تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

فى أعقاب خمسة عشر شهراً من القصف الجوى المدمر، تكافح غزة مع المهمة المؤلمة المتمثلة فى انتشال الجثث وتقييم حجم الدمار. ويعتقد أن أكثر من عشرة آلاف جثة مدفونة تحت الأنقاض، وهى حصيلة مروعة لمجتمع يعانى بالفعل من خسائر فادحة. ومع سريان وقف إطلاق النار، عاد السكان إلى منازلهم ومدنهم، ليواجهوا مشهداً من الأنقاض والمهمة المروعة المتمثلة فى البحث عن أحبائهم بين الأنقاض.

إن حجم الدمار الهائل، بالإضافة إلى التحدى المتمثل فى تحديد هوية القتلى، يرسم صورة مؤلمة للتكلفة البشرية المستمرة للصراع.
البحث عن أحبائهم 
إن انتشال الجثث فى غزة عملية بطيئة ومؤلمة. فوسط الأنقاض، يتم الكشف عن بقايا الأسر التى مزقتها أعمال العنف بشق الأنفس. فى رفح، جنوب غزة، تم العثور على رفات ناصر أبو عميرة وزوجته أسمهان العروقى وابنهما البالغ من العمر ١٤ عامًا إسماعيل بعد أن فُقدوا منذ غارة جوية إسرائيلية فى مايو ٢٠٢٤. وقد لجأت الأسرة إلى منزل تعرض للقصف لاحقًا، مما تركهم مدفونين تحت الأنقاض. كانت رفاتهم، التى تم التعرف عليها فى النهاية من ملابسهم، بمثابة تذكير مرعب بالتكلفة البشرية للحرب. تميز الاكتشاف المؤثر بلحظة هادئة ولكنها قوية من التعرف. بينما كانت شقيقة أسمهان، أم إسماعيل العروقي، تصلى على الجثث، روت اللحظات الأخيرة من عناق الأسرة.
حجم الضحايا والدمار
تفيد وزارة الصحة فى غزة أن أكثر من ٤٧٠٠٠ فلسطينى فقدوا أرواحهم منذ هجمات ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، مع وجود ما يقدر بنحو ١٠٠٠٠ جثة لا تزال تنتظر الانتشال. ومن بين هؤلاء، تمزق حوالى ٢٨٤٠ جثة بشدة بسبب القصف لدرجة أنه أصبح من المستحيل التعرف عليها فعليًا. وكشف هيثم الهمص مدير خدمات الطوارئ والإسعاف فى غزة أن الخدمة تلقت سيلاً من المكالمات من السكان، وخاصة فى رفح، يطلبون المساعدة فى تحديد مكان أفراد الأسرة. وقال الهمص: "تلقينا أكثر من ١٥٠ مكالمة من المواطنين يطلبون منا استعادة أسرهم التى تحللت جثثها"، مؤكداً على أهمية عملهم الذى بدأ فور انسحاب الجيش الإسرائيلى فى أعقاب وقف إطلاق النار.
كان تدمير البنية التحتية فى غزة مدمراً، حيث ترك مساحات شاسعة من الأراضى فى حالة خراب. ووفقاً للأمم المتحدة، فإن أكثر من ٦٠٪ من المبانى فى غزة تضررت أو دمرت. وقد نزحت العديد من العائلات، مثل عائلة العروقي، عدة مرات طوال الصراع، بحثاً عن ملجأ فى مناطق مختلفة فقط لتتعرض لمزيد من الغارات الجوية. وقد تفاقمت الخسائر على العائلات بسبب الثقل العاطفى الناتج عن البحث بين الأنقاض لاستعادة المتعلقات الشخصية، إلى جانب المهمة المؤلمة المتمثلة فى انتشال الجثث. وعلق إبراهيم العروقي، الذى كان يساعد فى البحث عن أفراد عائلته، على صعوبة التعرف على الرفات، قائلاً: "لا توجد سمات واضحة" بينما اكتشف الباحثون عظامًا بين الأنقاض.
مجتمع فى حداد
ستكون رحلة التعافى فى غزة طويلة ومحفوفة بالتحديات. فبعيداً عن إعادة بناء المنازل والبنية الأساسية، فإن العبء العاطفى على الناجين سيكون عميقاً. إن البحث عن المفقودين وتحديد هوية الجثث ليس سوى بداية لعملية طويلة ستمتد إلى ما هو أبعد من وقف إطلاق النار الفوري. بالنسبة للعديد من الناس، فإن العودة إلى ديارهم ليست مجرد رحلة عبر الأنقاض ولكنها تذكير مؤلم بالأحباء الذين فقدوهم. ولن يتم قياس إرث الصراع بعدد القتلى فحسب، بل بالندوب الدائمة التى خلفها الناجون والمجتمع ومستقبل غزة نفسها.
فى حين تحاول غزة التعافى من الخسائر العميقة التى تكبدتها خلال الحرب، يتعين على المجتمع العالمى أن يحول انتباهه إلى إعادة إعمار غزة على المدى الطويل.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: غزة وقف اطلاق النار البحث عن أکثر من فى غزة

