سرايا - أحدث تقديم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي يوم أمس هزة أرضية في الحلبة السياسية والعسكرية الإسرائيلية.

ورغم أن الاستقالة كانت منتظرة منذ وقت طويل من جانب كثيرين وكانت مطلوبة بشدة من جانب اليمين الإسرائيلي الحاكم، فإن توقيتها كان مفاجئا.

وليس صدفة أن تعلن الاستقالة بعد بدء تنفيذ وقف النار المتبادل، والشروع بعملية "السور الحديدي" في جنين كجزء من أهداف مستجدة للحرب أملتها اعتبارات ائتلافية يمينية، لم يكن هاليفي راضيا عنها.



وكان من أول نتائج هذه الهزة تدحرج كرة ثلج كبيرة، بدأت في قيادة الجيش بتقديم قائد الجبهة الجنوبية الجنرال يارون فينكلمان استقالته، ليتم الإعلان بعدها عن توقع تقديم كل من قائد سلاح الجو الجنرال تومر بار، وقائد سلاح البحرية الجنرال ديفيد ساعر استقالتيهما.

ومن المنتظر أنه بهذه الاستقالات وغيرها سوف تتغير صورة ووجهة الجيش بتغيير أغلبية، إن لم يكن كل أعضاء هيئة الأركان العامة.

وتسعى أطراف فاعلة في حكومة نتنياهو لإقالة رئيس الشاباك رونين بار أيضا ضمن خطة لتحميل مسؤولية فشل 7 أكتوبر/تشرين الأول للقيادة العسكرية والأمنية وإبعاد الاتهام عن القيادة السياسية.

وكان هاليفي -وربما منذ يوم تعيينه على يد وزير الحرب حينها بيني غانتس- مكروها من جانب اليمين الطامح إلى رئيس أركان أكثر تجاوبا مع أطروحاته.

ومعروف أن نخبة الجيش وقيادته كانت في الماضي حكرا على تيار اليسار العمالي، حين كان أبناء الكيبوتسات هم طليعة الوحدات الخاصة.

لكن هذه النخبة صارت تتغير بعدما صارت المدارس الدينية العسكرية، وأبناء المستوطنات يحتلون مواقع عليا في الجيش ووحداته الخاصة.

وهذا ما خلق نوعا من التداخل حينا، والتنافر أحيانا، بين عقليّتي أبناء الجيش من المرحلتين. وفي الحرب تعاظم الصراع بين قيادة الجيش التي سعت لأن تكون مهنية وبين القيادة السياسية التي كانت لها أهداف مغايرة. وهذا ما قاد في النهاية إلى إقالة وزير الحرب السابق، يوآف غالانت وتعيين يسرائيل كاتس.

وكان الخلاف على أشده أيضا بين قيادة الجيش والحكومة في كل ما يتعلق بتجنيد الحريديم وسبل التعامل مع الوضع في الضفة الغربية. وخرج هذا الخلاف إلى العلن تارة مع نتنياهو شخصيا وتارة أخرى مع وزير حربه كاتس.

صدام

وتصادم كاتس أكثر من سواه، وباسم نتنياهو، مع هاليفي بشأن التعيينات القيادية في الجيش، مصرا على إنهاء التحقيقات الداخلية قبيل أي تعيين جوهري.

ومعلوم، أنه تم تعيين ضباط كبار للتحقيق في قضايا واسعة النطاق -منذ ليلة السابع من أكتوبر/تشرين الأول، عندما بدأ هجوم حماس على المستوطنات في الحصار-: التقييمات في مجال الدفاع، وتصورات استخدام القوة العسكرية، وطريقة عمل شعب الجيش المختلفة.

وليس صدفة أن هاليفي كان تطرق للتحقيقات وقت خلافه مع كاتس قائلا "في نهاية التحقيقات، سنتخذ أيضًا قرارات شخصية ونتحمل المسؤولية عن القادة، مني وممن هم دوني. ليس لدي أي نية لإهمال القرارات الشخصية عندما يتعلق الأمر بفشل 7 أكتوبر".

"إن الصورة أصبحت أكثر وضوحا ودقة. إن تعيين الضباط في المناصب ليس امتيازا ـ بل هو التزام قيادي وعملاني". "إن الجيش الإسرائيلي لا يستطيع أن يتحمل تجميد التعيينات".

