مع إعلان وقف إطلاق النار في غزة في 19 يناير 2025، بعد أربعة عشر شهرا من الصراع بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، شهدت المنطقة تحولاً في أولوياتها السياسية والعسكرية. هذا التطور لم يقتصر على وقف إطلاق النار بغزة، بل امتد ليعيد رسم العلاقات الإقليمية والدولية، خصوصاً تجاه اليمن، الذي شهد تصعيداً حوثياً لافتاً خلال العدوان على غزة، حيث بررت الجماعة عملياتها بأنها( إسناد)المقاومة.

 

تزايدت التساؤلات بشأن كيفية التعامل مع الحوثيين، خاصة بعد استهدافهم سفناً إسرائيلية ودولية واستهداف إسرائيل، ومدى تأثير انتهاء الحرب في غزة على توجيه الأنظار نحو اليمن.

 

فهل سيتجه المجتمع الدولي إلى معاقبة الحوثيين؟

 

وهل يؤدي ذلك إلى تصعيد عسكري جديد في اليمن؟

 

سأستعرض هنا أبرز السيناريوهات والتحديات المحتملة

 

أولاً : تآكل فرص التسوية

 

على مدار السنوات الماضية، شهد الصراع اليمني عدة مراحل من التصعيد والتهدئة، إلا أن الفترة الأخيرة توحي بتراجع فرص التسوية السياسية، فقد قالت مصادر أن السعودية عبرت عن عدم قدرتها على تنفيذ خارطة الطريق السابقة بسبب العقوبات الأمريكية المفروضة على الحوثيين في آخر زيارة لوفد الجماعة بعد أن كانت السعودية أكثر المتحمسين لهذه الخارطة.

 

في نفس الوقت أكدت مصادر مطلعة أن الولايات المتحدة الأمريكية وفي ظل تحركاتها لتطويق تحركات الحوثيين طلبت من سلطنة عمان الراعية الأبرز للتسوية في اليمن وقف استضافتها لقيادات الحوثيين في أراضيها دون أن تذكر المصادر نفسها كيفية تعامل السلطنة مع هذا الطلب.

 

ويبدو أن استلام سلطنة عمان للسفينة “جالاكسي ليدر”، التي احتجزها الحوثيون في نوفمبر 2023م، والإفراج عن طاقمها المكون من 25 شخصًا، يشكل خطوة أولية ضمن محاولات لتخفيف الضغوط على الحوثيين والمضي نحو مسار التسوية. ويتزامن ذلك مع وجود وزير الخارجية اليمني في عمان، مما يضيف بُعدًا سياسيًا لهذه التطورات.

 

ثانيا: الحوثيون بين التصعيد الإقليمي والضغوط الدولية

 

وقف إطلاق النار وضع الحوثيين أمام تحديات جديدة، مع تصاعد الضغوط الدولية، خاصة من الولايات المتحدة وبريطانيا، فهم يسعون لتجنب تصعيد أكبر، حيث أعلنوا الالتزام بوقف هجماتهم.

 

 هذا التحول يعكس الضغوط المتزايدة التي يواجهونها، سواء بسبب العقوبات الدولية أو احتمال نهديدات عسكرية من التحالف العربي بقيادة السعودية وهومادفع قيادي كمحمد علي الحوثي بإرسال تهديدات مؤخرا للرياض.

 

 ومع ذلك، فإن خيارات الجماعة تبدو محدودة، حيث يواجهون مأزقاً في الحفاظ على نفوذهم دون الدخول في مواجهة شاملة.

 

ثالثا: التحركات العسكرية

 

تُعد منطقة باب المندب محوراً رئيسياً في أي تصعيد محتمل فقوات “المقاومة الوطنية”، بقيادة العميد طارق صالح، كثفت نشاطها في الساحل الغربي لتعزيز السيطرة على هذا الممر المائي الحيوي.

 

في ديسمبر 2023، أظهر عرض عسكري كبير في المخا استعداداً واضحاً لتحولات عسكرية قادمة، مما يعكس تصاعد التوترات.

 

في الوقت ذاته يبدو إن هناك استعدادات للقوات الحكومية وحلفائها في مأرب القريبة من صنعاء وتعز وسط البلاد في انتظار إشارة دولية واضحة.

 

التنسيق الدولي والإقليمي

 

تشير تقارير إلى تزايد التنسيق بين التحالف العربي والقوات الدولية، بما في ذلك القوات الأمريكية والبريطانية، لحماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر قد تكون هذه التحركات تمهيداً لتصعيد عسكري ضد الحوثيين.

 

كما انعقدت لقاءات مكثفة مؤخرا بين المسؤولين العسكريين السعوديين والإماراتيين، بالإضافة إلى اجتماعات مع قادة عسكريين يمنيين، ما يشير إلى أن العمل العسكري قد يكون خيارًا مطروحًا في المرحلة المقبلة.

