معلومات الوزراء يستعرض تأثير التحول الأخضر في البناء والتشييد على مستقبل الاقتصاد العالمي
تاريخ النشر: 22nd, January 2025 GMT
أكد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، أن التحول الأخضر في قطاع البناء والتشييد يُعد إحدى القضايا الرئيسة التي تواجهها الصناعات في العصر الحديث، فمع تزايُد الوعي البيئي والاتجاه العالمي المتزايد الذي تصاحبه سياسات وإجراءات دولية وإقليمية ووطنية للحد من تأثيرات الأنشطة البشرية على البيئة لضمان استدامتها للأجيال القادمة، أصبح قطاع البناء والتشييد يتجه بشكل متزايد نحو تبني ممارسات وأساليب خضراء وأكثر استدامة.
جاء ذلك خلال تحليل جديد أصدره مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، حول التحديات والآفاق المستقبلية للتحول الأخضر في قطاع البناء والتشييد، بالإضافة إلى دوافع التحول الأخضر في القطاع، والفوائد المرتبطة بهذا التحول، إلى جانب دور وتأثير ذلك على مستقبل الاقتصاد العالمي.
ويتمثل هذا التحول في تحسين كفاءة استخدام الطاقة، وتقليل انبعاثات الكربون، وتعزيز استخدام المواد الصديقة للبيئة، وتطبيق تكنولوجيات مبتكرة تدعم الاستدامة.
وأوضح التحليل، أن قطاع البناء والتشييد يُشكل أحد أكبر المساهمين في انبعاثات الكربون على مستوى العالم، إذ يتسبب في حوالي 37% من إجمالي الانبعاثات الكربونية العالمية، ويشمل القطاع الصناعات الثقيلة المرتبطة به كالفولاذ والأسمنت، وتلك الصناعات تُعد من أبرز المصادر التي يصعب تقليل انبعاثاتها، ونتيجة لهذا التأثير الكبير للقطاع في تفاقُم مشكلة تغير المناخ، أصبحت الحاجة إلى التحول الأخضر في البناء أمرًا ملحًّا.
وأضاف التحليل، أن في السنوات الأخيرة، تزايدت الأولويات العالمية لمكافحة تغير المناخ، وهو ما دفع قطاع البناء إلى تبني تقنيات وأساليب مبتكرة للحد من أثره البيئي، كما أن الجهود الدولية المبذولة لمكافحة تغير المناخ، مثل اتفاقية باريس للمناخ التي تهدف إلى تقليل انبعاثات الكربون، قد زادت من الضغط على القطاعات المختلفة، بما في ذلك قطاع البناء، من أجل التحول إلى ممارسات أكثر استدامة.
ولفت إلى أن التحول الأخضر في هذا القطاع لا يقتصر على تقليل الانبعاثات فقط، بل يشمل أيضًا تحسين الكفاءة في استخدام الموارد مثل الطاقة والمياه، وتقليل النفايات الناتجة عن العمليات الإنشائية، ويترتب على ذلك فوائد اقتصادية واجتماعية كبيرة، أبرزها: توفير تكاليف تشغيل المباني، وتحسين جودة حياة السكان، وتعزيز الاستدامة بشكل عام.
وأشار التحليل إلى وجود العديد من الفوائد للتحول الأخضر في قطاع البناء والتشييد، بداية من الفوائد الاقتصادية، مرورًا بتعزيز القدرة التنافسية، ووصولًا إلى المكاسب البيئة.
واستعرض التحليل تلك الفوائد والمتمثلة في تحسين الكفاءة الاقتصادية، وتعد من أبرز الفوائد التي يقدمها التحول الأخضر في قطاع البناء، حيث تشير الدراسات إلى أن المباني التي تمتاز بالاستدامة وتحمل شهادات مثل (LEED) (الريادة في تصميم الطاقة والبيئة) تحقق قيمًا عُليا بفضل كفاءتها في استهلاك الطاقة، مما يؤدي إلى زيادة في قيمتها الإيجارية وارتفاع قيمتها السوقية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن لتصاميم المباني وأنظمة الطاقة الفعالة أن تقلل بشكل كبير من التكاليف التشغيلية على المدى الطويل، مما يعزز القدرة التنافسية لأصحاب المشروعات والمطورين.