المهم، أن هاليفي، أبلغ وزير الحرب يسرائيل كاتس في كتاب استقالته أنه سينهي مهام منصبه في 6 مارس/آذار 2025. وكتب هاليفي في استقالته أنه "في صباح السابع من أكتوبر/تشرين الأول، فشل الجيش الإسرائيلي تحت قيادتي في مهمته لحماية مواطني إسرائيل. لقد دفعت دولة إسرائيل ثمنًا باهظًا ومؤلمًا في الأرواح البشرية، وفي عمليات الاختطاف، وفي الإصابات الجسدية والنفسية".

"إن الأعمال البطولية الجريئة التي قام بها العديد من أفراد قوات الأمن وجنود الجيش الإسرائيلي، وقادته والمواطنين الشجعان لم تكن قادرة على منع الكارثة الخطيرة. إن مسؤوليتي عن الفشل الذريع ترافقني يوما بعد يوم، وساعة بعد ساعة وسوف يكون الأمر كذلك بقية حياتي".

وأضاف "إدراكًا لمسؤوليتي عن فشل الجيش في السابع من أكتوبر، وفي الوقت الذي حقق فيه الجيش إنجازات غير عادية، وأعاد قوة دولة إسرائيل وقدرتها على الردع، فإنني أطلب إنهاء منصبي.

لقد اتخذت هذا القرار منذ وقت طويل. والآن، عندما أصبحت قوات الجيش الإسرائيلية هي المسيطرة على جميع مسارح الحرب، وأصبح هناك اتفاق آخر لإعادة الرهائن قيد التنفيذ، فقد حان الوقت لذلك". وأنهى "في الوقت المتبقي لي في الخدمة سأستكمل التحقيقات وأحافظ على جاهزية الجيش لمواجهة التحديات الأمنية". وأكد "سأقوم بنقل قيادة الجيش بشكل نوعي وكامل إلى خليفتي".

وبعد وقت قصير من إعلان هاليفي، أبلغه قائد المنطقة الجنوبية، الجنرال يارون فينكلمان، بطلبه إنهاء خدمته وتسريحه من الجيش. وفي رسالة مكتوبة بخط اليد، وجه فينكلمان طلبه إلى رئيس الأركان "السيد القائد، بناء على ما يمليه علي ضميري والقيم التي توجهني، قررت إنهاء دوري كقائد للمنطقة الجنوبية وخدمتي في الجيش الإسرائيلي. في السابع من أكتوبر، فشلت في الدفاع عن النقب الغربي وسكانه الأبطال الأعزاء. هذا الفشل محفور في داخلي إلى الأبد".

وكما سلف جاء قرار هاليفي بالاستقالة على خلفية تنفيذ صفقة التبادل، والتي ترمز في هذا الوقت إلى تحقيق أحد أهداف الحرب، بل وترمز إلى نهايتها في الواقع.

وحسب "يديعوت" وجد هاليفي في الصفقة الوقت المناسب لممارسة مسؤوليته التي أعلنها عدة مرات أثناء الحرب. وبحلول نهاية ولايته بعد حوالي شهر ونصف، سيستكمل هاليفي التحقيقات في الحرب، والتي سيتم إعلان نتائجها في الشهر المقبل أمام المستوى السياسي والجمهور.

وليس مستبعدا أن يختتم هاليفي ولايته بالدعوة علنا إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية للتحقيق في إخفاقات السابع من أكتوبر على كافة المستويات، وليس فقط داخل الجيش. ومعروف أن هذه نقطة صدام متواصلة بين الجيش والمستوى السياسي حيث يحاول نتنياهو وحكومته إلقاء كل مسؤولية الفشل في 7 أكتوبر على الجيش.

وتتحدث وسائل الإعلام الإسرائيلية عن التحقيقات المكثفة في صفوف الجيش، للوقوف على مواطن الضعف والخلل. وتشير إلى أن سلاح الجو، الذي يعتبر درة تاج الجيش الإسرائيلي، أخفق في اليوم الأول للحرب وأنه حاليا استوفى كل متطلبات الجاهزية التي كان مطلوبًا منه امتلاكها في السابع من أكتوبر، بل ويقول إنه قلص زمن الاستجابة إلى النصف.

ومع ذلك، تقول تحقيقات سلاح الجو أن دور السلاح يتحدد أساسا في القيادة العسكرية وفي شعبة العمليات وأن كل الجيش والدولة لم يكونا مستعدين لسيناريو اختراق الحدود في عشرات الأماكن دفعة واحدة.

