صحيفة التغيير السودانية:
2025-01-23@01:27:07 GMT

أعباء الإستنارة

تاريخ النشر: 23rd, January 2025 GMT

أعباء الإستنارة

 

أعباء الإستنارة

خالد فضل

الوعي مرحلة ترقي وسمو بالإنسان , إقتراب أكثر نحو سداد الإنسانية وتمامها , وإبتعاد مقابل عن محطات وعورتها وتوحشها وانحطاطها . هو مرحلة لا يبلغها الفرد إعتباطا , إنّما كدحا وكفاحا , أهمّ ما يميّز هذا السعي هو التواضع , في كل عتبة يعتليها الشخص يتكشف أمامه حجم ما يجهل , فيزداد ولعا وشغفا بالسعي نحو التمام , وبالفعل ينقضي العمر كلّه ولن يبلغ سدرة المتهى في هذه السكة الرفيعة الصعبة .

ليس كل من نال حظّا في التعليم المدرسي ولو بلغ به الشأو مرحلة العالِم الخبير بالضرورة قد رافق تقدّمه العلمي هذا تقدّم في الوعي . كم ممن حاز درجات الدكتوراة وما فوقها والأستاذية في مضمار علمي معقّد , لكن لم يتجاوز وعيه بالآخر مرحلة الضد والعداوة والإحتقار ,ورغم إمتلاكه ناصية البحث ومناهجه الدقيقة وانطوى عقله على قدرات هائلة في التحليل والإستنباط , بيد أنّ كل قدراته تلك تكون محصورة فيما برع فيه من مجال , لم تتحول عنده القدرات إلى سمات في شخصيته , ليستخدم معارفه في مجال العلوم التي حذق ؛ في جميع مجالات الحياة , فتراه يتبع مثلا تحليلات وخزعبلات شخصية وهمية عبر الوسائط فيشكّل رأيه تبعا لما يسمع دون استخدام لعقله الذكي في التحليل

الإستنارة عبء ثقيل على من أوتي قبسا منها , ذلك أنّها تجعل المرء يكافح في جبهتين متوازيتين , أولاهما الثبات على استنارته والعمل على استمرارها وتطويرها مما يكلّفه عنتا , والجبهة الثانية , تحمّل رزء الجهالة الكثيفة المضادة للوعي . لننظر في تجربة الأستاذ ياسر عرمان نموذجا . لقد سعى في لجة كدحه إلى استبصار أفق مغاير لما قرّ في أوساطه الإجتماعية من دواعي النفور والعداوة _عن جهل_ والتحقيروالإزدراء بالجنوبيين , وبالتالي الصد عن التأمل في أطروحة بناء السودان الجديد كقاعدة فكرية سياسية للحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الراحل د. جون قرنق . لقد تمّ وصم ياسر بأنّه آبق خارج عن القبيلة مغرّد خارج سرب (غربانها) في الحقيقة , وتمّ دمغه بما فيه وما ليس فيه من نقائص , وكفّت العيون_ عن قذى أو هوى _عن رؤية فضائله . وظلّ موسوما بصفات القدح لدى خصومه السياسيين , بإعتباره وحده خميرة عكننة , لدرجة تستحق الإعجاب إنْ كان ما يسند إليه من أدوار صحيحا . فهو من قاد الجنوبيين للإنفصال , و من ألّب الحلو وعقار على التمرد ثانية , وهو شيخ المتمردين الدارفوريين , و من أخذ بتلاليب البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية , وهو من استألف حميدتي إلى حقل المدنية , و من أشعل حرب 15أبريل , وهو الداعية لتفكيك الجيش حتى صار مليشيات , و من يمنع حميدتي من السلام وهو عرّاب الإطاري ومحرّض فولكر والغرب , إلى ذلك فهو الشيوعي قاتل الأقرع وبلل . لقد تمّ جمع كل نقائص ونقائض السياسة السودانية حزمة واحدة وجعل عرمان هو صرّتها ومؤجج لهيبها !! لا أدوار لجميع الآخرين فيما صار , وبدون تفكير ولو سطحي تنطلق الحكاوي وكأنها المسلمات . تُرى لو أنّ ياسرا لم يك قد ولد لعمنا سعيد وعمتنا فاطمة , هل كان السودان سيكون غير , ولا توجد به مشكلة ؟

