سودانايل:
2025-03-06@09:55:31 GMT

مكانة أفلاطون وارسطو في تاريخ الفلسفة

تاريخ النشر: 22nd, January 2025 GMT

عبد المنعم عجب الفَيا

كتب الفيلسوف البريطاني الشهير برتراند رسل*:
"يشغل أفلاطون وارسطو موقعا فريدا في تاريخ الفلسفة. فهما اولا قد ظهرا بوصفهما وريثيين للمدارس السابقة على سقراط، ومنظرين منهجيين لها، وطورا ما تلقاه منها، والقيا الضوء على الكثير مما ترك بصورة ضمنية لدى المفكرين السابقين. وفضلا عن ذلك فقد كان لهما طوال العصور تأثير هايل على مخيلة البشر.

فحيثما ازدهر التفكير النظري في الغرب، كانت ظلال أفلاطون وارسطو محلقة في خلفية هذا التفكير. واخيرا فان اسهامهما في الفلسفة اهم، على الأرجح، من اسهام اي فيلسوف اخر، قبلهما أو بعدهما، إذ لا تكاد توجد مشكلة فلسفية لم يقولا عنها شيا له قيمته. وكل من يتصور في أيامنا هذه انه يستطيع أن يأتي بشي أصيل من دون أن يكون قد استوعب تلك الفلسفة الاثينية، عليه أن يتحمل عواقب مغامرته". ص٩٩
*
وعن مكانة أفلاطون كتب رسل في ذات السياق:
" إن تأثير أفلاطون في الفلسفة هو على الأرجح، أعظم من تأثير اي شخص آخر. أفلاطون الذي كان وريثا لسقراط والفلاسفة السابقين له، وكان مؤسس الأكاديمية ومعلم ارسطو، يحتل موقعا مركزيا في الفكر الفلسفي.. وفضلا عن ذلك فإنه ينفرد عن جميع الفلاسفة بأنه جمع بين صفتي المفكر العظيم والكاتب العظيم. فأعمال أفلاطون تشهد بأنه واحد من أبرز الشخصيات في الأدب العالمي. غير أن هذا الامتياز ظل، للأسف، شيا استثنائيا في تاريخ الفلسفة. فكم من الكتابات الفلسفية ثقيلة، جافة، جوفا. بل إننا نجد في حالات معينة ما يشبه التقليد الراسخ الذي يقضي ان تكون الكتابات الفلسفية غامضة، معقدة في اسلوبها حتى تبدو عميقة. وهذا امر مؤسف، لانه ينفر الشخص المتهم، غير المتخصص.. وعلى أي حال فان في امكانك ان تقرأ أفلاطون وهذا شيء لا يمكن أن يقال عن معظم الفلاسفة". ص ١٠٤، ١٠٥

* المصدر:
برتراند رسل، حكمة الغرب، ترجمة د. فؤاد زكريا، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، الجزء الأول، طبعة ٢٠٠٩

