غرامات التأخير.. عائق أم فرصة للتطوير؟!
تاريخ النشر: 22nd, January 2025 GMT
فايزة سويلم الكلبانية
faizaalkalbani1@gmail.com
يُواجه العديد من أصحاب المشاريع تحديات تطال استمرارية أعمالهم، ومن أبرزها تراكم الرسوم الحكومية الناتجة عن "غرامات تأخير سداد الرسوم الحكومية"، هذه الغرامات قد تُصبح السبب الرئيسي لخسارة مشاريعهم؛ حيث يضطر البعض- خاصة أصحاب المشاريع الصغيرة- إلى إغلاق أعمالهم بعد سنوات من الكفاح والجهد.
ولقد فوجئ الآلاف من أصحاب الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بالقرار الذي بدأ تنفيذه قبل أيام، ويفرض غرامة 50 ريالًا على كل سجل تجاري، غير مُدرج في نظام حماية الأجور. ومع إيماننا الكبير بأهمية هذا النظام في الحفاظ على حقوق العمال، لكن في المُقابل هل يُعقل أن يتم فرض الغرامات دون مُقدمات ودون توعية واضحة للمُستهدفين؟! من الغريب في هذه الأيام أن نجد وزارة أو جهة تقول إنِّها نظمت حملة توعوية عبر وسائل التواصل الاجتماعي!! وكأنَّ هذه الوسائل باتت المنابر التي يمكن من خلالها الوصول إلى جميع رواد الأعمال وأصحاب المؤسسات. وكان من المفترض أن يتم إطلاق حملة إعلامية موسعة، وعندما أقول إعلامية فإنني أقصد الصحف المطبوعة والمواقع الإخبارية والمحطات الإذاعية والقنوات التلفزيونية، تتولى هذه الحملة التوعية بأهمية ما تريد الوزارة أو الجهة إخبار المواطن به، ولا يجب أن تتركه عرضة لهكذا صدمات.
المطلوب دائمًا أن تتعزز الشراكة بين الجهات الحكومية، ووسائل الإعلام، بصورة تبرهن على التضافر المنشود بين الجميع، لا أن تعمل الوزارات والهيئات الحكومية في معزل عن المجتمع، بحجة أنها نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي!
ما يزيد الأمر تعقيدًا هو غياب أنظمة فعّالة تُخطر أصحاب المشاريع بالمواعيد النهائية للسداد، إضافة إلى عدم دراية البعض بالإجراءات اللازمة لتجنب الغرامات. وكل تأخير- مهما كان بسيطًا- يتحول مع الوقت إلى عبء مالي ثقيل، حتى يجد أصحاب المشاريع أنفسهم أمام مأزق مالي يصعب الخروج منه. هذه التحديات لا تُؤثر فقط على الأفراد، بل تمتد آثارها لتنعكس على الاقتصاد الوطني ككل، مما يجعل البحث عن حلول أمراً بالغ الأهمية.
هذه المواقف ليست حالة فردية؛ بل تمثل تحديًا يعاني منه العديد من أصحاب المشاريع والمؤسسات في مختلف القطاعات. وإدراكًا لهذه المشكلة وأهميتها، بادر فرع غرفة تجارة وصناعة عُمان بمحافظة جنوب الباطنة بالتعاون مع جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بالمصنعة بإعداد دراسة بحثية بعنوان "دراسة معاينة نظام غرامات التأخير من سداد الرسوم الحكومية". هدف الدراسة كان واضحًا: فهم جذور المشكلة وآثارها على الشركات والمؤسسات، وتقديم توصيات عملية لمُعالجتها بما يدعم بيئة الأعمال في السلطنة.
اعتمدت الدراسة على منهج علمي دقيق، حيث شملت عينة مكونة من 120 مؤسسة متنوعة في أحجامها وقطاعاتها الاقتصادية، من بينها قطاعات التعليم، السياحة، الزراعة، والنقل. استخدمت الدراسة أدوات بحثية متعددة، مثل الاستبيانات والمقابلات والزيارات الميدانية، لتقديم رؤية شاملة حول تأثير نظام الغرامات على مختلف أنواع المؤسسات.
كشفت النتائج أنَّ غرامات التأخير تُثقل كاهل المؤسسات، خاصة الصغيرة والمتوسطة، التي غالبًا ما تفتقر إلى الموارد اللازمة لإدارة المستحقات الحكومية بشكل منتظم. كما أظهرت الدراسة أن غياب نظام تنبيه مبكر يُخطر المؤسسات بمواعيد السداد، إلى جانب تعقيد الإجراءات وتعدد الجهات المسؤولة، يمثلان عقبتين رئيسيتين أمام الامتثال الكامل. وأبرزت النتائج أيضًا أن القطاعات الموسمية، مثل السياحة والزراعة، تتأثر بشكل أكبر، حيث تعتمد أعمالها على دورات اقتصادية غير منتظمة.
