هل تبنت الدعم السريع سياسة الأرض المحروقة باستهداف محطات الطاقة؟
تاريخ النشر: 22nd, January 2025 GMT
الخرطوم- بعد 21 شهرا من الحرب في السودان، برز تطور جديد في ميدان المعارك بعدما قصفت قوات الدعم السريع عبر طائرات مسيرة انتحارية محطات طاقة لتوليد الكهرباء وتوزيعها مما أدى إلى انقطاع التيار بمناطق واسعة في الخرطوم وشمال البلاد وشرقها.
وعد مراقبون خطوة قوات الدعم السريع تحولا جديدا يقترب من سياسة الأرض المحروقة بعد أن تراجعت القوات عسكريا خلال الفترة الأخيرة.
ففي 13 يناير/كانون الثاني الجاري قصفت طائرات مسيرة انتحارية تابعة للدعم السريع محطة كهرباء سد مروي في الولاية الشمالية التي تنتج نحو 40% من الكهرباء في البلاد، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع في عدة ولايات.
وفي 18 يناير/كانون الثاني الجاري أيضا استهدفت مسيرات الدعم السريع محطة كهرباء الشوك في ولاية القضارف، مما أسفر عن انقطاع الكهرباء المنتجة من سدي أعالي عطبرة وأدى إلى إظلام في ولايات القضارف وكسلا وسنار.
والأحد الماضي قصفت قوات الدعم السريع بمسيرات انتحارية محطة كهرباء دنقلا عاصمة الولاية الشمالية، وتبعا لذلك انقطع التيار الكهربائي في الولاية.
ولم تؤثر الهجمات على أجسام السدود المستهدفة ولكنها أثرت على الخدمات الحيوية مثل المستشفيات ومحطات المياه، وإظلام المدن والأسواق مما زاد من حدة الأزمة الإنسانية، بجانب الخسائر المادية حيث يكلف المحول الواحد الذي يوزع الكهرباء مليوني يورو.
إعلانوكانت أكثر المناطق تأثرا العاصمة الخرطوم حيث انقطع التيار الكهربائي عنها منذ 8 أيام تأثرا باستهداف محول الطاقة في منطقة المرخيات.
كما تعطل نقل التيار الكهربائي للعاصمة بعد قصف سد مروي، واضطر المواطنون إلى جلب المياه من النيل مباشرة إثر توقف محطات المياه، وتوقفت كذلك العمليات في المستشفيات، وأغلقت مخابز أبوابها ورفعت أخرى أسعارها لتشغيلها بمولدات خاصة حسب مسؤول في حكومة ولاية الخرطوم تحدث للجزيرة نت.
وفي الولاية الشمالية يقول المزارع عمر ساتي الذي تحدث مع الجزيرة نت إنهم يخشون على محاصيلهم التي تعتمد في ريها على الكهرباء لا سيما وأن الموسم الزراعي الشتوي في مراحله الأخيرة، واضطر مزارعون إلى تشغيل مولدات تعمل بالديزل لسحب المياه من النيل مما يزيد من كلفة الإنتاج.
ويوضح مسؤول في وزارة الطاقة للجزيرة نت أن ولايات نهر النيل والبحر الأحمر والشمالية والخرطوم تأثرت بالقصف الذي حدث قبل أسبوع في سد مروي، وجرى إعادة التيار بعد صيانة ومعالجة مؤقتة ونقلت محولات من ولاية لأخرى لأن محولات السد لا يمكن شراؤها من الأسواق وإنما تصنيعها.
ويكشف المسؤول الحكومي -الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته- أن المحول الواحد يكلف مليوني يورو، متهما قوات الدعم السريع بأنها تريد تعطيل الحياة في المدن والولايات التي لا توجد فيها بعد فشلها في تشغيل محطات الطاقة في الولايات والمناطق التي تسيطر عليها.
واعتبر وزير الإعلام والمتحدث باسم الحكومة، خالد الأعيسر، أن قصف قوات الدعم السريع لمحطات الطاقة وخطوط نقل الكهرباء يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي واتفاقيات جنيف، التي تحظر استهداف المنشآت الحيوية التي تقدم خدمات أساسية للمدنيين، كمحطات المياه والكهرباء مما يزيد من معاناة المواطنين.