كما كشف تحليل أجرته مجموعة بوسطن الاستشارية (BCG)، أن الشركات التي تتميز بتطبيق أفضل الممارسات في مجال مؤشرات الاستدامة تحقق انخفاضًا ملحوظًا في مخاطر الحوكمة البيئية والاجتماعية (ESG)، مما ينعكس إيجابًا على تقييماتها السوقية، حيث تسجل زيادة تتراوح بين 10% و15%.
بجانب فتح أسواق جديدة وتعزيز القدرة التنافسية، إذ أن التحول الأخضر في البناء والتشييد يفتح أيضًا آفاقًا جديدة للأسواق، فمع تزايُد الاهتمام بتقنيات البناء المستدامة، أصبحت المواد الخضراء والتصاميم الصديقة للبيئة أكثر جاذبية، وهو ما يُعزز القدرة التنافسية للشركات في هذا القطاع.
بالإضافة إلى وجود مكاسب بيئية واجتماعية، عندما يتم تطبيق ممارسات البناء الأخضر، فإن الفوائد البيئية والاجتماعية تكون بارزة، فعلى المستوى البيئي يعمل التحول الأخضر في البناء على تقليل انبعاثات الكربون وتحسين جودة الهواء داخل المباني، فضلًا عن الحد من استهلاك المياه والطاقة.
وأشار التحليل إلى أن الحوافز المالية والسياسات الحكومية تلعب دورًا كبيرًا في دعم التحول الأخضر، ففي بعض الأسواق قد تكون اللوائح المتعلقة بالبناء الأخضر غير كافية أو متناقضة، مما يؤدي إلى تقليل الحوافز لتطبيق ممارسات الاستدامة، لذلك من المهم تطوير بيئة تنظيمية تدعم الاستثمار في البناء الأخضر من خلال توفير الحوافز المالية والإعفاءات الضريبية.
كما تقوم التكنولوجيا بدور بارز في القطاع، فقد شهد قطاع البناء تحولات كبيرة نتيجة لاستخدام التكنولوجيات الحديثة التي تدعم الاستدامة، ومن أبرز هذه التكنولوجيات: "التكنولوجيا العقارية" التي تشمل استخدام الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والبيانات الكبيرة لتحسين كفاءة استخدام الموارد في المباني.
وأوضح التحليل- في ختامه أن التحول الأخضر في قطاع البناء والتشييد يُعد خطوة حاسمة نحو تحقيق التنمية المستدامة في العالم، ومن خلال تبني ممارسات وتقنيات البناء المستدامة يمكن الحد من الانبعاثات الكربونية، وتحسين كفاءة استخدام الموارد، وتوفير بيئات معيشية وصحية للمجتمعات.
اقرأ أيضاًمعلومات الوزراء يستعرض تقرير «كابيتال إيكونوميكس» حول التوقعات الاقتصادية العالمية 2025
معلومات الوزراء يصدر عددا من نشرة القاعدة القومية للدراسات متعلقة بتكتل البريكس
معلومات الوزراء يُبرز جهود التوطين المحلي لصناعة الهواتف المحمولة في مصر
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: معلومات الوزراء مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء التحول الأخضر مستقبل الاقتصاد العالمي قطاع البناء والتشیید ی معلومات الوزراء ی انبعاثات الکربون القدرة التنافسیة تقلیل انبعاثات البناء ا
إقرأ أيضاً:
رؤى أكاديمية تناقش تأثير الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى الثقافي والفني
فـي مشهد تفاعلي جمع بين الإبداع الثقافـي والتطور التقني، احتضن معرض مسقط الدولي للكتاب 2025 أمس جلسة حوارية بعنوان: «المنتج الثقافـي الإبداعي ورهان الذكاء الاصطناعي بين التمكين والتحدي»، أدارتها الكاتبة هدى حمد، وشاركت فـيها نخبة من المختصين هم الدكتور ياسر منجي، ومحمد الجابري، وعبدالله البلوشي، وهيثم البوصافـي، حيث تبادلوا الرؤى حول إمكانيات الذكاء الاصطناعي فـي إثراء العملية الإبداعية وتحفـيز التجديد فـي مختلف الحقول الثقافـية.
