لجريدة عمان:
2025-03-24@22:06:59 GMT

سياحة الكفاح وتسليع المعاناة

تاريخ النشر: 22nd, January 2025 GMT

في 2018 بدأ المفكر والفيلسوف الإيراني الأمريكي حميد دباشي مع إبراهيم فريحات مشروع توثيق وتحليل لـ 323 صورة للجرافيتي والرسومات الجدارية على جدار الفصل العنصري في الضفة. في ورقتهما التي يُمكن ترجمة عنوانها إلى «مقاومة الإخضاع: الجرافيتي الفلسطيني على جدار الفصل العنصري» يحلل الأكاديميان الثيمات التي عالجها الجرافيتي ورسومات الجدار من الجهتين.

عاصر حميد دباشي إدورد سعيد وتأثر به، وأخذ على عاتقه أن يُكمل المشروع الذي بدأه سعيد في الاستشراق، خصوصًا مع تغير شكل الهيمنة والتمثيل في عالم ما بعد 11 سبتمبر. في كتاب دباشي «ما بعد الاستشراق: المعرفة والسّلطة في زمن الإرهاب» (ترجمة باسل عبدالله وطفه، الصادر 2015 عن دار المتوسط) يهتم دباشي بالعلاقة المتبادلة بين المعرفة التي تهيئ للإبادة، والقوة العسكرية القادرة فعليًا على الإبادة. تتم التهيئة عبر نزع الإنسانية (أن يُظهرون كصراصير لابد من القضاء عليها)، وتوليد وتعزيز الميول العنيفة ضد الشعوب التي يطمح صاحب القوة والنفوذ للتحكم بها.

أقول إنه لا غرابة بأن يكون لمفكر كحميد دباشي العدسة القادرة على رصد السلوك الاستشراقي الذي يتجلى اليوم على نحو يختلف بعض الشيء عنه أيام إدورد سعيد.

في «مقاومة الإخضاع» يرصد الكاتبان بحذق الآثار غير الحميدة لتدويل (internationalization) القضية الفلسطينية. فما يبدو أول الأمر أنه مقاومة لاحتلال عبر الرسم، يكشف عن سلوك استشراقي، ودعوات للسلام تكشف الجهل بطبيعة الصراع بين الفلسطينيين ودولة الاحتلال.

من ضمن ما حلله الكاتبان عمل فني على الجدار العازل رسمه بانكسي Banksy (وهو يُعد أشهر رسام جرافيتي). رسم العمل ملثمًا فلسطينيًا يرمي بدل الحجر باقة من الورد. يكشف هذا الإصرار على استبدال الحجر وهو رمز للكفاح المسلح، بباقة ورد أو غصن زيتون وهو رمز للسلام - جهلًا بواقع المعاناة الفلسطينية ضد الاحتلال، وما يفرضه من أشكال المقاومة.

تدويل (internationalization) القضية الفلسطينية، أنتج «سياحة كفاح» مزارها الجدار العازل، وأنتج نوع تضامن يُغرّب في الحقيقة أصحاب الأرض. يتوافد الناشطون من كل أنحاء العالم، مخاطبين الأجنبي، ليتحول جدار الهيمنة والتنكيل هذا لمنبر شكاية، ولوحة مفتوحة لقضايا أخرى - وإن كانت عادلة - لكنها لا تمس الفلسطينية مباشرة، وبطريقة لا تمثل الفلسطينيين، بل وأحيانًا لا تلقى أي صدًا لديهم.

سياحة الكفاح وتسليع المعاناة أصبح لها معنى حرفي بافتتاح بانكسي فندقًا في بيت لحم، نقطة البيع الفريدة لديه هو أنه فندق بـ«أسوأ إطلالة»، إذ يُطل على جدار الفصل العنصري.

ثمة جرافيتي شهير آخر يوصي الاحتلال بصنع الحمص عوضًا عن بناء الجدران. وهو بهذه الصياغة يقول بطريقة ما أن الأجدر بالطرفين أن يتركوا الصراعات عنهم، ويعيشوا بسلام ويطبخوا حمص وكبة ومقلوبة. متفهين بصراع الفلسطينيين نحو العدالة والتحرر.

يُطلق الكاتبان اسم «المقاومة المتوسطة» على نوع الشعارات التي تتجنب النضال المسلح من قبيل «بإمكانهم أن يسلبوك حريتك، لكنهم لا يملكون أن يسلبوا روحك المعنوية». يُلاحظ الكاتبان أيضًا فروقًا في قوة الشعار حسب اللغة التي يُكتب بها. فالإنجليزية منها تميل إلى استخدام اللغة الحقوقية، ودعوات السلام العالمية. بينما تُحيل العربية إلى كُتاب وفنانين، وتموضع الصراع محليًا.

دعوات السلام تضع الفلسطينيين في مكانة سواء مع الإسرائيليين، وتؤطر الصراع على نحو يقول ضمنيًا أن الصراع يُمكن أن ينتهي متى ما وُجدت النية والإرادة لتحقيقه. وتحول الخطاب التحرري إلى دعوات لقبول الإضطهاد مقابل السلام. محادثات السلام التي يستخدمها الاحتلال كغطاء لمواصلة توسعه، واستدامة تنكيله بالشعب الفلسطيني تنطلي بسهولة على ناشطي سياحة الكفاح.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التی ی

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يكثف تحركاته لتصفية القضية الفلسطينية

