الأسبوع:
2025-04-26@21:37:36 GMT

رمانة الميزان.. !!

تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT

رمانة الميزان.. !!

في الحياة هناك دائمًا تلك المساحة الوسيطة بين كل نقيضين، بين اليمين واليسار، بين الفقر والغنى، بين التأييد المُطلق والمعارضة غير الواعية، بين التزيُّد والتسيُّب، بين الأصالة والحداثة، ولكن حين غُيِّبَت تلك المنطقة عن واقعنا المعاصر سقطنا جميعًا في فخ التعصب بدرجات متفاوتة. حين غابت أو تآكلتِ الطبقة الوسطى انفصل الناس كما ينفصل الزيت عن الماء، فلا يمتزجان.

كانت تلك الطبقة الوسطية اقتصاديًا واجتماعيًا وفكريًا هى رمانة الميزان بين طرفَي المعادلة، كانتِ الضامن الوحيد للتقريب بين وجهات النظر، والوصول إلى مساحة مشتركة تتسع للجميع. حين تلاشت تلك الطبقة بفعل سنوات التأرجح الأخيرة تحوَّل المجتمع إلى طبقتين فقط على طرفَي معادلة الحياة، فلا يلتقيان ولا يتفقان. أن لا تكون معي فأنت ضدي، أهلي وزمالك، ساحل ومسحول، وطني وخائن، هكذا أصبحت معادلات حياتنا على كل المستويات، لا وجود للطبقة الوسطى التي تربط بين أجزاء المجتمع. اختفى صوت العقل والهدوء وزاد الصراخ، كل طرف يرى أنه يمتلك الصواب وحده وأن الآخر لا يفهم شيئًا. غابتِ الوسطية حتى فى الشكل العام للناس وملابسهم وطريقة كلامهم، بين لغة عربية يتحدث بها القلة، وبين لغة (فرانكو) مستغرِبة، واندثرت أو كادت تندثر تلك العامية الراقية التي كانت سائدة بين المصريين من قبل. فى الفن والفكر والثقافة ستجد هذا الأثر قويًا، فإما أن تكون في حاضنة (بيكا) وأشباهه أو تظل متمسكًا بما كان موجودًا قبل عشرات السنين، لا وجود للرابط الذى يقرب المسافة، ويمزج الحديث بالقديم، فيستفيد بإمكانيات العصر، ويقدم إبداعًا يحترم عقل الناس وقيم المجتمع فى ذات التوقيت. جيل يُخاطب نفسه فوق المنصات والغرف المغلقة، وجيل شاب لا يعنيه ما يقولون وإنما يعيش وفق هواه دون جذور، لا وجود لجيل الوسط الذى كان قادرًا على تضييق فجوة الأجيال المزمنة. حين أصبحنا على أطراف المعادلة، زاد الصراخ والتعصب بل والشجار الذى يصل أحيانًا إلى أقصى درجات التكفير والتخوين وقطع الأرحام وخسارة الأصدقاء، فقط لأننا أهملنا تلك المساحة التى كان يمكن أن نلتقي جميعًا فوقها، هناك فى براح المنتصف الآمن الذي قد يتسع لكل الأفكار والمستويات دون تمييز. دعوة للهدوء والبعد عن الأطراف والعودة لمنطقة الدفء بين الناس، حتى يسود المجتمع درجة من التراحم والتكافل والتقارب الفكري القائم على التنوع دون تعصب أو احتداد، قرّبوا بين الأجيال والأفكار والاتجاهات، ففى النهاية كلنا مصريون، وكلنا مسئولون عن هذا الوطن، ليس كل مَن يصفق (مُغرض)، ولا كل مَن ينتقد (خائن)، ليس كل جديد (صالحًا) ولا كل قديم (طالحًا). نحن نسقط بإرادتنا فى دوامة العنصرية والتعصب دون سبب، وسننسى يومًا كيف كنا قبل سنوات مضت، وكيف حملت تلك الطبقة المتوسطة راية الإبداع والفكر والتنوير وربطت بين جنبات المجتمع وطبقاته المختلفة، كيف كنا أسوياء ولكننا اليوم تُهنا.. حفظ الله بلادنا الطيبة من التمييز والتشتت والفُرقة. حفظ الله الوطن الأبي الغالي.

