من حق الفلسطينيين فى قطاع غزة وغير غزة أن يفرحوا بما انتهت إليه الأمور الأسبوع الماضى إثر اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين الذى يرى فيه البعض انتصارًا لكفاحهم على مدار أكثر من 15 شهرًا مضت. ومن حق فصائل المقاومة ومن بينها أو على رأسها حماس أن تزهو بما يمثل إفشالًا لخطط العدو فى القضاء عليها ما يؤكد أنها كانت ندًا لا يستهان به فى معركة لم تستنكف إسرائيل خلالها من أن تلجأ للغالى والرخيص من الأسلحة والخطط لكى تمحو قطاع غزة من الخريطة.
للتفصيل أكثر نشير إلى ما ذهبنا إليه الأسبوع الماضى من أن الأمور لم تكن لتتحلحل عن وضعها الذى استمرت عليه شهورًا عديدة دون تدخل الرئيس الأمريكى– الحالى– ترامب. حتى ذلك الوقت كان نتنياهو يمثل جبهة الممانعة لتوقيع الاتفاق حتى تصور الكثيرون أنه يملك إرادة مستقلة عن الولايات المتحدة ومساحة يستطيع أن يلعب فيها منفردًا وعلى هواه! لكن التدخل الحاسم لترامب أفضى إلى النتيجة التى وصلنا اليها وهو أمر ربما يؤكده تسارع الأحداث وتسابقها لحد يشير إلى تصميم الإدارة الأمريكية الجديدة على بدء مهامها وقد أقفل هذا الملف على نحو ما تريد وفى الحدود التى تريد.
ليس مبالغة فى قدرات واشنطن أو تقليل من شأننا كعرب أو حتى كفلسطينيين الإشارة إلى أن الأمور سارت حتى الآن بل وتسير وفق الرؤية الأمريكية، وليس إيغالًا فى نظرية المؤامرة القول بأن حرص ترامب على التوصل إلى اتفاق ليس تعاطفًا مع الفلسطينيين أو تعويضهم عما اقترفته معهم إدارة بايدن من آثام، وإنما يأتى فى إطار رؤية أشمل لخطط الولايات المتحدة ليس فقط تجاه الشرق الأسط وإنما فى مواجهة مجموعة القضايا العالمية.
على ضوء هذا الطرح ربما يمكن استيعاب ما أشار إليه الرئيس ترامب الذى بدا داعمًا للاتفاق من أنه ليس واثقًا من استمراره، وهو ما أعاد التساؤلات بشأن ما إذا كانت إسرائيل ستعود للحرب من جديد أم ماذا؟ بل وأثار الشكوك بشأن تنفيذ المرحلتين الثانية والثالثة من الاتفاق؟ ربما كان ترامب يسعى لانتصار لحظى يبدأ به مهمته الرئاسية الجديدة وهو ما تحقق، وإن كان من المؤكد أن هناك ترتيبات أكثر دراماتيكية من الأهداف التى حددتها إسرائيل ذاتها للحرب على غزة.
ولعل الأنباء التى أشارت إلى دعوة ترامب لنقل الفلسطينيين من غزة إلى إندونيسيا لحين إعمار القطاع ما قد يشى بأن هناك خطة للتهجير الخادع يتم إعدادها على نار هادئة. كما أن استعجال الرئيس الأمريكى فى الإشارة إلى أن حلقة الاتفاقات الإبراهيمية ستكتمل تشير إلى أن أولويته إتمام مخططه الذى توقف فى فترته الأولى وصياغة ما يراه شرق أوسط جديدًا وهو ما قد ييسر قضم وهضم القضية الفلسطينية بأكملها وليس فقط إبادة غزة.
باختصار المشهد يشير إلى أن وراء الأكمة ما وراءها.. وأن كل ما يحدث ليس فيه شىء من البراءة، مع كل التقدير للصمود الفلسطينى. ولعل ذلك يكون دافعًا لأن تكون فرحتنا مكسوة بالقلق مما هو آت!
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تأملات د مصطفى عبدالرازق حق الفلسطينيين وقف إطلاق النار قطاع غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
أمريكا ترسل ٢٤ ألف بندقية لإسرائيل
اكد مسئول أمريكى أن إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تدرس إرسال 24 ألف بندقية هجومية إلى إسرائيل والتى تم احتجازها فى وزارة الخارجية بناء على أوامر أنتونى جيه بلينكين، وزير الخارجية السابق. بحسب نيويورك تايمز الأمريكية
وكان بلينكن قد طلب من وزارة الخارجية عدم المضى قدماً فى تلبية طلب إسرائيل، الذى يتألف من ثلاث دفعات بقيمة إجمالية تبلغ 34 مليون دولار. على إثر مخاوف المشرعين الديمقراطيين من امتلاك ميليشيات المستوطنين واستخدامها من جانب ضباط الشرطة الإسرائيلية فى أعمال عنف غير مبررة ضد الفلسطينيين فى الضفة الغربية.
