الأكسجين الداكن.. لماذا يسعى العلماء وراء استكشافه؟
تاريخ النشر: 22nd, January 2025 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- شكلّ اكتشاف مذهل أعلن عنه في شهر يوليو/تموز الماضي، كان قد أفاد بأن الصخور المعدنية تُنتج الأكسجين في قاع المحيط الهادئ حيث لا تصل أشعة الشمس، صدمة علمية.
وأوضحت الأبحاث الأولية أن العقيدات الصخرية الغنية بالمعادن، التي توجد بشكل رئيسي على عمق 4 آلاف متر تحت سطح الماء في منطقة "كلاريون كليبرتون"، تُطلق شحنة كهربائية تؤدي إلى تقسيم مياه البحر إلى أكسجين وهيدروجين من خلال عملية التحليل الكهربائي.
تتحدى هذه الظاهرة الطبيعية غير المسبوقة الفكرة القائلة بأن الأكسجين لا يمكن إنتاجه إلا من خلال ضوء الشمس عبر عملية التمثيل الضوئي.
وشرع أندرو سويتمان، وهو أستاذ في الجمعية الاسكتلندية للعلوم البحرية في المملكة المتحدة والذي كان وراء هذا الاكتشاف، في مشروع مدته ثلاث سنوات للتحقيق بشكل معمّق في إنتاج "الأكسجين الداكن".
يستخدم سويتمان وفريقه معدات مصممة خصيصًا مزوّدة بأجهزة استشعار يمكن نشرها على عمق يصل إلى 11 ألف متر. وتقوم مؤسسة "Nippon" اليابانية بتمويل مشروع البحث الذي تبلغ تكلفته 2.7 مليون دولار.
وقد كشف الأكسجين الداكن عن مدى قلة ما نعرفه في أعماق المحيط، ومنطقة "كلاريون كليبرتون" على وجه الخصوص. ويجري استكشاف المنطقة لاستخراج المعادن النادرة الموجودة في العقيدات الصخرية بقاع البحر.
تتشكل هذه العقيدات على مدى ملايين السنين، وتؤدي المعادن دورًا رئيسيًا في التقنيات الجديدة والصديقة للبيئة.
في بيان صحفي، صرّح سويتمان، وهو أيضا رئيس مجموعة علم البيئة والكيمياء الحيوية لقاع البحر في مؤسسته، قائلا: "كان اكتشافنا للأكسجين الداكن تحولًا نموذجيًا في فهمنا لأعماق البحار والحياة المحتملة على الأرض، لكنه أثار أسئلة أكثر من الإجابات".
وتابع: "سيمكّننا هذا البحث الجديد من استكشاف بعض هذه الأسئلة العلمية"، لافتًا إلى أن الهدف الأولي للمشروع الجديد يتمثل بتحديد ما إذا كان إنتاج الأكسجين الداكن قد تكرّر بمناطق أخرى من منطقة "كلاريون كليبرتون"، حيث يمكن العثور على العقيدات، ثم فك شيفرة كيفية إنتاج الأكسجين.
وأكدّ سويتمان أن فهم الظاهرة بشكل أفضل يمكن أن يساعد علماء الفضاء أيضًا في العثور على حياة خارج الأرض.
الأكسجين في أماكن غير متوقعةمن الصعب إنتاج الأكسجين من دون الطاقة المستمرة الصادرة عن ضوء الشمس. لكن، واجه علماء آخرون أيضًا جزيئات أكسجين غير متوقعة في أماكن نائية محرومة من أشعة الشمس. وقد لفت سويتمان إلى أن إنتاج الأكسجين الداكن قد يكون ظاهرة أوسع تم تجاهلها.
أما إميل روف، وهو عالم الأحياء الدقيقة في مختبر الأحياء البحرية بمنطقة "وودز هول" بولاية ماساتشوستس، فقد اكتشف وجود الأكسجين في عينات المياه العذبة في مقاطعة ألبرتا الكندية على عمق يتراوح بين عشرات ومئات الأمتار تحت البراري الكندية، وهو الاكتشاف الذي أبلغ عنه هو وزملاؤه من جامعة كالجاري ومؤسسة وودز هول لعلوم المحيطات بدراسة نُشرت في يونيو/ حزيران في عام 2023.