ويعترفون "أن الفشل منهجي" كما أن تحقيقات الجيش تظهر أيضا أن أداء البحرية في صباح السابع من أكتوبر كان إشكاليا، حيث نجحت زوارق حماس في اختراق الدفاعات البحرية الإسرائيلية، بل إن زورقين تمكنا من الوصول إلى ساحل زيكيم.

وواضح أن استقالة هاليفي تمهد لاستقالات واسعة أخرى ليس فقط على مستوى القيادة العليا وإنما أيضا على مستويات أدنى وخصوصا في شعبة الاستخبارات، التي كان رئيسها أول من استقال من الجنرالات.

ومن المقرر أن يعلن وزير الحرب، يسرائيل كاتس خلال 10 أيام عن رئيس الأركان المقبل بالتشاور مع رئيس الحكومة. وأشار كاتس إلى أنه سيبدأ في الأيام المقبلة مقابلات المرشحين لمنصب رئيس الأركان المقبل، بعدما كان معروفا في السابق أن المرشح الأبرز هو اللواء إيال زامير.

وقال "من المهم للغاية اختيار المرشح الأكثر ملاءمة لقيادة الجيش الإسرائيلي خلال هذه الفترة الصعبة، وأعتزم إجراء عملية منظمة وسريعة لاختيار المرشح لمنصب رئيس الأركان المقبل".

وتدور التقديرات حول أن رئيس الأركان المقبل سيكون واحدا من 4 مرشحين، اثنان سبق وخدما في منصب نائب رئيس الأركان وهما الجنرالان إيال زامير وأمير برعام وقائدا الجبهة الشمالية أوري جوردين والجبهة الداخلية رافي ميلو.

وتتجه التقديرات نحو تغليب اسم إيال زامير نظرا لأنه يخدم حاليا مديرا عاما لوزارة الدفاع ولم يكن في الجيش وقت فشل 7 أكتوبر.

وأشار موقع "والا" إلى أنهم في وزارة الحرب الإسرائيلية يتحدثون أيضا عن تعيين الجنرال (احتياط) يتسحاق ترجمان لمنصب المدير العام لوزارة الدفاع أو نائب رئيس الأركان. كما تشير التقديرات إلى احتمال تعيين قائد المنطقة الشمالية، الجنرال أوري جوردين، نائبا لرئيس الأركان.

وجامل وزير الحرب كاتس، هاليفي معربا عن "تقديره" له ولمساهمته الطويلة في بناء وقيادة الجيش ودوره في الحرب الجارية. كما أن نتنياهو أعلن تقديره وشكره لهاليفي على خدمته الطويلة وقيادته للجيش في الحرب على 7 جبهات، والتي جلبت إنجازات عظيمة للدولة".

ولم يكن هذا مثلا موقف وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي كان طالب علنا باستقالة هاليفي أو إقالته، وكذلك كان موقف الصهيونية الدينية واليمين عموما. ورحب وزير الأمن القومي المستقيل إيتمار بن غفير وحزبه باستقالة هاليفي مطالبين برئيس أركان هجومي وليس مدافعا.

لكن المعارضة حيت هاليفي على موقفه وهاجمت نتنياهو وائتلافه الحكومي. وقال زعيم المعارضة يائير لبيد "أحيي رئيس الأركان الجنرال هرتسي هاليفي"، وهاجم الائتلاف، "الآن فليتحملوا المسؤولية ويستقيلوا، رئيس الوزراء وحكومته الكارثية بأكملها". أما زعيم حزب إسرائيل بيتنا أفيغدور ليبرمان فقال إنه "بعد استقالة رئيس الأركان، أدعو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وبقية أعضاء مجلس الوزراء إلى تحمل المسؤولية والسير على خطاه".

وأشاد بيني غانتس بهاليفي قائلا "إنه قبل كل شيء محارب، وأحد أفضل أبناء وقادة هذه البلاد. لقد حارب من أجل وطنه وكرس حياته له طوال حياته. رئيس الأركان مسؤول عسكريا عن كارثة السابع من أكتوبر، وهو المسؤول أيضا عن التعافي الهائل الذي حققه الجيش الإسرائيلي".

ودعا غانتس نتنياهو حكومته إلى "الوفاء بمسؤولياتهم، وتشكيل لجنة تحقيق رسمية، وإلى الدعوة إلى انتخابات من أجل تشكيل حكومة تستعيد ثقة الجمهور".

