استهداف الدعم السريع للبنى التحتية … المليشا تلجأ لسياسة الأرض المحروقة
تاريخ النشر: 22nd, January 2025 GMT
على رنين جهاز الهاتف المحمول إستيقظت أماني السر (إسم مستعار)، التي تقطن في الولاية الشمالية بمحادثة تخبرها بأنها لا يمكنها الحضور لمستشفى مروي لمواصلة جلسات الاشعاع التي خضعت لها، بعد تشخيص إصابتها بمرض السرطان، فقد حرمها استهداف مليشيا الدعم السريع لمحطة كهرباء دنقلا التحويلية فجر اليوم (الاثنين)، ومعها مرضى أخرون، من مواصلة الجلسات العلاجية.
ومنذ دخول الجيش السوداني مدينة ود مدني الأسبوع الماضي لجأت المليشيا الإرهابية إلى استهداف المنشآت الحيوية والبنى التحتية بالبلاد، وفي الأيام القليلة الماضية ركزت المليشيا استهدفها على محطات الكهرباء، شملت محطة كهرباء سد مروي الرئيسية ومحطة كهرباء مدينة مروي بالولاية الشمالية ومحطة كهرباء الشوك التحويلية بولاية القضارف شرقي البلاد، بالاضافة إلى استهداف مماثل طال محطتي كهرباء مدينتي سنجة وعطبرة بولايتي سنار ونهر النيل.
قال المتحدث باسم الجيش السوداني العميد نبيل عبد الله، إن استهداف مليشيا الدعم السريع المستمر للمدنيين والبنى التحتية والمنشآت الوطنية غير مستغرب، مضيفًا أن هذه المليشيا “المجرمة” لا تنتمي أبدًا لهذا البلد ولا تشبه أهله.
وأوضح الناطق باسم الجيش في تصريح صحفي أن زعيم المليشيا وشقيقه ظلوا يهددون من قبل الحرب بتمزيق البلاد وتخريبها في كل المناسبات و أن الشعب السوداني كله كان يتابع ذلك ولا ينساه.
وتابع: “المستغرب له هو اصرارهم قيادةً وأفراد على الاستمرار في ترديد اكاذيبهم السمجة بشأن مصلحة المواطن والوطن وهم أساساً لا يكنون له إلا الحقد الأعمى والغل المطلق وعندما فشلوا في تحقيق أوهامهم بحكمه يحاولون الآن تخريبه”.
فيما أدانت وزارة الخارجية السودانية، في بيانات السلوك الإرهابي الذي تمارسه مليشيا الدعم السريع المتمردة بحرمان المدنيين من الخدمات الأساسية عن طريق الإعتداء عليها، وطالبت المجتمع الدولي بإدانة مثل هذه الأفعال وتصنيف “الدعم السريع” كجماعة إرهابية.
وقالت شركة كهرباء السودان القابضة إن أسباب الحريق الذي نشب فجر اليوم (الاثنين) في محطة كهرباء دنقلا التحويلية يعود لاستهدافها بواسطة مليشيا الدعم السريع.وأوضحت الشركة في بيان صحفي، إن السبب الرئيسي هو انفجار طائرة مسيرة انتحارية وقد تسبب ذلك في انقطاع التيار في عدة مواقع نتيجة لهذا الهجوم وأكدت الشركة أن الفريق الفني من مهندسين وفنيين وعمال انتقل إلى موقع الحدث لتقييم الأضرار والعمل على إصلاحها في أسرع وقت ممكن.
تهدف مليشيا الدعم السريع عبر هذه الممارسات حرمان المواطنين من الاستفادة من هذه الخدمة الحيوية، والتي تؤثر بدورها في تقديم خدمات حيوية أخرى لخدمة الإتصالات و الإمداد بمياه الشرب بالإضافة إلى تدمير البنيات التحتية للبلاد وتكبيد الحكومة خسائر اقتصادية وترويع المواطنيين في الولايات الآمنة تزامنًا مع الانتصارات التي يحققها الجيش السوداني في ولايات الخرطوم والجزيرة ودارفور”.