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

محمد حامد جمعة يكتب: الدو

لا أعرف مقتضيات تخويف المجتمع من بعض الساسة ممن يبغضون السودان بتخريجات أن السودان يهدد الأمن الإقليمي والسلام العالمي ! نظرا لظروفه الحالية مع الحرب ! هذا تسطيح ينقضه حقيقة أن الجهة المخاطبة أساسا لديها طرقها في المتابعة والتيقن من حالة تلك المهددات من السودان أو عليه وبصورة أدق من إلتقاطها من متحدث على الأرجح لا يعرف خط الطول من العرض في الجغرافيا .

حرب السودان بكل مضارها حتى الآن أثارها داخلية .يمكن التوسع في فرضيات تأثيرات أثرها على النسيج الإجتماعي وتماسك اللحمة القومية وفي هذا متسع من المباحث .

وأما خارجيا فعلى العكس . تهديدات الجوار الإقليمي وفيوض أسلحته ومقاتليه هي الأوضح . ومخاطر الأخرين عليه قبل الحرب كانت أوضح . لو تذكرون مشروع إخراج المقاتلين الأجانب من ليبيا كمثال . وقد كتبت عنه مادة ارجو أن يسمح الجهد باستخراجها من الإرشيف وتوقعت فيها أن يكون السودان من مجاري تصريف اولئك المقاتلون ! وانظر لما وراء ليبيا وإشكالات منطقة الساحل والصحراء وقد طرحت فيها فرنسا مشروع شراكة عسكرية لمكافحة جماعات عرقية وأصولية .ووأنتهى المشروع بالتحولات التي جرت في مالي والنيجر وبوركينافسو .

والأوضاع في تلك الناحية متصاعدة عراك بين مالي والجزائر واتفاق تعاون عسكري بين الجزائر وموريتانيا ونشاط تشادي كبير للتجهيزات والتسليح ربطا بتلك التطورات .وإذهب لمنطقة البحيرات وشرق الكنغو وقيام تمدد جديد للتوتسي وعرج على جنوب السودان الواقف في عين العاصفة وانظر توترات صامتة مع أرتريا وترقبها لرصاصة طائشة لتقتحم من الجبل والسهل نحو مصدر الرصاصة . دع عنك تفاصيل أخرى . كلها وعلى العكس من فرضيات اولئك الساسة ستجعل السودان (عمود النص) والأرض المستقرة رغم الذي يحدث والذي إن شاء لعب (بالدو) وإن شاء (قبض هبابة) . والأيام بيننا وبيننا حقيقة أهم أن هذا المجتمع الدولي الذي يخاطب ولكل تلك الإعتبارات سيحرص على توثيق تحالفاته مع الطرف المنتصر بالسودان . وهو معلوم الان .
لا بأس أن تتمنى وتناشد لكن ..ذاكر ياخ

محمد حامد جمعة

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • برج الميزان .. حظك اليوم الأحد 27 أبريل 2025: عبر عن رأيك
  • أهمية ضريبة الدخل على التجار..!
  • الحقد وأضراره على المجتمع
  • برج الميزان حظك اليوم السبت 26 إبريل 2025.. طاقة يومك تنعكس على علاقاتك
  • كيف تحمي أبناءك من التـ.ــحرش الإلكتروني؟.. الأوقاف توضح
  • برج الميزان| حظك اليوم الجمعة 25 إبريل 2025.. توخ الحذر
  • بدقيق البسبوسة .. طريقة عمل تشيز كيك
  • محمد حامد جمعة يكتب: الدو
  • فائض الميزان التجاري السعودي عند أعلى مستوياته في 10 أشهر
  • برج الميزان .. حظك اليوم الخميس 24 أبريل 2025