قدمت الدراسة مجموعة من التوصيات التي تهدف إلى تحسين بيئة الأعمال ومعالجة هذه الإشكاليات. من أبرز هذه التوصيات إنشاء نظام إلكتروني للإشعارات المبكرة يُنبه الشركات بالرسوم المستحقة ومواعيد السداد، مما يقلل من فرص التأخير غير المقصود. كما دعت إلى إنشاء منصة موحدة لجميع المعاملات الحكومية، لتسهيل الإجراءات وتقليل الوقت والجهد المبذول من قبل المؤسسات.
أوصت الدراسة أيضًا بتقديم تسهيلات للشركات التي تواجه أزمات استثنائية، مثل الركود الاقتصادي أو الكوارث الطبيعية، من خلال أنظمة تقسيط ميسّرة أو تخفيضات جزئية على الغرامات. هذه الخطوات من شأنها أن تخلق توازنًا بين تحصيل الإيرادات الحكومية وضمان استدامة الشركات.
الدراسة أكدت أهمية العمل المشترك بين الجهات الحكومية ومجتمع الأعمال لتحسين السياسات والإجراءات بما يدعم التنمية الاقتصادية المستدامة. وتطبيق التوصيات سيعزز من قدرة المؤسسات على الامتثال، وسيسهم في تقليل الأعباء المالية والإدارية، مما يتيح للمشاريع النمو والازدهار في بيئة أعمال تنافسية ومستقرة.
إننا يجب أن نطرح دائمًا سؤالًا بالغ الأهمية: ما دور القرارات التنظيمية والإجرائية التي تفرضها المؤسسات الحكومية على القطاع الخاص؟ هل هي بهدف تسهيل الأعمال وتوسيع القاعدة الإنتاجية وضمان نمو القطاع الخاص؟ أم بهدف التضييق عليه وإزعاجه في كل شيء، حتى نجد رائد العمل أو صاحب المؤسسة الصغيرة أو المتوسطة، يتخارج من السوق وينسحب تمامًا من ممارسة الأعمال؟ الواقع أنه خلال اليومين الماضيين فقط، وقعت غرامات بمئات الآلاف على الآلاف من شركات ومؤسسات القطاع الخاص، فهل هذا الأمر يتماشى مع رؤية "عُمان 2040" وسعيها الحثيث من أجل تعظيم أدوار القطاع الخاص، لا سيما فيما يتعلق بالتشغيل والإسهام في نمو الناتج المحلي؟! سؤال أتركه بلا إجابة، لكل من يهمه الأمر!
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
أيمن محسب: المشاركة في منتدي دافوس خطوة مهمة لجذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز التنمية المستدامة
أكد الدكتور أيمن محسب، عضو مجلس النواب، ومقرر لجنة أولويات الاستثمار بالحوار الوطني، أن مشاركة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس تُعد خطوة مهمة نظرا للأهمية الكبيرة للمنتدى كمنصة تجمع قادة الحكومات ورجال الأعمال وصناع القرار من مختلف دول العالم لمناقشة القضايا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية العالمية، موضحا أن المنتدى هو تجمع سنوي يهدف إلى مناقشة القضايا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية العالمية بمشاركة قادة الحكومات، ورجال الأعمال، والأكاديميين، والخبراء من مختلف أنحاء العالم.
وقال "محسب"، أن المشاركة في المنتدي تساهم في تعزيز التعاون الدولي، حيث يتيح المنتدى تشجيع الحوار بين الحكومات، والشركات، والمجتمع المدني لإيجاد حلول للقضايا العالمية مثل الفقر، التغير المناخي، والأزمات الاقتصادية، فضلا عن تعزيز التنمية المستدامة من خلال مناقشة موضوعات مثل الطاقة المتجددة، الاستدامة البيئية، والابتكار في التكنولوجيا، مشيرا إلى أن المنتدي فرصة مهمة للغاية من أجل البحث عن طرق لتحسين الاقتصاد العالمي، وتعزيز النمو الاقتصادي، ودعم التجارة الدولية وسط الأزمات الاقتصادية الراهنة مثل التضخم والركود.
وأشار عضو مجلس النواب إلى أن التحول الرقمي والتكنولوجي يأتي على رأس اهتمامات المنتدي الذي يستهدف تسخير التكنولوجيا لتطوير الأعمال، تحسين الخدمات الحكومية، وتقليل الفجوة الرقمية بين الدول، فضلا عن معالجة القضايا المناخية، ودعم التحول نحو الطاقة النظيفة وتقليل انبعاثات الكربون وهو نفسه الاتجاه الذي تتبناه الدولة المصرية تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، مؤكدا أن الزيارة تتيح لمصر فرصة جيدة للمشاركة في صنع السياسات العالمية وتأكيد دورها كلاعب إقليمي مهم.
وشدد النائب أيمن محسب، على أن منتدي دافوس يُعد فرصة فريدة للتواصل مع المستثمرين وكبرى الشركات العالمية، ما يعزز إمكانية جذب استثمارات جديدة، خاصة في قطاعات البنية التحتية، الطاقة المتجددة، والتكنولوجي، بالإضافة إلى الترويج لرؤية مصر التنموية وإبراز المشاريع القومية الكبرى مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، فضلا عن الاستفادة من تجارب دول أخرى في مواجهة التحديات الاقتصادية مثل التضخم، الأمن الغذائي، وأزمات الطاقة.