يشكل وضع حد "للحروب السخيفة التي لا نهاية لها"، قلب أجندة الأمن القومي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ويلخص انفصاله عن نهج السياسة الخارجية، الذي تنتهجه المؤسسة السياسية الجمهورية وازدراءه له.

تمثل الصين أكبر اختبار حول ما إذا كان مساعدو ترامب سينفذون رؤيته في ولايته الثانية




وكتبت رئيسة لجنة العمل السياسي للمثل العليا الأمريكية ينغ ما، في مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، أنه في فترة ولاية ترامب الأولى، اعتبر الكثير من كبار مستشاري الرئيس للأمن القومي، أن الرئيس ونظرته للعالم يشكلان خطراً، ولذلك عمدوا باستمرار إلى تقويض أجندته.

وعلى رغم تعهد ترامب بتحسين الأداء في ما يتعلق بتعيين الموظفين في فترة ولايته الثانية، إلا أن بعض مسؤولي حكومته قد ينحرفون مجدداً إلى حد كبير عن الرئيس، في شأن السياسات الخارجية الرئيسية.
وسيكون السناتور ماركو روبيو، وهو المسؤول الأول الذي تم تثبيته في إدارة ترامب الجديدة، مثالاً واضحاً على ذلك. ويندرج في الفئة نفسها مرشحون آخرون، وخصوصاً أولئك الذين يحملون لقب "صقور" الأمن القومي، والذين قد لا يفهمون الفرق بين كونهم متشددين والانخراط في المغامرات الخارجية.

حرب العراق


وفي حملة عام 2016، تركز انتقاد ترامب للحروب التي لا نهاية لها، على التدخل الأمريكي في الشرق الأوسط بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول)، وتحديداً الحرب الكارثية ضد العراق، التي شنتها إدارة جورج دبليو بوش.

.@realDonaldTrump has vowed to stop endless wars but has appointed senior advisors who don't share his outlook. Will they carry out his agenda or undermine him as national security officials did in first term? My latest for @TheNatlInterest. https://t.co/1M8r5XM412

— Ying Ma (@GZtoGhetto) January 21, 2025

ودافع روبيو لسنوات دفاعاً مستميتاً عن الحرب، إلى أن بات من غير المناسب سياسياً التمسك بهذا الموقف. وفي الواقع، لم يغير لهجته إلا عندما ترشح للرئاسة عام 2016، عندما بدا من الواضح أن الناخبين الأمريكيين بغالبيتهم الساحقة يشعرون بالأسف على مأساة العراق، ولم تكن لديهم حماسة كبيرة لأولئك الذين يدافعون عنها.
وأياً كان ما قد يقوله روبيو للانحياز إلى ترامب اليوم، فإن وجهات نظره في شأن التدخل الأجنبي الأميركي الأكثر حماقة وغير المبررة في القرن الحادي والعشرين، لا توحي بالثقة في فعاليته أو ميله إلى مساعدة ترامب في منع الحروب السخيفة، التي لا نهاية لها.

pic.twitter.com/Vzf8eWUOpH

“Trump made clear that our foreign policy will promote peace. Peace through strength. Peace, always, without abandoning our values. We will help Trump achieve his agenda"

Prioritising peace and putting an end to endless wars. Trump has made a great…

— V (@VikramZutshi) January 22, 2025

وإذا كان العراق يمثل كارثة السياسة الخارجية في المقام الأول في أذهان الناخبين في انتخابات 2016، فإن الحرب الروسية-الأوكرانية، التي بدأت في عهد إدارة الرئيس السابق جو بايدن، كانت ملفاً رئيسياً في حملة عام 2024. وأعلن ترامب أن التفاوض على تسوية سلمية بين البلدين أولوية، بدلاً من الاستمرار في تقديم المساعدات العسكرية، التي لا تنتهي لأوكرانيا، مع المخاطرة بحدوث مواجهة نووية مع روسيا.  


ومن ناحية أخرى، تمثل الصين، الخصم الأكثر أهمية لأمريكا في القرن الحادي والعشرين، أكبر اختبار حول ما إذا كان مساعدو ترامب سينفذون رؤيته في ولايته الثانية.
إن خطاب ترامب الحاد والإجراءات المتخذة ضد الصين في التجارة والاقتصاد معروفة جيداً. فقد شن حرباً تجارية صاخبة ضد بكين في ولايته الأولى، وهدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 60% على البضائع المستوردة من الصين في ولايته الثانية.
وما يحفز نهجه الصدامي هو الاقتناع بأن الصين قد خدعت أو "نهبت" أمريكا اقتصادياً، سواء من طريق سرقة الملكية الفكرية الأمريكية والتكنولوجيا الأمريكية، أو الانخراط في ممارسات تجارية غير عادلة، أو المساهمة في الخسارة الفادحة لوظائف التصنيع، أو التجسس على المواطنين الأمريكيين. والشركات.  
 وبدت الحرب الساخنة مع الصين أقل احتمالاً بكثير خلال فترة ولاية ترامب الأولى مما كانت عليه في ظل إدارة بايدن - لكنه غير مهتم ببدء حرب لا نهاية لها مع الصين وكذلك مع بقية العالم.

