في زمن أصبحت فيه الهواتف المحمولة جزءا مهما ورئيسيا في حياتنا، نتيجة الاستخدام المفرط لها على مدار اليوم، ظهرت مجموعة من الاضطرابات والمتلازمات النفسية الجديدة المرتبطة بهذا الإفراط، بعضها بلغ مستويات تصنَّف ضمن الهوس الحسي والنفسي.

وفي ظاهرة حديثة لفتت انتباه الخبراء والباحثين خلال العقد الأخير، أُضيف اضطراب جديد إلى قائمة هذه الاضطرابات المرتبطة بالهواتف الذكية، وذلك فيما بات يُعرف بـ"متلازمة الاهتزاز الوهمي".

متلازمة "الاهتزاز الوهمي"

تشير دراسات علمية متخصصة إلى أن 9 من كل 10 مستخدمين للهواتف الذكية حول العالم يعانون مما يُعرف بـ"متلازمة الاهتزاز الوهمي"، وهي حالة يعتقد فيها الشخص بشكل خاطئ أن هاتفه يهتز في جيبه أو أثناء حمله.

وفيما يتعلق بهذه الظاهرة غير المألوفة، يوضح الدكتور روبرت روزنبرجر، الفيلسوف والأستاذ المساعد في معهد جورجيا للتكنولوجيا، أن السبب يعود إلى "عادات جسدية مكتسبة".

وتُبرز الأبحاث المنشورة في مجلة "كومبيوترز إن هيومن بيهيفيور" أن الشخص عندما يضع هاتفه في جيبه، فإنه يصبح بمثابة "امتداد لجسده"، بطريقة مشابهة لما يشعر به مرتدو النظارات، الذين قد ينسون وجودها بسبب الاعتياد عليها على مدى فترات طويلة.

إعلان

وتحدث هذه الظاهرة عندما يفسّر الناس إحساسًا آخر، مثل حركة الملابس أو تقلصات العضلات، على أنه اهتزاز الهاتف، لكنها في الحقيقة مجرد "هلوسة"، وفقاً لتوضيحات المختصين.

المثير للدهشة أيضا أن الباحثين وجدوا أن ما يقرب من 89% من المشاركين في دراستهم عانوا من هذه الهلوسة الحسية مرة واحدة على الأقل كل أسبوعين.

دراسة: 9 من كل 10 مستخدمين للهواتف الذكية حول العالم يعانون مما يُعرف بـ"متلازمة الاهتزاز الوهمي" (بيكساباي) لماذا يحدث هذا النوع من الهلوسة؟

اقترح الباحثون عدة تفسيرات لمتلازمة الاهتزاز الوهمي، معظمها يستند إلى علم الأعصاب. على سبيل المثال، تشير دراسة نُشرت في عام 2010 في المجلة الطبية البريطانية إلى أن هذه الأحاسيس الوهمية قد تكون ناتجة عن تفسير الدماغ الخاطئ للإشارات الحسية التي يتلقاها.

ونظرًا للكم الهائل من المعلومات الحسية التي يعالجها الدماغ يوميًا بسبب الاستخدام المكثف للهواتف الذكية، يلجأ الدماغ إلى تطبيق مرشحات أو نماذج تعتمد على التوقعات، وهي عملية تُعرف باسم "البحث الموجه بالفرضية".

ولتوضيح هذه الظاهرة، يشرح الخبراء أن أدمغتنا تُواجه تدفقًا كبيرًا من المعلومات الحسية بفعل الإشعارات والتنبيهات المستمرة، مما يدفعها إلى سد الثغرات وفقًا لما تتوقعه. وبالتالي، إذا اعتاد دماغك على الاهتزازات المتكررة لهاتفك، فقد يهيئ نفسه لتوقعها حتى عندما لا تكون حقيقية.

التكنولوجيا وعلاقتها باضطرابات القلق

وفي تفسير آخر مقنع ورد في دراسة أجريت عام 2013 ونُشرت في المجلة العلمية المذكورة سابقا، تم تصنيف متلازمة الاهتزاز الوهمي كجزء من مجموعة أوسع من المشكلات المتعلقة بالقلق المرتبط بالتكنولوجيا، والتي تُعرف باسم "اضطرابات التكنولوجيا" (iDisorders).

فمع اعتمادنا بشكل أكبر على أجهزتنا الذكية، يمكن أن يتجلى القلق المحيط بتفاعلاتنا معها بطرق مختلفة حتى في الهلوسة. ويوضح خبراء علم النفس أن علاقاتنا العامة بالتقنيات المعاصرة تؤدي إلى مستويات كبيرة من القلق.