هوامش:
** برتراند رسل أشهر فيلسوف بريطاني في القرن العشرين. هو فيلسوف وعالم رياضيات وعالم اجتماع ومؤرخ. ساهم في تأسيس المنطق الرياضي، فقد وضع كتاب (مبادي أو اسس الرياضيات) بالاشتراك مع الفيلسوف وايتهيد، "وبفضل هذا الكتاب أصبح رسل واحدا من أبرز الشخصيات الفلسفية في القرن العشرين، بل لقد وصفه البعض بأنه اهم المناطقة منذ ارسطو".
عاش رسل قرنا كاملا أو يزيد فقد ولد في ١٨٧٢ وتوفي في ١٩٧٠ انحدر رسل من أسرة استقراطية وبدأ حياته اشتراكيا حيث وضع أو كتاب له عن (الحزب الديمقراطي الألماني الاجتماعي) سنة ١٨٩٦ كان وقتها يعمل بالسلك الدبلوماسي بالمانيا. وعند زيارته الي روسيا أيام الثورة الأولى وجه انتقادات حادة الي النظام الشيوعي الجديد عقب عودته. وقف ضد دخول بلده في الحرب العالمية الأولى وسجن بسبب ذلك لمدة ستة أشهر. كما وقف ضد السلاح النووي وانشا محكمة الضمير سنة ١٩٤٩ لمحاكمة مجرمي الحروب. ودخل السجن سنة ١٩٦١ وهو في سن التاسعة والثمانين لمدة أسبوع بسبب نشاطه في مكافحة التسليح النووي. كما شارك في المظاهرات ضد حرب فيتنام وكان يقود التجمعات الشعبية وينظم الملتقيات للتفاهم بين الشرق والغرب. وكان رسل قد انتقل الى أمريكا سنة ١٩٣٨ للتدريس في عدد من أشهر جامعاتها، وعندما انتقل الى نيويورك للعمل بجامعتها، واجه حملة شرسة شاركت فيها الصحافة والأجهزة السياسية والكنيسة، ولكنه كسب حكما قضاييا ضد المعترضين عليه. كان رسل كاتبا غزير التأليف وقد منح جايزة نوبل في الآداب سنة ١٩٥٠ (انظر مقدمة المترجم، الجزء الأول).
**
وفي تقييمه لمواقف رسل الفلسفية، يقول د. فؤاد زكريا، استاذ الفلسفة والمفكر اليساري الكبير، في مقدمة ترجمته لكتاب رسل:
" أبدى رسل في هذا الكتاب نضجا فكريا واضحا في موقفه ازا الفلسفات التجريبية المنطقية المعاصرة، التي كان هو واحدا من أهم الممهدين لها. فهو يفرد في كتابه صفحات طويلة للدفاع عن فكرة "الفرض" في المنهج العلمي. مخالفا بذلك التراث التجريبي الذي يميل إلى الالتزام بالشهادة المباشرة للوقايع، ويرى الفرض ضربا من الخيال غير المأمون. ويظهر نضجه بوضوج في امتناعه عن مسايرة الوضعية المنطقية في هجومها الحاد على الميتافيزيقا. فهو ليس من أنصار موقف "تفنيد الميتافيزيقا" على الإطلاق. فهو يرفض استبعاد القضايا الميتافيزيقية بحجة أنها قضايا بلا معنى. ويرى رسل ان الاكتفاء بالقضايا القابلة للتحقيق، إلى جانب قضايا المنطق والرياضة، يؤدي إلى وجهة نظر شديدة الضيق والقصور. ومن هنا هاجم رسل الوضعية المنطقية على هذا الأساس، كما هاجم مدارس التحليل اللغوي بوصفها تعبيرا عن نظرة محدودة إلى مهمة الفلسفة. وعلى العكس من ذلك أكد رسل ان الميتافيزيقا قد تكون في بعض الأحيان واحدة من الطرق الموصلة للعلم، وان النظرية العلمية في سعيها إلى تفسير كلي للظواهر تقترب من الميتافيزيقا، وهو موقف يدل على أن فكره قد قطع شوطا بعيدا في طريق الفهم الواسع الأفق للفلسفة، بعد أن كان في مراحله الأولى أقرب إلى التعاطف مع تلك الاتجاهات الضيقة التي يهاجمها الآن". انظر مقدمة المترجم ، الجزء الثاني، ص١٦
* كلمة "ميتافيزيقا" في المفهوم الفلسفي، تعني في هذا المقتبس وغيره، التفكير النظري، أو المعرفة العقلية المستمدة من مسلمات أو بدهيات أو مقولات المنطق والمبادي العقلية العامة، والمستقلة عن التجربة، وهو ما يطلق عليه كانط المعرفة القبلية a priori اي قبل التجربة، وأما تلك المستمدة من التجربة فيصفها بالمعرفة البعدية a posteriori ، وقد جمع كانط بين العقل والتجربة. وزعمت الفلسفة التحليلية وربيبتها الوضعية المنطقية، وبعض تيارات ما بعد الحداثة، انها تعمل على تجاوز الميتافيزيقا اي النظر العقلي. (كاتب المقال).

abusara21@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

حوار الفكر الروحي- تأملات في تاريخ التصوف وتطوره

في غرفة بالكلوب هاوس، حيث يجتمع الأصدقاء ويتبادلون الأفكار في ساحة من النقاشات الحيوية والحوارات الهادفة، طرحت هذا الموضوع في إحدى الجلسات، وقد لقي اهتمامًا طيبًا من الحضور. يتناول هذا الطرح تاريخ التصوف في العالم الإسلامي وتطوره، بدءًا من عصر النبي محمد (ﷺ) وصولًا إلى العصور الحديثة، حيث نستعرض تأثيراته في الفكر الإسلامي وتفاعله مع الفلسفات والعقائد الأخرى. كان النقاش محوريًا في تسليط الضوء على العلاقة بين التصوف وعلم الكلام، وكيف أن التصوف قد تطور من ممارسات فردية إلى حركة فلسفية منظمة، ساهمت في إثراء الفكر الديني والفلسفي في العالم الإسلامي.