ولا ريب أن الحملة من أجل لجنة تحقيق رسمية سوف تتعاظم من الآن فصاعدا، كما أن الكثير في مكانة اليمين في إسرائيل سوف يعتمد على طريقته في التعامل مع الجيش الذي يعتبر داخليا "البقرة المقدسة".

ورغم أن الحديث حتى الآن يدور عن قيادة الجيش، فإن لذلك أثرا على علاقات إسرائيل مع المحيط وحتى علاقاتها مع الجيش الأميركي. (الجزيرة)





تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا


طباعة المشاهدات: 1162  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 22-01-2025 06:05 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
محرك طائرة مقاتلة يبتلع ضابطة في تايوان مصري يتسبب بتصدع 3 منازل .. والسبب التنقيب عن الآثار! السجن 6 سنوات لأمريكية قتلت طفلاً بجلوسها فوق بطنه لماذا تسعى بعض النساء المسنات في اليابان لدخول السجن؟ بالفيديو .. ترامب يستمع للأذان في كاتدرائية واشنطن... مخالفات في الملكية الأردنية .. "ملابس بقيمة... النائب صالح العرموطي:" يا حكومة بلدي اسحبي هذا... نساء مؤثّرات في حياة ترمب .. من أمّه العاملة... البنك الدولي: ارتفاع أسعار الأغذية في الأردن خلال... بالفيديو .. الاحتلال يزعم العثور على أسلحة لحزب...قتيلان بعملية طعن في إلمانيا .. وهذه جنسية المنفذالحوثيون يفرجون عن طاقم السفينة "غلاكسي...من هو بارون ترامب النجل الأصغر للرئيس الأمريكي؟تصعيد رغم الاتفاق .. استشهاد فلسطيني وإصابة 4 جنوب...الاحتلال يواصل حرق ونسف منازل في لبنانشمال غزة .. دمار هائل في الشوارع وبقايا آليات...عائلة تعود إلى منزلها بجنوب غزة وتجده قد أصبح...من هو "بارون" أصغر أبناء ترامب .. كم... مفاجأة عن فنان مصري باع أملاكه لينفق على بيته ..... مخرج شهير إلى الجنايات .. بتهمة سب وإهانة فنان مصري أول ظهور لسيف علي خان عقب خروجه من المستشفى سرق لحن "ثلاث دقات" .. نجم مشهور يفجر... زواج فنانة مصرية من رجل أعمال إيطالي محمد الحمروني ينضم للفيصلي بالفيديو .. تفاصيل جديدة حول دمج الفيصلي وشباب الأردن في قمة السعادة .. كريستينا تكسر صمتها بعد انفصالها عن غوارديولا خبر صادم .. وفاة لاعب عماني عن 37 سنة داخل منزله "أنا مستعد" .. ألونسو يرد على أنباء خلافة أنشيلوتي في مدريد "واقعة مفزعة" .. أم تعتدي على طالب بسكين داخل مدرسة في مصر زواج القاصرات والعفو العام .. فوضى وجدل في برلمان العراق بحر من التعليقات على نظرة زوكربيرغ .. و"لايك" يقلب التواصل جريمة تروع مصر .. ذبح مسنًا وتجول برأسه في الشارع جريمة تهز العراق .. رجل يقتل شرطيين ويحرق سيارات حفيدة ترامب تخطف الأنظار في حفل تنصيبه مشهد هز المصريين .. حبسوا فتاة وقيدوها بسلاسل لـ6 سنوات! بعد مخاوف من تفشي "فيروس قاتل" .. بلد إفريقي يثير الجدل محاكمة جديدة تنطلق في لندن .. معركة بين الأمير هاري وصحف شعبية أناقة بلا علامات تجارية .. سر و"سعر" إطلالة ميلانيا في حفل تنصيب ترامب

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: رئیس الأرکان المقبل الجیش الإسرائیلی السابع من أکتوبر قیادة الجیش وزیر الحرب رئیس أرکان فی الحرب فی الجیش لم یکن

إقرأ أيضاً:

تصاعد الاحتجاج ضد حرب غزة يربك الجيش الإسرائيلي ويضغط على حكومة نتنياهو

 

القدس المحتلة- تتصاعد وتيرة الاحتجاجات في إسرائيل مع تزايد الدعوات والعرائض المطالبة برفض الخدمة العسكرية، وإنهاء الحرب على غزة، وإتمام صفقة تبادل تؤدي إلى إعادة "المختطفين الإسرائيليين" (المحتجزين لدى حركة حماس)، البالغ عددهم 59 أسيرًا، بينهم 24 يعتقد أنهم ما زالوا على قيد الحياة.

