لجريدة عمان:
2024-11-23@17:11:49 GMT

لا أحد ينتبه للهندباء البريّة !

تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT

«هل يمكن للطبيعة أن تمارس أدوارها بينما نُغلقُ أعيننا؟» كان هذا أحد أسئلتي المُعذبة في طفولة بعيدة، «فما الذي يحملُ الطبيعة على ذلك إن لم تكن مرئية أصلا؟» لكن ما زاد شقائي هو أن تتبرعم حياة ما أو تموت في أكثر الأماكن قسوة دون أن تثير انتباه أحد لنضالها في شقوق مُظلمة ومعزولة.

استيقظت هذه الأسئلة مجددا وأنا أعيد قراءة واحدة من أعذب روايات ياسوناري كاواباتا «هندباء برّية»، ترجمة: جولان ناجي.

فعَبْر قصّة جذابة، تتبعُ الرواية تاريخ الندم، لنكتشف أنّ أكثر ما ينقذنا يكمنُ في وجود وجهة نظر أخرى للقصّة الواحدة، لاسيما عندما نمرُّ بفجيعة قاسية، فلا يعود بإمكاننا تغيير الطريق الذي بدأناه.

رواية تكتنفها الغرابة منذ اللحظة التي نعرف فيها أنّ الكاتب تركها غير منتهية،؛ لأنّه قرر إنهاء حياته عام 1972، وحتى الولوج إلى تلك المحاورة الفلسفية العميقة.

يحاول «هيسانو» أن يُخرج خطيبته وأمّها من فكرة مُوجعة تكمن في أنّهما كانتا السبب في موت الأب، فالأمّ دفعت الابنة لمرافقة والدها لركوب الأحصنة والابنة شاهدت سقوط والدها وحصانه من أعلى الجرف، ولأنّ الأمر فوق تحملها فقد كابدت نوبة «عمى الجسد»، وهو مرض نادر يعني تعطل وظيفة عصب بصري بشكل مؤقت. ترغبُ الأمّ في أن تُبعد الخطيب عن ابنتها، فترسلها إلى مصحة المجانين؛ الأمر الذي يثيرُ تعجبنا بوصفنا قرّاء كما يثير تعجب «هيسانو».. فلماذا تخلطُ الأمّ بين العمى وبين مستشفى المجانين!

ثمّة ارتداد إلى زهرة الهندباء الأكثر تصميما على الحياة والتبرعم، تلك التي لا يتم فحصها بانتباه في طوكيو. النبتة البرية التي لا تزرع في حديقة أو في إصيص، على نقيض زهرة الكاميليا التي تنمو في الحدائق، وتُدرك أنّها مرئية من محبيها. هكذا يظن البعض أنّنا غير موجودين قياسا بعدم معرفة الآخر بنا، لكن في الحقيقة جهل أحدنا بالآخر لا ينفي وجوده. ولذا فعندما تُزهر الهندباء، فتلك علامة فارقة، تُخفف شعور الزوار بالذنب تجاه ذويهم وأحبتهم الذين احتُجزوا في مكان بالغ القسوة مثل تلك المصحة.

يُلاحظ الخطيب والأمّ طوال طريق العودة أشياء كثيرة، لكنهما يختلفان حولها. فهي لا تمثلُ ذات الشيء لكليهما ابتداء من زهرة الهندباء، وليس انتهاء إلى الصبي الجني الذي مرّ بينهما.

لم تكن الأشياء وحدها التي يختلفان حولها، وإنّما الأفكار التي يضمرانها للقصص التي رافقت ليلتهما العصيبة عندما تركا الابنة لأول مرّة في مصحة المجانين! تصعد بين الأمّ وخطيب الابنة محاورة طويلة، يربطُ هذه المحاورة العميقة «الابنة» التي رغم غيابها بوصفها فاعلا أصيلا في الأحداث، إلا أنّها مُستعادة من خلال الأحاديث.. هكذا تبدو الغائبة وغير المرئية كثيفة الحضور؛ ولذا تُقلب حكاية الابنة على أكثر من وجه، وفي كل مرّة تظهر حقيقة غائبة كمن يجمع قطع «البازل» المتفرقة.

فهل هو الهلع الذي جعل الابنة تصابُ بعمى الجسد عقب مشاهدتها سقوط والدها، وهل يمكن أن نبقى محبوسين في لحظة تلاشي أحبتنا من أمام أعيننا!

لكن الفكرة المُرعبة هي رغبتنا المحمومة في أن نُرى، فعندما سُمح للمرضى بالقرع على الناقوس، فإن الصوت المدوي كان ارتداد آلامهم، كان يجعلهم يصدقون بحقيقة وجودهم في الحياة، رغم أنّ أهالي البلدة لا يعرفون من عساه يقرع الناقوس في تلك اللحظة!

