يأمل الرئيس الأمريكي جو بادين في تسجيل ثلاثة أهداف في الشرق الأوسط على أمل أن يساعدة ذلك في الفوز بفترة رئاسية ثانية خلال انتخابات 2024، لكن يبدو أن "الوقت ضده"، فيما يتساءل قادة إقليميون إلى متى سيستمر في الرئاسة وما إذا كان سيلخلفه الرئيس السابق دونالد ترامب (2017-2021).

ذلك ما ذهب إليه سيمون تيسدال، في تقرير بصحيفة "ذا جارديان" البريطانية (The Guardian) ترجمه "الخليج الجديد"، مضيفا أن بايدن "أطلق متأخرا حملة طموحة لإعادة تأسيس القيادة الإقليمية للولايات المتحدة (في الشرق الأوسط)".

وتابع أن هدف بايدن "جزئيا هو مواجهة نفوذ بكين وموسكو (المتصاعد في الشرق الأوسط).. وقد أرسل في وقت سابق من الشهر الجاري 3 آلاف جندي إضافي إلى الخليج، ظاهريا لردع إيران ولكن أيضا لتذكير حفلاء واشنطن الخلجيين بمكانة الولايات المتحدة".

وكثيرا ما اتهمت دول خليجية وأخرى إقليمية وغربية، بينها السعودية وإسرائيل والولايات المتحدة، إيران بامتلاك أجندة توسعية في المنطقة وتهديد أمن الملاحة في الممرات البحرية الحيوية لتجارة النفط والسلع، بينما تقول طهران إنها تلتزم بمبادئ حُسن الجوار وتحمّل الوجود العسكري الأمريكي المسؤولية عن التوترات البحرية.

اقرأ أيضاً

واشنطن أم الرياض أم تل أبيب.. أين العقبة الأكبر أمام التطبيع؟

ملف إيران

و"الحسابات السياسية تلعب دورا أيضا، ففي ظل الرغبة في إعادة انتخابه العام المقبل، يأمل بايدن في تسجيل ثلاثية غير محتملة، وهي تفاهم عمل أمريكي مع إيران، واتفاق سلام تاريخي بين السعودية وإسرائيل، وانفراج على صعيد (إقامة) الدولة الفلسطينية"، كما أضاف تيسدال.

وقال إن "المحادثات الأمريكية مع طهران في قطر بشأن إطلاق سراح الأمريكيين المسجونين في إيران مقابل إلغاء تجميد أصول إيرانية بقيمة 6 مليارات دولار أحرزت تقدما كبيرا هذا الشهر".

وتابع: "وبحسب ما ورد يناقش الجانبان أيضا إنهاء مبيعات الطائرات العسكرية الإيرانية بدون طيار لروسيا".

ومرارا، نفت طهران تزويدها موسكو بطائرات بدون طيار تستخدمها الأخيرة في مهاجمة البنية التحتية ضمن حرب تشنها على جارتها أوكرانيا منذ 24 فبراير/ شباط 2022، وتبررها بأن خطط كييف للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بقيادة الولايات المتحدة، تهدد الأمن القومي الروسي.

و"يُقترح أن الهدف النهائي هو إبرام اتفاق ثنائي غير رسمي يوقف برنامج طهران النووي المزعوم المتعلق بالأسلحة مقابل الرفع الكامل للعقوبات الأمريكية، وهو أكثر ما يتوق إليه النظام الإيراني غير المحبوب والمتعثر اقتصاديا"، وفقا لتيسدال.

وتتهم واشنطن وعواصم شرق أوسطية طهران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول إيران إن برنامجها مصمم للأغراض السلمية، بما فيها توليد الكهرباء.

اقرأ أيضاً

اتفاق تبادل السجناء بين إيران وأمريكا.. ماذا يعني؟

السعودية وإسرائيل

وبحسب تيسدال فإن الجزء الثاني من ثلاثية بايدن المأمولة "بتعلق بالسعودية، عدو إيران القديم، إذ أصيبت واشنطن بالقلق بسبب الوساطة الصينية بين طهران والرياض والتعاون السعودي مع موسكو، ولذلك يريد بايدن إعادة الزعيم السعودي الفعلي (ولي العهد الأمير) محمد بن سلمان إلى جانبه، وتأمين تطبيع للعلاقات مع إسرائيل".

