حلت أمس السبت، 19 أغسطس، ذكرى دفع العقيد الليبي معمر القذافي، عام 1981، بطائرتين لمهاجمة مقاتلات أميركية في خليج سدرة قبالة السواحل الليبية، حيث دخل الطرفان في مناوشات جوية انتهت بتحطم الطائرتين المهاجمتين.

وتعود جذور هذه المعركة الجوية إلى عام 1973، حين أعلن القذافي أن كامل خليج السدرة جزء من مياه ليبيا الإقليمية، مما دفع البحرية الأميركية إلى إجراء عمليات حرية الملاحة البحرية بالمنطقة، وتسبب ذلك في مواجهات أخرى خلال 1986 و1989.

 

خلفيات الحادث

يقع خليج السدرة، يُسمى أيضا خليج سرت، على طول 439 كيلومتر من الشواطئ الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، ويضم أبرز موانئ تصدير النفط في الشرق الليبي، وأبرزها ميناء "السدرة" النفطي الذي أنشئ عام 1962 على بعد 180 كيلومترا شرقي مدينة سرت، وتربطه بالهلال النفطي في جنوب البلاد أنابيب يتجاوز طولها 1400  كيلومتر.

وبالإضافة إلى الأهمية النفطية لهذه المنطقة المشهورة تاريخيا بـ"سرت الكبرى"، فإن المياه الساحلية عُرفت لقرون عدة بين الدول المجاورة كمركز رئيسي لصيد سمك التونة.

لكن في 10 أكتوبر 1973، أعلن نظام القذافي من جانب واحد أن خليج سرت "جزء لا يتجزأ" من الأراضي الليبية، مما يعني ضم ما يزيد عن مئة كيلومتر من الخليج المُطل على سواحل مدينتي بنغازي ومصراتة إلى المياه الإقليمية الليبية.

وخلال الأيام التالية، أخطرت ليبيا، عبر سفارتها في واشنطن، الولايات المتحدة بالقرار، كما راسلت الأمم المتحدة مُبررة إغلاق المنطقة البحرية أمام الملاحة بـ"المصالح الأمنية" والحقوق السيادية الليبية.

وعلى إثر ذلك، قررت طرابلس فرض نظام الترخيص المُسبق إلزاميا على السفن الأجنبية، التي تنوي الإبحار في خليج السدرة.

وفي 11 فبراير 1974، وجهت الولايات المتحدة مذكرة احتجاج إلى ليبيا أشارت فيها إلى أن الخطوة الليبية "غير مقبولة" و"تشكل انتهاكًا للقانون الدولي".

وعلّلت واشنطن رفضها الاعتراف بالحقوق الليبية على المنطقة، بكونها "تخالف" اتفاقيات جنيف عام 1958 لقانون البحار، وفق الخبير الأوروبي في القانون الدولي، فرانشيسكو فرانشيوني، الذي نشر عام 1984 ورقة بحثية تحت عنوان "​​وضع خليج سرت في القانون الدولي"، يشرح من خلالها جذور الصراع والتوتر الأميركي-الليبي والاتفاقات الدولية التي تضبط حدود الجرف القاري والمياه الإقليمية. 

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، إن "حكومة الولايات المتحدة تنظر إلى الإجراء الليبي على أنه محاولة للاستيلاء على مساحة كبيرة من أعالي البحار من خلال عمل انفرادي، وبالتالي التعدي على المبدأ الراسخ لحُرية البحار"، مشيرة إلى أنها "تحتفظ بحقوقها" الخاصة بالملاحة في المنطقة.

المعارك الجوية

وتصاعدت التوترات بشدة بين واشنطن وطرابلس إثر قيام قوات البحرية الأميركية بإجراء عمليات حرية الملاحة في خليج السدرة، وهو ما ردّ عليه النظام الليبي بنشر صواريخ اعتراضية وقاذفات في المناطق الساحلية.

وإلى جانب التصعيد على الأرض اندلعت حرب كلامية بين القذافي، والرئيس الأميركي حينها، رونالد ريغان، حتى "اكتسب الزعيم العربي مكانة هتلرية في الولايات المتحدة باعتباره مجنون المجانين"، وفقاً لما نقله المؤرخ الأميركي، رونالد بروس سانت جون، في كتابه الصادر عام 2002 "أميركا وليبيا: 200 عام من الصراع".

