جامعاتنا.. منابر حرية أم أبواق خرساء؟
تاريخ النشر: 22nd, January 2025 GMT
#جامعاتنا.. #منابر_حرية أم #أبواق_خرساء؟
بقلم: أ.د. عزام عنانزة
عندما يقف الفرد أمام جامعة، يُفترض أنها منبر حر للرأي والرأي الآخر، وتعزز قيم النقد البناء والحركات العامة والحوار، فإنه غالبًا ما يجد نفسه في مواجهة صغار القادة الذين يتحصنون وراء جدران السلطة الشكلية، متوهمين أن بإمكانهم إسكات الأصوات المعارضة أو المنتقدة لسوء إدارتهم وضعف رؤيتهم.
في العادة، تلجأ هذه الشخصيات الصغيرة إلى أساليب تضخم أدوارها، كاستخدام القضاء كأداة للتضييق على كل من يجرؤ على رفع صوته بالنقد. هذه الممارسات التي تتسم بالارتباك والهشاشة، تعكس إفلاسًا إداريًا وفكريًا، لا يليق بمؤسسة أكاديمية يفترض أنها تمثل قمة الوعي الفكري والثقافي. فالجامعة التي تضيق ذرعًا بصوت فردي ناقد، وتحشد أدواتها لملاحقته، ليست سوى كيان متهاوٍ يخشى مواجهة مرآة الحقيقة.
المثير للسخرية أن هؤلاء القادة الصغار، الذين يحسبون أنفسهم حصونًا منيعة، لا يدركون أن النقد البناء هو ما يبقي الجامعات على قيد الحياة الفكرية. بدلاً من أن ينشغلوا بتطوير إدارتهم واستيعاب النقد كوسيلة للإصلاح، ينغمسون في معاركهم الصغيرة ضد كل صوت جريء، وكأنهم في سباق لإثبات مدى هشاشتهم أمام الجميع.
مقالات ذات صلة عمان الاهلية بالمرتبة 401 – 500 عالمياً والأولى محلياً في الأعمال والإقتصاد والثانية في الحاسوب وفق تصنيف التايمز2025 2025/01/22استخدام القضاء كوسيلة لتكميم الأفواه في الجامعات لا يعبر إلا عن أزمة عميقة في إدارتها. فالجامعة التي تحتمي بالقضاء لمواجهة النقد هي جامعة فارغة من المعنى والقيم، لا تملك من قوة الفكر سوى ديكور مكتبي يزين غرف القادة المتوجسين من كلمة حق. هؤلاء، الذين يفترض أن يكونوا قادة للفكر الحر، تحولوا إلى أوصياء على الصمت، معتقدين أن قمع الأفكار يمكن أن يخفي سوء إدارتهم وضعف أدائهم.
من المفارقات أن الشجاعة في المطالبة بالحق والنقد البناء أصبحت جريمة في أعين هؤلاء القادة، رغم أن الجامعة الحقيقية يجب أن تحتفي بكل صوت جريء يدافع عن الحق. هناك مبدأ قانوني وأخلاقي ينص على أن لا تثريب على من يطالب بحقه بثقة وشجاعة. هذه الشجاعة ليست مجرد موقف فردي، بل هي ضرورة لضمان عدم ضياع الحقوق في زوايا المحاباة والخوف، ولكن يبدو أن قادة اليوم يفضلون الغرف المغلقة على ساحات الحوار المفتوحة.
في النهاية، عندما تحشد جامعة مواردها لمواجهة فرد واحد، فإن ذلك لا يعبر عن قوتها، بل يكشف عن مدى ضعفها وهشاشتها. الجامعة، كمؤسسة يُفترض أن تكون حاضنة للحرية والفكر، تتحول إلى ساحة لتكميم الأفواه إذا ما وقعت في قبضة قادة صغار يفتقرون إلى الحكمة والرؤية.