إقرأ أيضاً:

انتشال جثامين 137 شهيداً من تحت الأنقاض في غزة

قامت طواقم الدفاع المدني في فلسطين بانتشال جثامين الشهداء من تحت أنقاض العقارات المُنهارة في رفح بقطاع غزة، وذلك بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار. 

اقرأ أيضاً.. عدوى النيران تنتقل إلى نيويورك.. إصابة 7 أشخاص في حريق هائل

وأشارت مصادر محلية فلسطينية إلى أن عدد الشهداء المُنتشلين من تحت الأنقاض وصل إلى 137 شهيداً، وبالطبع فإن الأعداد مُرشحة للزيادة مع استمرار جهود رفع مُخلفات العدوان. 

وكانت غزة قد استعادت حالة الهدوء التي يحلم بها أبناؤها في صبيحة يوم الأحد الماضي، وذلك بعد دخول اتفاق انهاء الحرب ووقف إطلاق النار حيز التنفيذ. 

ومع توقف دانات المدافع ورشقات الصواريخ عاد النازحون إلى ديارهم (وما تبقى منها)، وكثف رجال البحث جهودهم للوصول إلى جثامين الشهداء تحت الأنقاض.

وكانت مصر ومعها شركائها الدوليين قد نجحت في الوصول إلى إتفاقٍ يُنهي حالة الحرب بين الاحتلال وحركة حماس، وارتقى خلال شهور الحرب ما يُقارب 50 ألف شهيداً. 

وتأمل الجهات المعنية أن تتواصل حالة السلام داخل القطاع وألا تتجدد حالة الحرب التي لم تبقي ولم تذر. 

تعرض قطاع غزة على مر السنين لعدوان متكرر خلّف أضرارًا جسيمة في البنية التحتية والمنازل والمؤسسات العامة والخاصة، مما أدى إلى معاناة إنسانية كبيرة للسكان المحليين. في أعقاب هذه الأزمات، انطلقت جهود واسعة النطاق لإعادة إعمار غزة، بمشاركة حكومية ودولية ومجتمعية.

تشمل جهود الإعمار إعادة بناء المنازل المدمرة وتوفير المأوى للعائلات المشردة، بالإضافة إلى ترميم شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي. كما تضمنت المشاريع إعادة بناء المدارس والمستشفيات لتحسين الخدمات التعليمية والصحية في القطاع. علاوة على ذلك، تم التركيز على إعادة تأهيل البنية التحتية الاقتصادية، مثل الأسواق والمصانع، لدعم السكان وتمكينهم من استعادة حياتهم الطبيعية.

تساهم العديد من الجهات الدولية والإقليمية في تمويل جهود الإعمار، مثل الأمم المتحدة، ووكالة "الأونروا"، ودول عربية وإسلامية. رغم ذلك، تواجه عملية الإعمار تحديات كبيرة، أبرزها الحصار المفروض على القطاع، الذي يعيق دخول مواد البناء ويبطئ وتيرة العمل.

على الرغم من هذه الصعوبات، تبقى إرادة الشعب الفلسطيني والمجتمع الدولي العاملين الأساسيين لدفع عملية الإعمار قُدُمًا. يسعى الجميع لتجاوز الأزمات الإنسانية وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني، بهدف بناء مستقبل أكثر استقرارًا وأمانًا للقطاع.

مقالات مشابهة

  • صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي مع انتشال جثث الشهداء من تحت الأنقاض
  • من تحت الأنقاض.. انتشال أشلاء شهيدين في بلدة الناقورة
  • انتشال جثامين 137 شهيداً من تحت الأنقاض في غزة
  • الدفاع المدني الفلسطيني: انتشال جثامين 66 شهيدًا من تحت الأنقاض بغزة
  • انتشال رفات 66 شهيدا من تحت الأنقاض في قطاع غزة
  • دمار غير مسبوق والدفاع المدني يواصل انتشال الشهداء من تحت الأنقاض والطرقات
  • وزير الأوقاف: أكثر من 6 آلاف حاج حصة فلسطين وخطة طوارئ لحجاج "غزة"
  • الدفاع المدني بغزة: لدينا مهمة صعبة في البحث عن 10 آلاف شهيد تحت الأنقاض
  • البحث عن عن جثامين أكثر من 10 آلاف شهيد في غزة