بعد 15 شهرًا من الحرب التي دمرت غزة إنسانيًا ومدنيًا وبشريًا، تأتي الهدنة كبصيص أمل لبدء مرحلة جديدة من إعادة الإعمار. 

وهذه المرحلة لا تقتصر على البناء المدني فقط، بل تمتد لتشمل إعادة تأهيل البنية النفسية والاجتماعية لسكان القطاع، الذين عانوا من ويلات الحرب وآثارها المدمرة. 

ومع حجم الدمار الهائل في البنية التحتية والمنشآت الحيوية، فضلاً عن التداعيات النفسية العميقة على الأطفال والعائلات، تبدو عملية الإعمار بمثابة تحدٍ إنساني كبير يتطلب جهوداً متكاملة محلياً ودولياً لإعادة الحياة والأمل إلى غزة.

محمد جودةإعادة إعمار غزة.. تحديات وآفاق

من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، محمد جودة، إن توقف الإبادة في قطاع غزة يمثل بداية لمرحلة جديدة، تهدف إلى إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني والبدء في عملية إعادة البناء والتعافي. 

وأضاف في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن الأولوية العاجلة تكمن في توفير الإغاثة الإنسانية، بما يشمل الغذاء، المياه النظيفة، والأدوية، إلى جانب إعادة تشغيل المستشفيات والمراكز الصحية. 

وأوضح أن توفير مساكن مؤقتة للنازحين يمثل تحدياً ملحاً، مع أهمية التأهيل النفسي للأطفال والنساء الذين عانوا من ويلات الحرب.

وأشار جودة إلى أن إعادة بناء البنية التحتية تعد من الأولويات الكبرى، بما في ذلك شبكات الكهرباء والمياه، والصرف الصحي، إضافة إلى إعادة تشغيل وتأهيل المدارس لضمان استئناف العملية التعليمية. 

وأكد أن نجاح هذه الجهود يتطلب تنسيقاً دولياً مشتركاً، بقيادة الأمم المتحدة ومنظماتها مثل برنامج الأغذية العالمي ووكالة الأونروا، إلى جانب دور حيوي للدول الداعمة كقطر ومصر، مع إشراف السلطة الفلسطينية على الجهود الدولية.

واختتم بتأكيد أهمية تشكيل لجنة دولية لضمان شفافية إدارة التمويل، مشدداً على دور مصر المحوري في تحقيق التوازن بين الأطراف المعنية وإعادة الأمل لسكان القطاع.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: غزة إعمار غزة إعادة إعمار غزة المزيد

إقرأ أيضاً:

المطاعم في سوريا مؤشر على تعافي الاقتصاد بالبلاد

بات المشهد الغذائي في سوريا يعكس صورة واضحة لحالة البلاد بعد أكثر من 14 عاما من الحرب المدمرة، إذ تحولت الأسواق والمطاعم إلى رموز لمحاولات التعافي رغم ما خلفته الحرب من دمار اقتصادي واجتماعي واسع النطاق.

وتشير وكالة بلومبيرغ إلى أن الحياة في العاصمة دمشق بدأت تدب مجددا في الأزقة والأسواق، مع عودة تدريجية للأنشطة التجارية والمطاعم، لكن هذه العودة لا تزال بطيئة ومتعثرة بفعل تحديات مستمرة، من بينها التضخم وضعف القدرة الشرائية للسكان.

وعلى الجانب الآخر، تظل مدن مثل حلب غارقة في تداعيات الحرب، إذ لم تقتصر معاناتها على الدمار الذي ألحقته سنوات القتال، بل زادها زلزال عام 2023 خرابا، مما جعل وتيرة التعافي فيها أبطأ وأكثر تعقيدا، بحسب بلومبيرغ.

المطاعم والأسواق تعود للحياة ببطء

وفي جولة عبر سوق مدحت باشا (أحد أقدم الأسواق في دمشق) لا يزال الزحام يعكس رغبة السكان في استعادة حياتهم الطبيعية.

وعلى الرغم من أن العديد من المطاعم التي كانت تحتضن شخصيات سياسية وزوارا دوليين قد تراجعت فإن بعض الأسماء العريقة مثل مطعم نارنج تحاول العودة، ولكن بوتيرة متواضعة.

المطعم -الذي كان في السابق رمزا للمشهد الغذائي الراقي في دمشق- لم يعد يملك سوى عدد قليل من العاملين مقارنة بفترة ما قبل الحرب.

أكشاك الطعام الشعبية استعادت زبائنها في مختلف المدن السورية (الجزيرة)

في المقابل، يبدو أن أكشاك الطعام الشعبية قد استعادت زبائنها، مثل باعة القطايف (الفطائر المحشوة بالقشطة والمكسرات)، إذ يستمرون في تقديمها بالطريقة التقليدية نفسها رغم شح الموارد.

إعلان

ويقول أحد الباعة "على الأقل الآن يمكننا التنفس بحرية"، في إشارة إلى تحسن الأوضاع بعد سقوط النظام.

