن قصف مدفعي مكثف على المنطقة.
وتسبب استئناف القصف الإسرائيلي وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية، “بارتفاع حصيلة الضحايا إلى 50.277 قتيلا، و114.095 مصابا منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر “2023.
وأشار البيان إلى أن “️حصيلة الشهداء والاصابات منذ 18 مارس 2025 بلغت 921 شهيدا، و2.054 إصابة”.
بدوره، أعلن الجيش الإسرائيلي، يوم السبت، عن “أن قواته وسعت نطاق عملياتها البرية لتشمل حيا آخر في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
وقال الجيش الإسرائيلي في منشور على موقع “إكس” للتواصل الاجتماعي مساء السبت إن قواته تقوم بتدمير “البنية التحتية لحماس” بهدف إنشاء منطقة أمنية أوسع نطاقا”، ووفقا للمنشور، “واصلت إسرائيل أيضا غاراتها الجوية على أهداف تابعة لحماس والجهاد الإسلامي في جميع أنحاء غزة وتم القضاء على عشرات العناصر خلال الهجمات”.
واستأنفت إسرائيل في وقت سابق عملياتها العسكرية ضد قطاع غزة، منهية بذلك هدنة هشة استمرت لنحو شهرين، كانت قد بدأت في يناير الماضي بوساطة مصرية-قطرية-أمريكية، ونفذت سلسلة غارات جوية مكثفة وأحزمة نارية على عدة مناطق في القطاع.
القناة “12” الإسرائيلية: اقتراح مصري جديد لوقف إطلاق النار في غزة
ذكرت القناة “12” الإسرائيلية أن “مصر قدمت مقترحا جديدا لوقف إطلاق النار لمدة 50 يوما في قطاع غزة.”
ونقلت القناة عن مصادر مطلعة على المفاوضات الجارية قولها “إن الاقتراح يشمل إطلاق سراح خمسة رهائن إسرائيليين محتجزين لدى الفصائل الفلسطينية، مقابل الإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.”
كما يتضمن المقترح المصري “تفعيل آلية عاجلة لإدخال كميات كافية من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بما في ذلك الغذاء والمعدات الطبية والاحتياجات الأساسية الأخرى، لتخفيف الأزمة الإنسانية المتفاقمة هناك”.
وذكرت القناة “12”، مساء الخميس، “أن قطر والولايات المتحدة تعملان على مقترح ينص على أن تفرج “حماس” عن الجندي الإسرائيلي الذي يحمل الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر، مقابل أن تصدر دعوة علنية وواضحة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب للبدء في مفاوضات مباشرة لوقف النار”.
بدورها، أكدت مصادر قيادية في “حماس”، الموافقة على عرض الوسطاء لوقف النار. وقال رئيس حركة “حماس” في غزة، خليل الحية، في كلمة له بمناسبة عيد الفطر، “إن “حماس” حريصة على شعبها، وتعاملت بمسؤولية مع جميع العروض بهدف تحقيق أهدافها بوقف الحرب، ونأمل ألا يعطل الاحتلال الإسرائيلي هذا المقترح أو يجهض جهود الوسطاء”.
وأضاف رئيس حركة حماس في غزة “سلاح المقاومة خط أحمر، وأن الحركة “تعمل على تحقيق وحدة الصف الفلسطيني واستثمار نتائج المواجهة الأخيرة، وذلك من خلال وقف العدوان الإسرائيلي وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية والعمل المشترك لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، مع ضمان حق اللاجئين في العودة”.
وأشار إلى أن “حماس أجرت تحركات سياسية لتحقيق هذه الأهداف، حيث زارت وفود منها روسيا والصين مرتين، كما أبرمت اتفاقا مع القوى والفصائل الفلسطينية لتشكيل حكومة توافق وطني من شخصيات مستقلة وخبراء”.
وأشار إلى أن “المشاورات حول تشكيل اللجنة وصلت إلى مراحل متقدمة، حيث قدمت الحركة والفصائل الفلسطينية مجموعة من الأسماء لشخصيات مستقلة ومهنية للأشقاء في مصر”، معربا عن أمله في أن يتم الإسراع في تشكيلها بعد حصولها على دعم عربي وإسلامي.
واتهم الحية “الاحتلال الإسرائيلي بالمماطلة والتهرب من تنفيذ الاتفاق”، وقال: “الاحتلال يواصل التسويف لإنقاذ حكومة نتنياهو”، مؤكدا أن الأخير راوغ طوال العام الماضي وأجهض جميع محاولات الوسطاء للتوصل إلى اتفاق.
أهالي الأسرى الإسرائيليين: أبناؤنا يتعرضون الآن للقصف في جحيم غزة بأوامر من نتنياهو ولأغراض سياسية
صعدت هيئة أهالي الأسرى الإسرائيليين ضد حكومة بنيامين نتنياهو، مشددة على “ضرورة الإفراج عن جميع الإسرى دفعة واحدة، وعدم الاكتفاء بتحرير بعضهم فقط”.
ونقلت صحيفة “يديعوت أحرنوت”، بيانا صادرا عن هيئة أهالي الأسرى يتساءل: “لماذا يتم الإفراج عن البعض فقط بينما من الممكن إعادتهم جميعا؟ لكن لا يمكننا تجاهل أن المخطط المقترح غير كاف ولا يشكل حلا شاملا لعودة جميع المختطفين”.
ووفق الصحيفة، أشارت الهيئة إلى أن “استمرار مماطلة إسرائيل قد يؤدي إلى تحديد مصير عشرات المختطفين، سواء بأحكام الإعدام أو الاختفاء”، داعية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر ، وأعضاء الحكومة إلى “التوصل إلى اتفاق نهائي يتضمن إطلاق سراح جميع الأسرى الـ 59 دفعة واحدة ودون تأخير”.
وتابعت الصحيفة، “تجمع أهالي الأسرى في تل أبيب أمام بوابة بيجين في قاعدة كيريا، مطالبين الحكومة بالتحرك فورا لضمان الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين”.
في ظل هذه التطورات، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن “نتنياهو أجرى سلسلة مشاورات عقب تلقيه اقتراحا من الوسطاء، وقدمت إسرائيل مقترحها المضاد بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة”.