عادل الباز يكتب: حرب الكرامة.. (أكل الحساء باستخدام السكين) (2)
تاريخ النشر: 22nd, January 2025 GMT
1 حددت قيادة الجيش المناطق والقواعد العسكرية التي ينبغي الدفاع عنها حتى النهاية في العاصمة الخرطوم. بناءً على وقائع الأحداث، قُرر التخلي عن بعض الحاميات البعيدة، خصوصًا تلك التي تقع في مناطق تعتبر معاقل للعدو ويتفوق فيها عسكريًا. بالنسبة للمناطق التي لا يستطيع الجيش الدفاع عنها أو إيصال خطوط الإمداد إليها، فقد انسحب منها أو أخلاها، مثل (نيالا، الجنية.
2
اعتمد الجيش في المرتكز الثالث نظرية معروفة في حرب المدن، تعطي الأولوية لإضعاف العدو بدلًا من التمسك بالأرض. إذا تم إضعاف العدو بشكل كبير من حيث القوات أو الموارد أو المعنويات، تصبح السيطرة على الأرض أسهل وأقل تكلفة. يمكن لقوة عسكرية أن تستعيد الأراضي إذا كان العدو ضعيفًا، لكن السيطرة على الأرض بينما العدو لا يزال قويًا قد تؤدي إلى حرب استنزاف طويلة ومكلفة. كما تركز هذه النظرية على استنزاف العدو اقتصاديًا وعسكريًا، مما يجعله غير قادر على الاستمرار في القتال.
كان الناس يتعجبون من عدم انزعاج القوات المسلحة من سيطرة المتمردين على مساحات واسعة من الأرض دون رد فعل مناسب. ويرجع ذلك إلى سببين:
الأول هو عدم جاهزية الجيش بسبب نقص القوات، السلاح، والذخائر.
والثاني هو تبني نظرية عدم أهمية الأرض في حرب المدن.
ماذا فعل الجيش في البداية؟ بدأ بتأسيس تشكيلات عسكرية ضرورية لحرب المدن من خلال إنشاء فرق صغيرة سريعة الحركة، مسلحة بأسلحة خفيفة، قادرة على إحداث خسائر في العدو دون خوض حرب شاملة. كانت مهمتها الأساسية هي إضعاف العدو واستنزافه.
ومن هنا تأسست قوات العمل الخاص، التي أحدثت في وقت وجيز فرقًا هائلًا في مجريات الحرب داخل الخرطوم. سجلت هذه القوات نجاحًا باهرًا في أم درمان، ثم عُممت الفكرة على باقي مناطق الخرطوم. ساهمت هذه الاستراتيجية بشكل كبير في إضعاف العدو، حيث رأينا كيف تدهورت أوضاع المتمردين نتيجة مطاردات فرق العمل الخاص المستمرة. شهدنا التدهور الكبير للمتمردين في أم درمان بعد تحرير الإذاعة، والآن تكاد تكون قوات العمل الخاص قد نظفت أم درمان بالكامل، باستثناء بعض الجيوب في سوق ليبيا ومنطقة الصالحة. وبذلك، ومع الإضعاف المستمر للعدو، عندما قرر الجيش شن هجوم كبير، لم يستطع المتمردون الصمود.
3
في المرتكز الرابع، ركز الجيش على إحباط أحد أهم تكتيكات المتمردين، وهو تكتيك (الفزع). وقد ساعد غباء المتمردين على نجاح الجيش في هذا المرتكز، حيث اعتقد المتمردون أن السيطرة على الأرض ستمنحهم فرصًا أكبر لاستلام السلطة، فانتشروا في مساحات واسعة دون خطوط إمداد كافية أو قوات مناسبة، معتمدين على تكتيك (الفزع).
ولكن هذا التكتيك كان مقتلهم لاحقًا، حيث تمكن الجيش من تقطيع أوصال قواتهم، وتحويلهم إلى جزر معزولة. أصبحت أغلب قوات المتمردين محاصرة في المناطق التي تواجدت فيها، مما سهل القضاء عليها.