 

ثالثاً: الأبعاد الدولية لتصعيد محتمل ضد الحوثيين

 

مع انتهاء الصراع في غزة، من المتوقع أن يتحول تركيز المجتمع الدولي نحو اليمن، خاصة بعد تصاعد الهجمات الحوثية، فهل ستتخذ الولايات المتحدة الامريكية في عهد رئاسة دونالد ترامب المعروف بتطرفه تجاه إيران وحلفائها قرار بعمل عسكري أم انها ستميل إلى تجنب التصعيد العسكري المباشر، مفضلةً تعزيز العقوبات والضغوط الدبلوماسية.

 

 الانباء تفيد أن مسألة التصعيد العسكري ضد الحوثيين أصبحت مطروحة أكثر من ذي قبل.

 

الدعوات الإقليمية للتحرك

 

تتصاعد المطالب المحلية في اليمن، بضرورة تدخل عسكري فالمجلس الانتقالي الجنوبي، دعا لاتخاذ خطوات أكثر حزماً ضد الحوثيين، حيث يرى البعض في التحرك الدولي فرصة للحد من تهديداتهم، بحسب ما صدر مؤخرا عن رئيس المجلس الإنتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي في تصريحاته للغارديان.

 

رابعا: الأبعاد الإقليمية والدولية

 

تطمح السعودية والإمارات، لإنهاء الحرب في اليمن بطريقة تضمن تقليص النفوذ الإيراني الذي تمثله جماعة الحوثي لكن لكل دولة منهما اجنداته الخاصة وحضوره الكبير على الأرض.

 

رغم ذلك فإن الرياض وأبوظبي تدركان أن أي تصعيد عسكري يجب أن يكون مدروسًا بعناية لتجنب الدخول في مواجهة طويلة الأمد يكون لها ارتداداتها عليهما كما حدث خلال السنوات الماضية.

 

من جهة أخرى، فإن الولايات المتحدة تضع في أولوياتها مواجهة إيران، وقد ترى أن استمرار الضغوط العسكرية على الحوثيين جزء من استراتيجيتها الإقليمية.

 

سيناريوهات التصعيد العسكري المحتمل

 

 1-حملة عسكرية دولية واسعة

 

قد تقود الولايات المتحدة وحلفاؤها حملة عسكرية تستهدف القيادات الحوثية العليا والبنية التحتية العسكرية للحوثيين، معتمدين على التحالف العربي والقوات المحلية ويرجح الكثيرون أنه تم الحديث عن حملة عسكرية واسعة تستهدف استئصالهم.

 

 • التحديات:

 

 • تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن نتيجة التصعيد.

 

 • صعوبة تحقيق تنسيق كامل بين الأطراف المحلية والدولية.

 

 2. تصعيد الضغوط الدبلوماسية والعقوبات

 

يُحتمل أن يُفضل المجتمع الدولي تعزيز العقوبات الاقتصادية والضغوط السياسية لدفع الحوثيين نحو التفاوض.

 

 • التحديات:

 

 • ضعف تأثير العقوبات على تغيير سلوك الحوثيين.

 

 • الحاجة إلى توافق دولي واسع في ظل تباين المصالح بين الأطراف الكبرى.

 

 3. تعزيز التحالفات المحلية

 

قد يركز المجتمع الدولي على دعم القوات المحلية، مثل “قوات الحكومة اليمنية وحلفائها”  و“المقاومة الوطنية” والمجلس الانتقالي الجنوبي، لتولي زمام المبادرة ضد الحوثيين.

 

 • التحديات:

 

 • استمرار الانقسامات بين الفصائل اليمنية المحلية.

 • محدودية الدعم الدولي المستدام لهذه القوات.

 

يُظهر المشهد اليمني في 2025 تداخلاً معقداً بين الأبعاد المحلية والإقليمية والدولية.

 

وقف إطلاق النار في غزة أدى إلى إعادة توجيه الأنظار نحو اليمن، حيث يواجه الحوثيون ضغوطاً متزايدة على الصعيدين العسكري والدبلوماسي.

 

في ظل هذه التطورات، تبقى الخيارات مفتوحة أمام المجتمع الدولي، سواء بالتصعيد العسكري أو تعزيز الحلول السلمية.

 

 لكن يبقى السؤال: هل يمكن أن تكون هذه الضغوط كافية لإنهاء الصراع في اليمن، أم أنها ستقود إلى تصعيد جديد يعمّق الأزمة؟


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن إسرائيل ايران الحوثي أمريكا الولایات المتحدة التصعید العسکری وقف إطلاق النار المجتمع الدولی ضد الحوثیین فی الیمن فی غزة

إقرأ أيضاً:

توك شو| بكري: الصعيد شهد نهضة غير مسبوقة في عهد الرئيس السيسي.. الأمم المتحدة: نثمن جهود الوساطة المصرية لوقف إطلاق النار بغزة

تناولت برامج التوك شو خلال الساعات الماضية، عددا من الأخبار الهامة نرصد أبرزها فى التقرير التالى:


مجاهدي سيناء: الدولة استثمرت 700 مليار جنيه بمشروعات التنمية
قال الشيخ عبد الله جهامة رئيس جمعية مجاهدي سيناء، إن الاحتفال هذا العام بذكرى تحرير سيناء يأتي بطابع خاص عقب الإنجازات الضخمة التى تم تحقيقها على أرض الواقع.