لكن، ولأن الشمس لا تُحجب بغربال، فإن هؤلاء القادة أنفسهم سيجدون أن النقد لن يتوقف، وأن الجامعة ستبقى رمزًا للحرية مهما حاولوا تضييق الخناق على أصواتها. الشجاعة في التعبير عن الرأي والمطالبة بالحق ستبقى القاعدة التي تدحض أساليب هؤلاء الذين يظنون أن السلطة تحميهم من النقد. الجامعات يجب أن تكون منابر حرة، لا أبواقًا خرساء بيد قادة صغار يهابون الحقيقة.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: هؤلاء القادة
إقرأ أيضاً:
حكاية مقيم في قطر
أعرف زميلا عربيا مقيما في قطر وكان لاجئا في إحدى الدول الأوروبية المرموقة والتي تدعي حداثة ورقيا وحفظها لحقوق الإنسان حتى حظي هو وأسرته بجنسيتها لاحقا وكانت عائلته مقيمة هناك وحاول مرات عدة جلب عائلته إلى الدوحة رغم المميزات التي قال إن أسرته تحظى بها هناك من تعليم وصحة ومعيشة ككل ونجح الحمدلله في أن يستقر مع عائلته في الدوحة ولذا سألته ولم كنت تحاول أن تستقدم أسرتك مع تواجد كل هذه الميزات المجانية؟! فأجابني بأن في قطر ما يفوق هذه الميزات فلاحظ استغرابي فاستكمل قائلا:
هنا الأمان الذي أفتقده لعائلتي هناك وهنا أستطيع أن أربي (بناتي) اللائي اقتربن من سن المراهقة على الشريعة والأخلاق والالتزام ولا يستطيع أحد أن يتدخل في تربيتي لهن بالصورة المحافظة التي أريدها أن يكبرن عليها أما هناك فأنا وأم البنات كنا مهددين بسلب بناتنا منا في أي لحظة فهل تتخيلين أن الفتيات حينما يلعبن في الشقة ويصدران صخبا في اللعب نتفاجأ بتواجد الشرطة على الباب يطرقون الباب بشدة بعد شكوى كيدية من الجيران بأن بناتي يتعرضن لعنف أسري داخل البيت فيصدمون بأن الفتيات كن يلعبن ببساطة ولم يتعرضن لأي سوء بل وأزيدك من الشعر أبياتا فهل تتخيلين أن المعلمات والمعلمين في المدرسة ينادين بناتي للسؤال عن معيشتهن داخل المنزل وهل منهن من يتعرض لسوء معاملة أو أن يكن مجبورات على أمر هن كارهات له ؟! الوضع لم أستطع تحمله خصوصا وإن بناتي اقتربن من سن المراهقة وكنت أخشى أن يصعب علي ضبطهن بالصورة التي أتمناها أنا ووالدتهن لهن إذا ما كبرن وباتت إغراءات أوروبا تلمع في عيونهن ناهيكم عن إغراءات زميلاتهن المتحررات ولذا فإنني حاولت أن أستقدم عائلتي وأستوفي الشروط كاملة لأتمكن من تفادي كل هذا الجحيم الذي باتت عائلتي بين الحين والآخر تعيشه هناك والحمدلله نحن مقيمون اليوم في قطر بصورة نظامية ولم نتشتت كما كنا نخشى.
كنا قد حذرنا من عالم (المثلية) الذي يهدد العرب والمسلمين هناك فإذا بخطر خطف الأطفال من ذويهم الخطر الآخر الذي يضاهي الأول قسوة وألما ووحشة وغربة أشد من غربة الجسد الذي سافروا به إلى أوروبا فماذا يعني أن يترصد هؤلاء بأطفال المسلمين هناك وتصيد أي عثرة ليست في قانونهم الوضعي السقيم لانتزاع هؤلاء الأطفال من أهلهم ودون مبالاة لكمدهم وحرقتهم وكأنهم ينتزعون جمادا وليس فلذات أكبادهم من أحضانهم؟! فهل هذه حداثة الغرب الذي لطالما ضج أسماعنا برقيه وحقوق الإنسان لديه وهو والله أبعد من أن يكون على قدر هذه الدعاية الواهية الهشة؟! فكثير من المقاطع الحية تصدّرها لنا مواقع التواصل الاجتماعي لمشاهد تكمد القلب تصور انتزاع الشرطة ومدعي حقوق الإنسان في أكثر من دولة أوروبية لأطفال صغار وبعضهم لم يصل لعمر الثلاث والخمس سنوات وهم يبكون بحرقة وسط صيحات الآباء والأمهات بعد انتزاعهم انتزاعا من أحضان والديهم ولأسباب أقل ما يقال عنها إنها تافهة بينما يغضون النظر عن بيوت مواطنيهم الذي لا تخلو أغلبها من تواجد المدمنين وغير المؤهلين لرعاية أطفالهم أو حتى إنقاذ المشردين في الشوارع ممن يحملون جنسية بلادهم الأصلية ولكنها (فوبيا العرب والمسلمين) المسلطة على رقابهم والحقد الدفين المختزن في قلوبهم السوداء هو من يحركهم تجاه هؤلاء الذين هربوا من حروب أوطانهم الأليمة إلى من كانوا يظنون أنها بلد الأحلام وتحقيق الأماني وبناء مستقبل باهر لأبنائهم فإذا بجحيم أوطانهم جنة لهم ولذا لا تجعلوا من إغواءات وإغراءات أوروبا الضعف الذي تذوبون في حباله دون تفكير وإنني أتمنى أن تثير حكومة أي دولة عربية هذه القضية الشائكة في أي مباحثات تجمعها مع حكومة أي دولة أوروبية ممن تكثر فيها هذه الحوادث المؤسفة والتي تستهدف العرب والمسلمين على حد سواء فلعل الله يأتي بالخير بعد هذا الاهتمام الذي نرجو.. لعل إن شاء الله.
ابتسام آل سعد – الشرق القطرية
إنضم لقناة النيلين على واتساب