الجزيرة:
2025-03-05@18:24:14 GMT

جميل الأسد.. إمبراطور الشبيحة وإمام جمعية المرتضى

تاريخ النشر: 22nd, January 2025 GMT

جميل الأسد.. إمبراطور الشبيحة وإمام جمعية المرتضى

مع انقلاب نوفمبر/تشرين الثاني 1970 أصبح حافظ الأسد وعائلته مسيطرين على الدولة السورية بقبضة من حديد؛ فالرجل الذي ارتقى من منصب وزير الدفاع ثم إلى رئاسة الجمهورية، لم يكن ليقبل إلا بتعيين أخيه رفعت الأسد ذراعا يُمنى له، وقائدا لـ"سرايا الدفاع" التي استقلت عن الجيش ليكون حصنه الحصين، وقلعته الأمامية.

ولم يكتف حافظ بترقية وترفيع المقربين منه عائليا فقط، بل أصر على هيمنة العلويين على مفاصل الدولة ليتمكن من خلالهم من إدامة حكمه، وتوريثه لأبنائه وأحفاده من بعده لتصبح سوريا بمثابة الإقطاعية الأسدية العلوية، وقد لاحظ عدد من المؤرخين والباحثين في الشأن السوري هذه الظاهرة مبكرًا.

ففي كتابه "الصراع على السلطة في سوريا"، يشير المؤرخ والدبلوماسي نيكولاس فان دام، إلى أن حافظ الأسد، بعد توليه السلطة، اعتمد بشكل رئيسي على مجموعة من الضباط الذين شغلوا مواقع إستراتيجية حساسة، وأن الغالبية العظمى منهم كانوا من الطائفة العلوية، بينما شغل الضباط المنتمون إلى طوائف أخرى مناصب عسكرية رفيعة بشكل شكلي فقط، ولم تُمنح لهم صلاحيات حقيقية تمكنهم من تهديد سلطة الأسد.

وأمام هذه الحقيقة، كان من الطبيعي أن يتصدر إخوة وأبناء وأقارب حافظ الأسد المشهد في البلاد، ولئن عرفنا حافظ ورفعت كرجلين عسكريين دمويين وصارمين في سحق المعارضة، بل واستهداف الأكثرية، فإن أخاهما الأوسط (جميلا) الأسد كان له بابه الذي وَلج منه إلى النفوذ والسطوة.

إعلان جميل الأسد

ولِد جميل علي سليمان الأسد ونشأ في بلدة القرداحة عام 1933، وعند وصول أخيه حافظ إلى السلطة بدأ نشاطه بالعمل في أروقة الدولة ومؤسساتها بحرية كبيرة، وسرعان ما حظِي بعضوية مجلس الشعب، ثم أصبح عضوًا في المؤتمر القومي الـ12 لحزب البعث العربي الاشتراكي، وبعد ذلك انتقل إلى العمل في مجال الاستيراد والتصدير، ومن هنا بدأت رحلته في الكسب غير المشروع.

ويلحظ عبد الرحمن نموس في كتابه "تاريخ سوريا الحديث" أن ظاهرة الكسب غير المشروع شملت أعدادا ضخمة من محاسيب نظام الأسد الجديد بحيث "ظهرت طبقة جديدة هي برجوازية الكسب غير المشروع التي رعتها الدولة بشكل مباشر أو غير مباشر"، وكان رفعت الأسد وجميل الأسد إخوة حافظ على رأس هذه الطبقة الجديدة.

فقد أسّس جميل الأسد شركة تخليص جمركي، وفتح لها فروعا في كافة المنافذ الحدودية البرّية والبحرية في سوريا، وبمرور الوقت تمكن من تنصيب نفسه وصيّا على التخليص الجمركي وأخذ نسبة ثابتة من التجار والمتعاملين لنفسه، فكانت تلك بوابته التي بدأ منها بناء مملكته الاقتصادية وسط إقطاعية آل الأسد، ويبدو أن جميلا كان يبحث عن الثروة السريعة لتكون أداة من أدواته للهيمنة والنفوذ السياسي في البلاد.

كان جميل الأسد ماهرًا بالتغطية على أعماله غير الشرعية بمشاريع تجارية لتبييض أمواله، وكل ذلك بتوجيهات من أخيه الرئيس الذي لم يكن يريد أن تفوح رائحة الفساد من العائلة إلى العلن، خاصة في فترة الثمانينيات التي شهدت أكبر مجازر القرن في مدينة حماة، حيث قُتل ما يقارب 40 ألفًا على يد قوات حافظ الأسد بقيادة أخيه رفعت.

أسّس جميل الأسد "شركة الساحل" للتخليص الجمركي، التي اتخذت من اللاذقية مقرًا لها، وعين هيثم شحادة مديرًا للشركة، فأصبح منذ ذلك الحين بمثابة ملك المعابر في سوريا، بالإضافة إلى ذلك، دعم جميل، شحادة ليصبح عضوًا في مجلس الشعب لدورتين متتاليتين.