في الواقع يكتب عرمان رأيه وتحليله وخواطره في الشأن العام محليا وإفريقيا بشكل خاص, وبعض أشعار , يحكي مآثر رفاق , وأفذاذ , ويطرح ما يمكن الإتفاق أو الإختلاف معه من آراء , وما يبتدعه من تنظيم سياسي وتحالفات , مع مناصب قليلة في السلك العمومي كنيابته في المجلس الوطني الإنتقالي أيام نيفاشا أو المستشار في حكومة حمدوك بعد إتفاق جوبا . غير هذا لم يتول منصبا ولم يترأس منظومة سوى الحركة الشعبيةالتيار الثوري الديمقراطي حاليا بعد مفارقته لمالك عقار على وقع إنقلاب أكتوبر2021م . ومع ذلك لا فرصة لإلتقاط الأنفاس , فهو الموسوم بكل الشرور . هذا نموذج لمعاناة من يسعى للوعي والإستنارة ,فرغم أنّ د. جون قرنق أصبح بطلا قوميا لدى كثير ممن كانوا يتصورونه (صاحب أنياب) حادة يصورها التلفزيون وتتصدّرأغلفة كتاب , إلا أنّه لا فضل لياسر تلميذه النجيب في هذا التغيير المهم , لأنّ النظر والتحليل للمواقف لا يقوم على ساقي الموضوعية والنزاهة , يكفي أن يطلق أحدهم الدعاية فتتلقفها آلاف العقول الخاملة . وشأن ياسر هو شأن رهط عظيم من السودانيين/ات ممن ساروا واسهموا في سكة الوعي , ولعل الشيوعيين يمثلون حالة عجيبة لتناقض الجهل , فهم صنو للنزاهة والشجاعة والجسارة وعفة اليد (لكنهم كفار) لأنّ ماركس قال (الدين أفيون الشعوب) الطريف أنّها الحالة الوحيدة التي يتم الإعتراف بالمسيحية كديانة يجب ألا توصف بأنها أفيون , فقد كان ماركس يعني بمقولته تلك عهود هيمنة الكنيسة على عقول البشر واستغلالهم باسم الدين ؛ لكن من يتأمل ومن يفكّر ! ومنهم الأستاذ الشهيد محمود محمدطه المفكر المستنير الذي بسط وعيه في ساحة يسودها الغوغاء , فكان حظّه الشنق بتهمة ملفّقة وباطلة اسموها الردة عن الإسلام , ولو تدبّر من شايع إغتيال الاستاذ لعلم أنّ محمود أزكى إسلاما ممن يدعونه رياء , لكنها غلالات تعمي الابصار .

إنّ الديمقراطيين في بلادنا يدفعون ثمن وعيهم واستنارتهم , يكابدون للثبات على قيمهم النبيلة في وجه تيار من الظلمات يرى في هذه القيم ما يحرج ضحالتهم ,ويزلزل ما سكن من عقولهم والله غالب .

 

الوسومأعباء الإستنارة الإطاري خالد فضل

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أعباء الإطاري خالد فضل

إقرأ أيضاً:

ريال مدريد يتقدم على سالزبورج بثنائية في الشوط الأول

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تقدم فريق ريال مدريد الإسباني على ضيفه سالزبورج النمساوي بثنائية دون رد، خلال الشوط الأول من المباراة التي تقام بينهما حاليًا على ملعب سانتياجو برنابيو، ضمن منافسات الجولة السابعة من مرحلة الدوري في بطولة دوري أبطال أوروبا.

تفوق ريال مدريد على سالزبورج في الشوط الأول، واستحوذ على الكرة في أغلب دقائق النصف الأول من اللقاء.

مباراة ريال مدريد ضد سالزبورج 

سجل البرازيلي رودريجو جوس هدفي ريال مدريد في شباك سالزبورج في الدقيقتين 23 و34 من صناعة الإنجليزي جود بيلينجهام.

بذلك، وصل بيلينجهام إلى المساهمة التهديفية رقم 118 في مسيرته حتى الآن، وذلك بعمر الـ21 عامًا فقط.

يحتل ريال مدريد المركز الـ22 في جدول ترتيب مرحلة الدوري ببطولة دوري أبطال أوروبا برصيد 9 نقاط، بينما يأتي سالزبورج في المركز الـ34 وفي رصيده 3 نقاط.

مقالات مشابهة

  • ريال مدريد يتقدم على سالزبورج بثنائية في الشوط الأول
  • بمناسبة عيد الشرطة.. محافظ قنا يتفقد مبادرة «كلنا واحد» لتخفيف أعباء المواطنين
  • 88 مليون يورو في انتظار برشلونة
  • أعباء جديدة على المزارعين.. رسوم الجمعية الزراعية تثير غضب أهالي دماط (خاص)
  • وزير الخارجية المصري: نتحمل أعباء اقتصادية ضخمة لاستضافتنا ملايين الأجانب بسبب النزاعات
  • وزير الطيران المدني: مصر للطيران تحملت أعباء كبيرة ونعمل على تحسين الخدمات
  • غرامات أم احتجاجات.. البرلمان في مرحلة جديدة من الصراع الداخلي
  • الدوري الأوروبي يدخل مرحلة الحصاد
  • الدوري الأوروبي تصل إلى مرحلة الحصاد مع اقتراب نهاية مرحلة الدوري