ونظرا لمكانتها البازرة في العالمين العربي والإسلامي وقدراتها الاقتصادية الضخمة، ترغب إسرائيل بشدة في تطبيع العلاقات مع السعودية، ولا ترتبط الرياض بعلاقات رسمية مع تل أبيب، وترهن ذلك بانسحاب الأخيرة من الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.

و"لهذه الغاية، يُقال إن محمد بن سلمان يرغب في توقيع اتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة والحصول منها على دعم لبرنامج طاقة نووية مدني يمكن أن يضاهي إيران، على الرغم من مخاوف الانتشار النوي"، كما أردف تيسدال.

وزاد بأن "مثل هذا التفكير يدق ناقوس الخطر في تل أبيب (تمتلك ترسانة نووية)، لكن لا مشكلة كما يقول بايدن. يمكن أن يشمل التطبيع السعودي الإسرائيلي ضمانات دفاعية أمريكية وأسلحة متطورة لكليهما، وستكون له فائدة إضافية بالنسبة له، وهي تهميش الصين".

وبوساطة الصين، استأنفت السعودية وإيران، بموجب اتفاق في 10 مارس/ آذار الماضي، علاقتهما الدبلوماسية، ما أنهى قطيعة استمرت 7 سنوات بين بلدين يقول مراقبون إن تنافسهما على النفوذ أجج العديد من الصراعات في المنطقة.

اقرأ أيضاً

صفقة خداع.. تطبيع السعودية وإسرائيل لا يضمن قيام دولة فلسطين

دولة فلسطينية

وبحسب تيسدال، فإن "بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل المحاصر محليا (بسبب خطة الحكومة لتعديل القضاء المثيرة للجدل)، بحاجة ماسة إلى صفقة سعودية، وهو ما يريده السعوديون أيضا، لكنهم يصرون، على الورق على الأقل،  على إحراز تقدم ملموس نحو (إقامة) الدولة الفلسطينية".

وشدد على أن "شركاء نتنياهو في الائتلاف اليميني المتطرف يعارضون (تقديم) أي تنازلات، ومع ذلك، يبدو أن بايدن يعتقد أنه قادر على الفوز بموافقة إسرائيلية لزيادة الحكم الذاتي الفلسطيني، ووقف خطط ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل، وربما إحياء عملية السلام القائمة على دولتين (فلسطينية وإسرائيلية) مقابل تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل بما يُضر بإيران".

ومنذ أبريل/ نيسان 2014، توقفت عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لأسباب أبرزها تمسك تل أبيب باستمرار البناء الاستيطاني في الأراضي المحتلة ورفض إقامة دولة فلسطيية على ما حدود ما قبل حرب 5 يونيو/ حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

لكن "آمال بايدن في تحقيق هاتريك تبدو وهمية بعض الشيء. وبغض النظر عن عدد لا يحصى من العوامل السلبية المحلية، فإن الوقت ضده. ومثل بقية العالم، يتساءل القادة الإقليميون إلى متى سيستمر بايدن، وهل سيخلفه ترامب"، وفقا لتسيدال.

ومنتقدا تراجع نفوذ الولايات المتحدة، ختم بأنه "حتى مجموعة من مخططي الانقلاب في النيجر بات يمكنهم تحدي العم سام مع الإفلات من العقاب".

وفي 26 يوليو/ تموز الماضي، أطاح عسكريون في النيجر (غرب أفريقيا) بالرئيس المنتخب محمد بازوم، المدعوم من الغرب ولاسيما الولايات المتحدة وفرنسا.

اقرأ أيضاً

المهمة صعبة.. هل توقف واشنطن تآكل نفوذها في الشرق الأوسط؟

المصدر | سيمون تيسدال/ ذا جارديان- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: بايدن انتخابات الشرق الأوسط إسرائيل السعودية فلسطين إيران

إقرأ أيضاً:

كيف انعكس الاعتدال الربيعي على السياحة الرمضانية في إيران؟

طهران – خلافا للتراجع النسبي الذي تسجله السياحة الإيرانية خلال شهر رمضان في الأعوام الماضية، فإن تزامن العشر الأواخر من الشهر الفضيل هذا العام مع عطلة رأس السنة الفارسية ساهم في تنشيط السياحة الرمضانية، إذ يعتبر الاعتدال الربيعي من أبرز فترات الذروة السياحية في البلاد.

