الأسبوع:
2025-02-24@01:19:33 GMT

رمانة الميزان.. !!

تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT

رمانة الميزان.. !!

في الحياة هناك دائمًا تلك المساحة الوسيطة بين كل نقيضين، بين اليمين واليسار، بين الفقر والغنى، بين التأييد المُطلق والمعارضة غير الواعية، بين التزيُّد والتسيُّب، بين الأصالة والحداثة، ولكن حين غُيِّبَت تلك المنطقة عن واقعنا المعاصر سقطنا جميعًا في فخ التعصب بدرجات متفاوتة. حين غابت أو تآكلتِ الطبقة الوسطى انفصل الناس كما ينفصل الزيت عن الماء، فلا يمتزجان.

كانت تلك الطبقة الوسطية اقتصاديًا واجتماعيًا وفكريًا هى رمانة الميزان بين طرفَي المعادلة، كانتِ الضامن الوحيد للتقريب بين وجهات النظر، والوصول إلى مساحة مشتركة تتسع للجميع. حين تلاشت تلك الطبقة بفعل سنوات التأرجح الأخيرة تحوَّل المجتمع إلى طبقتين فقط على طرفَي معادلة الحياة، فلا يلتقيان ولا يتفقان. أن لا تكون معي فأنت ضدي، أهلي وزمالك، ساحل ومسحول، وطني وخائن، هكذا أصبحت معادلات حياتنا على كل المستويات، لا وجود للطبقة الوسطى التي تربط بين أجزاء المجتمع. اختفى صوت العقل والهدوء وزاد الصراخ، كل طرف يرى أنه يمتلك الصواب وحده وأن الآخر لا يفهم شيئًا. غابتِ الوسطية حتى فى الشكل العام للناس وملابسهم وطريقة كلامهم، بين لغة عربية يتحدث بها القلة، وبين لغة (فرانكو) مستغرِبة، واندثرت أو كادت تندثر تلك العامية الراقية التي كانت سائدة بين المصريين من قبل. فى الفن والفكر والثقافة ستجد هذا الأثر قويًا، فإما أن تكون في حاضنة (بيكا) وأشباهه أو تظل متمسكًا بما كان موجودًا قبل عشرات السنين، لا وجود للرابط الذى يقرب المسافة، ويمزج الحديث بالقديم، فيستفيد بإمكانيات العصر، ويقدم إبداعًا يحترم عقل الناس وقيم المجتمع فى ذات التوقيت. جيل يُخاطب نفسه فوق المنصات والغرف المغلقة، وجيل شاب لا يعنيه ما يقولون وإنما يعيش وفق هواه دون جذور، لا وجود لجيل الوسط الذى كان قادرًا على تضييق فجوة الأجيال المزمنة. حين أصبحنا على أطراف المعادلة، زاد الصراخ والتعصب بل والشجار الذى يصل أحيانًا إلى أقصى درجات التكفير والتخوين وقطع الأرحام وخسارة الأصدقاء، فقط لأننا أهملنا تلك المساحة التى كان يمكن أن نلتقي جميعًا فوقها، هناك فى براح المنتصف الآمن الذي قد يتسع لكل الأفكار والمستويات دون تمييز. دعوة للهدوء والبعد عن الأطراف والعودة لمنطقة الدفء بين الناس، حتى يسود المجتمع درجة من التراحم والتكافل والتقارب الفكري القائم على التنوع دون تعصب أو احتداد، قرّبوا بين الأجيال والأفكار والاتجاهات، ففى النهاية كلنا مصريون، وكلنا مسئولون عن هذا الوطن، ليس كل مَن يصفق (مُغرض)، ولا كل مَن ينتقد (خائن)، ليس كل جديد (صالحًا) ولا كل قديم (طالحًا). نحن نسقط بإرادتنا فى دوامة العنصرية والتعصب دون سبب، وسننسى يومًا كيف كنا قبل سنوات مضت، وكيف حملت تلك الطبقة المتوسطة راية الإبداع والفكر والتنوير وربطت بين جنبات المجتمع وطبقاته المختلفة، كيف كنا أسوياء ولكننا اليوم تُهنا.. حفظ الله بلادنا الطيبة من التمييز والتشتت والفُرقة. حفظ الله الوطن الأبي الغالي.

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

أمثال شعبية!

#أمثال_شعبية!
بقلم: د. #ذوقان_عبيدات
تعرف الأمثال الشعبية، بأنها عبارات قصيرة، تلخّص الحلول التي ابتكرها المجتمع، واستقرت بوصفها حُكما، وقواعد سلوك. هذه الأمثال أصبحت كالبرقيات المستمدة من التراث، وغالبًا ما تنطق حكمة، وينطقها كبار السنّ ممن امتلكوا هذه الحكمة!
أما الاتجاه الأخلاقي لهذه الأمثال، فغالبًا ما يكون متذبذبًا، بين الإيجابي والسلبي. فقد تدعوك إلى سلوك ما، ثم تدعوك إلى سلوك معاكس، فتبدو مرة داعية للخنوع، ومرة أخرى للثورة.
وتُصاغ الأمثال باستخدام السجع، أو على أسلوب التوقيعات الشهير في الأدب العربي، و من أمثلة ذلك:
أيها القاضي بقَم، قد عزلناك فقُم!
أو:
كثرَ شاكوك وقل شاكروك!
أو:
“طُب الجرّة عثُمْها، بتطلع البنت لأمها”.
أو:
“شوكة وخلّفت وردة!”
أو:
“هجين وقع بسلّة تين!”
وهكذا الأمثال: تعبيرات لغوية قصيرة جدّا، لها وقع موسيقي يزيدها تأثيرًا، ويقربها من الصدق الظاهري ،تلخص آلاف الأحداث التي مر بها أفراد المجتمع.