واستهل الدكتور ياسر منجي الجلسة بالحديث عن تأثير الذكاء الاصطناعي فـي إثراء العملية الإبداعية. وأشار منجي أن الذكاء الاصطناعي ليس تهديدا للإبداع البشري بل أداة تحفز الخيال وتنمي الإبداع. مبينا كيف يمكن أن يسهم الذكاء الاصطناعي فـي تطوير الأعمال الأدبية والفنية من خلال تقديم تقنيات جديدة للمبدعين لاكتشاف أفكار ومفاهيم جديدة، وأوضح أن هذه التكنولوجيا تساعد الفنانين والكتاب فـي تجاوز الحدود التقليدية للأفكار، ما يتيح لهم القدرة على خلق أعمال غير تقليدية.
مضيفا أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يصبح وسيلة لفتح آفاق جديدة فـي التفكير الإبداعي، حيث يوفر الأدوات اللازمة لاستكشاف عالم مليء بالاحتمالات التي كانت غير متاحة فـي السابق. منوها إلى ضرورة استخدام هذه الأدوات بحذر ليتم الحفاظ على أصالة العمل الفني ومصداقيته. وأوضح أن المبدعين يجب أن يكونوا على وعي تام بما يجري فـي عالم الذكاء الاصطناعي واستخدامه كأداة فـي مجال الإبداع. فبرغم توافر هذه التقنيات بسهولة، إلا أن القدرة على استخدامها بشكل مبتكر وفعال تعود إلى المبدع نفسه. وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي لا يقتصر على كونه أداة تقنية بل يمكن أن يصبح شريكا حقيقيا للمبدعين إذا تم استخدامه بشكل صحيح. وتابع: هذا النوع من الشراكة سيقود إلى أعمال فنية وثقافـية غير مسبوقة، تعتمد على دمج التقنيات الحديثة مع الإبداع البشري. فالمستقبل يشير إلى أن الذكاء الاصطناعي سيكون جزءا أساسيا من الإنتاج الثقافـي والفني، بشرط أن يبقى الإنسان هو المتحكم فـي هذا الاستخدام.
وفـي ختام الجلسة، قدم الدكتور ياسر منجي عرضا مرئيا، تناول أبرز التقنيات الفنية فـي القرن العشرين وتطورها، إلى أن وصلنا إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وتناول عبدالله البلوشي فـي الجلسة الأبعاد الفكرية والثقافـية للذكاء الاصطناعي. حيث اعتبر أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة تقنية بل أصبح عاملا مؤثرا فـي طرق التفكير والمفاهيم الإبداعية، موضحا العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والوعي الثقافـي وكيف يمكن أن يتأثر الإبداع الفني والفكري بهذه التقنية فـي كافة جوانب الحياة.
وأشار «البلوشي» إلى أن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة كبيرة لتحسين القدرة على الإبداع، ودعا إلى ضرورة التوازن فـي استخدام هذه التكنولوجيا لضمان عدم فقدان الهوية الثقافـية للفنون والإبداع بشكل عام. مؤكدا على أهمية أن يتعامل المبدع مع الذكاء الاصطناعي كأداة مكملة له، دون أن يؤثر ذلك على جوهر الإبداع البشري.