إعلان

على سبيل المثال، نشعر بالقلق بينما ننتظر بفارغ الصبر رسالة البريد الإلكتروني التالية، أو المنشور الجديد على وسائل التواصل الاجتماعي، أو المكالمة الهاتفية أو الرسالة النصية التالية، أو مراقبة التفاعل على منشوراتنا عبر المنصات المختلفة.

وفي هذه الفرضية، يتسبب هذا القلق في عدد من الآثار السلبية على الصحة العقلية للمستخدمين، أحدها هو متلازمة "الاهتزاز الوهمي".

كيف يمكن علاج هذه الحالة؟

بوجه عام، لا داعي للمبالغة في القلق بشأن متلازمة الاهتزاز الوهمي. فهي، رغم انتشارها الواسع بين مستخدمي الهواتف الذكية، تُعد غير ضارة إلى حد كبير، حيث لا تتجاوز كونها شعورًا عابرًا بالانزعاج أو الغرابة.

ومع ذلك، تعكس هذه الظاهرة بوضوح مدى سيطرة الأجهزة الذكية، وخاصة الهواتف المحمولة المتصلة دائمًا بالإنترنت، على حياتنا اليومية. وقد أشارت العديد من الدراسات إلى أن الاستخدام المفرط للهواتف يمكن أن يُحدث تغييرات في العقل، خصوصًا فيما يتعلق بعمليتي التركيز والانتباه.

فعلى سبيل المثال، بحسب تقرير نشرته "بي بي سي"، فإن الإفراط في استخدام الهواتف المحمولة يقلل من القدرة على التركيز، ويزيد من مستويات الإجهاد والقلق.

كل هذا وغيره الكثير من أضرار فرط استخدام الهواتف الذكية قد يؤشر إلى ضرورة اتخاذ خطوات عملية لتحسين عاداتنا اليومية، وتقنين استخدامنا لوسائل التكنولوجيا المختلفة، لكي نحافظ على سلامنا وهدوئنا العقلي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات هذه الظاهرة

إقرأ أيضاً:

تقرير: نتانياهو محاصر بين "الوعد الوهمي" والالتزام أمام ترامب

رأت صحيفة "معاريف" أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، يواجه خياراً بين الوعد الوهمي لبتسلئيل سموتريتش، بأن القتال في قطاع غزة سيتم استئنافه بعد 42 يوماً وإطلاق سراح 33 من الرهائن، وبين إصرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على استكمال الاتفاق، وإطلاق سراح جميع الرهائن الـ94، وإنهاء الحرب.

وقالت معاريف، في تحليل أعده الجنرال الإسرائيلي، إسحاق بريك، إن الوعد الوهمي الذي قطعه، نتانياهو لسموتريتش، يظهر أن بقاءه كرئيس للوزراء أهم له من إطلاق سراح الرهائن وأمن البلاد، وأنه لو لم يتدخل ترامب ويفرض نفسه على نتانياهو، لما تم التوقيع على الاتفاق مع حماس، ولكانت الحرب "العبثية" استمرت في قطاع غزة.
وأوضحت الصحيفة، أن هذه الحرب كانت ستكلف إسرائيل مئات القتلى، وتقتل جميع الرهائن لدى حماس، وكانت ستؤدي بإسرائيل إلى كارثة رهيبة وتدهور شديد للغاية، وطريق مسدود، مستطردة: "تدهور وضعنا غير المستقر في الاقتصاد، وفي العلاقات الدولية، وفي استنزاف الجيش حتى لم يعد لديه القوة للقتال، وأصبح المجتمع على شفير حرب أهلية".
وترى معاريف أنه لو كان ترامب قادراً على التدخل  قبل 8 أشهر، ولولا تمسك نتانياهو بالسلطة الأهم بالنسبة له، لكان أكثر من 130 إسرائيلياً وعشرات الرهائن قد أفلتوا من الموت، ولتوقفت تلك الحرب.

أكسيوس: الوسطاء يبحثون "حكم غزة" بعد حماسhttps://t.co/tP1sYlJyuL

— 24.ae (@20fourMedia) January 22, 2025

 


تآكل الجيش الإسرائيلي

وأضافت أن الجيش الإسرائيلي، الذي تآكل في السنوات الـ20 الماضية، يقاتل منذ عام و4 أشهر في قطاع غزة، ولم يقتصر الأمر على الفشل في إسقاط حماس فحسب، بل إن العكس هو الصحيح، حيث إن حماس مستمرة، وتسيطر على مدينة الأنفاق تحت الأرض، كما عوضت قتلاها بالآلاف من الشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و20 عاماً، ويبلغ عددهم ما يقرب من 25 ألفاً، بحسب أعدادهم قبل الحرب.