ولم تكن أماني هي الوحيدة المتأثرة من انقطاع التيار الكهربائي بالولاية التي تعتمد على الزراعة كحرفة اساسية لمواطنيها فيتسبب انقطاع التيار الكهربائي في خسائر فادحة كما يؤكد المواطن إبراهيم أحمد لـ(المحقق) بأن انقطاع الكهرباء لفترات طويلة يؤثر بصورة بالغة على مواعيد الري الذي يعتمد على المضخات المائية التي تعمل بواسطة الكهرباء.
ويقول المحلل السياسي والاقتصادي، د. خالد التيجاني إن الأثر الاقتصادي لاستهداف الدعم السريع للمنشآت الحيوية واضح للعيان مؤكداً أن ممارسات المليشيا ليس بهدف تحقيق خسائر اقتصادية إنما تنفيس لحالة اليأس لقواتها ومحاولة إفساد فرحة المواطنين بتقدم الجيش بجانب إعطاء الإحساس بعدم الأمان”.
وأشار في حديثه مع (المحقق) بأن المساس بأي منشات خدمية هي معاقبة للمواطن وليس للجيش أو الحكومة وتعطل مصالح المواطنين والمجتمع وبها خسائر اقتصادية مترتبة على المواطن والحكومة”.
ولفت إلى أن واحدة من أهم البنود التي حملها اتفاق جدة هي حماية المواطنين، مبينًا أن ميزة هذا الاتفاق هو تأسيسه على القانون الدولي وقانون حماية حقوق الإنسان”.
وتابع: “القانون الإنساني الدولي يقوم على قاعدة أساسية وهي قاعدة الاشتباك بين الأطراف المتقاتلة وكيفية حماية المدنيين في الحروب والتمييز بين المقاتلين وبين المدنيين”.
وشدد على أن القانون الدولي يمنع منعًا باتًا استهداف المدنيين والأعيان المدنية الذي يعد انتهاكا للقانون الدولي”.
وأردف: ” قوات الدعم السريع ومنذ الأسبوع الأول للحرب تم تحويلها من طبيعتها من قتال ضد قوات الجيش إلى حرب ضد المدنيين بكافة اشكالها من السرقة واستهداف الخدمات العامة من مستشفيات ومدارس ومحطات الكهرباء”.
وزاد: “ما يمارسه الدعم السريع من استهداف للكهرباء غير جديد وهو ما يؤكد أن سلوك هذه القوات ليس شيئًا طارئًا أو عرضيًا بل إنها استهداف ممنهج”.
وقال التيجاني إن ممارسات المليشيا ممنوعة منعا باتًا بحسب القانون الدولي، وأن هذه الممارسة معتادة من قبلهم ولا يوجد فيها جديد منذ بداية الحرب وأنها تؤكد انها حرب ضد المواطن وليس ضد أي طرف آخر”.
وأكد خالد التجاني إلى أن “استهداف المليشيا لمحطات الكهرباء يوضح انه دليل يأس وأنها عسكريًا في وضع مأزوم لعدم استطاعتها لتحقيق انتصارات فأصبح الهدف هو التسبب في أضرار للبنيات التحتية من باب التنفيس لإحساس الهزيمة من جهة ومن جهة أخرى إعطاء إحساس للمواطن بأن هذا التقدم العسكري للجيش انك ستكون في أمان وقتل الفرحة بالانتصارات التي يحققها الجيش”.
واستغرب التيجاني من موقف المجتمع الدولي الذي يقف متفرجًا على انتهاكات مليشيا الدعم السريع في ظل فرض عقوبات على رئيس الدولة واتهام الجيش بارتكاب انتهاكات.
من جهته يرى المحلل الاقتصادي، خالد سعد أن استهداف الدعم السريع للمنشات والبنى التحتية هي محاولة استنزاف، لأن إعادة إعمارها مكلفة اقتصاديا وشعبيا بالنسبة للجيش الذي بدأ في استعادة رمزيته المجروحة في مدني”.
وأوضح أن استهداف البنى التحتية مثل الكهرباء، وهي خدمة كانت متوفرة في مناطق سيطرة الجيش، لا يستطيع الدعم السريع تقديمها في مناطق انتشاره، وبالتالي هو يحاول معادلة أوضاع انتشاره مع المناطق الآمنة”.