جميل الأسد تمكن من فرض سيطرته على مرفأ اللاذقية من خلال شركته "شركة الساحل" (الفرنسية) ملك المعابر والموانئ

تمكن جميل الأسد من فرض سيطرته على مرفأ اللاذقية من خلال شركته "شركة الساحل"، حيث فرض على التجّار ضريبة نسبتها 2.5% من أرباحهم، مدّعيًا أن هذه الأموال تُجمع كـ"زكاة" لكونه يعتبر نفسه "الإمام" كما سنرى. إلى جانب ذلك، أجبر المخلّصين الجمركيين على دفع مبالغ شهرية وصلت إلى 50 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل أكثر من ألف دولار في تلك الفترة.

إعلان

ومع مرور الوقت، توسعت هيمنته ليجعل ختم معاملات "شركة الساحل" شرطا إلزاميا لإنجاز أي معاملة جمركية في مرفأ اللاذقية، مقابل رسم قدره 1500 ليرة سورية لكل معاملة. كما فرض سلطته على العاملين في المرفأ، مهددًا بعقوبات تصل إلى الفصل من الوظيفة لأي شخص يحاول تمرير معاملة دون ختم شركته.

وفي التسعينيات، مدّ جميل الأسد نفوذه إلى مرفأ طرطوس، حيث طبّق نفس أساليبه الاحتكارية، ولم تتوقف طموحاته عند المرافئ، بل توسعت أعماله لتشمل السيطرة على المعابر الحدودية البرّية أيضا، ولهذا السبب عمل على افتتاح مكاتب عند معابر باب الهوى وباب السلامة على الحدود مع تركيا، ثم امتد نفوذه إلى معبرَي التنف واليعربية على الحدود مع العراق، وكذلك معبر نصيب على الحدود مع الأردن، ليُحكم قبضته على المعابر الرئيسية لسوريا.

ورغم سطوته المطلقة هذه، كان هناك تحدّ كبير يواجهه، وهو تدخل باسل الأسد، ابن أخيه حافظ الأسد في شؤونه، حيث عمل على اقتسام الأرباح معه في تلك الفترة، وبعد وفاة باسل توسعت أعمال جميل بشكل أكبر، ليصبح شريكه الأبرز هو بشار الأسد، الذي ورث النفوذ بعد شقيقه باسل.

باسل الأسد (يمين) الابن الأكبر لحافظ الأسد (غيتي) جميل الأسد وجمعية "الإمام المرتضى"

في عام 1981 أطلق جميل الأسد على نفسه لقب "الإمام المرتضى" في إشارة إلى دوره كمؤسس لأول جمعية شيعية كبرى وتحت رعاية السلطة في سوريا، كما أطلق على نفسه "قائد المسار" ليوازي به لقب شقيقه حافظ الأسد "قائد المسيرة"، ورغم انتماء جميل إلى الطائفة العلوية، وليس الطائفة الشيعية، فقد أنشأ جميل الأسد "جمعية المرتضى"، التي اعتُبرت الأولى من نوعها في البلاد.

ووفقا للباحث والكاتب السوري عبد الرحمن الحاج في كتابه "البعث الشيعي في سوريا"، فقد انضم آلاف السوريين إلى الجمعية رغم نفور الوسط السني من أفكارها؛ إذ كان الدافع الرئيسي وراء ذلك يتمثل في الخوف من القمع الدموي الذي مورس خلال تلك الفترة ولا سيما بعد مذابح جسر الشغور وحماة وتدمر وغيرها.

إعلان

وإلى جانب ذلك، الإغراءات التي قدمتها الجمعية، فقد كان من بينها تسليح أعضاء الجمعية البارزين وتزويدهم بسيارات حماية مقدمة من سرايا الدفاع، مما يكشف عن وجود علاقة وثيقة بين الجمعية ورفعت الأسد، قائد سرايا الدفاع.

ويبدو أن تأسيسها في عام 1981 كان انعكاسا للحظة السياسية وقتها؛ فقد قطع حافظ الأسد العلاقات مع صدام حسين والعراق، وقرر تأييد إيران وإمام الثورة الخميني في الحرب العراقية الإيرانية وقتها، وقد تزامن ذلك مع تقارب اقتصادي وديني بين دمشق وطهران وقتها.

فقد اتفق الجانبان على منح سوريا البترول الإيراني بأسعار تفضيلية مع تسهيل السياحة الدينية للقادمين من شيعة إيران لزيارة المقامات في سوريا وعلى رأسها مقام السيدة زينب، فكانت مسارعة جميل الأسد لإنشاء جمعية "الإمام المرتضى" جزءا من هذه اللحظة التاريخية والسياسية وانعكاسًا للتقارب بين الجانبين.

وقد لعبت جمعية "الإمام المرتضى" خلال ثمانينيات القرن العشرين دورا موازيا للجناح العسكري المعروف بـ"سرايا الدفاع" بقيادة أخيه رفعت الأسد، الشقيق الأصغر لحافظ الأسد، فكان الهدف الأساسي للجمعية توسيع نفوذ النظام السوري والمتحالفين معه عبر نشر المذهب الشيعي في مناطق مختلفة من البلاد.

وركزت الجمعية على استقطاب القبائل في درعا، وسكان منطقة الجزيرة، والأكراد في القامشلي، بالإضافة إلى المناطق العلوية في اللاذقية وريفها، ومناطق الإسماعيليين في السلمية ومصياف.