تأخذ هذه الدعوات منحى أكثر تأثيرا مع انخراط أوساط عسكرية وأمنية فيها، مما يعكس اتساع الفجوة بين المؤسسة العسكرية والحكومة الإسرائيلية فيما يخص إدارة الحرب.

في هذا السياق، كشفت صحيفة "هآرتس" أن نحو 1600 من قدامى المحاربين في سلاحي المظليين والمشاة وقّعوا على رسالة تطالب بوقف الحرب، وإعطاء الأولوية لإعادة الأسرى من غزة.

أما صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" فقد ذكرت أن أكثر من 250 عضوا سابقا في جهاز "الموساد" أعربوا عن دعمهم لمطالب المحاربين القدامى، مؤكدين ضرورة إنهاء الحرب من أجل استرجاع الأسرى، حتى وإن تطلب ذلك وقف العمليات القتالية.

وفي تطور لافت، انضم أكثر من 150 طبيبا من قوات الاحتياط العاملة في الوحدات الطبية للجيش الإسرائيلي إلى موجة الاحتجاجات، حيث وقّعوا عريضة طالبوا فيها القيادة السياسية بوقف الحرب فورا، وإعادة الرهائن الإسرائيليين "دون تأخير".

إعلان

تصدع وضغوط

وجاء في العريضة التي وُجهت إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، تحذير صريح من أن "استمرار القتال يخدم مصالح سياسية وشخصية، وليس اعتبارات أمنية حقيقية".

هذه التحركات الواسعة، وفقا لقراءات وتقديرات المحللين، تشير إلى تصدعات عميقة داخل المنظومة الأمنية والعسكرية، وتسلط الضوء على تصاعد الضغوط الداخلية على الحكومة الإسرائيلية، التي تجد نفسها أمام معارضة متنامية من داخل صفوف من كانوا حتى وقت قريب في قلب مؤسساتها الدفاعية والاستخباراتية.

وحذر محللون من تداعيات هذا التوسع في الاحتجاجات على تماسك الجيش الإسرائيلي وقدرته على مواصلة العمليات العسكرية، وسط أزمة ثقة داخلية متفاقمة.

تصاعد الاحتجاج ورفض الخدمة سيكون لهما تداعيات سلبية على متانة الجيش الإسرائيلي (المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي) صدمة وصفقة

في قراءة تحليلية للكاتب الإسرائيلي المختص بالشؤون الفلسطينية، يوآف شطيرن، يسلط الضوء على الواقع الصعب الذي يعيشه الجيش الإسرائيلي، الذي يجد نفسه مستنزَفا جراء الحرب المستمرة على غزة، إلى جانب العمليات العسكرية المتواصلة في الضفة الغربية.

ويصف شطيرن ما تواجهه إسرائيل اليوم بأنه أشبه بـ"حرب عصابات" في غزة، تترافق مع تدمير واسع وممنهج، دون أن يتمكن الجيش من تحقيق الأهداف المعلنة للحرب.

ويشير شطيرن، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن المجتمع الإسرائيلي بدأ يخرج تدريجيا من صدمة الهجوم المفاجئ الذي نفذته حركة حماس على مستوطنات "غلاف غزة"، ومع هذا الخروج بدأت تتصاعد الأصوات المطالبة بإتمام صفقة تبادل الأسرى.

 

الجيش الإسرائيلي غرق في "حرب عصابات" في قطاع غزة (المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي) رفض وانقسام

وترافق ذلك مع رسائل وعرائض من جنود وضباط في الخدمة والاحتياط، إضافة إلى قادة سابقين في الأجهزة الأمنية، أعلنوا رفضهم للاستمرار في الخدمة العسكرية، في محاولة واضحة للضغط على حكومة نتنياهو من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات والتوصل إلى اتفاق يعيد المحتجزين الإسرائيليين.

إعلان

ويرى الكاتب أن اتساع رقعة هذه الاحتجاجات ستكون له تداعيات سلبية كبيرة على الجيش الإسرائيلي، وعلى وحدة وتماسك ما يعرف بـ"جيش الشعب". ويؤكد أن هذا الحراك يعكس الانقسام المتنامي داخل المجتمع الإسرائيلي، والذي يزداد عمقا مع استمرار الحرب دون إحراز تقدم في قضية إعادة الأسرى.