في بعض الحالات، كان الأكسجين الداكن معزولاً عن الغلاف الجوي فوق الأرض لأكثر من 40 ألف عام. وإذا لم تتم إضافة الأكسجين باستمرار إلى بيئة معينة (من خلال الأشجار والنباتات، على سبيل المثال)، فإنه سيختفي في النهاية.
وقال روف: "بعد ما يتراوح بين 30 أو 40 ألف سنة (من الانفصال عن العمليات السطحية)، لا يوجد سبب حقيقي للاعتقاد بأن أي أكسجين سيظل موجوداً، خاصة أن الأكسجين يُعد مستقبلاً للإلكترونات، وعادة ما يتأكسد كيميائياً أو ميكروبياً".
اكتشف روف في النهاية أن الميكروبات الموجودة في الماء كانت تنتج الأكسجين. ويبدو أن هذه الميكروبات قد طوّرت حيلة غامضة تتيح لها إنتاج الجزيئات في غياب ضوء الشمس.
من خلال سلسلة من التفاعلات الكيميائية، تمكنت الميكروبات من تحليل مركّبات قابلة للذوبان تُسمى "النيتريت"، وهي جزيئات تتكون من ذرة نيتروجين وذرتين من الأكسجين، لإنتاج الأكسجين الجزيئي في عملية تُعرف باسم "التفكك المزدوج". وكانت الميكروبات قادرة على استخدام الأكسجين لاستهلاك الميثان الموجود في الماء للحصول على الطاقة.
إضافة لذلك، اكتشف روف أن كمية الأكسجين التي يتم إنتاجها كانت كافية لدعم حياة ميكروبية أخرى تعتمد على الأكسجين في المياه الجوفية.
وأوضح أن "الطبيعة تواصل مفاجأتنا، هناك الكثير من الأشياء التي قال الناس إنها مستحيلة، ولكن في وقت لاحق اتضح أنها ليست كذلك".
لمواصلة التحقيق في ظاهرة "الأكسجين الداكن"، سافر روف وفريقه إلى منجم بعمق 3 كيلومترات في جنوب إفريقيا لأخذ عينات من الماء الذي كان محصورًا في الصخور على مدار 1.2 مليار سنة.
وكان العلماء على علم مسبق بأن المياه في المنجم تحتوي على جزيئات الأكسجين، لكن كيفية تكوّنها كان بمثابة أمر لا يزال غير واضحًا.
يُستخرج من الموقع الذهب واليورانيوم، وهو معدن مشع. ويُعتبر "التحليل الإشعاعي"، وهو عبارة عن انقسام جزيئات الماء بفعل النشاط الإشعاعي، أحد الطرق المحتملة لإنتاج الأكسجين من دون الحاجة إلى أشعة الشمس. بدلاً من ذلك، قد يتضمن إنتاج الأكسجين دورًا للميكروبات في عمليات مشابهة لتلك التي اكتشفها روف في المياه الجوفية بكندا.
من جهته، قال سويتمان إن المشروع الجديد سيسعى أيضًا لفهم ما إذا كانت التفاعلات الميكروبية قد لعبت دورًا في إنتاج الأكسجين في ظلمة قاع البحر. وعلى وجه الخصوص، سيركز المشروع على كيفية إطلاق الهيدروجين أثناء إنتاج الأكسجين بواسطة العقيدات المعدنية، وما إذا كان الهيدروجين قد استُخدم كمصدر طاقة لمجتمعات الميكروبات المكتشفة في أجزاء من أعماق المحيط.
يأمل روف في التعاون مع سويتمان وعلماء آخرين مشاركين في أبحاث الأكسجين الداكن لفهم كيفية اختلاف النمط الكيميائي للأكسجين الناتج عن التحليل الكهربائي لمياه البحر عن ذلك المنتج بواسطة الميكروبات أو التحليل الإشعاعي.
الأكسجين الداكن والبحث عن حياة خارج كوكب الأرضلفت سويتمان إلى أن المسؤولين في وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" لديهم اهتمام بالبحث عن إنتاج الأكسجين الداكن نظرا لأنه قد يفيد الفهم العلمي لكيفية استمرار الحياة على كواكب أخرى من دون ضوء الشمس المباشر.
وأضاف سويتمان أن وكالة الفضاء الأمريكية تريد إجراء تجارب لفهم كمية الطاقة اللازمة لإنتاج الأكسجين عند ضغوط أعلى تحدث على سطح "إنسيلادوس" و"أوروبا"، وهما عبارة عن قمرين جليديين تابعين لكوكبي زحل والمشتري.