انضم آلاف المواطنين من المدن والأرياف السورية إلى الجمعية، مدفوعين بالخوف من المجازر الطائفية التي طالت مدينة حماة، ونتيجة للإغراءات التي قدمتها الجمعية، مثل الحماية الأمنية وفرص التوظيف في مؤسسات الدولة، على غرار الامتيازات التي يتمتع بها أعضاء حزب البعث الحاكم.

صورة أرشيفية لعام 2000 تظهر  جميل الأسد (يمين) وبجواره بشار الأسد ثم حسن نصر الله (شترستوك)

وفي هذا الإطار عملت جمعية "الإمام المرتضى" بشكل علني، ونظمت ندوات واحتفالات ومهرجانات في مختلف أنحاء سوريا، وفي تلك الفترة، قاد الشيخ الكردي أبو الحسن الميقري أنشطة الجمعية هناك، وتميزت الجمعية بانتساب عدد كبير من المسؤولين العلويين داخل النظام السوري، إضافة إلى بعض كبار التجار وزعماء العشائر الذين كانت السلطة تمثل عامل جذب لهم.

إعلان

يُوضح عبد الرحمن الحاج في كتابه السابق أن الهدف الأساسي من تأسيس جمعية "المرتضى" لم يكن دينيًّا صرفًا، بل كان يحمل في جوهره أبعادا سياسية واضحة، فرغم أن جميل الأسد لم يكن شخصا متدينا بالمعنى التقليدي، فإنه كان أقل ميولا نحو العلمانية مقارنة بأخويه حافظ ورفعت.

ويشير الحاج إلى أن النزعة الطائفية لجميل الأسد هي التي دفعته للتفكير في إنشاء جمعية دينية تمكّنه من توسيع نفوذه السياسي تحت غطاء ديني.

ركزت "جمعية المرتضى" على تنظيم الفعاليات والندوات وإحياء الاحتفالات في مختلف أنحاء البلاد، كما أصدرت شهادات عضوية لمنتسبيها. ومن خلال هذه الجمعية، نجح جميل الأسد في بناء شبكة واسعة من المؤيدين والأتباع.

يُشير عبد الرحمن الحاج أيضا إلى أن جميل الأسد أقام بسرعة علاقات قوية مع الإيرانيين وحصل على دعمهم، لكن السلطات الرسمية في طهران تجنّبت تقديم دعم علني له بسبب حرص حافظ الأسد على ضبط حدود العلاقة مع إيران.

وقد تلقّى جميل دعمًا ماليا ومعنويا من المرجعيات الشيعية في العراق وإيران كما يرصد الحاج، مما مكّنه من افتتاح عشرات الحسينيات في مدن مثل اللاذقية وطرطوس.

ويبدو أن حافظ الأسد استفاد من جمعية "المرتضى" لتوثيق علاقته بإيران آنذاك، والتغلغل في المجتمع الشيعي العراقي خاصة وأن خلافاته مع صدام حسين كانت وصلت إلى حد الاتهام والسباب العلني، مما دفعه لغضّ الطرف عنها.

لكن الخلاف بين حافظ ورفعت الأسد أثّر على الجمعية بصورة سلبية، ففي عام 1983، تعرض حافظ الأسد لأزمة قلبية حادة أدت إلى حجزه في المستشفى لعدة أشهر، وفي تلك الأثناء أعلن جميل دعمه لأخيهما رفعت كبديل لحافظ في قيادة سوريا، وحشد أتباعه أمام قصر الضيافة للمطالبة بتنصيب رفعت رئيسا، غير أن تعافي حافظ أدّى إلى انتقامه من المتورطين فيما اعتبرها مؤامرة عليه، فتم حلّ الجمعية واعتقال عدد من أعضائها.

إمبراطور الشبّيحة والنهاية

في كتابه "سوريا: سقوط مملكة الأسد"، يرصد الأكاديمي الأميركي ديفيد ليش نشوء ظاهرة الشبيحة في البلاد، فيرى أنهم في الأصل مجموعات إجرامية غير نظامية كانت تعمل في المناطق الساحلية السورية، وخاصة في اللاذقية وطرطوس، كانت هذه المجموعات مرتبطة بعائلات وقوى محلية ولديها تاريخ في التهريب والأنشطة غير القانونية، استغلها بيت الأسد باحترافية شديدة لمصالحهم الخاصة منذ فترة مبكرة، وقد كان جميل الأسد الأب الشرعي لهذا التنظيم.

فعلى إثر خسارته جمعية "الإمام المرتضى" اتجه جميل إلى الانخراط الكلي في العمل التجاري، حيث استغل نفوذه ونفوذ العائلة الحاكمة في نشاطات مثل التهريب والتجارة غير المشروعة وعلى رأسها المخدرات.

إعلان

وفي مقابلة حصرية لبرنامج المتحرّي على شبكة الجزيرة استضاف في تحقيقه العميد نبيل الدندل رئيس فرع الأمن السياسي في محافظة اللاذقية بين عامي 2003 و2007، حيث قدّم معلومات مهمة عن دور عائلة الأسد في تجارة المخدرات، وكشف أن جميل الأسد كان يسيطر على ميناء اللاذقية لهذا الغرض.