وقال سعد في حديثه لـ(المحقق) إن التأثيرات الاقتصادية لهذه الممارسات تكمن في تدمير البنى التحتية داخل المناطق الآمنة، وفي الضغط على الخدمات خاصة الكهرباء، لا سيما وأن السودان يواجه تحديات أساسية في التنمية بالإضافة إلى تعرقل خطط الاستثمار المحلي والأجنبي لأن البنى التحتية من أهم محفزات استثمار رؤوس الأموال”.
مبينًا أن هناك تأثيرات على خزانة الدولة التي فقدت موارد ضخمة نتيجة للحرب، وبالتالي فإن عملية الترميم والإصلاح تخصم من موازنة الحرب كما تزيد مثل هذه العمليات التخريبية من زيادة كلفة الإعمار، لأن التقديرات السابقة حصرتها في مناطق الحرب فقط”.
وتابع: “هذا الوضع تسود فيه حالة عدم اليقين الاقتصادي، مما يؤثر بشكل غير مباشر على الإنتاج وحركة الأسواق “العرض والطلب” لأنها تزيد من كلفة “الوقود”، وكلما ازداد الطلب على الوقود يضغط ذلك على سوق النقد الأجنبي ويخفض من قيمة العملة الوطنية”.
ونبه سعد إلى أن في حال تخريب المحولات الكهربائية قد تخرج السلع التي تعتمد على هذه الخدمة من دائرة الإنتاج”.
واعتبر سعد أن تدمير البنى التحتية ردة فعل على خسارة مدني وأجزاء واسعة من الجزيرة ومناطق أخرى تخسرها مليشيا الدعم السريع، وبالتالي تسعى لاظهار قدراتها على الرد، والتماسك وعدم الانهيار، وهي تبعث برسالة ضمنية بأن سقوفاتها الحربية مفتوحة، دون أي اعتبارات قانونية أو إنسانية”.
المحقق – نازك شمام
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: ملیشیا الدعم السریع البنى التحتیة
إقرأ أيضاً:
MEE: الإمارات تستخدم مطارا في بونت لاند لدعم الدعم السريع بالسودان
نشر موقع "ميدل إيست آي" في لندن تقرير، قال فيه إن الإمارات العربية المتحدة نشرت رادارا إسرائيلي الصنع في الصومال ضمن اتفاق سري عقده رئيس جمهورية "بونت لاند" التي تتمتع بحكم ذاتي، سعيد عبد الله ديني لإدارة مطار بوساسا وبدون موافقة برلمانية.
وقال الموقع، إن الرادار العسكري في "بونت لاند" جاء لحماية مطار بوساسا من هجمات حوثية محتملة قادمة اليمن.
وأظهرت الصور التي التقطتها الأقمار الإصطناعية تركيب رادار من نوع "إي أل أم -2084 3" دي متعدد المهام الممسوح إلكترونيا في المطار.
وتكشف البيانات المتوفرة في المصادر المفتوحة أن الإمارات تستخدم وبشكل متزايد مطار بوساسا لتزويد قوات الدعم السريع في السودان بالإمدادات العسكرية.
وفي بداية هذا العام، تقدم السودان بدعوى قضائية ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية بتهمة دعم الإبادة الجماعية بسبب علاقاتها مع قوات الدعم السريع شبه العسكرية.
وقال مصدر في المنطقة: "ركبت الإمارات الرادار بعد خسارة الدعم السريع معظم العاصمة الخرطوم"، مضيفا أن "هدف الرادار هو اكتشاف التهديدات النابعة من الطائرات بدون طيار أو الصواريخ، وتقديم إنذار مبكر ضدها، وخاصة تلك التي قد يطلقها الحوثيون، والتي تستهدف بوساسو من الخارج".
وتم نشر الرادار في المطار أواخر العام الماضي حيث لم يتمكن موقع "ميدل إيست آي" من التحقق من هذا الادعاء بشكل مستقل. وأفاد المصدر الثاني بأن الإمارات تستخدم مطار بوساسو يوميا لدعم قوات الدعم السريع، حيث تصل طائرات شحن كبيرة بانتظام لتحميل الأسلحة والذخيرة - وأحيانا تصل إلى خمس شحنات كبيرة في المرة الواحدة. وطلب موقع "ميدل إيست آي" من وزارة الخارجية الإماراتية التعليق.
