حكم الحلف بغير الله والترجي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم
تاريخ النشر: 22nd, January 2025 GMT
الحلف بغير الله.. قالت دار الإفتاء المصرية إن العلماء اتفقوا على أن الحالف بغير الله لا يكون كافرًا حتى يُعَظِّم ما يحلف به من دون الله تعالى، فالكُفْرُ حينئذٍ من جهة هذا التعظيم لا من جهة الحلف نفسه.
حكم الحلف بغير اللهوالحلف بما هو مُعَظَّم في الشرع كالنبي صلى الله عليه وآله وسلم والإسلام والكعبة لا حرج فيه؛ لأنه لا وجه فيه للمضاهاة، بل هو تعظيمٌ لما عظَّمه الله، وظاهر عموم النهي عن الحلف بغير الله غير مراد قطعًا؛ لإجماع الفقهاء على جواز الحلف بصفاته سبحانه، فهو عموم أريد به الخصوص.
أما الترجي أو تأكيد الكلام بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أو بغيره مما لا يُقْصَد به حقيقةُ الحلف فغير داخل في النهي أصلًا، بل هو أمر جائزٌ لا حرج فيه؛ لوروده في كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكلام الصحابة وجريان عادة الناس عليه بما لا يخـالف الشـرع الشـريف، وليس حرامًا ولا شركًا كما يُقال، ولا ينبغي للمسلم أن يتقول على الله بغير علم، ولا يجوز له أن يتهم إخوانه بالكفر والشـرك فيدخـل بذلك في وعيد قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا كَفَّرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا» رواه مسلم.
حكم الحلف وتأكيد الكلام والترجي بما هو معظم شرعًا
وأوضحت الإفتاء أن الإسلام وأهل الجاهلية كانوا يحلفون بآلهتهم على جهة العبادة والتعظيم لها مضاهاة لله سبحانه وتعالى عما يشركون كما قال عز وجل واصفًا لحالهم: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا للهِ﴾ [البقرة: 165]، فنهى النبي صلى الله عليه وآلـه وسلم عن ذلك حماية لجنـاب التوحيد فقـال: «مَنْ حَلَفَ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى، فَلْيَقُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ» متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ» رواه .
وكذلك نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن التشبه بأهل الجاهلية في حلفهم بآبائهم افتخارًا بهم وتقديسًا لهم وتقديمًا لأنسابهم على أخوة الإسلام جاعلين ولاءهم وعداءهم على ذلك، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أَلَا إِنَّ اللهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ وَإِلَّا فَلْيَصْمُتْ» متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
حكم الترجي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم
أما عن الترجي أو تأكيد الكلام بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أو بغيره مما لا يُقْصَد به حقيقةُ الحلف فغير داخل في النهي أصلًا، بل هو أمر جائزٌ لا حرج فيه؛ حيث ورد في كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكلام الصحابة الكرام، فمن ذلك:
ما رواه مسلم في "صحيحه" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا وَأَبِيكَ لَتُنَبَّأَنَّهْ؛ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْبَقَاءَ ...» إلخ.
وروى في "صحيحه" أيضًا عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه في حديث الرجل النجدي الذي سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الإسلام ... وفي آخره: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ أو دَخَلَ الْجَنَّةَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ».
وروى ابن ماجه في "سننه" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، نَبِّئْنِي بِأَحَقِّ النَّاسِ مِنِّي بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ، فَقَالَ: «نَعَمْ، وَأَبِيكَ لَتُنَبَّأَنَّ؛ أُمُّكَ ...» إلخ.
وروى الإمام أحمد في "مسنده" عَنْ أَبِي الْعُشَرَاءِ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَمَا تَكُونُ الذَّكَاةُ إِلَّا فِي الْحَلْقِ أَوِ اللَّبَّةِ؟ قَالَ: «وَأَبِيكَ لَوْ طَعَنْتَ فِي فَخِذِهَا لأَجْزَأَكَ».
وروى في "مسنده" أيضًا: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِطَعَامٍ مِنْ خُبْزٍ وَلَحْمٍ فَقَالَ: «نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ»، فَنُووِلَ ذِرَاعًا فَأَكَلَهَا، ثُمَّ قَالَ: «ناوِلْنِي الذِّرَاعَ»، فَنُووِلَ ذِرَاعًا فَأَكَلَهَا، ثُمَّ قَالَ: «نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ»، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا هُمَا ذِرَاعَانِ! فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «وَأَبِيكَ لَوْ سَكَتَّ مَا زِلْتُ أُنَاوَلُ مِنْهَا ذِرَاعًا مَا دَعَوْتُ بِهِ».
وروى الإمام مالك في "الموطأ" في قصة الأَقْطَعِ الَّذِي سَرَقَ عِقْدًا لأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال له: "وَأَبِيكَ مَا لَيْلُكَ بِلَيْلِ سَارِقٍ"، وروى الشيخان أن امرأة أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قالت له: "لا وَقُرَّةِ عَيْنِي لَهِيَ الآنَ أَكْثَرُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلاثِ مَرَّاتٍ" تعني طعام أضيافه.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الحلف الحلف بغير الله حكم الحلف بغير الله الترجي بالنبی صلى الله علیه وآله وسلم النبی صلى الله علیه وآله وسلم الحلف بغیر الله رضی الله عنه ق ی ا ر س ول ی الله ع ى الله ع ذ ر اع ا ر الله
إقرأ أيضاً:
الشيخ خالد الجندي يرد على شبهة «أمية الصحابة» (فيديو)
قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إنه لا يمكن تجاهل حقيقة أن الصحابة كانوا يستمعون مٌباشرة من النبي صلى الله عليه وسلم، وأن البعض قد يُثير تساؤلات حول قُدرة الصحابة على القراءة والكتابة في ذلك الوقت، مُوضحا أن كلمة «الأميين»، في القرآن الكريم لا تعني فقط عدم القدرة على القراءة والكتابة، بل هي إشارة إلى الفطرة السليمة والنقية التي تربى عليها الإنسان بعيدًا عن التشويه والمكر والخداع.
ما معنى كلمة أمي؟وأكد عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، خلال حلقة برنامج «لعلهم يفقهون»، المذاع على قناة «dmc»، اليوم الخميس، أن كلمة «أمي»، في الأصل كانت دلالة على الفطرة السليمة، لكن مع مرور الوقت تحولت في الاستخدام العربي إلى معنى آخر، هو عدم القدرة على القراءة والكتابة، لكن ذلك لا يتعارض مع حقيقة أن الصحابة كانوا قادرين على نقل ما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم بشكل صحيح.
كما أوضح أن هناك فرقًا بين «كتابة السنة» و«تدوين السنة»، فكتابة السنة تٌعني نقل الأحاديث التي كان الصحابة يسمعونها من النبي صلى الله عليه وسلم بشكل مباشر، بينما التدوين هو تنظيم وتصنيف هذه الأحاديث في فصول وأبواب بعد عصر النبي.
وأكد أن الكتابة كانت جزءًا من الحياة اليومية في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، كما أن الله تعالى قد أمر الصحابة بالكتابة في القرآن الكريم في العديد من الآيات، مثل قوله: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ»، مما يٌعني أن الكتابة كانت أمرًا مٌشروعًا ومعروفًا بين الصحابة، وأنه لا يمكن القول بأن الصحابة لم يكونوا قادرين على الكتابة أو أن ذلك يتعارض مع كتابات السنة النبوية.