يناير 22, 2025آخر تحديث: يناير 22, 2025

عالية محمد الشاعر

من حقنا أن نصبو في زمن هرج ومَرَجِ الخطط والمقترحات الخارجية للتغيير في منطقتنا، إلى الاستقرار والأمان الذي ننشده من خلال التوزان بالحكم على الأمور بترّوي وعقلانية، تُجنبنا حمى الاكتواء النفسي من تفاقم التوتر الذي ينقرُ على أعصابنا بضجيه المعزوف على أوتار شدّ وجذب المراوغات السياسة الدولية، سيما أن طواحين هواء الدول الكبرى تتأرجح بنا وندور مع مراوحها، ومعها نستدعي من ذاكرتنا ما قرأناه عن المغامرات الدونكيخوتية.

أمام هذا العصف الكوني يَخالُ لنا أن قوانا تخور مع كل حدث مفجع وطموحاتنا تتضاءل كأناس عاديون منغمسون في لجة تأمين الحياة اليومية المعيشية، لكن بالرغم من ذلك مازال الأمل يحدونا ونتطلع برغبة كبيرة إلى إعادة بناء حصن عربي متين تُفتح وتُغلق مزاليجهُ بأوامر لغة الضاد حسب ما تقتضيه مصالحنا الوطنية القومية، في هذا المعترك من الإسقاطات الداخلية والخارجية على مشاعرنا وأحاسيسنا من الطبيعي أن نسرح بخيالنا مع الميتافيزيقا (ما وراء الطبيعة) علّنا نكلأ أرواحنا الجوعى للأمن والازدهار لترتوي وتعمر قلوبنا بالتفاؤل والطمأنينة ونحطُّ رحال أمنياتنا على أراضي نبني فوقها مدناً ناطحات سحابها شموخنا مدماكه تمكين ثم تمكين قرارنا العربي المستقل المُوحدّ، للتعامل بحنكة وفطنة مع التغيرات المتسارعة في العالم.

كذلك يكون علو هذه الناطحات رفعتنا وعزّتُنا بين أمم الأرض، لاسترداد كرامتنا  التي تُلاك مع احتدام المعارك الإعلامية المستعرة، ومنها من يحاول بعثرة العروبة فتات على موائد اللئام، حتى بتنا نرنو إلى الخلاص في نشوب حرب غربلة قيمية أخلاقية، تُنهي وبالضربة  القاضية على الفساد والمفسدين خاصة من أصحاب النفوذ والقرار وتحسمُ قضايانا المُعلّقة على مشجب أزمات الآخرين التي ليس لنا فيها ناقة أو جمل، وكذلك تحصد إرهاصاتنا الوجدانية المؤلمة، وتقلّب أمزجتنا المُنَغَصّة التي أسلمتنا بين الفينة والأخرى لتخبطات الديماغوجية (الفكر الضبابي المضلل) الذي أوقع البعض من شبابنا في فخ التطّرف والإرهاب، لنبدو كرهائن عند حالة التوجسّ والريبة التي تلحُ علينا بالكثير من الأسئلة أشّدها وطأةً وقسوةً تلك التي تشعرنا بالصدمة داخل تلافيف أدمغتنا ونتساءل هل نستحق هذه الأوطان هل هي ملك لنا؟ أم أننا اقترفنا الآثام بحقها لنصبح بمثابة الدخلاء عليها أوعابرين غرباء نتسكع في طرقاتها؟!