وعند التواصل معه بشأن هذه الادعاءات، رفض عبد الفتاح عبد النور، وزير الدولة لشؤون رئاسة بونتلاند، التعليق على المسألة، وبدلا من ذلك نشر صور ساخرة تسخر من الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وزعم مصدران صوماليان منفصلان أن رئيس بونتلاند، ديني، لم يطلب موافقة الحكومة الفدرالية الصومالية أو برلمان بونتلاند على هذا الترتيب.
وتعتبر بونتلاند كيانا مستقلا بحكم الواقع وتتمتع بحكم ذاتي تابعة للصومال.
وقال مصدر صومالي مطلع على الأمر: "هذه صفقة سرية وحتى أعلى مستويات حكومة بونتلاند، بما في ذلك مجلس الوزراء، لا علم لها بها".
وأضاف أن: "صمت الحكومة الوطنية الصومالية حيال هذه القضية غير مفهوم".
وأشار المصدر إلى تقارير عن جلب جنود كولومبيين إلى مطار بوساسا ومن أجل إعادة نشرهم في السودان، مع أنه ليس من الواضح من أصدر لهم التأشيرات، حيث لم تلعب مقديشو أي دور في الترتيبات. وأقامت الإمارات علاقات قوية مع الحكومة الصومالية، حيث وفرت لها الدعم ودربت جنودها على مواجهة الجماعات المتمردة مثل حركة الشباب. وكانت الإمارات ناشطة في بونتلاند والتي تعتبر قريبة من الناحية الجغرافية لليمن والإمارات.
ودربت الإمارات قوات في بونتلاد لمواجهة القرصنة. وينظر إلى ديني على أنه موال للإمارات بسبب الدعم المالي الذي تقدمه له ويعزز طموحاته السياسية. وقال المصدر: "هناك انتخابات رئاسية في عام 2026، وهو بحاجة لكل الدعم للحصول على الأصوات الوطنية".
وأشار سالم سعيد سالم، الخبير الإقليمي والمدير التنفيذي لمعهد سيدرا في بونتلاند، إلى أنه على الرغم من التقارير المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي وصور الأقمار الصناعية، لم يعلق ديني ولا إدارته على وجود الرادار.
وأضاف: "هذا الصمت يشير إلى صحة الادعاءات"، مضيفا أنه لم يفاجأ بهذا التطور نظرا لعلاقات ديني الطويلة مع الإمارات. وأشار سيدرا إلى أن مقديشو قد اختارت، على الأرجح، عدم معاداة الإمارات وفضلت الصمت بشأن الأنشطة العسكرية الإماراتية في بونتلاند.
وقال سيدرا: "يعتمد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود على دعم الإمارات لمحاربة حركة الشباب والسعي إلى السلام في البلاد. من المنطقي أن تعالج هذه القضايا خلف الأبواب المغلقة".
وقد تعرضت حكومة محمود لضغوط كبيرة في الأونة الأخيرة، حيث حققت حركة الشباب مكاسب كبيرة قرب مقديشو. بالإضافة إلى تزايد المعارضة لقيادته بسبب الطبيعة القبلية لنظام الحكم في الصومال. واقترح محمود الانتقال من نظام انتخابي قائم على العشائر إلى نظام اقتراع عام. إلا أن هذا الاقتراح واجه مقاومة من بعض السياسيين البارزين وحوله إلى قضية خلافية.
كما تنشط الإمارات في دولة أرض الصومال الانفصالية، حيث تقوم باستثمارات كبيرة هناك أيضا، مما أثار حفيظة مقديشو. وقال وزير الخارجية الصومالي أحمد محمد فقي خلال عطلة نهاية الأسبوع أن حكومته قدمت رسالة إلى الإمارات حث فيها أبو ظبي على التوقف عن التعامل مع رئيس أرض الصومال عبد الرحمن سيرو وكأنه رئيس للدولة.