الاعتراف بتايوان


لكن الكثيرين من كبار مستشاري ترامب للأمن القومي في الولاية الأولى، دعوا إلى نهج مختلف تماماً. وعلى سبيل المثال، دعا وزير خارجيته السابق مايك بومبيو، إلى الاعتراف بتايوان كدولة مستقلة، وهو استفزاز من المؤكد أن يؤدي إلى صراع مسلح مع الصين.
إن مصدر القلق الأوسع، هو أن أنصار ترامب قد رأوا في السابق، الفوضى التي يحدثها من الداخل المسؤولون في إدارته، الذين يختلفون بشدة مع الرئيس حول الأسس الأساسية لنظرته السياسية. كيف ستبدو ولاية ترامب الثانية إذا كان كبار المستشارين يعملون نحو أجندة وأولويات للسياسة الخارجية لا تخص الرئيس؟.
ومن شأن تعيين ترامب مسؤولين في الأمن القومي ممن يشاركونه وجهات نظره في السياسة الخارجية، أن يساعده على تطبيق هذه السياسة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عودة ترامب ولایته الثانیة لا نهایة لها فی ولایته التی لا

إقرأ أيضاً:

خلف الكواليس.. كيف تخلى ترامب عن أوكرانيا لتحقيق هدف أكبر؟

بعد 5 أسابيع من ولايته الثانية، أوضح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عزمه على تفكيك التحالفات التقليدية للولايات المتحدة والعودة إلى سياسة القوة العظمى المجردة. لكن التساؤل الأكبر كان: إلى أي مدى يمكن أن يضحي بأوكرانيا في سبيل رؤيته؟.

الإجابة جاءت في المواجهة المذهلة التي جرت علناً في المكتب البيضاوي. فقد وبّخ ترامب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، محذراً إياه بأنه "لا يملك الأوراق الرابحة" في مواجهة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. بينما هاجمه نائب الرئيس جي. دي. فانس، واصفاً إياه بأنه "غير محترم" و"غير ممتن". بدا واضحاً أن الشراكة بين واشنطن وكييف قد انهارت، وفقاً لتقرير تحليلي لصحيفة "نيويورك تايمز".
تطبيع العلاقات مع روسيا؟ السؤال المطروح الآن: هل يمكن إصلاح هذه العلاقة؟ وما مصير الصفقة الخاصة بالموارد المعدنية الأوكرانية التي كانت محور زيارة زيلينسكي؟ لكن الحقيقة الأكبر التي كشفتها هذه المواجهة أن ترامب يرى أوكرانيا عقبة أمام مشروعه الأوسع.
وفقاً لمسؤول أوروبي بارز، فإن الهدف الحقيقي لترامب هو تطبيع العلاقات مع روسيا، حتى لو تطلب ذلك إعادة كتابة تاريخ الغزو الروسي غير القانوني، أو التغاضي عن جرائم الحرب، أو التخلي عن أي ضمانات أمنية لأوكرانيا. تحوّل في الموقف الأمريكي قبل الزيارة الكارثية، أشار وزير الخارجية ماركو روبيو إلى ضرورة تجاوز الحرب الأوكرانية، والعمل على إقامة "علاقة ثلاثية" بين الولايات المتحدة وروسيا والصين. في مقابلة مع "بريتبارت نيوز"، أكد روبيو أن "هذه دول قوية تمتلك ترسانات نووية، ويمكنها فرض نفوذها عالمياً"، متجنباً أي إشارة إلى أن روسيا هي المعتدية.

An important visit to the United States. In Washington, I met with a bipartisan delegation from the U.S. Senate.

Our discussions focused on the continued military assistance for Ukraine, relevant legislative initiatives, my meeting with President Trump, efforts to achieve a just… pic.twitter.com/KJcosUpygc

— Volodymyr Zelenskyy / Володимир Зеленський (@ZelenskyyUa) February 28, 2025 ترامب لم يُخفِ قناعته بأن النظام العالمي الذي أنشأته واشنطن بعد الحرب العالمية الثانية استنزف القوة الأمريكية. وبينما اعتبر أسلافه أن التحالفات كانت مضاعفاً للقوة الأمريكية، رأى ترامب أنها عبء مالي كبير. ومنذ عودته إلى البيت الأبيض، بدأ بتنفيذ خطته لتفكيك هذا النظام، مطالباً الدنمارك بالتخلي عن غرينلاند، وباستعادة قناة بنما، وحتى بمصادرة أراضٍ في قطاع غزة لإقامة "ريفييرا الشرق الأوسط". زيلينسكي يقع في الفخ قبل عامين فقط، كان زيلينسكي يُحتفى به في واشنطن كبطل ديمقراطي، لكنه واجه هذه المرة استقبالاً مختلفاً تماماً. ترامب وفانس كانا قد أرسلا إشارات واضحة بأن الالتزام الأمريكي بسيادة أوكرانيا قد انتهى.