تُعد هذه الأقمار من بين الأهداف للتحقق من إمكانية وجود حياة خارج كوكب الأرض.
وتهدف شركات التعدين في أعماق البحار إلى استخراج الكوبالت، والنيكل، والنحاس، والليثيوم، والمنجنيز الموجودة في العقيدات لاستخدامها في الألواح الشمسية، وبطاريات السيارات الكهربائية وغيرها من التقنيات الصديقة للبيئة. وقد اعترضت بعض تلك الشركات على بحث سويتمان.
رأى النقاد أن التعدين في أعماق البحار قد يلحق ضررا لا رجعة فيه بالبيئة البكر تحت الماء، وقد يعطّل طريقة تخزين الكربون في المحيط، ما يساهم في أزمة المناخ.
أكدّ سويتمان أنه كان على علم بردود الفعل الحاسمة، وسيمكنه الردّ "من خلال قنوات خاضعة لمراجعة الأقران، موضحًا: "نحن مقتنعون تمامًا بأن هذه عملية حقيقية تجري في قاع البحر".
نشر الأربعاء، 22 يناير / كانون الثاني 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: إنتاج الأکسجین الأکسجین فی الأکسجین ا ضوء الشمس من خلال
إقرأ أيضاً:
أطعمة يُنصح بنقعها في الماء قبل تناولها لتعزيز فوائدها الصحية
متابعات ـ يمانيون
يجهل الكثيرون أن بعض الأطعمة تحتاج إلى نقع في الماء قبل استهلاكها لتحقيق أقصى فائدة غذائية منها، ولتسهيل عملية الهضم وتخفيف آثارها الجانبية على المعدة. إليكِ أبرز الأطعمة التي يُنصح بنقعها في الماء وفقًا لما أورده موقع Times of India:
الزبيب: تنظيف للجسم وتعزيز للهضم
نقع الزبيب في الماء طوال الليل يجعله أكثر فائدة للصحة، إذ يزيد من تركيز مضادات الأكسدة فيه، ويسهل على الجسم هضم سكرياته. كما يساعد الزبيب المنقوع على تنقية الجسم من السموم، ودعم وظائف الكبد، مما يجعله خيارًا ممتازًا لبدء اليوم.
اللوز: غذاء للدماغ والبشرة
تحتوي قشرة اللوز الخارجية على مادة “التانين” التي تعيق امتصاص العناصر الغذائية. لذلك يُنصح بنقعه طوال الليل لتقشيره بسهولة وتناوله في الصباح. ويُعرف اللوز المنقوع بدوره في تحسين وظائف الدماغ، تعزيز الهضم، والمساهمة في نضارة البشرة وصحتها.
بذور الشيا: أحماض أوميغا 3 وسهولة الهضم
تناول بذور الشيا جافة قد يسبب الاختناق أو عسر الهضم. بينما يساعد نقعها في الماء على ترطيب الجسم وتحسين هضمها، كما يعزز امتصاص العناصر الغذائية الهامة فيها مثل أحماض أوميغا 3 المفيدة للقلب والمخ.
البقوليات: وداعًا للغازات وسوء الهضم
نقع البقوليات مثل العدس والحمص والفاصولياء في الماء يُزيل منها حمض الفيتيك وبعض المثبطات الأنزيمية التي تقلل من امتصاص المعادن. كما يساهم هذا النقع في تقليل وقت الطهي، ويخفف من الانتفاخات والغازات التي يعاني منها البعض عند تناول البقوليات.
الحلبة: قوة تنظيمية للجسم
يُفضل نقع بذور الحلبة مع قليل من القرفة وعصير الليمون طوال الليل، حيث يسهم ذلك في تسهيل عملية الهضم. كما أن الحلبة المنقوعة تساعد على محاربة الالتهابات، وتنظيم مستويات السكر في الدم، وهي مفيدة لمرضى السكري وللنساء في حالات الاضطرابات الهرمونية.
نقع بعض الأطعمة في الماء ليس مجرد عادة تقليدية، بل هو إجراء صحي يضمن الاستفادة القصوى من عناصرها الغذائية، ويقلل من مشاكل الهضم والامتصاص. لذلك، قبل تناول هذه الأطعمة، فكري في نقعها أولاً لتحصلي على فوائدها الكاملة بطريقة طبيعية وآمنة.