ويتمازج الحلم مع الواقع ويتداخل الوهم مع الحقيقة ممهداً لولادة ميكانيزم نفسي جديد وبنية فكرية واعية ترفض ما يُسّمى إعادة تشكيل المنطقة حسب أهواء قادة الدول المُتنفذّة، نعم  نحن نتشّوق إلى التغيير الذي يقرع ناقوس بشائره مُسمعاً مُنبهاً أننا مازلنا أمة حية تروي من عروقها عصب الحياة بالتحديث والحداثة المُجدية ، أمة لا يمكنها بمقدراتها العظيمة وثرواتها الهائلة أن تكون في خبر كانَ ولا يُسمحُ لها أن تتوارى في ضمير الغائب ، بل من المحتّم أن تُملي شروطها بقوة الحق وسيادة العدالة ، وترفض منطق القوة المتسّلطة التي تُرضخنا لتميل بسفننا كما تشتهي رياحها، ومن منا لا يشتعل رغبة أن يرى سلطان الفكر المتسامح ، المستنير ، الرشيد  يعتلي سُدةَ الحكم في بلادنا منقلباً على سطوة الفكر التوتاليتاري (الشمولي الدكتاتوري) وعسى الثورة الشعبية التي نجحت في سوريا فاتحة نتوسّم فيها الخير خاصة وأنها تَحظى بالدعم المعنوي والمادي من المملكة العربية السعودية التي هي الثِقَل المركزي لدول الخليج العربي ، وهي تسير بخطى واثقة نحو التنمية المستدامة في كل المجالات وها هي تسارع وتُغدق على سوريا بشتى أنواع المساعدات أهمها الدواء، الأجهزة الطبية ، الغذاء ، وغيرها الكثير من المستلزمات الضرورية ، لكن بالرغم من فرحتنا الغامرة مع الشعب السوري بنجاح ثورته المظّفرة، إلا أننا في نفس الوقت اعتصرنا القهر ونحن نشاهد المعتدي مجرم الحرب نتنياهو يقف على قمة جبل الشيخ متحدياً متبجحاً بسيطرته على هذا الجبل الإستراتيجي المهم جدا ، نرجو من الله (العلي القدير) النجاة والسلامة لسوريا التي قال عنها نابليون بونابرت أنها “قلب العالم، من يملكها يملك العالم”.

مرة تلو المرة تعترينا الشكوك من التصريحات التي تصدر من مسؤولين في إدارة الولايات المتحدة الأمريكية وربيبتها إسرائيل، الذين بين حين وآخر يتذاكون علينا ويصّدرونَ لنا الآراء، المقترحات والأفكار التي من بينها ما روَّجُوا اليه سابقاً كفكرة (الفوضى الخلّاقة) وهل يمكن للفوضى أن تكون خلّاقة في الأمور المصيرية؟! ، اذاً هم مازالوا يتعاملون معنا بعقلية مُهيمِنة مُنرجَسّة بعظمة القطب الواحد، متناقضةً مع الدعوة للخروج من الانغلاق نحو الانفتاح على ديمقراطيتهم حسب المقاييس التي يريدونها هم لنا بغضّ النظر عن ما نريده نحن، ومن أكثر التصريحات التي تستفزُنا وتبدو مُهينةً هو موضوع رؤيتهم سواء العلنية أو المخفية بما يخصّ إعادة تشكيل منطقتنا، على رسلكم أيها الساسة على السياسي الذي يعتبر نفسه مخضرماً توخّي الدقة والاقتداء بالشفافية واتخاذ اللباقة الكلامية الأدبية مستشاراً لتعابيره التي تترجمها الأفعال، لأن الفوقية والتعالي على أمتنا يُعمّق فجوة الخلافات ويعزز التباين الحاد في وجهات النظر ، في واقع الأمر نحن أولى الناس بإعادة تشكيل منطقتنا وترتيب أولوياتها بما تقتضيه احتياجاتنا ويتناغم مع تطلعات ومتطلبات شعوبنا وبما يتناسب مع التغيرات السريعة في هذا العصر الذي يُسابق الزمن ، ومن غير المسموح به أن نبدو أمام  أنفسنا والأخرين كأمة لاحول لها ولا قوة مما جعل الصهاينة العنصريون الغلاة والمتعاطفين معهم يتطاولون علينا إلى أبعد الحدود ويقدحوننا بأسوأ الصفات ، خسئوا هذا الانحطاط في التفكير مردود عليهم.

الآن لُبّ الموضوع ليس من يعيد تشكيل من لأن هذا نقاش غوغائي لا طائل منه، لكن السؤال المهم والمحوري الذي يفرض نفسه من يستفيد من الآخر وكيف؟ دون السيطرة المُتَفرِدة والاستغلال، بل بشكل يصبُّ في المصلحة المشتركة للإنسانية جمعاء، سيما وأن التحديات ضخمة وصعبة وأكثرها خطورة التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية التي تُخلّف وراءها الكثير من الضحايا، الطبيعة الهائجة لا تستثني أحداً.