آثار الحرب على المطبخ السوري

وتشير بلومبيرغ إلى أن تداعيات الحرب طالت حتى الأطباق التقليدية السورية، إذ تأثر إنتاج فلفل حلب الشهير نتيجة تدمير الحقول خلال سنوات الحرب.

هذا الفلفل -الذي كان رمزا للنكهة السورية- تراجع إنتاجه، لدرجة أن الأسواق أصبحت تعتمد على بدائل تركية.

ويؤكد أحد تجار التوابل في سوق البزورية أن بعض المزارعين يحاولون إعادة زراعة الفلفل في المناطق القليلة التي لم تتعرض للدمار الكامل، مع آمال في حصاد جديد بحلول يوليو/تموز المقبل.

أما مدينة حلب -التي كانت تعد عاصمة المطبخ العربي- فقد عانت من تدمير واسع النطاق، سواء بسبب القصف خلال الحرب أو الزلزال الذي ضربها عام 2023.

وأغلقت معظم المطاعم التقليدية الشهيرة أبوابها، وأبرزها مطعم "بيت سيسي" الذي احترق بالكامل عام 2012، في حين اضطر العديد من الطهاة الحرفيين إلى مغادرة البلاد، واستقر بعضهم في لبنان وتركيا وأوروبا، مما يثير تساؤلات عما إذا كان بإمكانهم العودة يوما ما لإعادة إحياء فن الطهو الحلبي.

تعافٍ حذر

ورغم الدمار فإن هناك دلائل على عودة الحياة إلى طبيعتها، ففي الطريق بين دمشق وحلب لا تزال بعض الاستراحات التي تقدم حلاوة الهريسة التقليدية في مدينة النبك تعمل بعد أن دُمرت معظم محلاتها خلال الحرب.

ويقول أحد الباعة "عانينا كثيرا، لكن الناس عادوا لشراء الهريسة، وهذا يمنحنا الأمل".

المطبخ السوري هو القاسم المشترك الذي يفتخر به جميع السوريين بغض النظر عن انتماءاتهم (رويترز)

وفي حلب القديمة عاد بعض تجار التوابل لبيع منتجاتهم المحلية رغم صعوبة الاستيراد والتصدير، ويؤكد أحدهم أن الأسواق بدأت تشهد طلبا متزايدا على الفلفل الحلبي محليا ودوليا، مما قد يساعد في دعم إعادة زراعته واستعادة مكانته عالميا.

إعلان تراث الطهي كعنصر توحيدي لسوريا

وبحسب تشارلز بيري الباحث في تاريخ الطهي العربي، فإن "المطبخ السوري هو القاسم المشترك الذي يفتخر به جميع السوريين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو المناطقية، ويمكن أن يكون عنصرا موحدا للبلاد في المرحلة المقبلة".

ويضيف تقرير بلومبيرغ أن التعافي الحقيقي لا يقتصر فقط على إعادة الإعمار السياسي والاقتصادي، بل يشمل أيضا استعادة الثقافة السورية، والتي يعد الطعام أحد أهم عناصرها.

ويؤكد أن عودة بعض المطاعم والأسواق إلى العمل تشير إلى أن السوريين يسعون إلى إعادة بناء هويتهم بعد سنوات من التهجير والتدمير.

وفي ظل هذه التحولات تبقى هناك تحديات كبيرة، أبرزها إعادة بناء البنية التحتية، وتوفير المواد الغذائية، واستعادة الطهاة المهرة الذين هاجروا خلال الحرب.

لكن مع ظهور علامات على انتعاش الأسواق والمطاعم يمكن القول إن سوريا رغم كل شيء تحاول استعادة نكهتها المفقودة.

مقالات مشابهة

  • السودان: الأمل الضائع في مواجهة الأزمات المستمرة والحروب المتجددة
  • روبيو: بحثت مع وزير الخارجية البولندي أهمية زيادة الإنفاق الدفاعي لدول الناتو
  • المطاعم في سوريا مؤشر على تعافي الاقتصاد بالبلاد
  • الصين تشهد تحولا في تعاملها مع رواد الأعمال
  • وزير الأشغال والإسكان الفلسطيني لـ«الاتحاد»: الحرب دمرت البنية التحتية و60 مليار دولار تكلفة الإعمار
  • بداية الحرب بالعراق الأبرز.. أحداث وقعت في 20 فبراير
  • وزير الاتصالات: نعمل على البنية الإدارية لضمان كفاءة الأداء وتحسين الخدمات
  • محافظ الغربية: مشروعات تطوير الطرق تستهدف تحقيق نقلة نوعية في البنية التحتية
  • بنعلي: ساكنة المحمدية لا تريد إعادة تشغيل "لاسامير"... وتأميم الشركة يحتاج مبالغ ضخمة (فيديو)
  • ماكرون: نقف إلى جانب أوكرانيا وسنتحمل كامل مسئولياتنا لضمان السلام والأمن بأوروبا