حماس لا تزال موجودة

وأشارت إلى أن حماس هي صاحبة السيادة في قطاع غزة، وتواصل تخزين الطعام والماء والوقود والمعدات وكل ما تحتاجه لمواصلة القتال في مستودعاتها تحت الأرض، حتى الأسلحة والذخائر تتلقاها بواسطة التهريب عبر الحدود، موضحة أنه لو استمرت الحرب، لن يتمكن الجيش الإسرائيلي من هزيمة حماس، لأن الجيش تقلص عدده السنوات الماضية، وأصبح غير قادر على البقاء في الأماكن التي احتلها، كما أنه غير قادر على تدمير مئات الكيلومترات من أنفاق حماس بسبب نقص الكوادر، وغياب الوسائل المناسبة لتفجير الأنفاق، لذلك، تحول الجيش إلى أسلوب القتال في الغارات، وقاتل مراراً وتكراراً في الأماكن التي غزاها بالفعل.
وأوضحت الصحيفة، أنه بعد عملية الاحتلال، يترك الجيش المكان ويعود، لأنه لا توجد قوات فائضة لتحل محل الوحدات المقاتلة، مشيرة إلى أن الجيش الإسرائيلي فقد أكثر من 400 جندي وسقط له آلاف الجرحى.

 

 


واقع صعب

وبحسب الصحيفة، فإنه لو قرر نتانياهو فعلاً العودة إلى الحرب في قطاع غزة خلال أسابيع قليلة، كما وعد سموتريتش، فإن الواقع الذي سيواجهه الجيش الإسرائيلي هو نفسه الذي كان قائماً قبل عام و4 أشهر من بدء العملية في قطاع غزة، مضيفة أن الجيش الإسرائيلي، الذي لم يتمكن من إسقاط حماس غير قادر اليوم على العودة إلى القتال في غزة على نطاق كامل، أو حتى جزئي، لأنه منهك، وليس لديه مقاتلون يمكن إسناد المهمة إليهم، لأن هؤلاء هم نفس المقاتلين النظاميين وجنود الاحتياط الذين قاتلوا لعدة أشهر طوال الحرب، والكثير منهم لم يعودوا مستعدين لذلك.


خطوة شريرة

وأكدت أن التحرك للعودة إلى القتال هو فشل متوقع سيؤدي إلى مئات القتلى وآلاف الجرحى في صفوف القوات الإسرائيلية، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من سكان غزة غير المشاركين الذين سيصابون ويقتلون، موضحة أن مثل هذه الخطوة "الشريرة" يمكن أن تؤدي إلى نبذ إسرائيل بالكامل من دول ستعتبر ذلك إبادة جماعية. وعلاوة على ذلك، قد تخسر إسرائيل علاقتها القوية مع الولايات المتحدة، إذا قرر نتانياهو التصرف بشكل مخالف لموقف ترامب.

ماذا وراء العملية العسكرية الإسرائيلية في جنين؟https://t.co/N3ZF4IMJdz

— 24.ae (@20fourMedia) January 22, 2025

 


تأهيل الجيش الإسرائيلي

وحتى تتمكن إسرائيل من مواجهة التحديات الأمنية "الصعبة" في المستقبل القريب والبعيد، أوصت الصحيفة بضرورة إعادة تأهيل الجيش الإسرائيلي وزيادة القوات البرية، وشراء الأسلحة التي لم يشترها الجيش، لأن الأولوية كانت لسلاح الجو فقط، كما يجب على الدولة تقسيم الميزانية بشكل يصل الجيش فيه إلى قدرة دفاعية على جميع حدود إسرائيل، ويكون قادراً على الهجوم بقوة، وبنبغي أن يتم ذلك بدعم ومساعدة من الولايات المتحدة، لأن إسرائيل وحدها بمواردها المحدودة عاجزة عن التعامل مع هذه المهمة.

مقالات مشابهة

  • سامسونج تعتزم تزويد الهواتف الذكية بتقنيات الذكاء الاصطناعي
  • عاجل لجميع مستخدمي الشبكة العنكبوتية “الإنترنت”.. ترقبوا ما سيحدث في هذا التوقيت
  • الهلال الأحمر المصري يتابع دخول شاحنات المساعدات الإنسانية إلى غزة
  • تقرير: نتانياهو محاصر بين "الوعد الوهمي" والالتزام أمام ترامب
  • سامسونج Galaxy S25 Ultra.. الريادة في الذكاء الاصطناعي ومستقبل الهواتف الذكية
  • عاجل. حادثة طعن في تل أبيب تصيب شخصين
  • مدير ميتا: حقبة الهواتف الذكية اقتربت من نهايتها
  • نسب طلاق مرتفعة في الأنبار خلال شهر واحد ومتخصصون يحددون أسبابها
  • كيفية تفعيل خدمة الاتصال عبر الواي فاي على الهواتف الذكية| تفاصيل