 

 

نأمل أن تنتهز أمريكا فرصتها الغانمة وهي منذ سنوات طويلة بين ظهرانينا وتتعلم كيف تنهل من النبع الصافي لثقافتنا وحضارتنا العريقة وتستوعبها ، علّها تنجو من عواقب الغرق في مستنقع الكِبَر والاستعلاء الذي يغوص بصاحبه إلى القاع، ونتمنى عليها الاستفادة كي تحافظ على هيبتها وتماسك ولاياتها، وكذلك احترام منظومة قيمنا الاجتماعية التي يحفل الكثير منها بالنبل والسمو، لِتُضيف من حضارتنا ما ينقصها في حضارتها، والأمر ينطبق علينا بما يخصّ التقدم العلمي التكنولوجي الذي يمضي بوتيرة سريعة، لو استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول الأوروبية المركزية تحقيق هذه المعادلة بيننا وبينهم عن طريق التقييم الموضوعي المَشوبْ بالتواضع الذي هو من شيم كبار الحكماء، عندها لن يقعوا  فريسةً للغرور الذي أسماهُ المؤرخ البريطاني توينبي “وهم الخلود” وحذّر منه واعتبره بداية النهاية لأي إمبراطورية مهما اتسعت وعَظُمَ شأنها.

كما يقال ختامها مسك وغزة أكثر من يليقُ بها هذا التعبير، ألف تحية حب، اعتزاز وسلام ما توالى الليل والنهار والدهر والزمان (لغزة المُعَرِيّة) التي أماطت اللثام عن زيف ونفاق قوانين و مواثيق المعايير المزدوجة، غزة يحق لها وعن جدارة لقب (مملكة الاستبسال والصمود الأسطوري) في تصديها للعدوان وتحديها وقهرها للاحتلال وصبر أهلها الذي تنوء عن حمله الجبال، غزة التي نصّبت ملكاً عليها تاجهُ العزة، الشرف، الكرامة، يا أهل غزة  الأحباء الأعزاء، بالرغم من الأهوال التي رأيتموها وعايشتموها والأثمان الباهظة التي دفعتموها من أرواحكم و دمائكم الزكية إلا أنكم أعدتم الوهج الى القضية الفلسطينية التي كادت تنطوي في غياهب النسيان، كذلك كشفتم عن الوجه القبيح للعنصرية البغيضة والفاشية الوحشية الصهيونية، يا غزة ملاحمُكِ البطولية ستتحدث عنها الأجيال تلو الأجيال وشهداؤك الأبرار محفوظون في الذاكرة مادام في العمر بقية  وحتى قيام الساعة .

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: ة التی التی ت الذی ی

إقرأ أيضاً:

الزعاق: هذا أفضل رمضان يمر علينا ويكشف عن ميزة لن تتكرر إلا بعد 33 عامًا

مقالات مشابهة الفلكي الجوبي ينشر فترات مكث الهلال ليوم غد الجمعة ويحسم الجدل عن أول أيام رمضان 1446

‏يومين مضت

الجمعية الفلكية تعلن موعد أول أيام شهر رمضان 1446

‏3 أسابيع مضت

خذوا حذركم.. هذا ما سيحصل منتصف سبتمبر.. خبير فلك سعودي يصعق الجميع بتنبؤاته

07/09/2024

الزعاق يفجر مفاجأة مدوية ويكشف عن أحداث كبرى سيشهدها بحر العرب خلال هذه الفترة القادمة

03/09/2024

الزعاق يكشف عن سبب غريب لاهتمام العرب بالنجوم اكثر من غيرهم!

22/07/2024

خذوا حذركم.. هذا ماسيحصل قبل نهاية شوال.. خبير فلك سعودي يصعق الجميع بتنبأته ويتحدث عن “منخفض جوي له جناحان”

21/04/2024

أكد خبير الطقس السعودي، الدكتور خالد الزعاق، أن شهر رمضان الحالي يُعد من أفضل الرمضانات التي تمر على المسلمين في الدورة المناخية، وذلك بفضل اعتدال الأجواء وطول الليل والنهار.

