لجريدة عمان:
2025-01-22@20:44:34 GMT

سياحة الكفاح وتسليع المعاناة

تاريخ النشر: 22nd, January 2025 GMT

في 2018 بدأ المفكر والفيلسوف الإيراني الأمريكي حميد دباشي مع إبراهيم فريحات مشروع توثيق وتحليل لـ 323 صورة للجرافيتي والرسومات الجدارية على جدار الفصل العنصري في الضفة. في ورقتهما التي يُمكن ترجمة عنوانها إلى «مقاومة الإخضاع: الجرافيتي الفلسطيني على جدار الفصل العنصري» يحلل الأكاديميان الثيمات التي عالجها الجرافيتي ورسومات الجدار من الجهتين.

عاصر حميد دباشي إدورد سعيد وتأثر به، وأخذ على عاتقه أن يُكمل المشروع الذي بدأه سعيد في الاستشراق، خصوصًا مع تغير شكل الهيمنة والتمثيل في عالم ما بعد 11 سبتمبر. في كتاب دباشي «ما بعد الاستشراق: المعرفة والسّلطة في زمن الإرهاب» (ترجمة باسل عبدالله وطفه، الصادر 2015 عن دار المتوسط) يهتم دباشي بالعلاقة المتبادلة بين المعرفة التي تهيئ للإبادة، والقوة العسكرية القادرة فعليًا على الإبادة. تتم التهيئة عبر نزع الإنسانية (أن يُظهرون كصراصير لابد من القضاء عليها)، وتوليد وتعزيز الميول العنيفة ضد الشعوب التي يطمح صاحب القوة والنفوذ للتحكم بها.

أقول إنه لا غرابة بأن يكون لمفكر كحميد دباشي العدسة القادرة على رصد السلوك الاستشراقي الذي يتجلى اليوم على نحو يختلف بعض الشيء عنه أيام إدورد سعيد.

في «مقاومة الإخضاع» يرصد الكاتبان بحذق الآثار غير الحميدة لتدويل (internationalization) القضية الفلسطينية. فما يبدو أول الأمر أنه مقاومة لاحتلال عبر الرسم، يكشف عن سلوك استشراقي، ودعوات للسلام تكشف الجهل بطبيعة الصراع بين الفلسطينيين ودولة الاحتلال.

من ضمن ما حلله الكاتبان عمل فني على الجدار العازل رسمه بانكسي Banksy (وهو يُعد أشهر رسام جرافيتي). رسم العمل ملثمًا فلسطينيًا يرمي بدل الحجر باقة من الورد. يكشف هذا الإصرار على استبدال الحجر وهو رمز للكفاح المسلح، بباقة ورد أو غصن زيتون وهو رمز للسلام - جهلًا بواقع المعاناة الفلسطينية ضد الاحتلال، وما يفرضه من أشكال المقاومة.

تدويل (internationalization) القضية الفلسطينية، أنتج «سياحة كفاح» مزارها الجدار العازل، وأنتج نوع تضامن يُغرّب في الحقيقة أصحاب الأرض. يتوافد الناشطون من كل أنحاء العالم، مخاطبين الأجنبي، ليتحول جدار الهيمنة والتنكيل هذا لمنبر شكاية، ولوحة مفتوحة لقضايا أخرى - وإن كانت عادلة - لكنها لا تمس الفلسطينية مباشرة، وبطريقة لا تمثل الفلسطينيين، بل وأحيانًا لا تلقى أي صدًا لديهم.

سياحة الكفاح وتسليع المعاناة أصبح لها معنى حرفي بافتتاح بانكسي فندقًا في بيت لحم، نقطة البيع الفريدة لديه هو أنه فندق بـ«أسوأ إطلالة»، إذ يُطل على جدار الفصل العنصري.

ثمة جرافيتي شهير آخر يوصي الاحتلال بصنع الحمص عوضًا عن بناء الجدران. وهو بهذه الصياغة يقول بطريقة ما أن الأجدر بالطرفين أن يتركوا الصراعات عنهم، ويعيشوا بسلام ويطبخوا حمص وكبة ومقلوبة. متفهين بصراع الفلسطينيين نحو العدالة والتحرر.