إعلانوشدد في بيان له على ضرورة محاسبة قوات الدعم السريع والأطراف المسؤولة عن تزويدها بالطائرات المسيرة الإستراتيجية التي تستخدمها في ارتكاب هذه الجرائم.
وفي المقابل، نفى مسؤول في المكتب الإعلامي لقوات الدعم السريع صلتهم بقصف محطات الطاقة، وقال للجزيرة نت إنهم لا يملكون طائرات مسيرة.
ويتهم المسؤول -الذي طلب عدم الكشف عن هويته- طرفا ثالثا بأنه وراء ما حدث لمحطات الطاقة مما يعكس صراعا داخليا في دوائر السلطة.
من جانبه، يقول الباحث والمحلل السياسي فيصل عبد الكريم إن قصف قوات الدعم السريع لمحطات الطاقة يهدف إلى تنفيس حالة اليأس لقواتها ورفع روحها المعنوية بعدما خسرت خلال شهرين ولايتي سنار والجزيرة وفشلها في نحو 170 هجوما على الفاشر.
وحسب حديث الباحث للجزيرة نت فإن قوات الدعم السريع تريد نشر الإحساس بعدم الأمان ونشر الخوف في الولايات الآمنة التي يسيطر عليها الجيش وزيادة الضغط على السكان، كما أن تدمير المنشآت الخدمية هي معاقبة للمواطن وليس الحكومة أو الجيش.
وأسهمت الهجمات المتعمدة للدعم السريع في تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان بشكل كبير، وحُرم ملايين المدنيين من الخدمات الأساسية، مما زاد من معاناتهم في ظل النزاع المستمر وفقا للمحلل.
وبدوره، يرى مركز فكرة للدراسات والتنمية أن هجمات الدعم السريع على محطات الطاقة غير مبررة على الإطلاق وتشكل أعمالا إرهابية صريحة ومخالفة للقانون الدولي.
وحسب تقرير حديث للمركز فإن اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية، تحظر الهجمات على البنية التحتية المدنية الأساسية لبقاء السكان، كما تعكس هذه الممارسات ازدراء قوات الدعم السريع الصارخ للمعايير الدولية والمبادئ الإنسانية.
ظلت قوات الدعم السريع منذ الأسابيع الأولى للحرب تستخدم طائرات مسيرة انتحارية مصنوعة من مكونات تجارية، بالإضافة إلى المسيرات الانتحارية، حيث امتلكت قوات الدعم السريع مسيرة من طراز كواد كابتر مصنوعة أيضا من مكونات تجارية، وبإمكانها إلقاء قذائف هاون من عيار 120 مليمترا.
وأسقط الجيش السوداني العديد من هذه المسيرات وعثر على صناديق تحتوي قذائف مخصصة لها، وفقا لصور ومقاطع مصورة نشرت على مواقع التواصل.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات قوات الدعم السریع الولایة الشمالیة التیار الکهربائی طائرات مسیرة محطات الطاقة فی الولایة للجزیرة نت سد مروی
إقرأ أيضاً:
قوات الدعم السريع تقول إنها سيطرت على مخيم للنازحين في دارفور
الخرطوم - قالت قوات الدعم السريع الأحد 13 ابريل 2025، إنها سيطرت على مخيم للنازحين في إقليم دارفور في غرب السودان بعد يومين من قصف مدفعي عنيف وإطلاق نار، وفق ما أفاد مصدر داخل القوات وكالة فرانس برس.
وأوضح المصدر لوكالة فرانس برس شرط عدم ذكر هويته لأسباب أمنية "قواتنا بسطت سيطرتها على قاعدة زمزم وتم تأمين المنطقة". ويعد هذا المخيم الأكبر في دارفور وهو يقع قرب الفاشر عاصمة شمال دارفور التي تحاصرها قوات الدعم السريع منذ أيار/مايو الماضي.