وقال «البلوشي»: لا بد للمبدع أن يكون لديه رؤية واضحة ليستطيع الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث إن هذه التقنيات فـي حال استخدامها بطريقة مدروسة يمكن أن تعزز من إبداع الإنسان وتوسع آفاقه، مشيرا أن الأداة موجودة فـي يد الجميع، ولكن قدرة الإنسان على استخدامها بشكل صحيح هي التي تحدد قيمة الإنتاج الإبداعي، وبين أن الذكاء الاصطناعي فـي المجال الإبداعي هو أداة يمكن أن تدفع المبدع للابتكار، بشرط أن يتم استخدامها بوعي ومعرفة، ولفت إلى أن المبدعين يجب أن يظلوا حاكمين على ما يخرج من هذه الأدوات وألا يتوقفوا عن تطوير مهاراتهم لتظل أعمالهم مبتكرة وأصيلة.
موضحا أن سلطنة عمان بدأت جهودا كبيرة فـي مجال الذكاء الاصطناعي، وبرغم التقدم الكبير الذي حققته عمان فـي استخدام هذه التقنيات على مستوى الأفراد، إلا أن هناك حاجة لزيادة الاستثمار فـي الذكاء الاصطناعي على مستوى الدولة والبنية الأساسية، وأشار إلى أن الحكومة أطلقت برنامجا وطنيا للذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية المتقدمة، الذي يشتمل على أكثر من 32 مشروعا فـي هذا المجال، كما تابع أنه من بين هذه المشاريع هناك خطط لدمج الذكاء الاصطناعي فـي القطاعين الحكومي والخاص، مع ضرورة استخدام هذه التقنيات فـي جمع البيانات وتسهيل الوصول إليها للمواطنين.
وفـي ورقته استعرض محمد الجابري إمكانيات الذكاء الاصطناعي فـي صناعة الفن والأدب وخاصة فـي الكتابة الروائية والقصصية، مبينا أن هذه التكنولوجيا تتيح للمبدعين أدوات جديدة للتعبير، خاصة فـي الكتابة الآلية أو حتى ابتكار أساليب سردية جديدة، موضحا أن «الذكاء الاصطناعي لا يخلق الأدب بنفسه، بل يوفر الأدوات التي تساعد الكتاب على تحسين وتوسيع خيالهم.» وأشار «الجابري» إلى أن تحديات كبيرة قد تطرأ عند دمج الذكاء الاصطناعي فـي العملية الإبداعية، مثل الحفاظ على اللمسة الإنسانية التي تميز الكتابة الأدبية، ورغم هذه التحديات، شدد على أهمية أن يستخدم المبدعون هذه الأدوات بحذر، مع الحفاظ على جودة النصوص وأصالتها.
أما هيثم البوصافـي فقد قدم ورقة عن دور الذكاء الاصطناعي فـي الفنون البصرية وكيفـية استخدامه فـي صناعة الفن التشكيلي والتصميمات الرقمية، وأوضح أن الذكاء الاصطناعي أصبح له تأثير كبير على صناعة الفنون البصرية، حيث أتاح للفنانين أدوات جديدة للابتكار والإبداع فـي مجال الرسومات والتصميمات المعقدة.
كما أوضح البوصافـي أن هذه التكنولوجيا تقدم العديد من الفرص لإيجاد أعمال فنية لم تكن ممكنة باستخدام الأساليب التقليدية. ولكن، فـي الوقت ذاته، بين أن الذكاء الاصطناعي قد يواجه الفنانين بتحديات كبيرة، منها ضرورة الحفاظ على الطابع الإنساني للفن وعدم السماح للتقنيات أن تحل محل الإبداع الشخصي واللمسة اليدوية التي تميز الفنون البصرية.
وأكد «البوصافـي» أن سلطنة عمان تشهد تطورا كبيرا فـي استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، خاصة فـي مجال الصور والفـيديوهات، وأضاف أنه وزملاءه فـي الشركة قاموا بتدريب الذكاء الاصطناعي باستخدام معلومات من عمان، ليتمكنوا من توليد صور ومحتويات بمستوى عال من الجودة. وأشار إلى أن الشركات العمانية أصبحت أكثر تقبلا لاستخدام الذكاء الاصطناعي، وهناك تطور ملحوظ فـي كيفـية استخدام هذه التقنيات فـي الإعلان وفـي قطاعات أخرى مثل البنوك وشركات الاتصالات.