يُطلق الكاتبان اسم «المقاومة المتوسطة» على نوع الشعارات التي تتجنب النضال المسلح من قبيل «بإمكانهم أن يسلبوك حريتك، لكنهم لا يملكون أن يسلبوا روحك المعنوية». يُلاحظ الكاتبان أيضًا فروقًا في قوة الشعار حسب اللغة التي يُكتب بها. فالإنجليزية منها تميل إلى استخدام اللغة الحقوقية، ودعوات السلام العالمية. بينما تُحيل العربية إلى كُتاب وفنانين، وتموضع الصراع محليًا.

دعوات السلام تضع الفلسطينيين في مكانة سواء مع الإسرائيليين، وتؤطر الصراع على نحو يقول ضمنيًا أن الصراع يُمكن أن ينتهي متى ما وُجدت النية والإرادة لتحقيقه. وتحول الخطاب التحرري إلى دعوات لقبول الإضطهاد مقابل السلام. محادثات السلام التي يستخدمها الاحتلال كغطاء لمواصلة توسعه، واستدامة تنكيله بالشعب الفلسطيني تنطلي بسهولة على ناشطي سياحة الكفاح.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التی ی

إقرأ أيضاً:

الرئاسة الفلسطينية: إلغاء العقوبات على المستوطنين يشجعهم على ارتكاب مزيد من الجرائم

أدانت الرئاسة الفلسطينية العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني، وآخرها اعتداءات المستوطنين بحماية جيش الاحتلال على عدد من قرى محافظة قلقيلية بالضفة الغربية، كما وضع العديد من الحواجز العسكرية والبوابات الحديدية على مداخل المدن والقرى، بهدف تقطيع أوصال الضفة.

وأضافت الرئاسة الفلسطينية، في بيان لها، ونقلته قناة القاهرة الإخبارية، أن جرائم المستوطنين بالضفة تعد جزءا من استمرار حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال على الشعب الفلسطيني مستهدفا مقدساته وممتلكاته، وأن الحكومة الإسرائيلية المتطرفة تحاول جر الضفة الغربية إلى مواجهة شاملة من خلال الحرب الصامتة التي تنفذها.

إلغاء العقوبات على المستوطنين

وأكدت الرئاسة الفلسطينية، أن قرار إلغاء العقوبات على المستوطنين يشجعهم على ارتكاب مزيد من الجرائم، ونطالب الإدارة الأمريكية الجديدة بالتدخل لوقف جرائم المستوطنين والسياسات الإسرائيلية التي لن تجلب السلام والأمن لأحد، وأن الطريق الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار تطبيق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية كأساس لحل القضية الفلسطينية. 

فيما أعلنت وزارة الخارجية الفلسطينية، أنها تعمل على حشد أوسع جبهة دولية ضاغطة لإجبار الحكومة الإسرائيلية على وقف اعتداءاتها وإنهاء احتلالها لأرض دولة فلسطين، حسبما أفادت قناة «القاهرة الإخبارية»، في خبر عاجل.

التدخل لوقف جرائم المستوطنين

وطالبت الخارجية الفلسطينية، الإدارة الأمريكية الجديدة بالتدخل لوقف جرائم المستوطنين والسياسات الإسرائيلية التي لن تجلب السلام والأمن لأحد، وبفرض عقوبات دولية رادعة على الاحتلال ومستوطنيه وتفكيك منظماتهم.

وأكدت الخارجية الفلسطينية، أنها تنظر بخطورة بالغة إلى رفع العقوبات عن المستوطنين وقرار وزير الدفاع الإسرائيلي الإفراج عن المعتقلين منهم.

 

 

مقالات مشابهة

  • أرقام صادمة لعدد الحواجز والبوابات التي تحاصر الفلسطينيين في الضفة
  • المقاومة الفلسطينية الجدار: 898 حاجزا عسكريا وبوابة تحاصر الفلسطينيين في الضفة
  • أرقام صادمة لعدد الحواجر والبوابات التي تحاصر الفلسطينيين في الضفة
  • الأردن : السلطة الفلسطينية يجب أن تتولى مسؤولية غزة
  • وزير الخارجية الأردني: يجب أن تتولى السلطة الفلسطينية مسؤولية غزة
  • الحرب انتهت والمعاناة مستمرة.. هكذا يتحدى الغزيون أوجاع الإبادة
  • طوفان الأقصى.. تتويج لمسيرة الكفاح الفلسطيني
  • الرئاسة الفلسطينية: إلغاء العقوبات على المستوطنين يشجعهم على ارتكاب مزيد من الجرائم
  • الرئاسة الفلسطينية تُسلط الضوء على جرائم الاحتلال في الضفة الغربية