وتشترى إسرائيل أكثر من ثلاثة أرباع البنادق المعلقة من شركة كولت.وأصبح المشرعون على علم بأمر بيع الأسلحة بعد أن قدمت وزارة الخارجية إخطارًا غير رسمى بالبيع إلى لجنتين فى الكونجرس بعد أسابيع قليلة من هجمات حماس فى إسرائيل فى أكتوبر 2023 والتى أشعلت ضربات عنيفة من قبل الجيش الإسرائيلى فى غزة. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الأمر أثار قلق المشرعين وبعض مسئولى وزارة الخارجية.
وكان وزير الأمن القومى ايمتار بن غفير قد صرح فى أكتوبر 2023 أنه سيزود المستوطنات بالسلاح وسينشئ ميليشيات مدنية لحماية المستوطنين.
وعندما سُئل أحد مسئولى وزارة الخارجية عن المخاوف بشأن كيفية استخدام البنادق، قال إن الأسلحة ستذهب فقط إلى «الوحدات الخاضعة لسيطرة الشرطة الوطنية الإسرائيلية»، فى إشارة إلى الشرطة الوطنية الإسرائيلية. لكن المسئولة، جيسيكا لويس، التى تدير المكتب المسئول عن نقل الأسلحة، لم تحدد هذه الوحدات.
وقد غادر بن غفير وحزبه الحكومة مؤخراً احتجاجاً على سلسلة جديدة من صفقات تبادل الأسرى بين إسرائيل والفلسطينيين.
وفى ديسمبر 2023، وافق المشرعون الديمقراطيون بشكل غير رسمى على طلب البنادق بشرط أن تقدم إسرائيل ضمانات مناسبة لاستخدامها، حسبما قال المسئول الأمريكى، ثم واصل المشرعون التعبير عن مخاوفهم بلينكين، الذى أمر فى النهاية باحتجاز البنادق.
وفى منتصف الشهر الماضى، أبلغ البيت الأبيض البنتاجون أنه قد يرسل شحنة كبيرة من القنابل التى يبلغ وزنها 2000 رطل إلى إسرائيل، والتى كان بايدن قد أوقفها فى الصيف الماضى فى محاولة لثنى إسرائيل عن إسقاط ذخائر ثقيلة على مدينة رفح الفلسطينية، وهو ما فعلته على أى حال. ويرى المسئولون العسكريون الأميركيون أن القنابل التى يبلغ وزنها 2000 رطل مدمرة للغاية بحيث لا يمكن استخدامها فى حرب المدن.
وأوضح مايك هاكابى، الذى اختاره ترامب ليكون السفير الأمريكى القادم إلى إسرائيل، أن الضفة الغربية بأكملها تابعة لإسرائيل واعلا يوجد شىء اسمه فلسطين.
يأتى ذلك فى ظل زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو لعقد اجتماع عمل مع ترامب بحسب المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت والتى لفتت الى دعم الرئيس الجديد لإسرائيل.
وذكر موقع أكسيوس أن من المتوقع اجتماع ترامب ونتنياهو مرتين فى واشنطن يوم الثلاثاء المقبل، مرة من أجل اجتماع عمل والأخرى من أجل عشاء غير رسمى بصحبة زوجتيهما.
ومن المزمع أن يجرى الاجتماع، والذى أكدته حكومتا إسرائيل والولايات المتحدة هذا الأسبوع، وسط وقف هش لإطلاق النار مدته ستة أسابيع أدى إلى توقف مؤقت للقتال الذى استمر 15 شهراً بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) فى قطاع غزة.
من بين الموضوعات الرئيسية المدرجة على جدول الأعمال صفقة إطلاق سراح المحتجزين ووقف إطلاق النار التى تم تنفيذها جزئياً والتى لا تزال قيد التطوير بين إسرائيل وحماس ودخلت حيز التنفيذ فى 19 يناير بعد أشهر من المفاوضات وبعد ضغوط مكثفة مارسها مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، الذى انضم إلى المحادثات حتى قبل أن يؤدى الرئيس الأمريكى الجديد اليمين الدستورية.