والاعتدال الربيعي يبدأ في 20 مارس/آذار من كل عام، وهو أول أيام الربيع، وفيه يتساوى تقريبا طول الليل والنهار في معظم الكرة الأرضية.

وقد أعلن المدير العام لدائرة تنمية السياحة الداخلية بوزارة السياحة والتراث الثقافي مصطفى فاطمي عن تسجيل أكثر من 17 مليون زيارة حتى اليوم الثالث من السنة الجديدة (بدأت في 21 من الشهر الجاري)، رغم تزامن إجازة عيد النيروز (رأس السنة الإيرانية) مع شهر رمضان، وهطول أمطار غزيرة في عدد من المحافظات.

محافظة مازندران من المحافظات التي تتصدر قائمة المناطق الإيرانية الأكثر استقطابا للزوار (غيتي)

وفي تصريح صحفي نقلته وكالة أنباء تسنيم الإيرانية، أوضح فاطمي أن محافظات مازندران وكيلان (شمال) وخوزستان (جنوب غرب)، وخراسان الرضوية (شمال شرق) وهرمزكان (جنوب) تتصدر قائمة المحافظات الأكثر استقطابا للزوار حتى الآن.

وفي السياق ذاته، ذكر سعيد رسولي مساعد مدير شؤون النقل في وزارة الطرق والتنمية الحضرية أن السياحة الداخلية زادت بنسبة 4% حتى اليوم الرابع من عطلة عيد النيروز، مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، وتوقع رسولي -في تصريح نقلته وكالة أنباء إرنا الرسمية- ارتفاع مؤشرات السياحة خلال الأسبوع الثاني من العطلة الوطنية.

إجازة وطنية

وفي مطار مهرآباد غربي العاصمة طهران، يقول لطيف (43 عاما) وهو مواطن عربي يعمل مدرسا للغة العربية، إنه يستغل فرصة إجازة رأس السنة الجديدة لزيارة أقاربه في مدينة الأهواز جنوب غربي إيران كل عام.

إعلان

وأضاف لطيف في حديث للجزيرة نت أن تزامن إجازة رأس السنة الإيرانية وشهر رمضان هذا العام تمكنه وأفراد أسرته من إحياء ذكريات الماضي، حيث كانوا يقضون عطلة عيد الفطر في مدينته ذات الأغلبية العربية.

الإيرانيون يحرصون على بسط مائدة السينات السبع (سفرة عيد النيروز) رغم تزامن عيد رأس السنة مع رمضان (الجزيرة)

أما الحاج محمد علي (62 عاما) وزوجته فاطمة (57 عاما) فيحرصان على الاحتفال بعيدي النيروز والفطر في مدينة مشهد، لأنها تجمع بين الروحانية والمعالم الثقافية والتراثية، ويؤكد محمد وزوجته في تصريح للجزيرة نت أن هذه المدينة التي تعتبر العاصمة الدينية للبلاد تحظى بمكانة مميزة، بفضل احتضانها مرقد علي بن موسى الرضا الإمام الثامن لدى الشيعة.

أما مهرداد (48 عاما) الذي يعمل أستاذا بجامعة تبريز فيرى في تزامن الشهر الفضيل وعطلة رأس السنة الإيرانية "توفيقا إجباريا" للإقامة 10 أيام في العاصمة ليتمكن من إتمام صلاته وصيامه خلال فترة السفر، مضيفا -في حديث للجزيرة نت- أنه لا يحتمل المكوث في طهران طيلة السنة، بسبب تلوث أجوائها وزحمة السير فيها، لكنه يتوق لتفقد معالمها خلال إجازة رأس السنة حيث يخرج ملايين السكان منها.

الحكم الشرعي

وبحثا عن الحكم الشرعي للصائم في السفر لدى الإيرانيين، توجهت الجزيرة نت بالسؤال إلى الأستاذ في حوزة قم العلمية الشيخ مهدي مسائلي، والذي قال إن "الشخص الذي يقصد المكوث لفترة لا تقل عن 10 أيام في منطقة محددة فإن صلاته كاملة، وليست قصرا وعليه فإن الصوم سيكون واجبا عليه".