وفي مقطع فيديو نشره على وسائل التواصل الاجتماعي، أوضح الزعاق أن هذا الشهر يتميز بتساوي مدة الليل والنهار، حيث يمتد الليل لمدة 12 ساعة ويستمر النهار أيضًا 12 ساعة، مما يعزز من راحة الصيام.

وأضاف الزعاق أن هذه الميزة لن تتكرر إلا بعد 33 عامًا، مشيرًا إلى أن الظروف المناخية لهذا العام تشكل فرصة نادرة للمسلمين للاستمتاع بشهر رمضان في ظل أجواء معتدلة.

وكانت تصريحات الزعاق قد لاقت اهتمامًا واسعًا من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين أبدوا إعجابهم بما وصفوه بـ”الظروف المثالية” للصيام هذا العام.

ذات صلة

الوسومخالد الزعاق رمضان 2025

السابق اشترك الآن.. سؤال واجابة الحلقة الأولى من مسابقة طائر السعيدة 2025م ورابط الاشتراكاترك تعليقاً إلغاء الرد

يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.

آخر الأخبار الزعاق: هذا أفضل رمضان يمر علينا ويكشف عن ميزة لن تتكرر إلا بعد 33 عامًا ‏7 دقائق مضت اشترك الآن.. سؤال واجابة الحلقة الأولى من مسابقة طائر السعيدة 2025م ورابط الاشتراك ‏5 ساعات مضت اشتباك غير مسبوق في البيت الأبيض: ترامب يطرد زيلينسكي بعد مواجهة حادة! شاهد بالفيديو ‏يوم واحد مضت وردنا الآن: المرور يصدر تعميم هام لسائقي القاطرات والشاحنات في صنعاء والمحافظات ‏يوم واحد مضت “كاك بنك” ومصلحة الضرائب يوقعان اتفاقية لتقديم خدمات مصرفية إلكترونية ‏يومين مضت مركز الفلك الدولي يحدد موعد بداية شهر رمضان 1446 هـ ‏يومين مضت احذر هذه العادات اليومية.. قد تدمر سيارتك دون أن تدرك! ‏يومين مضت لأول مرة في اليمن.. صنعاء تكشف عن إنتاج الدجاج البلدي المجمد محليًا ‏يومين مضت الفلكي الجوبي ينشر فترات مكث الهلال ليوم غد الجمعة ويحسم الجدل عن أول أيام رمضان 1446 ‏يومين مضت هل يوم غد الجمعة من رمضان 2025 ..؟ خبير فلكي يجيب ‏يومين مضت وردنا الآن | الأرصاد يحذير جميع المواطنين من موجة غبار تؤثر على 5 محافظات يمنية ‏4 أيام مضت شاب معاق يتعرض لاعتداء وحشي في تعز ومطالبات بمحاسبة الجاني والصندوق يؤكد متابعة القضية باهتمام بالغ ‏4 أيام مضت © حقوق النشر 2025، جميع الحقوق محفوظة   |   لموقع الميدان اليمني

مقالات مشابهة

  • تيك توك يستفيد من البث المباشر بمحتوى جنسي للأطفال
  • ليون: بن العمري هو اللاعب العربي الوحيد الذي حمل الرقم 3
  • ليون :”بن العمري اللاعب العربي الوحيد الذي حمل رقم 3 “
  • بتعليمات ملكية…ولي العهد والأميرة لالة خديجة يطلقان عملية رمضان يستفيد منها 5 ملايين مغربي
  • القارئ الطبيب صلاح الجمل لـ«الأسبوع»: أنا العربي الوحيد الذي سُمح له أن يسجل القرآن في الحرمين النبوي والمكي
  • بن غفير : علينا تجويع حماس وأنصارهم قبل استئناف القتال
  • بنيامين نتنياهو: لن يتمكن أعداؤنا من التغلب علينا
  • محافظ تعز يعلن استمرار فتح طريق القصر الكمب 24 ساعة
  • حلف الناتو: علينا الاستعداد لوقف إطلاق النار في أوكرانيا
  • الزعاق: هذا أفضل رمضان يمر علينا ويكشف عن ميزة لن تتكرر إلا بعد 33 عامًا