وعانى مخيم زمزم الذي يؤوي أكثر من 500 ألف لاجئ بحسب الأمم المتحدة، إلى جانب مخيَمي أبو شوك والسلام القريبين، بشكل كبير خلال الحرب المستمرة منذ عامين بين الجيش وقوات الدعم السريع.
ومنذ الجمعة، شنّت قوات الدعم السريع هجمات برية وجوية على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور المحاصرة ومخيمَي زمزم وأبو شوك.
والأحد، قالت "تنسيقية لجان المقاومة بالفاشر" في بيان إنه بعد سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة أم كدادة "أقدمت على تصفية... 56 من سكان المدينة على أساس عرقي".
وأعلنت قوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش، الخميس استعادة السيطرة على بلدة تقع على مسافة حوالى 180 كيلومترا جنوب غرب مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور في غرب السودان.
وقال حاكم دارفور وزعيم حركة تحرير السودان مني أركو مناوي الذي تقاتل قواته إلى جانب الجيش، الأحد إنه منذ الجمعة "قتل 450 شخصا في الفاشر والمناطق المحيطة بها" على يد قوات الدعم السريع.
ودعا البابا فرنسيس الأحد في ختام صلاة التبشير الملائكي في روما والتي بثها الفاتيكان، إلى إحلال السلام في العالم مشيرا خصوصا إلى السودان.
وقال إن "15 نيسان/أبريل يصادف الذكرى الثانية الحزينة لاندلاع الحرب في السودان والتي خلفت آلاف القتلى وأجبرت ملايين العائلات على الفرار من ديارها".
اندلعت الحرب في السودان في 15 نيسان/أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب "حميدتي".
ونشرت تنسيقية الفاشر الأحد قائمة بأسماء القتلى بينهم مدير مستشفى البلدة.
كذلك، اتهم الناشطون قوات الأمن بارتكاب "انتهاكات واسعة النطاق" و"تهجير قسري"، مشيرين إلى فقدان 14 شخصا.
وأضافوا أن كل شبكات الاتصالات أوقفت.
- معركة الفاشر -
وأدت الحرب في السودان إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 12 مليون شخص، وتسببت بأزمة إنسانية تعد من الأسوأ في التاريخ الحديث، بحسب الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.
وصارت ثالث أكبر دولة في إفريقيا من حيث المساحة مقسّمة عمليا، إذ يسيطر الجيش على مساحات واسعة في شرق البلاد وشمالها بينما تسيطر قوات الدعم السريع على القسم الأكبر من دارفور غربا وأجزاء من جنوب السودان.
وبعد استعادة الجيش للعاصمة الخرطوم الشهر الماضي، كثفت قوات الدعم السريع من هجماتها باتجاه مدينة الفاشر التي تحاصرها منذ أيار/مايو 2024.
ولا تزال هذه المدينة التي تعد نحو مليوني نسمة تحت سيطرة الجيش.
السبت، أعربت الأمم المتحدة عن مخاوفها من مقتل أكثر من 100 شخص في السودان بعد هجمات شنتها الجمعة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر ومخيمي زمزم وأبو شوك.
وأفادت التقارير الأولية الصادرة عن التنسيقية الجمعة بمقتل 25 شخصا في زمزم و32 في الفاشر، فيما أفاد الجيش بمقتل 74 و17 شخصا على التوالي.
وقال ناشطون الجمعة إنه من الصعب تقييم حجم الأضرار التي لحقت بزمزم بسبب صعوبات في الاتصالات والإنترنت.
وقال آدم رجال، المتحدث باسم تنسيقية النازحين واللاجئين في دارفور، لوكالة فرانس برس، "تعرضت مخيمات النازحين هذه (الأحد) لقصف وهجوم من قبل آليات قتالية تابعة لقوات الدعم السريع".
كذلك، أكد استئناف المعارك داخل مدينة الفاشر.
ويُتهم طرفا الحرب بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على كلا الجانبين.
وفي كانون الثاني/يناير 2025، اتهمت واشنطن رسميا حكومة السودان بـ"ارتكاب إبادة جماعية" في إقليم دارفور، المنطقة الصحراوية الواقعة عند الحدود مع تشاد والتي توازي مساحة فرنسا.