وأضاف عالم الدين الإيراني أنه "لا يجوز صوم المسافر عندما يتوجب عليه القصر في الصلاة، فيجب عليه القضاء بعد ذلك"، موضحا أن المسافر الذي يتم في صلاته، سواء كان كثير السفر أو يقيم في وطنه ومسقط رأسه أو يقصد البقاء 10 أيام على أقل تقدير في مدينة أخرى فإن صومه صحيح وصلاته كاملة.

إعلان

وختم الشيخ مسائلي بالقول إن مراجع الدين الشيعة يكاد يجمعون على أن الصوم صحيح عند قصد الصائم البقاء 10 أيام أو أكثر في منطقة محددة، شريطة عدم تجاوزه حد الترخص أثناء تلك الفترة، موضحا أن حد الترخص الشرعي هي المسافة التي تتوارى عنها جُدران بيوت المدينة ويخفى فيها صوت الأذان.

الشركات تتسابق

ومن أجل تنشيط السياحة الرمضانية وتسهيل البقاء 10 أيام متتالية على الصائمين، تتسابق الشركات السياحية على إطلاق حملات سياحية تتناسب والأجواء الرمضانية وظروف الصائمين؛ فتعد خططا متكاملة لإقامة الصائمين لفترة لا تقل عن 10 أيام، وتحرص على إثراء الحملات بفعاليات دينية ومهرجانات شعبية وطقوس فلكلورية.

تتسابق الشركات السياحية في إيران على إطلاق حملات تتناسب والأجواء الرمضانية وظروف الصائمين (غيتي)

كما تحرص البلديات الإيرانية على إطلاق فعاليات سياحية وثقافية بالمجان خلال ساعات النهار وبرامج دينية تبدأ مع موعد الإفطار، وتستمر حتى ساعات متأخرة من الليل، كما تحث هذه البلديات الفنادق والمطاعم على تقديم عروض خاصة في شهر رمضان المبارك، لتكون الفترة الممتدة من الإفطار حتى السحور نابضة بالحياة.

البلديات تنظم فعاليات لكي يزور الإيرانيون المعالم التراثية والمتاحف ومعارض القوميات الموجودة في البلاد (الجزيرة)

فعلى سبيل المثال، أطلقت بلدية طهران 100 محطة لاستقبال السياح وبسط موائد الإفطار في ربوع العاصمة، فضلا عن فعاليات دينية أخرى تقتصر على الأماكن المقدسة لدى الشيعة (العتبات)، وكبريات المساجد والحسينيات لتنشيط الحياة الليلية فيها.

في السياق نفسه، يقول أمين لجنة السياحة في بلدية طهران أمير قاسمي إن البلدية أطلقت 30 حملة سياحية مجانية بشكل يومي طيلة إجازة رأس السنة والعشر الأواخر من رمضان، لكي يزور الإيرانيون المعالم التراثية والمتاحف ومعارض القوميات.

إعلان

ورغم الانتعاشة التي تشهدها إيران بفعل ما يسمى السياحة الرمضانية خصوصا في العشر الأواخر، إلا أن السياحة في البلاد لا تزال تعاني تراجعا منذ ما يعرف باحتجاجات مهسا عام 2022.

مقالات مشابهة

  • انطلاق مسيرات يوم القدس العالمي في إيران
  • عراقجي: إيران أرسلت رداً على رسالة ترامب
  • نائبة ديمقراطية لترامب: ربما عليك ترحيل زوجتك أيضا
  • عراقجي: أرسلنا رد إيران على رسالة ترامب عبر سلطنة عمان
  • مساعد خامنئي: إيران لم تغلق الأبواب أمام واشنطن
  • مستشارو ترامب مختلفون حول كيفية احتواء إيران
  • تسجيل الناخبين في الانتخابات البلدية دون المستوى المطلوب.. والمفوضية تدرس التمديد
  • إيران تفتح باب التفاوض مع أمريكا.. ولكن!
  • كيف انعكس الاعتدال الربيعي على السياحة الرمضانية في إيران؟
  • هل تعاني إدارة ترامب من الانقسام تجاه إيران؟