ويعزز ذلك -يقول شطيرن-، "القناعة لدى قطاعات واسعة من الإسرائيليين بأن استمرار القتال لم يعد مبرَّرا بأهداف أمنية حقيقية، بل بات مدفوعا بأجندات سياسية وشخصية".

توالي العرائض الرافضة للخدمة العسكرية يخلق أزمة داخل الجيش الإسرائيلي (المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي) أزمة وتذمر

تعكس موجة الاحتجاجات المتصاعدة وتوالي العرائض الرافضة للخدمة العسكرية، وفق قراءة تحليلية للباحث المختص بالشأن الإسرائيلي في مركز "التقدم العربي للسياسات"، أمير مخول، عمق الأزمة المتفاقمة داخل الجيش الإسرائيلي.

ويشير مخول إلى أن هذه الظاهرة تعبِّر عن حالة تذمر واسعة النطاق، لا تقتصر فقط على جنود الاحتياط، بل تمتد أيضًا إلى عائلات الجنود النظاميين، الذين يُمنع عليهم التعبير عن آرائهم داخل المؤسسة العسكرية.

وفي تحليله لتداعيات هذا التصاعد على تماسك الجيش والحكومة الإسرائيلية فيما يتعلق بالحرب على غزة، أوضح مخول في حديثه للجزيرة نت أن هذه الحالة مرشحة لأن تخلق موجة من الإحباط داخل المؤسسة العسكرية والسياسية على حد سواء.

وقدّر أن هذا الإحباط قد يؤدي إلى تآكل الدعم الداخلي لاستمرار العمليات العسكرية، مقابل تعاظم دور حركة الاحتجاج، وعلى وجه الخصوص الحراك الذي تقوده عائلات الأسرى والمحتجزين لدى حماس.

استنزاف وفشل

ويرى مخول أن اتساع رقعة الرفض داخل صفوف الجيش والأجهزة الأمنية، يحمل رسالة اتهام مباشرة إلى القيادة السياسية، وخاصة نتنياهو، بأن استمرار الحرب يخدم أجندات سياسية وشخصية، لا أهدافًا أمنية كما يروج.

إعلان

وقدّر أن الحرب، في صورتها الحالية، ووفقا للحراك المتصاعد إسرائيليا لم تعد تحقق أيا من أهدافها المعلنة، بل أصبحت تهدد حياة "المختطفين والجنود والمدنيين، وتؤدي إلى استنزاف قوات الاحتياط دون جدوى".

ويؤكد أن هذا الاتهام الضمني للحكومة بإخفاء أهداف غير معلنة للحرب، يعمق الفجوة بين القيادة والشعب، ويجعل من تصاعد الاحتجاجات دليلا على فشل الحكومة والجيش في احتواء الغضب الشعبي، بل وإخفاقهما في كبح جماح الأصوات المطالبة بوقف الحرب.

وفي ختام تحليله، يشير مخول إلى أن حراك عائلات الأسرى والمحتجزين بات يتجاوز حدود الصراعات الداخلية الإسرائيلية، ويكتسب زخما جديدا من تصاعد حركة الاحتجاج، مما قد يشكل دفعة قوية للمطالبة "بإبرام صفقة تبادل تؤدي إلى إعادة المختطفين، حتى لو كان ذلك على حساب استمرار العمليات العسكرية".

 

مقالات مشابهة

  • تمرد في الجيش الإسرائيلي.. مئات الجنود يوقعون عرائض ضد استمرار الحرب في غزة
  • رئيس أركان “جيش” العدو لنتنياهو: نقص حاد للمقاتلين داخل “الجيش” وطموحاتكم لا يمكن تحقيقها
  • اتساع نطاق الاحتجاجات داخل الكيان ورئيس أركان العدو يحذر حكومة نتنياهو من وجود نقص كبير في الجيش
  • تصاعد الاحتجاج ضد حرب غزة يربك الجيش الإسرائيلي ويضغط على حكومة نتنياهو
  • رئيس أركان إسرائيلي سابق يطالب بأسر نتنياهو وباراك يطالب بإنهاء الحرب
  • رئيس أركان الجيش اليوناني: تركيا تشكل تهديدًا لنا
  • رئيس الأركان الإسرائيلي يحذر من نقص عدد الجنود بصفوف الجيش
  • رئيس الأركان الإسرائيلي يحذر نتنياهو من فشل المهام في غزة
  • رئيس أركان جيش الاحتلال يصطدم بـ”حقيقة غزة”
  • 4 أسماء مرشحة لخلافة مارسيل كولر في قيادة الأهلي