4
أهم منعطف في حرب الكرامة يمكن تاريخه بخروج الرئيس البرهان من القيادة.
كيف؟ أولًا، أعطى خروج الرئيس من القيادة العامة معنويات عالية للجيش والشعب، إذ إن وجود رئيس الدولة في حالة حصار كان سيعرقل كثيرًا من أعمال الحكومة ويمنح العدو دفعة نفسية. ثم إن حصار الرئيس من شأنه أن يعمم سمعة غير حميدة، فإذا كان رئيس الدولة في حصار والجيش غير قادر على تحريره فكيف سيحرر البلد.؟، ساهم خروج الرئيس في رفع المعنويات. ثانيًا، بعد خروجه، بدأ العمل فعليًا على بناء جيش جديد في ثلاثة أبعاد:
سد النقص في قوات المشاة عبر استنفار الشعب لدعم القوات المسلحة.
تزويد الجيش بأسلحة حديثة، إضافة للأسلحة، والذخائر، تناسب حروب المدن لم تكن متوفرة للجيش.
توفير الموارد اللازمة لإدارة حرب قد تطول.
سياسيًا ساهم خروج الرئيس في توضيح طبيعة الحرب للعالم الخارجي، خاصة للرؤساء الذين تم تزويدهم بمعلومات مزورة وصفت الحرب بأنها نزاع بين جنرالين، بينما هي في الحقيقة تمرد على الشرعية. أكد الرئيس شرعيته كرئيس للدولة، مما أحبط ادعاءات المتمردين وحلفائهم.
5
كانت نتيجة ذلك تعزيز الدعم الشعبي للجيش وتطوير نوعي في قدراته، مما ساهم في نجاح المرتكز الخامس، وهو تحديث الجيش باستجلاب أحدث تكنولوجيا في حروب المدن، مع توفير إمداد مستمر بالسلاح والذخائر. مما أسهم بشكل كبير في نجاح المرتكز الخامس.
نواصل
عادل الباز
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: نجاح ا
إقرأ أيضاً:
دُمرت أبراجه .. الموت يحاصر سكان حي الكرامة في غزة
سرايا - يحاصر الموت الآلاف من سكان حي الكرامة الواقع شمال غربي مدينة غزة، والذي دُمرت جميع أبراجه بفعل الحرب الإسرائيلية، حيث كان من أوائل المناطق المستهدفة من قبل الجيش الإسرائيلي بعد هجوم السابع من أكتوبر.
وخلال 15 شهرا واصل الجيش الإسرائيلي استهداف الحي، الذي كان بوابة عبور جنوده ودباباته لوسط مدينة غزة، وتحديدًا مجمع الشفاء الطبي، فيما جعلته الحرب منطقة لا تصلح للحياة، ولا يمكن لسكانها العودة لمنازلهم.
وبالرغم من الدمار الكبير في الحي الذي تسكنه آلاف العائلات؛ إلا أن معظمهم عاد إلى المنطقة إما لبناء خيمة في حيه السكني، أو لإصلاح غرفة أو زاوية في الشقة السكنية التي كانت المأوى الوحيد للعائلة قبل اندلاع الحرب.
وخلال الأيام الماضية، وقعت سلسلة من الانهيارات في عدد من الأبراج السكنية بحي الكرامة، مما أدى لإصابة عدد من السكان، فيما يصعب إخلاء الحي السكني لعدم وجود بدائل لدى السكان، أو أماكن تصلح لمراكز للإيواء
معاناة سكان الحي
وقال محمد أبو سلطان، أحد العائدين للحي، إن "معظم الأبراج السكنية دمرها الجيش الإسرائيلي بشكل بليغ؛ لكنني كحال الآلاف من السكان اضطررت للعودة من جنوب القطاع لمنطقتي السكنية، في ظل انعدام أي من البدائل".
