خليفة بن عبيد المشايخي
khalifaalmashayiki@gmail.com
كانت هذه الحياة ولا زالت محل مشقة وعنت وتعب وآلام وأوجاع بشكل قد لا يتوقعه إنسان، ولا يتخيله عقل، خاصة مع أولئك البعيدين عن هذا المشهد لأسباب أوضاعهم المادية المُمتازة، التي تجعلهم محصورين مع أنفسهم، وعلاقاتهم مع من مثلهم فقط.
وما إن تخرج من بيتك لقضاء حاجة ما، إلا وترى عن يمينك وشمالك أناس بانت على ملامحهم قسوة الحياة والذل والحاجة، وارتسمت على وجوههم التي شاخت، تفاصيل أحزان كبيرة وهموم كثيرة.
وترى آخرين يفترشون الأرض يعرضون مُنتجات ومياه شرب، وفريقاً لم يتيسر له ذلك، فيتجول في الطرقات والحواري بحثاً عن فاعل خير ومنقذٍ له، وعلَّه يجد هنا أو هناك كريماً، يشفق عليه، فيسد رمقه ويشبع جوعه ويروي عطشه ويقضي حاجته، والذي يفعل ذلك فهو متصدق على نفسه ومقدم لنفسه، وراحمًا لنفسه ولولده ولأهله، فأثار الصدقة وفعل الخير يمتد حتى إلى دابتك فكيف بأولادك وأهلك وبيتك.
وحينما تكون أنت محتاجا وفي وضع ليس بأقل ممن تقدم ذكرهم، وينعم عليك المولى عزَّ وجلَّ في وقت ما بمبلغ بسيط ويأتيك سائل، من كرمك وطيبتك وأخلاقك وحبك للناس وللخير وفعله، تسارع إلى اقتسام ما عندك معه، من أجل التيسير عليه والتخفيف عنه، وإدخال السرور على قلبه.
رائدك في ذلك عون الله ورحمته ولطفه، قائلا في نفسك أنا اليوم أفضل حالا من هذا بسبب بضعة الريالات التي عندي، طبعاً تقول ذلك وأنت هكذا وضعك، فكيف لو كنت ميسور الحال، مؤكدٌ أنه من كرمك لن ترد محتاجًا ولن تنهر سائلاً.
في هذه الحياة هناك قصص كثيرة ومواقف عديدة ومشاهد مُحزنة ومُؤلمة مختلفة، فمنا من يعيش جائعاً وبدون مأوى ولا طعام، وهناك من يعيش خيرا وبطنه شبعان، ورصيده مليان، ولكنه ذميم بخيل ليس به خيرٌ ولا فيه خير لعباد الله إطلاقاً، متخذاً شعار أنا لست جمعية خيرية.
كثيرة هي الحالات الموجعة التي نراها أمامنا وودنا ألا تكونَ موجودة أبدًا، وأن يكون بمقدورنا مساعدة جميع من هم بحاجة للمساعدة وللعون ولتفريج همومهم.
لقد أمرنا الله سبحانه وتعالى أن ننفق مما رزقنا وأن نساعد الكل ولا نفرق بين هذا وذاك، والذي ليس به خيرٌ للناس، فهو في شر من الناس وفي الناس، ومن هكذا وضعه أجارنا الله منه ولا جعلنا من شاكلته وصنفه، إنسان مكروه منبوذ، مدفوع من رحمات الله ومُبعد عن حياة الصالحين والأخيار.
إن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس، ونحن في شهر رجب وتفصلنا عن شهر رمضان أيام قليلة. لذلك فيا أخي الذي ترى نفسك أفضل من غيرك بمالك، أذكرك أن ما أنت فيه من الله، فدائمًا كن رحيمًا بعباد الله، فمن لا يَرحم لا يُرحَم، والأيام دُوَل، وكل معروف يصنعه الإنسان فهو لنفسه في الدنيا والآخرة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
جيمس ويب يكتشف أثر الحياة بكوكب كله محيط مائي
أعلن باحثون من مرصد جيمس ويب الفضائي التابع لناسا عن وجود غازات الميثان وثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي لكوكب يدور حول نجم غير الشمس يدعى "كي 2 – 18 ب".
هذا الكوكب، الذي يفوق حجم الأرض بـ8.6 مرات، ويقع على بُعد 120 سنة ضوئية من الأرض، ينضم لفئة الكواكب المحيطية، فهو مغطى بمحيط مائي عميق جدا، وله غلاف جوي غني بغاز الهيدروجين.
وهذه الكواكب ليست مثل الأرض تماما، لكنها قد تكون صالحة لظهور أنواع مختلفة من الحياة، وخاصة أن "كي 2 – 18 ب" يدور في منطقة صالحة للحياة، حول نجم يعد قزما وباردا نسبيا.
وبفضل قدرات جيمس ويب الدقيقة، كشف العلماء عن وجود الميثان وثاني أكسيد الكربون، ووجود هذين الغازين في الغلاف الجوي قد يشير إلى تفاعلات كيميائية معقدة، وبالتالي يشيران إلى بيئة ممكنة لتكوّن الحياة، أو على الأقل ظروف مشابهة لبيئات الأرض.
ولم يتم رصد كميات كبيرة من الأمونيا، مما دعم احتمال وجود محيط مائي تحت غلاف جوي غني بالهيدروجين، بحسب بيان صحفي رسمي من وكالة ناسا.
لكن الأكثر إثارة للانتباه في هذا السياق كان اكتشاف إمكانية وجود ثنائي ميثيل الكبريتيد وهو مركب يُنتَج على الأرض فقط بواسطة الكائنات الحية، وخاصة الميكروبات البحرية مثل العوالق النباتية والطحالب في المحيطات، مما يثير تساؤلات عن إمكانية وجود نشاط بيولوجي على الكوكب.
إعلانوتُنتج الكائنات البحرية الدقيقة مركبا يُسمى ثنائي ميثيل سلفونيو بروبيونات، والذي يساعد في تنظيم ملوحة خلاياها والحماية من التوتر البيئي والدفاع ضد الأعداء، وعندما تموت هذه الكائنات أو تتحلل، يتحطم هذا المركب، فيتحوّل إلى غاز يُسمّى ثنائي ميثيل الكبريتيد الذي ينطلق في الغلاف الجوي.
وتجدر ملاحظة أن جيمس ويب لا يرصد وجود هذه المركبات بشكل مباشر، ولكنه يحلل ضوء النجم الذي يمر عبر الغلاف الجوي لهذا الكوكب، ثم يصل إلى عدسات التلسكوب.
وحينما يمر شعاع ضوء النجم عبر غلاف الكوكب، فإن المركبات الكيميائية بالغلاف الجوي تطبع أثرها على شعاع الضوء (لأنه يتفاعل معها)، فتترك ما يشبه البصمة، والتي يفك العلماء شفراتها على الأرض.
وبشكل خاص، يعد مرصد جيمس ويب متميزا في تلك النقطة، لأنه يعمل في نطاق الأشعة تحت الحمراء والتي تعد مهمة جدا في دراسة الكواكب البعيدة، لأن الكواكب ليست مضيئة مثل النجوم ولا تُنتج ضوءا بنفسها، لكنها تُصدر حرارة والحرارة تُرصد على شكل أشعة تحت حمراء.
بشكل أوضح، يمكن القول إن الأشعة تحت الحمراء هي لغة الكواكب الأفضل، إذا أرادت أن تعرف عن نفسها.