كما حافظَ جميل على اتصالاته ببعض أعضاء الجمعية، وشاركوا في أنشطة شملت التهريب والمخدرات والمعاملات الجمركية، ومن بين هذه الشبكات السرية نشأت مجموعات "الشبيحة"، التي تكونت في بداياتها من أتباع جميل الأسد.

ويرجع سبب تسمية "الشبيحة" إلى سيارات "المرسيدس الشبح" التي كانت تُستخدم في موكب جميل الأسد، حيث كان موكبه يضم دائما عددا من هذه السيارات، كان أصحابها يتمتعون بأولوية المرور في أي وقت وتحت أي ظرف، مما جعلها معروفة بين الناس في المناطق التي تمر بها. وبمرور الزمن، ارتبط هذا التعبير بالبلطجية الذين عملوا تحت إمرة جميل الأسد، وأصبح يُطلق عليهم اسم "الشبِّيحة".

في مقال نشرته بمجلة تايم إن الأسترالية، تطرقت الكاتبة الأسترالية ذات الأصول اللبنانية، رانيا أبو زيد، إلى جذور ظاهرة الشبيحة، وأرجعتها إلى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، عندما حكم حافظ الأسد سوريا بمساندة شقيقه رفعت، الذي كان يؤدي دورا محوريا في إدارة الأجهزة الأمنية، بينما انشغل شقيقهما الثالث جميل بصفقات تجارية مشبوهة شملت تهريب الأسلحة والاتجار بالمخدرات، وفقا لما أورده المعارض السوري رضوان زيادة.

وتؤكد أبو زيد أن "عصابات الشبيحة، التي انبثقت عن عائلة الأسد الممتدة وانتمت للطائفة العلوية، لطالما وُصفت بأنها الذراع التنفيذية للمافيا في البلاد".

أما الكاتب السوري ياسين الحاج صالح، فقد تناول موضوع الشبيحة في تقرير نشر في إحدى الدوريات الألمانية، حيث أشار إلى أن مصدر دخلهم الرئيسي كان يتمثل في أنشطة التهريب، بما في ذلك السلع، التبغ، المخدرات، الكحول، وحتى الآثار. كما وصفهم بـ"وحشيتهم وقسوتهم المطلقة"، إلى جانب "تفانيهم الأعمى في خدمة قادتهم".

إعلان

ومع اندلاع الثورة السورية في عام 2011، لجأ النظام إلى التكثيف من تجنيد هذه المجموعات وتحويلها إلى أداة فعالة لقمع الناس، مما حوّلها من عصابات إجرامية إلى مليشيات مسلحة موالية للنظام.

ويلفت ليش في كتابه السابق إلى أن الشبيحة لعبوا دورا محوريا في قمع المتظاهرين السلميين خلال المراحل الأولى من الثورة، حيث عملت هذه المجموعات خارج الإطار القانوني، مما أتاح للنظام تفادي المساءلة الدولية المباشرة. كما تم توظيف الشبيحة في تنفيذ هجمات عنيفة ضد المدنيين، شملت عمليات قتل واعتقالات تعسفية وترهيبا ممنهجا، بهدف إخافة السكان وإحباط أي محاولات للمشاركة في الثورة.

ويؤكد ليش أن الشبيحة كانت تعمل بتوجيهات مباشرة من أجهزة الأمن السورية والنظام السياسي بصورة مباشرة، حيث شكلت هذه المجموعات "ذراعا غير رسمية" للنظام، مكّنته من تنفيذ عمليات قمع دون تحمّل المسؤولية المباشرة عن الانتهاكات التي ارتكبتها.

وبعد عقود قضاها جميل الأسد في إنشاء مملكته الخاصة التي قامت على استغلال الدين والاقتصاد لمصالحه الخاصة أولا، ومصالح العائلة الأسدية الحاكمة ثانيا توفي في 15 ديسمبر/كانون الأول عام 2004 في فرنسا، تاركا خلفه ثروة طائلة تُقدَّر بمليارات الدولارات أدت إلى اندلاع خلافات حادة بين الورثة.

بَيد أنه ترك أيضا إدارة إمبراطورية الشبيحة لابنه فواز جميل الأسد الذي استمر في تجارة المخدرات المحلية والدولية وفرض الإتاوات، وزعامة وتحريك الشبيحة في قمع الثورة السورية، حتى وافته المنية في مارس/آذار 2015 إثر تليف شديد في الكبد ناتج عن إدمانه للخمر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات هذه المجموعات سرایا الدفاع شرکة الساحل تلک الفترة حافظ الأسد رفعت الأسد الشبیحة فی عبد الرحمن جمیل الأسد فی البلاد الأسد فی فی کتابه فی سوریا من خلال أن جمیل الأسد ا فی عام لم یکن کانت ت إلى أن فی تلک

إقرأ أيضاً:

عثر عليها في مقراتها.. وثائق تكشف فساد الفرقة الرابعة ونهبها لمقدرات سوريا

كشف تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية عن عدد من الوثائق التي عثر عليها في مقرات الفرقة المنتشرة في محافظة دمشق صورة عن هذه الفرقة التي أرعبت السوريين من جهة، لكنها كانت تنهب مقدرات البلاد من جهة أخرى. 

وتعرض الكثير من مقار تلك الوحدة العسكرية للنهب بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر 2024. لكن مستندات متناثرة داخلها تروي تفاصيل عن حياة ترف وثروات تمتع بها "سيدي المعلم"، أي ماهر الأسد، مع المحظيين من معاونيه، فيما كان بعض جنوده يكافحون لتأمين قوت عائلاتهم إلى حدّ التسوّل.

وتكشف مجموعة وثائق بحسب الوكالة الفرنسية داخل عدد من هذه المواقع المهجورة الآن، النقاب عن إمبراطورية اقتصادية واسعة بناها ماهر الأسد وشبكته من المنتفعين، لم تترك مجالا لم تتدخل فيه، من صنع الكبتاغون والاتجار به وصولا إلى فرض أتاوات على المعابر الحدودية والحواجز.

ولطالما اتهمت حكومات غربية ماهر الأسد وأعوانه بتحويل سوريا إلى "دولة مخدرات" أغرقت الشرق الأوسط بأقراص الكبتاغون، وهي مادة منشطة غير قانونية كانت تهرّب خصوصا إلى الخليج.


لكن بعيدا من التجارة التي تقدّر قيمتها بأكثر من 10 مليارات دولار، تُظهر المستندات كيف تغلغلت الفرقة الرابعة في الكثير من مفاصل البلد، ما جعلها أشبه بـ"مافيا" محظية داخل دولة مارقة.

استولت الفرقة الرابعة على منازل ومزارع، وصادرت بضائع شتى من مواد غذائية وسيارات وأجهزة إلكترونية لبيعها. ونهبت النحاس والمعادن من مناطق دمرتها سنوات الحرب الطويلة.

وفرضت كذلك أتاوات عند الحواجز ونقاط التفتيش، وجنت أموالا من مرافقة صهاريج نفط وحماية مسارها، حتى تلك الآتية من مناطق سيطر عليها المسلحون المعارضون. واحتكرت أيضا تجارة التبغ والمعادن.

أنفاق وخزنات
في صلب هذه الشبكة الفاسدة، تربّع المقر الخاص لماهر الأسد فوق متاهة أنفاق محفورة في قلب جبل يعلو دمشق، يتسع بعضها لمرور شاحنة.

وقاد حارس ملثم تابع للسلطة السورية الجديدة فريق الوكالة عبر الأنفاق، كما لو أنه دليل سياحي مشيرا إلى حمام هنا وغرفة نوم هناك، وما بدا أشبه بمسارات خروج في حالات الطوارئ.

بعد النزول عبر سلم شديد الانحدار مؤلف من 160 درجة، توجد غرف موصدة ببوابات مصفحة.

ويقول الحارس إنه أحصى تسع خزنات داخل إحدى الغرف.

ويوضح كيف أن الخزنات تعرضت "للكسر" والنهب على أيدي أشخاص اقتحموا المكان في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر، بعد ساعات قليلة من إطاحة فصائل معارضة بقيادة هيئة تحرير الشام بحكم عائلة الأسد التي قادت سوريا بقبضة حديد لأكثر من خمسة عقود.

وبحسب مصدر عراقي رفيع المستوى ومصدرين سوريين آخرين، لم يعلم ماهر الأسد (58 عاما) حينها بعزم شقيقه الفرار إلى روسيا. وهرب بشكل منفصل في مروحية أقلته إلى العراق ومنها إلى روسيا، عبر إيران على الأرجح.

في المجمع تحت الأرض، تبدو الفوضى جلية: خزنات مفتوحة وصناديق ساعات رولكس وكارتييه فارغة مرمية في كل ناحية. ولا يتضح ما إذا كانت الخزنات قد أُفرغت من الأموال قبل نهبها أم لا.

ويشير الحارس إلى مكتب، يقول إنه "المكتب الأساسي" لماهر الأسد، مؤلف من "طابقين فوق الأرض وتحته أنفاق تضم (...) غرفا مغلقة لا يمكن فتحها".

إلى جانب خزنة مهجورة داخل ممر، يمكن رؤية جهاز تغليف حراري جرى استخدامه على الأرجح لتغليف الأوراق النقدية.

ثروات مخفية
في أحد المستندات التي تفنّد بالتفصيل النفقات كافة، عثر عليها بين مئات الأوراق المبعثرة داخل مكتب أمن تابع للفرقة الرابعة، يظهر أنه كان هناك حتى الرابع من حزيران/ يونيو سيولة نقدية قدرها ثمانون مليون دولار، وثمانية ملايين يورو، و41 مليار ليرة سورية.

وتوثّق مئات المستندات احتفاظ ماهر الأسد ومكتب الأمن بمبالغ شبيهة في الفترة الممتدة بين العامين 2021 و2024.


ويقول الباحث لدى معهد كارنيغي لدراسات الشرق الأوسط خضر خضور: "هذا ليس إلا عينة صغيرة من الثروة التي جمعها ماهر وأعوانه عبر صفقاتهم التجارية المشبوهة".

ويقدّر أن تكون ثروتهم الحقيقية مخفية "في الخارج، على الأرجح في دول عربية وأفريقية".

ويضيف: "كانت الفرقة الرابعة بمثابة آلة لطباعة المال" في سوريا حيث يعيش أكثر من تسعين في المئة من السكان، وفق الأمم المتحدة، بدولارَين أو أكثر بقليل في اليوم الواحد.

دولة داخل الدولة
لم تنجح العقوبات الغربية في كبح جماح ماهر الأسد ورجاله أو الحدّ من نفوذهم طيلة سنوات النزاع.

ويقول العميد السابق في الفرقة الرابعة عمر شعبان الذي عقد تسوية مع الإدارة السورية الجديدة: "كانت الفرقة الرابعة دولة مستقلة، تمتلك (...) كل شيء".

وفي حين كان التعامل بالدولار الأمريكي محظورا في سوريا، أصبح العديد "من ضباط الأمن أصحاب ثروات، لديهم خزنات وأموال (...) بالدولار حصرا"، على حد قوله.

وأقام أعوان ماهر المقربون في قصور فاخرة واعتادوا على شحن سيارات فارهة من الخارج، بينما كان البلد خارج أسوار قصورهم غارقا في دوامة من الفقر والبؤس والخوف.

بعد أسابيع من الإطاحة بحكم الأسد، كان سوريون ما زالوا يأتون إلى فيلا ماهر الأسد المشيّدة على تلة في منطقة يعفور الراقية، ويفتشون في الغرف القريبة من إسطبلات اعتادت ابنته الفائزة بجوائز عدة، ركوب الخيل فيها.

داخل القصر المنهوب، سأل رجل بانفعال وهو ينتقل من غرفة إلى أخرى: "أريد الذهب. أين الذهب؟".لكنه لم يعثر إلا على صور قديمة مبعثرة على الأرض، إحداها لماهر وزوجته مع أولادهما الثلاثة.

 "الرجل الخفي"
لطالما كان ماهر الأسد شخصية غامضة تثير الخوف في سوريا. ويُنظر إليه على أنه الرجل الذي تولّى تنفيذ "الأعمال القذرة للنظام".

ومع أن صوره علّقت داخل كل مقر للفرقة الرابعة، لكنه نادرا ما كان يظهر في الأماكن العامة. ورغم اتهامه من منظمات حقوقية بإصدار أوامر لقتل متظاهرين عزل في سوريا منذ العام 2011، وربط اسمه باغتيالات، لكنه بقي بمثابة "الرجل الخفي"، وفق ما يقول مصدر مقرب من عائلة الأسد. ويوضح المصدر: "ستجد قلة من الأشخاص يقولون إنهم يعرفونه" شخصيا.

في مقابلة مع قناة العربية السعودية مطلع شباط/ فبراير، قالت مجد الجدعان، شقيقة زوجة ماهر الأسد والتي غادرت سوريا بعد خلافات معه عام 2008 وتقدّم نفسها على أنها معارضة لعائلة الأسد، إنه كان كريما وأحيانا ذا صحبة طيبة. لكن "حين يغضب، كان يفقد السيطرة بالكامل على تصرفاته وأقواله، وهذا ما كان مرعبا في شخصيته".

وكانت الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد بمثابة القبضة الحديد للنظام وارتبط اسمها بسلسلة طويلة من الفظائع.

بعد اندلاع الحرب في سوريا، قالت جدعان في مقابلة مع تلفزيون فرنسي: "ماهر يعرف كيف يدمّر، يعرف كيف يقتل ثم يكذب ليظهر بريئا"، مشبهة قسوته بوالده الراحل حافظ الأسد.

سيارات فارهة
حين يعدّد سكان في دمشق بسخط انتهاكات الفرقة الرابعة، يتردّد اسم آخر إلى جانب اسم ماهر الأسد، هو غسان بلال، مدير مكتب الأمن في الفرقة الرابعة.

على غرار رئيسه، كان بلال مولعا بجمع السيارات الفارهة ويقيم في فيلا في يعفور. وتقول مصادر أمنية إنه غادر سوريا بعد سقوط الحكم.


داخل مكتبه الفسيح في المقر الرئيسي لمكتب الأمن، تكشف معاينة فاتورة تلو الأخرى تفاصيل أسلوب حياته الباذخ. وبين تلك الفواتير واحدة متعلقة بصيانة سيارة الكاديلاك خاصته.

في صيف 2024، شحن بلال إلى دبي سيارتَين من طراز ليكساس ومرسيدس، بحسب وثيقة. وتظهر فواتير تسديد مبلغ بقيمة 29 ألف دولار كبدل جمارك وتأمين في دولة الإمارات عبر بطاقة ائتمان مسجّلة باسم شخص آخر.

وتظهر ورقة مكتوبة بخط اليد أنه كان يسدّد، بسبب خضوعه لعقوبات غربية على خلفية اتهامه بانتهاكات لحقوق الإنسان، بدل اشتراك بمنصة "نتفليكس" للأفلام بواسطة أحد الأصدقاء عبر بطاقة ائتمان في الخارج.

وتتضمن قوائم أخرى نفقات، غالبيتها منزلية ولأولاده أو للمطبخ أو لشراء الوقود ومصاريف أملاك بينها الفيلا التي تعرضت لاحقا للنهب.

وبلغت قيمة تلك النفقات خلال عشرة أيام فقط من شهر آب/ أغسطس 55 ألف دولار.

في الشهر ذاته، كتب جندي من الفرقة الرابعة إلى بلال متوسلا منحه "إعانة مالية (كونه) بوضع مادي سيئ جدا".

وقد صرف له بلال 500 ألف ليرة سورية كإعانة، أي ما يعادل حينها 33 دولارا، فيما تظهر وثيقة أخرى ضبط أحد جنود الفرقة الرابعة يتسوّل في الشوارع أثناء دوامه.

رجال المال
وتمّ إحراق آلاف المستندات والملفات، على ما يبدو، لكن العديد من الوثائق السرية التي نجت تحمل في طياتها معلومات كثيرة.

من بين الأسماء البارزة المذكورة في بعض الوثائق والتي ساهم أصحابها في تمويل الفرقة الرابعة، تبرز أسماء رجال أعمال مدرجين على لوائح العقوبات، على غرار خالد قدور ورئيف القوتلي، والأخوين قاطرجي المتهمين بجني مئات الملايين من الدولارات لصالح الحرس الثوري الإيراني والحوثيين في اليمن، عبر بيع النفط الإيراني إلى سوريا والصين.

وبحسب مصادر أمنية ومن قطاع الأعمال، تولى القوتلي إدارة نقاط تفتيش ومعابر، حيث "فُرضت أتاوات" على بضائع أو جرت مصادرتها.

ونفى قدّور الذي فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات لدعمه ماهر الأسد ماديا في تهريب الكبتاغون والسجائر والهواتف، أن يكون له أي تعامل مع ماهر الأسد حين سعى لأن تُرفع العقوبات الأوروبية عنه عام 2018.

لكنّ قائمة إيرادات المكتب الأمني لعام 2020، أظهرت أنه وفّر نحو 6.5 مليون دولار في ذاك العام لصالح المكتب.

وتتضمن الوثيقة لائحة طويلة من المبالغ بالليرة السورية ومصادرها المتنوعة، وبينها الدخان الوطني، و"ترفيق"، أي حماية صهاريج النفط، وبيع المصادرات.

"مافيا"
ويشير خضر خضور إلى أن مكتب الأمن كان يتولى معظم المعاملات المالية للفرقة الرابعة ويصدر بطاقات أمنية للأشخاص الذين تعامل معهم لتسهيل تحركاتهم.

في 2021، قال أحد تجار المخدرات الذي يحمل جوازي سفر لبنانيا وسوريا، لمحققين لبنانيين إنه استحوذ على بطاقة أمنية من الفرقة الرابعة، وإن مكتب الأمن وافق على حماية شحنة مخدرات لتاجر آخر مقابل مليونَي دولار، بحسب إفادة اطلعت عليها الوكالة في حينه.

وتؤكد مصادر أمنية عدّة أن بلال كان الشخص الأساس في تجارة الكبتاغون لدى الفرقة الرابعة، واتهمته وزارة الخزانة الأمريكية بالفعل بأنه من اللاعبين الرئيسيين في تلك التجارة.

وزارت الوكالة الفرنسية مصنعا لإنتاج الكبتاغون داخل فيلا استولت عليها الفرقة الرابعة في بلدة الديماس بريف دمشق قرب الحدود مع لبنان. وكانت غرفها مليئة بصناديق وبراميل من مواد الكافيين والإيثانول والباراسيتامول المستخدمة في صنع المخدر.

ويقول سكان محليون إنه لم يُسمح لهم أن يقتربوا من الفيلا، وكان يُمنع حتى على الرعاة التواجد في التلال المحيطة.

ويقول ضابط سابق أمضى جزءا من خدمته في مكتب الأمن دون الكشف عن اسمه، إن المكتب كان يتمتع بـ"حصانة وكان ممنوعا على أي جهة أمنية التعرّض لأي عنصر إلّا بموافقة ماهر".

ويضيف: "كانت مافيا، وكنت أعلم أنني أعمل لدى مافيا".

"تركوا الشعب يجوع"
وطارد جشع الفرقة الرابعة عائلات على مدى عقود، كما تُظهر رسالة كتبها عدنان الديب، وهو مشرف على مقبرة في مدينة حمص (وسط).

عند حاجز مهجور للفرقة الرابعة قرب دمشق، وبين مئات المستندات المتسخة والمرمية أرضا، عثر فريق الوكالة الفرنسية على رسالة من ديب يطلب فيها من الفرقة الرابعة استعادة مزرعته.

ويروي الديب كيف أن الفرقة الرابعة صادرت فيلا تملكها عائلته وقصورا أخرى مجاورة قبل عشرة أعوام في قرية كفرعايا قرب حمص.

ورغم عدم السماح له بالاقتراب من ممتلكاته، كان على الديب دفع الضرائب المتوجبة على العقار الذي حولته الفرقة الرابعة بحسب قوله، إلى مكاتب، بينها أحد فروع مكتب الأمن، ومستودعات للمواد المصادرة، وغرفة أشبه بسجن.

خلال جولة في العقارات المصادرة، يقول أحد السكان: "مكتب أمن الرابعة هنا كان خطا أحمر لم يجرؤ أحد على الاقتراب منه". ويروي كيف وجد بعد فرار العناصر كمية هائلة من البضائع المصادرة وبينها سيارات ودراجات نارية ومئات غالونات زيت القلي.

ويضيف: "تركوا الشعب يجوع فيما كان كل شيء متاحا لهم هنا".


وتُظهر وثيقة من أحد العقارات المصادرة، أن مواطنة بلغ عدد أفراد عائلتها 25 شخصا، كان قسم منهم يقيم في خيمة وآخرون في "قنن للدواجن"، طلبت أكثر من مرة أن يخلي عناصر من الفرقة الرابعة منزلها لتقيم فيه مع عائلتها.

حصة الأسد لبشار
لم تسيطر الفرقة الرابعة على أي قطاع في الاقتصاد السوري بقدر سيطرتها على سوق المعادن.

ويقول العميد الشعبان: "كان ممنوعا أن يحرّك أحد الحديد من دون موافقة الرابعة"، مضيفا أن التعامل بالنحاس مثلا كان حقا "حصريا" لها.

ويروي الضابط في مكتب الأمن الذي رفض الكشف عن اسمه، كيف توافد عناصر من الفرقة إلى إحدى ضواحي دمشق بمجرد سيطرة القوات الحكومية عليها حينها، وبدأوا يسحبون أسلاك النحاس والحديد من المنازل المدمرة.

ويقول رئيس غرفة الصناعة السابق فارس الشهابي إن أحد مصانع المعادن الذي كان يديره أحد شركاء ماهر الأسد، كان يحتكر السوق، وأُجبر الجميع على الشراء منه حصرا.

و"لم يعد بإمكان" العديد من المعامل العمل جراء هذا الضغط، وفق الشهابي.

ويوضح أن ماهر الأسد و"أصدقاءه" كانوا يسيطرون على حصة كبيرة من الاقتصاد السوري، لكن المستفيد الأكبر كان بشار الأسد.

ويقول الشهابي: "كانت شركة واحدة... والقصر الرئاسي كان دائما المرجع".

ويؤكد الضابط السابق في مكتب الأمن أن حصة من الأرباح والمضبوطات كانت تذهب دائما إلى القصر الرئاسي.

إرث سام
ورغم أنه لم يتبق من الفرقة الرابعة اليوم إلا مستودعات مهجورة ومقرات منهوبة، يحذر الخبير في الشأن السوري لارس هاوخ من مؤسسة "كونفلكت ميدييشن سوليوشنز"، من أن إرثها قد يكون ساما جدا.

ويقول: "كانت الفرقة الرابعة لاعبا عسكريا، وجهازا أمنيا، وكيانا استخباراتيا، وقوة اقتصادية وسياسية، ومؤسسة إجرامية عابرة للحدود".

ويضيف: "مؤسسة ذات تاريخ يمتد لعقود، وقدرات مالية هائلة، وعلاقات وثيقة مع النخب، لا يمكن أن تختفي ببساطة".


وينبه إلى أنه "فيما فرّت القيادة العليا من البلد"، فقد تراجعت "نواتها الصلبة"، ومعظمهم من الموالين للحكم السابق، إلى المناطق الساحلية ذات الغالبية العلوية، الطائفة التي تنتمي إليها عائلة الأسد.

وسعت السلطات الجديدة منذ وصولها إلى دمشق مرارا لطمأنة الأقليات بأنهم لن يتعرضوا لأي أذى، لكن أعمال عنف طالت العلويين في مناطق مختلفة، خصوصا في وسط البلاد وغربها.

ولا يستبعد هاوخ وجود أسلحة مخبأة في مخازن، تضاف إليها "مليارات الدولارات" التي كانت موضّبة في خزنات الفرقة الرابعة. وينبّه من أن "كل ما يلزم لتمرد طويل الأمد متوافر... إذا فشلت عملية الانتقال في سوريا في أن تكون شاملة بالفعل وتحقق العدالة الانتقالية".

مقالات مشابهة

  • بعد سقوط الأسد..سوريا تتعهد بالتخلص من مخزون الأسلحة الكيميائية
  • مازن الناطور نقيباً للفنانين في سوريا
  • سوريا تشارك لأول مرة في اجتماع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية
  • الشرع: سوريا الآن في مكانها الطبيعي بين العرب
  • إسرائيل تسعى لإعادة روسيا إلى سوريا
  • الفرقة الرابعة.. الإمبراطورية التي نهبت اقتصاد سوريا
  • سوريا: شن حملة أمنية ضد فلول الأسد
  • وثائق تكشف فساد الفرقة الرابعة ونهبها لمقدرات سوريا
  • عثر عليها في مقراتها.. وثائق تكشف فساد الفرقة الرابعة ونهبها لمقدرات سوريا
  • إرث سام .. إمبراطورية الأسد نهبت سوريا وتركت الشعب يتسول