أملنا أن يكون هذا البحث جديرًا بالاهتمام من قِبل الأصدقاء هنا، وأن يضيف عمقًا إضافيًا للنقاشات التي تتم في هذه الغرفة المميزة.
رؤية مرجعية معاصرة للتصوف بعد دولة المدينة المنورة
التصوف هو أحد جوانب الحياة الروحية في الإسلام، الذي يركز على تنقية النفس وتزكيتها، والابتعاد عن الشهوات الدنيوية في سبيل القرب من الله تعالى. على الرغم من أن التصوف كما نعرفه اليوم لم يكن موجودًا بتلك الصورة الواضحة في عصر النبوة، فإن جذوره موجودة في ممارسات النبي محمد ﷺ وأصحابه. وفي هذا المقال، سنتناول تطور التصوف بعد فترة المدينة المنورة، وكيف نما وتوسع في العصور اللاحقة.
التصوف في عصر النبي ﷺ
قبل الحديث عن ظهور التصوف في الفترات اللاحقة، من الضروري التأكيد على أن النبي ﷺ كان يمثل نموذجًا للمسلم الزاهد، الذي يبتعد عن الدنيا في سبيل مرضاة الله. فعلى الرغم من أن المصطلح نفسه "تصوف" لم يكن مستخدمًا في عصر النبوة، إلا أن حياة النبي ﷺ وممارساته الروحية، مثل عبادته الطويلة في غار حراء، وزهده في الحياة، تمثل المبادئ الأساسية التي سيبني عليها المتصوفة في المستقبل. إذن، يمكن القول أن التصوف نشأ من خلال سعي الصحابة رضي الله عنهم للاقتداء بسلوك النبي ﷺ في التقوى والتجرد عن الدنيا.
التصوف بعد دولة المدينة المنورة
بعد وفاة النبي ﷺ، وتوسع الدولة الإسلامية إلى مساحات واسعة من الأراضي، بدأ بعض المسلمين يشعرون بتغيرات اجتماعية وسياسية كبيرة. فبعد دولة المدينة المنورة، والتي كانت بمثابة "دولة المؤمنين" التي قادها النبي ﷺ، كانت الفتوحات وتوسع الدولة هي الشاغل الرئيسي للعديد من المسلمين. ومع هذه التغيرات، ظهرت رغبة في العودة إلى روحانية الإسلام الأولى من خلال الزهد والتقوى بعيدًا عن صخب السياسة والفتوحات.
ومع مرور الوقت، بدأ بعض الصحابة والتابعين يميلون إلى حياة الزهد والتأمل، بعيدًا عن الانشغال بمشاكل السياسة والسلطة. هنا بدأت ملامح التصوف تظهر أكثر بوضوح، كحركة روحانية تهدف إلى تهذيب النفس، وتعميق العلاقة بالله.
الصحابة والتابعون وتأثيرهم في التصوف
من بين الشخصيات التي كان لها تأثير كبير في تشكيل التصوف في هذه الفترة، يمكننا أن نذكر الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري، الذي دعا إلى التقشف وترك الزخرف والترف، وعبد الله بن عمر، الذي كان معروفًا بزهده الشديد. أما في صفوف التابعين، فقد كان الحسن البصري من أوائل الذين وضحوا مفهوم الزهد، وأسسوا أفكارًا كانت قريبة من التصوف.
المجتمع المديني في تلك الفترة لم يكن يرفض التصوف بقدر ما كان مشغولًا بالقضايا الفقهية والسياسية التي كانت تشغل المسلمين، مما سمح للتصوف بالنمو تدريجيًا بين الأفراد الذين أرادوا الانعزال عن ضغوط الحياة العامة.
التصوف في العصرين الأموي والعباسي
التصوف في العصر الأموي
مع انتقال العاصمة الإسلامية إلى دمشق في العصر الأموي (661-750م)، بدأ التصوف يبرز كحركة روحية مستقلة. في هذا العصر، لم تكن هناك طرق صوفية منظمة، ولكن التصوف كان يأخذ شكل الزهد الفردي والتقشف كرد فعل على المادية التي سادت البلاط الأموي.
الشخصيات البارزة في هذه الفترة مثل الحسن البصري ورابعة العدوية (التي أسست مفهوم "الحب الإلهي") شكلت الأسس الأولى للفكر الصوفي، الذي تميز بالحب الإلهي والتعبّد كوسيلة للتقرب إلى الله، بعيدًا عن السياسة والمصالح الدنيوية.