العليا للحج: رصد 2000 شركة مخالفة تروج لأداء الفريضة
تحدث ناصر تركي نائب عضو اللجنة العليا للحج عن آخر تفاصيل موسم الحج هذا العام 2025.


هشام الحلبي: مشروع تهجير الفلسطينيين إلى سيناء موجود منذ فترة الخمسينيات
أكد اللواء طيار الدكتور هشام الحلبي، المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، أن إسرائيل لديها مشروع استيطاني للسيطرة على الضفة الغربية وقطاع غزة، مشيرا إلى أن إسرائيل لديها هدف لتهجير أهالي الضفة الغربية للأردن، وأهالي غزة لسيناء.


الأمم المتحدة: نثمن جهود الوساطة المصرية للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بغزة
أكد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أن الفلسطينيون في قطاع غزة لا يمتلكون أدوات المعيشة الأساسية، حسبما أفادت قناةالقاهرة الإخبارية ” في خبر عاجل .

انت اللي قتلت ابني يا مجدي.. ريم مصطفى عن تريند رمضان: اتخضيت
حلت الفنانة ريم مصطفى، ضيفة على الإعلامية منى الشاذلي في حلقة اليوم من برنامج " معكم " المذاع على قناة " أون".


بكري: الصعيد شهد نهضة في عهد الرئيس السيسي غير مسبوقة
أكد الإعلامي مصطفى بكري، أن الصعيد شهد نهضة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي غير مسبوقة، مشيرا إلى أنه  تم بناء المحاور والخدمات لأهالي الصعيد، مع العمل على تطوير البنية التحتية.


بلاغ عاجل من مصطفى بكري لوزارة الداخلية ضد هذا الشخص على الهواء
تقدم الإعلامي مصطفى بكري، ببلاغ لوزارة الداخلية والجهات المعنية ضد مواطن في أسيوط يدعى صلاح محمد حسنين، قائلا “إن هذا المواطن لا هم له إلا السباب والتطاول على مؤسسات الدولة والتشهير بالشخصيات العامة من بينها الشهيد النائب العام السابق هشام بركات”.

ترامب: أحرزنا تقدما كبيرا لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا
أكد الرئيس الامريكي دونالد ترامب، إحراز تقدم كبير لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، حسبما افادت قناة “ القاهرة الإخبارية ” في خبر عاجل .

جيش الاحتلال يصدر أوامر إخلاء جديدة لمناطق في بيت حانون شمالي غزة
أصدر جيش الاحتلال، أوامر إخلاء جديدة لمناطق في بيت حانون والشيخ زايد شمالي قطاع غزة، حسبما افادت قناة “ القاهرة الإخبارية ” في خبر عاجل .


صندوق النقد: مخاطر اقتصادات الشرق الأوسط الأزمات السياسية والصراعات
أكد صندوق النقد الدولي، أن المخاطر التي تهدد اقتصادات الشرق الأوسط هي الأزمات السياسية والصراعات والتغير المناخي، حسبما أفادت قناة “ القاهرة الإخبارية ” في خبر عاجل .

طباعة شارك مصطفى بكري الرئيس السيسي غزة قطاع غزة الاحتلال ريم مصطفى

مقالات مشابهة

  • توك شو| بكري: الصعيد شهد نهضة غير مسبوقة في عهد الرئيس السيسي.. الأمم المتحدة: نثمن جهود الوساطة المصرية لوقف إطلاق النار بغزة
  • الأمم المتحدة: نثمن جهود الوساطة المصرية للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بغزة
  • اليمن بين نيران الغارات وصمود الشعب: تصعيد عسكري يهدد بمزيد من المعاناة
  • الخارجية الإيطالي: التصعيد في البحر الأحمر يكبد دول المنطقة خسائر كبيرة
  • وزير خارجية قطر يبحث مع نظيره الأمريكي إعادة اتفاق وقف النار بغزة
  • تصعيد أميركي غير مسبوق ضد الحوثيين في اليمن.. ترامب يعلن عن إرسال قوات إضافية
  • ماذا وراء التصعيد في حضرموت شرقي اليمن؟.. احتقان ينذر بانفجار عسكري
  • ‏العاهل الأردني يحذر من خطورة استمرار التصعيد في الضفة الغربية والانتهاكات للمقدسات
  • مقترح جديد للهدنة بغزة.. 7 سنوات من السلام مقابل الأسرى والانسحاب الإسرائيلي
  • خبير عسكري: الظروف الحالية بلبنان مواتية للشروع في تنفيذ اتفاق لقف إطلاق النار