(١)

أمثال شعبية سلبية

يتداول المجتمع الحديث أمثالًا قديمة عديدة، يصعب قبولها أخلاقيّا. فكيف بقيت أمثال تدعو للسخرية من الآخر، أو للتنميط العائلي.
ولنناقش أمثلة مثل:
اتقِ شرّ من أحسنت إليه!
أليست هذه دعوة لعدم الإحسان أو التقليل منه، أو الشك في من أحسنت إليه؟
وأمثلة أخرى؛
-إتمسكن حتى تتمكن!
-الإيد اللي ما بتقدر تعضها بوسها.
-ابعد عن الشر وغني له!
-امشِ الحيط الحيط، وقول يارب الستيرة!
-اللي بتجوّز أمي بسميه عمي!!
-يصطفلوا!
-مالنا ومالهم؟
-جوزك وِنْ راد الله.
أمثال عديدة نتداولها من دون تفكير بأبعادها، ومترتباتها بعيدة المدى!
وإلّا ما معنى:
ابعِد عن الشر وغني له؟
فالابتعاد عن الشر هو خير ومقبول ، لكن لماذا أغني له من بعيد؟؟؟

(٢)

هل كان أجدادنا على خطأ؟

مقالات ذات صلة في القيم الجمالية! 2025/02/21

ليس من السهل اتهام الأجداد، فهذه حلول كانت مفيدة في زمن ما، وليست مفيدة على إطلاقها!
وقد تكون مفيدة في بعض الحالات، لكنها ليست قواعد أخلاقية حاسمة! ولذلك نقول: إنها آليات تكيّف اجتماعي، على غرار آليات التكيّف النفسي.
فالإنسان يلجأ لآليات التكيّف حتى يعيش برضًا، فيميل إلى كبت شعوره، أو كبح سلوكه، أو تقمّص دور، أو إعلاء ،أو إسقاط، أو إنكار. وهذه آليات نستخدمها لا شعوريا. ولا شك أن بعضها يعكس، أو يؤدي إلى صحة نفسية مرَضيّة. فهل آليات التكيّف الاجتماعي، وهي ما وردت في الأمثال الشعبية مفيدة أم مؤذية؟
(٣)
آليات التكيّف الاجتماعي

من المعروف أن المجتمع يمتلك قواعد، وضوابط اجتماعية دقيقة، لا يشعر بها الفرد إلّا إذا خرج عليها. فالمجتمعات تدعو إلى:
-المسايرة، لا المغايرة.
-القبول، لا الرفض.
-الاستسلام لا المقاومة.
-المنطق، لا الإبداع.
-التماثل، لا الاختلاف.
-الوحدة، لا التنوع.

والأمثال الشعبية في معظمها تقبل: المسايرة والخضوع، والقبول، والاستسلام، والمنطق والوحدة!
أما سلوكات المغايرة، والرفض
والإبداع والتفرد فغالبًا ما تخضع لعقوبات قاسية! ولنتذكر دائمًا:
“حُط راسك بين الروس، وقول يا قطّاع الروس”!
أو
إذا انجنوا ربعك، عقلك ما بنفعك!
ولا زلنا نردّد ببغائيًا شعر أبي تمّام:
السيف أصدق إنباءً من الكتب!!!
ولذلك نقول: هل المجتمع على حق؟
وماذا لو قال أحد: لو رأينا فيك اعوجاجًا لقومناه بسيوفنا؟
هل هذا مقبول هذه الأيام؟

(٤)

المجتمع يحكم ولا يحاكَم!
لقد عوقب كل من خرج على المجتمع، سواء خرج على القانون، أم انسجم معه. فالقانون لا يخالف من خرج على المجتمع وارتدى لباسًا غريبًا، لكن المجتمع لا يتسامح مع أي حالة خروج على تقاليده وقيمه. ولذلك، كان للمجتمع سطوة تفوق سطوة القانون! والقانون يحاكمك ويسمح لك بمحامٍ، لكن المجتمع
يحكُم عليك ولا يحاكِمك!
وفي الختام، لا يمكن للمجتمع أن يتقدم إلّا بمن يخرجون عليه!
فالخارجون قد يكونون مفكرين، تغيريّين، مبدعين، وليسوا خوارج!
فهمت عليّ جنابك؟!

مقالات مشابهة

  • برج الميزان| حظك اليوم الإثنين 24 فبراير 2025.. رحلة مع شريك الحياة
  • حظك اليوم برج الميزان الاثنين 24 فبراير.. سوء الفهم يضر علاقتك بالشريك
  • انفجار رمانة صوتية في أحد المحال ضمن منطقة الحسينية دون إصابات
  • أمثال شعبية!
  • حظك اليوم برج الميزان الأحد 23-2-2025.. حدد أولويات مشاريعك
  • الميزان: عليك التحكم في غضبك.. توقعات الأبراج وحظك اليوم الأحد 23 فبراير 2025
  • حظك اليوم برج الميزان السبت 22 فبراير.. دور قيادي في انتظارك
  • برج الميزان حظك اليوم السبت 22 فبراير 2025: الصبر والهدوء مفتاح النجاح
  • الملاكمون يواجهون الميزان في الرياض قبل ليلة الحسم لنزال “The Last Crescendo” اليوم السبت
  • 7.5 مليار ريال فائض الميزان التجاري لسلطنة عمان خلال 2024