وأوضح أبو سلطان،"، أنه ومنذ عودته للحي قبل عدة أسابيع كان شاهدًا على انهيارات جزئية لعدد من الأبراج السكنية المتضررة، كما أنه نجا في أحد المرات من سقوط بعض الحجارة وأعمدة المباني في أحد شوارع الحي.
وأشار إلى أنهم "يعيشون ظروفًا صعبًة للغاية في الحي الذي تواجه ما تبقى من منازلهم وأبراجه خطر الانهيار في أي لحظة، متابعًا "أعيش في غرفة أسفل برج سكني مكون من ثمانية طوابق وقد يكون هذا المكان هو قبري وقبر عائلتي".
أبراج متصدعة
وقال حسن الريفي، إنه "وعائلته المكونة من 15 فردا لم تجد ملجأً آخر إلا العودة إلى شقتهم السكنية التي تقع في الطابق الثالث من أحد أبراج الحي، لافتًا إلى أن أساسات البرج السكني متصدعة وبعضها مدمر بشكل كامل.
وأوضح الريفي،أن البرج السكني الذي عاد إليه يشهد بشكل يومي انهيارات جزئية للجدران والأعمدة والأساسات، موضحا أن بعض الأبراج أجبر السكان على إخلائها خوفًا على أرواحهم.
وأضاف: "حاولت معنا الجهات المختصة أكثر من مرة لإخلاء المنطقة بالكامل؛ إلا أننا رفضنا ذلك لأنه لا يوجد أي خيار آخر لنا، ولا نرغب بالعودة للخيام التي ذقنا ويلاتها على مدار الأشهر القليلة الماضية"، مؤكدًا أن خيارات سكان الحي ضيفة للغاية.
وتابع: "نطالب الجهات المختصة بتوفير أماكن مخصصة لنا أكثر أمانًا والعمل من أجل حمايتنا من الانهيارات المتكررة للأبراج"، مشيرًا إلى أن الاحتلال تعمد ضرب أساسات الأبراج دون إسقاطها بالكامل لزيادة معاناة السكان.
أوضاع صعبة
وقال الناطق باسم جهاز الدفاع المدني في غزة، محمود بصل، إن "سكان حي الكرامة غربي مينة غزة يعيشون أوضاعًا صعبة للغاية بسبب الدمار الكبير في المنازل والأبراج السكنية للحي"، مؤكدًا أن تواجدهم في المنطقة يشكل خطورة على حياتهم.
وأوضح بصل، "، أن "أبراج الحي مدمرة بشكل كبير ولا تصلح للسكن، وهي بحاجة لإزالة"، مشيرًا إلى أن الطواقم المختصة لا تمتلك أي معدات تمكنها من القيام بهذه المهمة وإزالة الخطر عن السكان.
وأضاف: "الجيش الإسرائيلي دمر منظومة الدفاع المدني في غزة، ونعمل في الوقت الحالي بالحد الأدنى وليس لدينا القدرة على تحسين ظروف النازحين أو الاستجابة السريعة لمناشداتهم"، لافتًا إلى أن الحي يواجه صعوبات كبيرة للغاية.
وأشار إلى أنه "بالرغم من الصعوبات التي يواجهها جهاز الدفاع المدني بغزة؛ إلا أنه استجاب لعدد من نداءات الاستغاثة التي أطلقها العائدون لحي الكرامة"، مشددًا على ضرورة الضغط على إسرائيل لإدخال معدات الإنقاذ اللازمة.
وختم: "الآلاف من العائلات تواجه خطر الموت في حال استمرار وجودهم في الحي، والمطلوب العمل من أجل توفير المكان الملائم لهم"، لافتًا إلى أن معظمهم يعيش في غرف مستصلحة وآيلة للسقوط ولا تصلح للسكن.
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 04-03-2025 03:56 AM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية