«لم أكن أتصور حتى في الأربعين من عمري أنني سأصبح كاتبًا معروفًا، الرواية الأولى كانتِ (المصابيح الزرق) لكنني لم أفكر بشرارتها، وهل أنا (نيرودا) حتى تطلق قصائدي شرارات؟.. إنني (بابا نوئيل) أوزع الرؤى على الناس كي أفتح عيونهم على الواقع البائس، وأحسب أني ناجح إلى حد ما، لأن كلماتي، التي أكلت عيوني على مدى نصف قرن، لم تكن مجانية، لقد حرصت دائمًا على شيئين: (الإيقاع والتشويق).
وحنا مينا -بلا شك- أحد رموز الرواية العربية في النصف الثاني من القرن العشرين، كما كان أحد مؤسسي رابطة الكتاب السوريين واتحاد الكتاب العرب، ويحمل في مسيرته الإبداعية 40 رواية تنتمي إلى إطار «الواقعية الاجتماعية» حيث تنوعت رواياته بين الحدث، والموقف، والرؤية.. .لكنها ظلت في جميع أشكالها وأساليب تعبيرها تستند إلى البيئة المحلية الشعبية والجماهيرية، سواءً بيئة اللاذقية -حيث المولد والنشأة- خصوصًا، أو البيئة السورية عمومًا.
في مسيرة حنا مينه روايات تستحق القراءة، لقدرتها الفائقة على إثارة الدهشة والمتعة معًا، ومنها على سبيل المثال: المصابيح الزرق- الشراع والعاصفة- النجوم تحاكم القمر- نهاية رجل شجاع- القمر في المحاق، وغيرها.
كما تتميز شخصيات رواياته بالكثرة والثراء وبوجودها في عالم متكامل يتألف من مخلوقات متباينة على أرضية واقعية تمتزج معها الرومانتيكية وتتبلور في تصرفاتها وأقوالها. ومن المواقف المرتبطة بهذا السياق أن حنا مينه كلف يومًا أحدَ أصدقائه بحصر أسماء شخصيات 20 رواية فقط من رواياته، فشرع صديقه بالمهمة حتى عجز عنها قائلًا: «هناك أكثر من 560 شخصية في عشر روايات فقط، فكم يكون العدد في الروايات العشر الأخرى؟»، وهنا ضحك الروائي الكبير وقال: «أنا تلميذ بالنسبة لأستاذي نجيب محفوظ، فكيف لو كلفك هو بما كلفتك أنا به؟!».
وأختم بما قاله حنا مينه عن حالته شديدة القلق أثناء الكتابة: «إني إنسان قلق، وقد تطور هذا القلق وصار وسواسًا قهريًا، وما كنت لأعيش، وأكتب، وأبلغ هذا العمر لولا أنني -استنادًا إلى الإرادة- ألوي شكيمة الوسواس، منتصرًا عليه في كل نزال بيننا».
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
رحيل المغنية المغربية نعيمة سميح عن 71 عاماً
توفيت المغربية نعيمة سميح اليوم السبت عن 71 عاماً بعد رحلة مليئة بالنجاحات ومسيرة زاخرة بالأغاني المؤثرة في وجدان المستمعين.
ونعاها وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد مهدي بنسعيد قائلاً إن الراحلة "إحدى القامات الفنية التي تركت بصمة خالدة في الوجدان المغربي بأعمالها التي عبرت الأجيال، وستظل شاهدة على موهبتها وإبداعها" كما نعاها عدد من الفنانين والمثقفين والإعلاميين بالمغرب.
وولدت سميح في الدار البيضاء في 1954 وبدأت مسيرتها الفنية في مطلع السبعينيات من خلال برنامج "مواهب" الذي كان يشرف عليه الراحل عبد النبي الجراري.
من أشهر أغانيها "ياك آجرحي"، و"جاري يا جاري"، و:على غفلة" و"غاب علي الهلال" كما تعاملت مع كبار الملحنين أمثال عبد القادر الراشدي، وعبد القادر وهبي، وأحمد العلوي، وكذلك كبار الشعراء أمثال علي الحداني، وأحمد الطيب العلج.
ووصفت سميح بسيدة الأغنية العصرية في المغرب وسجلت اسمها باعتبارها أصغر مغنية عربية وثالث مطربة عربية تغني على خشبة مسرح الأولمبيا الشهير في باريس في 1977 بعد أم كلثوم وفيروز.