كما أنّ الشجرة التي حفر المجانين أسماءهم عليها -فتركوا الندوب على جذعها- كانت محاولة أخرى لترك علامة تخصهم كي يثبتوا أنّهم كانوا موجودين هنا يوما ما، وفي الحقيقة «لا نعرف على وجه اليقين إن كانت الشجرة وهي تنزُ دمع جراحها تبكي على المجانين أو بسببهم! لكن المؤكد فيما لو قطعت الشجرة لن يعود هنالك ما يدل على أنّ المجانين كانوا أحياء!»، الأمر الذي يجعلنا نتعجب لأنّ «الجنون في تجلياته أوضح من العقل».

تدفعنا الرواية لأن نُقدر تلك الحيوات التي عُزلت أو عَزلت نفسها عن الضوء بالمعنى الواقعي والمجازي، تلك التي تنمو في الخفاء غير مُنشغلة بترك علامة أو أثر لكي تُرى، تلك التي تُرينا الوجه الآخر من قصّتها.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

3 أبراج تكره النقد.. «شايفين نفسهم دايما صح»

عدم تقبل الرأي الآخر والنقد، أمر يعرف به أصحاب بعض الأبراج مقارنة بغيرهم، فهم يرون أنفسهم دومًا الأصح ولا يرتكبون أي خطأ، وذلك يسبب إزعاجًا كبيرًا لغيرهم لصعوبة المناقشة معهم، لكونهم متمسكين بآرائهم لا يرغبون في تغييرها مهما بلغ الأمر، والتي قدمها موقع «yourtango» ويمكن تناولها في التقرير التالي..

برج السرطان 

يتسم مواليد برج السرطان بأنهم مرهفو المشاعر، لا يرغبون في سماع أي انتقاد يوجه لهم، لأن الأمر يؤثر بشكل كبير على مشاعرهم، وقد يدفعهم في بعض الأحيان إلى البكاء، وقد يتفاقم ويصل إلى تجنب التحدث مع الشخص صاحب النقد مطلقًا وإنهاء العلاقة تمامًا، حينما يجدون أنفسهم غير مقدرين فهم يخافون دومًا من مواجهة الانتقادات أو التعرض لنفس الموقف مجددًا.

برج الحوت 

يميل أصحاب برج الحوت إلى أخذ جميع الأمور على محمل شخصي، لهذا إذ وجه لهم أي شخص انتقادا علنيا، يسبب ذلك إزعاجًا كبيرًا لهم، لأنهم يشعرون بالإساءة والإهانة، التي قد تصل بأنهم لا يتعاملون مع شخص مرة أخرى، فهم لديهم قدر عالٍ من الثقة بأنفسهم وآرائهم تجعلهم يظنون أنهم الأصح دومًا والأكثر دقة مقارنة بغيرهم، لهذا كن حذرًا عند التعامل مع مواليد برج الحوت ومحاولة الحفاظ على مشاعرهم قدر الإمكان.

العذراء

يرى مولود برج العذراء نفسه دومًا أنه الشخص المثالي، فهو لا يخطئ في أي شيء من وجهة نظره، فهو يرى نفسه خاليا من العيوب، فليس بحاجة إلى أن ينتقده أحد أو يوجه له أي نصيحة، لأن سرعان ما يغضب ويحول الأمر إلى مسألة شخصية تتعلق بكرامته، فيعمل على الدفاع عنها بكل قوته ويلقن الشخص الآخر درسًا لا ينساه طوال حياته.

مقالات مشابهة

  • شاهد الشخص الذي قام باحراق “هايبر شملان” ومصيره بعد اكتشافه وخسائر الهايبر التي تجاوزت المليار
  • ترسيم الحدود البريّة هدفٌ للوساطة الأميركية أيضاً: فماذا عن الملفّ؟
  • وايت يغيب عن أرسنال عدة أشهر
  • لفهم خطورة الأمر.. إليكم عدد الرؤوس النووية الروسية الممكن حملها على صواريخ مثل MIRV التي ضربت أوكرانيا
  • تعرف على أسعار الحج السياحي 2025 البري
  • رسالة في بريد من يعنيه الأمر
  • ميتروفيتش يوافق على “يوم طاعة الابنة”.. وابنته تهدده بالكعك!
  • خطفت الأنظار بموهبتها.. معلومات عن ابنة أحمد السقا «نقطة ضعف أبوها»
  • ضوابط الحج السياحي البري 2025
  • 3 أبراج تكره النقد.. «شايفين نفسهم دايما صح»