وأضاف سانت جون أن القذافي تحدى عزيمة ريغان في خليج السدرة مُطلقاً على المنطقة "خط الموت"، وهو ما ردّ عليه الرئيس الأميركي بعد قبوله المبارزة التي انتهت بتحقيق الأخير "نصرا" عسكريا سهلا.

وبالفعل، ففي 19 أغسطس 1981، أسقطت مقاتلتان أميركيتان من طراز "إف-14 توم كات" (F-14 Tomcat) طائرتين ليبيتين من طراز سوخوي سو-22 (Sukhoi Su-17)​​ قبالة السواحل الليبية.

وجاء هذا بعد أن أطلق أحد الطياريْن الليبيين النار على المقاتلات الأميركية، وعلى إثر سلسلة مضايقات ليبية أخرى لحاملات الطائرات العملاقة "نيمتز" التي كانت تجري تدريبات بالمنطقة.

لاحقاً، ذكر تقرير للبحرية الأميركية أن كلا من الطيارين الليبيين نجيا من الموت، لكن ثمة شكوك أشارت إلى أن أحدهما قضى على ما يبدو في هذا الحادث، بعد تعطّل مظلته الجوية أثناء القفز من الطائرة. لكن نظام القذافي لم يكشف عن وقوع ضحايا في الحادث.

ولم يتوقف الصراع بشأن خليج السدرة عند هذا الحادث، إنما تطور في السنوات اللاحقة إلى سلسلة من الاشتباكات العسكرية، خاصة في 23 مارس 1986 عندما تواجهت القوات الجوية والبحرية الليبية مع أسطول الولايات المتحدة السادس، مما أسفر عن غرق سفينتين حربيتين ليبيتين، ومقتل ما يزيد عن 30 بحارا ليبيا.

وتجددت المواجهات أيضا عام 1989 في الأجواء شمالي مدينة طبرق بين القوات الجوية الأميركية والليبية، وأسفرت أيضا عن سقوط مقاتلتيْن ليبيتين، لكن من دون تسجيل ضحايا.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی خلیج

إقرأ أيضاً:

مقترح لتشكيل فريق تنسيق فني مشترك يمثل الجهات العسكرية والأمنية المعنية بأمن الحدود الليبية

الوطن|متابعات
نظمت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا اجتماعاً في بنغازي على مدار اليومين الماضيين، بمشاركة ممثلين عن سلطات أمن الحدود ومكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية من مختلف أنحاء ليبيا، إلى جانب خبراء من قسم المؤسسات الأمنية التابع للبعثة.

تناول الاجتماع متطلبات إنشاء آلية أمنية مشتركة لتعزيز تأمين حدود ليبيا، كما شهد عرضاً قدمته المنظمة الدولية للهجرة حول دورها في دعم جهود ليبيا في إدارة الهجرة وإدارة الحدود.

وأسفر النقاش عن عدة نتائج رئيسية، منها الاتفاق على إنشاء آلية للتنسيق وتشكيل فريق تنسيق فني مشترك يضم ممثلين عن الجهات العسكرية والأمنية المعنية بأمن الحدود الليبية. كما تم اقتراح تحديد مهام وأدوات الفريق وتأسيس وسيلة اتصال مباشرة بين الجهات ذات العلاقة.

 

الوسوم#بنغازي أمن الحدود المؤسسات الأمنية بعثة الأمم المتحدة ليبيا

مقالات مشابهة

  • مقترح لتشكيل فريق تنسيق فني مشترك يمثل الجهات العسكرية والأمنية المعنية بأمن الحدود الليبية
  • أربع مباريات حاسمة في الدوري الليبي الممتاز اليوم
  • اللافي: مبادرة ستيفاني فرصة لتحقيق تطلعات الشعب الليبي في الديمقراطية
  • ماذا كشفت الخارجية الأميركية عن انتخابات الرئاسة في لبنان؟
  • فعاليات مدنية تدعو إلى مواجهة التحديات البيئية بخليج الداخلة
  • قائد الجيش يتصدّر قائمة المرشّحين للرئاسة.. والإدارة الأميركية منحازة
  • خبيران أميركيان: هذا ثمن رفع هيئة تحرير الشام من قوائم الإرهاب الأميركية
  • بلومبيرغ: رسوم ترامب الجمركية ستحدث ألما كبيرا لشركات السيارات الأميركية
  • عائلات فلسطينية تقاضي الخارجية الأميركية لدعمها الجيش الإسرائيلي
  • ديوان المحاسبة الليبي يعزز التعاون مع الأكاديمية الليبية للدراسات العليا