التصوف في العصر العباسي
مع قيام الدولة العباسية (750-1258م)، تطور التصوف بشكل كبير. فقد أدخل العباسيون بعض الفلسفات الشرقية والفارسية، مما أثر في الفكر الصوفي بشكل ملحوظ. وبدأت تظهر طرق صوفية منظمة، تأسست حول شخصيات صوفية بارزة مثل الجنيد البغدادي والحلاج، اللذين أسسا لطرق وطرائق جديدة في التصوف.
في هذه الفترة، تميز التصوف بتوجه أكثر فلسفيًا، حيث بدأ بعض المتصوفة يتبنون مفاهيم متقدمة مثل "المعرفة اللدنية" و"الفناء في الله". وكان لبعض الصوفيين مثل ذو النون المصري تأثير كبير في تطور التصوف إلى ممارسات أكثر تعقيدًا.
العلاقة بين التصوف وعلم الكلام
في القرنين الثالث والرابع الهجريين (9-10م)، بدأ التصوف يتأثر بعلم الكلام، الذي كان يركز على قضايا العقيدة، مثل التوحيد، والعدل الإلهي، والقدر. بدأ بعض المتصوفة، مثل الجنيد البغدادي، في استخدام مفاهيم كلامية من أجل تفسير بعض الجوانب الروحية في التصوف، حيث جمعوا بين الشريعة والتصوف والكلام.
التأثيرات الفلسفية والعلمية
مع دخول الفكر الفلسفي اليوناني والفارسي إلى العالم الإسلامي في العصر العباسي، بدأ الصوفيون يدمجون هذه الفلسفات مع أفكارهم الروحية. مثلًا، السهروردي كان قد أسس فلسفة الإشراق، التي جمعت بين التصوف والفلسفة. بالإضافة إلى ذلك، كان للصوفية تأثير على الشعر والفن، حيث أدخلوا مفاهيم الحب الإلهي والتجربة الروحية في أعمالهم الأدبية والفنية.
الردود والانتقادات على التصوف
بالرغم من الانتشار الواسع للتصوف، فقد واجه هذا الفكر العديد من الانتقادات. بعض العلماء الفقهاء مثل الإمام مالك كانوا يرون في التصوف نوعًا من الغلو والتطرف، خصوصًا عندما يتجاوز التصوف حدود الشريعة أو يعارضها. ومن أبرز القضايا التي كانت مثار جدل، تلك الممارسات التي اعتبرها البعض ابتكارًا في الدين، مثل فكرة وحدة الوجود التي تبناها ابن عربي.

التصوف هو أحد التيارات الروحية المهمة التي تطورت في العالم الإسلامي بعد عصر المدينة المنورة. على الرغم من أن التصوف بدأ كحالة فردية من الزهد والعبادة، إلا أنه تطور ليصبح مذهبًا روحيًا وعقائديًا مع مرور الزمن. ومن خلال تأثير الصحابة والتابعين، ثم توسع التصوف في العصور الأموية والعباسية، أصبح التصوف أحد مكونات الثقافة الإسلامية التي أثرت على الفكر الفلسفي، الشعري، والتشريعي.
التصوف كان دائمًا حوارًا بين الروح والشريعة، بين الزهد والفكر، وبين العاطفة والحكمة. ورغم ما واجهه من انتقادات، فإنه لا يزال يشكل جزءًا هامًا من الهوية الروحية للمسلمين اليوم.
التصوف في العصر الأموي (661-750م)
بعد انتقال عاصمة الدولة الإسلامية إلى دمشق في العصر الأموي، بدأ التصوف يتبلور كممارسة فردية في مواجهة الترف والمادية التي سادت في البلاط الأموي. كان هناك العديد من الزهاد الذين عارضوا الفساد الاجتماعي ورفضوا الرفاهية. من أبرز هذه الشخصيات:

الحسن البصري: دعا إلى الزهد وعاش حياة بسيطة بعيدة عن المبالغة والترف.
رابعة العدوية: تعتبر من الأوائل الذين أسسوا التصوف العاطفي المرتكز على الحب الإلهي.
في العصر الأموي، لم يكن هناك تنظيم لطرق صوفية، بل كانت التصوف عبارة عن نزعات فردية تركز على العبادة والزهدم دون الانخراط في المسائل السياسية.
التصوف في العصر العباسي (750-1258م)
مع بداية العصر العباسي وانتقال السلطة إلى بغداد، تطور التصوف بشكل أكبر وأصبح أكثر تنظيمًا. تأثر التصوف في هذه الفترة بالفلسفات الشرقية والهندية والفارسية، وبدأ المتصوفة ينشئون مدارس وطرقًا خاصة بهم.
الجنيد البغدادي: أسس تصوفًا معتدلاً، جمع فيه بين الشريعة والتصوف.
الحلاج: دعا إلى وحدة الوجود، مما جعل موقفه مثيرًا للجدل ونتج عنه اضطهاده.
الشيخ عبد القادر الجيلاني: أسس الطريقة القادرية وأصبح له تأثير كبير على المجتمع الإسلامي.
تأثرت الحركة الصوفية بشكل كبير بالفكر الفلسفي، خاصة بعد دخول الفلسفات اليونانية والفارسية، وأصبح التصوف مزيجًا من العبادة الروحية والفلسفة العقلية.
التصوف وعلاقته بعلم الكلام
في القرنين الثالث والرابع الهجريين، بدأ التصوف يتفاعل مع علم الكلام، وهو علم يبحث في قضايا العقيدة الإسلامية مثل التوحيد والعدل الإلهي. كان التصوف قد بدأ يواجه تحديات عقلية من علماء الكلام، مثل المعتزلة والأشاعرة. وأدى ذلك إلى:
الجنيد البغدادي: قدم مدرسة جمعت بين الشريعة والكلام والعرفان الصوفي.
الغزالي: حاول التوفيق بين التصوف وعلم الكلام الأشعري في كتابه "إحياء علوم الدين".
كما أن بعض المتصوفة مثل ابن عربي طوروا مفاهيم جديدة مثل وحدة الوجود التي أثارت الجدل بين الفلاسفة والعلماء المتكلمين.
التصوف في العصور التالية (القرون المتأخرة)
مع مرور الزمن، تطور التصوف وأصبح له مدارس وطرق متعددة. أشهر هذه الطرق:
الطريقة القادرية- التي أسسها عبد القادر الجيلاني.
الطريقة النقشبندية- التي أسسها بهاء الدين نقشبند.
الطريقة الشاذلية- التي أسسها أبو الحسن الشاذلي.
التصوف أصبح جزءًا أساسيًا في الثقافة الإسلامية، وله تأثير عميق في الشعر والفن والسياسة. في بعض الأحيان كان التصوف يتماشى مع السلطة السياسية، وفي أوقات أخرى كان يشكل تحديًا للسلطة كما في حالة الحلاج.

التصوف تطور من ممارسات فردية في عصر الصحابة إلى حركة فلسفية وروحية منظمة في العصر العباسي. في البداية كان التصوف مجرد تعبير عن الزهد والتقوى، لكنه تطور ليصبح نظامًا فكريًا يمزج بين الروحانيات والعقلانية الفلسفية. العلاقة بين التصوف وعلم الكلام كانت حيوية، حيث دفع المتصوفة إلى تفسير مفاهيمهم الروحية باستخدام المنطق العقلي، مما أدى إلى ظهور مدارس فكرية جديدة داخل التصوف.
بالرغم من ذلك، يظل التصوف حركة روحية تسعى لتطهير النفس والتقرب إلى الله بعيدًا عن الماديات والصراعات الدنيوية.

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • حوار الفكر الروحي- تأملات في تاريخ التصوف وتطوره
  • كيف سطر خوان أنطونيو باتشيكو السيرة الفكرية لابن رشد؟
  • مشاريع ضخمة تعزز مكانة المدينة المنورة اقتصادياً وسياحياً
  • عمرو دنقل: الرواية تستوعب إبداعي.. وأميل للكتابة الفلسفية
  • أحمد عمر هاشم: للبيت النبوي مكانة عظيمة عبر التاريخ وحفظه الله من كل دنس
  • ما مكانة سورة البقرة وما أبرز قصصها؟
  • برلماني: مشروع الهيدروجين الأخضر يعزز مكانة مصر الاقتصادية عالميًا
  • الرئيس المصري: العدوان على غزة خلف وصمة عار في تاريخ البشرية
  • رئيس مؤسسة النفط: عودة كبرى الشركات للاستكشاف ستعزز مكانة ليبيا بين الدول النفطية
  • السوداني: مكانة المرأة العراقية عالية ومتقدمة في عراقنا الديمقراطي