Trump admitted the real reason he got mad at Zelensky. It is because he was saying "negative things" about Putin.

This triggered Trump because Trump is trying to conduct trade negotiations with Russia right now and does not want to offend Putin.

Trump does not want peace.… pic.twitter.com/C0OrbK3YXP

— Jake Broe (@RealJakeBroe) March 1, 2025

في مؤتمر ميونيخ للأمن، تجاهل فانس تماماً فكرة تقديم ضمانات أمنية لكييف، ولم يطالب روسيا بدفع ثمن غزوها. بدلاً من ذلك، أبدى انفتاحاً تجاه الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا. ومع ذلك، لم يدرك زيلينسكي حجم التغيير في الموقف الأمريكي، فدخل في مواجهة مباشرة مع ترامب، محذراً إياه من أن المحيطات لن تحمي أمريكا إلى الأبد. لكن ترامب رد بغضب، قائلاً له إنه سيكون محظوظاً إن حصل على مجرد وقف لإطلاق النار.

ارتدادات عالمية

خرج زيلينسكي من البيت الأبيض غاضباً، دون أن يتناول غداءه، ودون أن يوقّع صفقة المعادن، وذلك وسط ضبابية تحيط بمستقبل أوكرانيا في مواجهة روسيا.
في أوروبا، سارع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحلفاء أوكرانيا الشرقيون، مثل بولندا وليتوانيا ولاتفيا، إلى إعلان دعمهم لكييف. لكن بعض الدبلوماسيين الأوروبيين شككوا في إمكانية إصلاح الضرر.
على الجانب الآخر، احتفلت موسكو بالموقف الأمريكي الجديد. ووجّه ديمتري ميدفيديف شكره لترامب "لقوله الحقيقة"، وحثه على تعليق ما تبقى من المساعدات لأوكرانيا.
أما ماركو روبيو، الذي كان سابقاً أحد أبرز داعمي زيلينسكي، فبادر إلى تهنئة ترامب، مشيداً به على "إعطاء الأولوية لأمريكا".

The Oval Office meeting today between Trump and Zelensky “reeked of a planned attack,” @radiofreetom writes.

“The Ukrainian leader did his best to stand up to the bullying, but Trump and Vance were playing to the cameras and the MAGA gallery at home.” https://t.co/i8URdOhRZ3 pic.twitter.com/PgM4rZUrEW

— The Atlantic (@TheAtlantic) February 28, 2025 عالم جديد بلا قواعد

وتقول الصحيفة إنه من السهل ترديد شعار "أمريكا أولاً"، لكن من الصعب بناء نظام عالمي جديد. لقد استغرق تشكيل النظام الحالي عقوداً، ورغم عيوبه، نجح في تجنب الحروب الكبرى وتعزيز الاعتماد الاقتصادي المتبادل.
حتى الآن، لم يحدد ترامب بوضوح رؤيته البديلة، باستثناء الاعتماد على القوة الاقتصادية والعسكرية لعقد الصفقات. لكن التاريخ يثبت أن هذه المقاربة وحدها لا تكفي، خاصة عند التعامل مع قادة مثل بوتين وشي جين بينغ، الذين ينظرون إلى الديمقراطيات باعتبارها ضعيفة الإرادة.
لكن يبدو أن ترامب مقتنع بأن العالم سينصاع لإرادته، كما ظهر جلياً في استعراض القوة داخل المكتب البيضاوي يوم الجمعة الماضي.

مقالات مشابهة

  • تقرير: الصين قد تستغل مجموعة من الجزر حول أمريكا
  • انخفاض في أسعار الذرة والصويا الذرة وسط الرسوم الجمركية الانتقامية التي فرضتها الصين
  • تصاعد التوتر التجاري بين الصين وأمريكا .. بكين تدعو للحوار وتحذر من إجراءات مضادة | تقرير
  • كيف غيرت حرب الأفيون الثانية مستقبل الصين؟
  • الرئيس اللبناني: أتطلع إلى المحادثات التي سأجريها مع الأمير محمد بن سلمان
  • للمرة الثانية.. ظريف يستقيل من منصب مساعد الرئيس الإيراني
  • وزير الخارجية: علينا التفاوض من أجل المرحلة الثانية لاتفاق وقف إطلاق النار بغزة
  • الرئيس اللبناني يحدد وجهة زيارته الخارجية الاولى..إلى أين؟
  • الرئيس اليمني في خطاب للشعب بمناسبة شهر رمضان : الأمة التي تجتمع على الخير لا تهزم أبدا
  • خلف الكواليس.. كيف تخلى ترامب عن أوكرانيا لتحقيق هدف أكبر؟