البلاد – رام الله
إنشاء إدارة الهجرة من غزة والتوسع في الاستيطان بالضفة ومواصلة الضغط العسكري الأقصى؛ 3 محاور يكثف الاحتلال الإسرائيلي العمل عليها لتهجير الفلسطينيين وتصفية الفضية.
وافق المجلس السياسي والأمني الإسرائيلي المصغر “الكابينت”، على اقتراح قدّمه وزير جيش الاحتلال يسرائيل كاتس، يقضي بإنشاء إدارة جديدة داخل وزارة الدفاع تتولى تنظيم وتمكين الفلسطينيين من مغادرة قطاع غزة “طوعا” إلى دول ثالثة.
وقال مكتب كاتس إن الإدارة الجديدة ستعمل على التحضير لتأمين وتنظيم مغادرة سكان غزة بشكل آمن ومنضبط، عبر توفير مسارات تنقل، وتدابير فحص للمسافرين في معابر محددة داخل القطاع، وتنسيق البنية التحتية اللازمة لتسهيل السفر برا وبحرا وجوا إلى وجهاتهم النهائية.
وذكر أن هذه الجهود تتم “بما يتماشى مع القوانين الإسرائيلية والدولية”، في إشارة إلى “طوعية” مغادرة غزة، رغم أن الاحتلال بتحويله منازل القطاع إلى أنقاض وتدمير الطرقات والمشافي ومصادر المياه والكهرباء وإغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات والغذاء والوقود، جعل الحياة شبه مستحيلة، بما يعني أن المغادرة أصبحت طوعية “شكلًا” لكنها “قسرية” في واقع الأمر وحقيقته.
إلى ذلك، صادق “الكابينت” على مقترح للوزير المتطرف بتسلئيل سموتريتش، يقضي بفصل 13 مستوطنة في الضفة الغربية عن المستوطنات المجاورة لها، والبدء بإجراءات الاعتراف بها كمستوطنات “مستقلة”، ويأتي هذا القرار في إطار مشروع يقوده سموتريتش من خلال “إدارة الاستيطان” التابعة لوزارة المالية التي يرأسها، وذلك بالتوازي مع المصادقة على عشرات آلاف الوحدات السكنية في الضفة الغربية، في خطوة تهدف إلى ضم الضفة الغربية لدولة الاحتلال.
وقال سموتريتش بعد قرار المصادقة: “إن هذه خطوة مهمة نحو الضم والسيادة الرسمية على الضفة الغربية… نقود ثورة لتحقيق أمانينا بتطبيع وشرعنة المستوطنات”، وأضاف “بدأنا بخطوات لفرض سيادتنا على الضفة، ورفعنا علمنا وبدأنا البناء والاستيطان”.
وسبق وأصدر سموتريتش تعليمات بصفته وزير مالية الاحتلال، يوم 11 نوفمبر الماضي لـ “بدء عمل أساسي مهني وشامل لإعداد البنية التحتية اللازمة لتطبيق السيادة على الضفة الغربية”، متعهدًا بأن يكون 2025 عام السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية.
وواصل جيش الاحتلال عدوانه على مدينة جنين ومخيمها في شمال الضفة الغربية، أمس الأحد، لليوم الـ 62 على التوالي، ووصل عدد النازحين من المخيم إلى 21 ألف نازح، وجرف 100 % من شوارع مخيم جنين وقرابة 80 % من شوارع مدينة جنين.
وميدانيا في غزة، استشهد وأصيب عشرات المواطنين، في قصف الاحتلال المتواصل منذ فجر الأحد، على مناطق في القطاع خاصة محافظتي خان ويونس ورفح جنوبًا، في مواصلة لعدوان الاحتلال المتجدد على القطاع لليوم السادس تواليًا، مستأنفًا موجة القصف والاغتيالات وقتل المدنيين، بعد 57 يومًا من تهدئة هشة أنهتها إسرائيل من جانب واحد.
وأعلن جيش الاحتلال أن قواته استكملت تطويق حي تل السلطان في رفح، مشيرا إلى أن الهدف توسيع السيطرة الأمنية بجنوب غزة، وأمر سكان الحي بالإخلاء الفوري باعتباره منطقة قتال خطيرة، محذرًا في الوقت عينه من التحرك بالمركبات والسيارات.
وتوعد نتنياهو الأسبوع الماضي بتكثيف القصف مع استئناف الحرب على القطاع، مشيرا إلى أن تلك الغارات ليست إلا البداية، فيما لوح وزير جيشه كاتس بفتح أبواب الجحيم على غزة، ما لم تطلق “حماس” كافة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لديها منذ الـ 7 من أكتوبر 2023، حيث لا يزال في قبضتها 59 إسرائيليًا من الأحياء والموتى.

مقالات مشابهة

  • السعودية: السلام الدائم والعادل لا يمكن تحقيقه دون حصول الفلسطينيين على حقوقهم
  • الخارجية الفلسطينية تحذر من تصعيد الاحتلال لجرائم التطهير العرقي في الضفة الغربية 
  • الاتحاد الأوروبي: استئناف الحوار الطريق الوحيد لوقف المعاناة في غزة
  • الاحتلال يجبر آلاف الفلسطينيين على النزوح القسري
  • الاحتلال يكثف تحركاته لتصفية القضية الفلسطينية
  • جيش الاحتلال يقول إن الفرقة التي نفذت عمليات في لبنان تستعد للعمل في غزة
  • جيش الاحتلال يعلن بدء الهجوم فى منطقة تل السلطان بمدينة رفح الفلسطينية
  • الاحتلال يعلن بدء الهجوم فى منطقة تل السلطان بمدينة رفح الفلسطينية
  • الاحتلال الإسرائيلي يصعد عدوانه على مدينة طولكرم الفلسطينية ومخيميها
  • الخارجية الفلسطينية تدين استهداف الاحتلال الإسرائيلي المستشفيات والطواقم الطبية بقطاع غزة