قد يكون الرئيس المكّلف القاضي نواف سلام أول المستعجلين لتشكيل الحكومة الأولى في عهد الرئيس جوزاف عون. ومن دون أدنى شك فإن الإسراع في إتمام هذه الخطوة يُدخل البلاد في مرحلة جديدة تتلاقى أهدافها مع التطورات الإقليمية والدولية، التي بدأت باتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، ومن ثم انتخاب رئيس جديد بعد طول انتظار، ودخول اتفاق وقف النار في قطاع غزة حيز التنفيذ، بالتوازي مع ما أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد تسّلمه رسميًا مقاليد السلطة في الولايات المتحدة الأميركية عن سعيه إلى وأد الحرب في أوكرانيا وفي منطقة الشرق الأوسط.


فالرئيس المكّلف في سباق مع الوقت. ومع انقضاء كل يوم لا تتشكّل فيه الحكومة "ينوص" الأمل في إمكانية خروج لبنان من بيت العنكبوت، من دون أن يعني ذلك أن الحكومة لن تبصر النور في أقرب وقت ممكن. ولكن الواقع السياسي، بسلبياته، لا يزال متحكّمًا بمسار الأمور. فكل فريق من الأفرقاء يريد أن يكون له في هذه الحكومة حصّة، وذلك نظرًا إلى ما يمكن أن يستثمره هؤلاء السياسيون على اختلاف توجهاتهم من معنويات الظرف المؤاتي، والذي لم يكن متوافرًا قبل إيجابيات 9 كانون الثاني.
فإذا لم توضع معايير ثابتة وشاملة لأي صيغة حكومية فإن التعثّر قد يكون مرافقًا للخطوات الإيجابية الناتجة عن "اعجوبة" انتخاب الرئيس عون بهذه السرعة، التي لم تكن متوقعة، والتي أصبحت حقيقة أحدثت صدمة شعبية إيجابية. فالمعايير الموحدّة في عملية التأليف من شأنها أن تريح الرئيس المكّلف قبل أن يتوصّل إلى صيغة مقبولة وتضمن أن تنال الثقة على أساس بيانها الوزاري وتركيبتها، وقبل أن توضع في شكلها الأولي على طاولة التشاور بين رئيس الجمهورية والرئيس المكّلف، مع العلم أن التواصل قائم على قدم وساق عبر أكثر من قناة بين الرجلين.
فالرئيس المكّلف يعرف تمام المعرفة ما هي توجهات رئيس الجمهورية، وما هي الحقائب التي يفضّل أن يكون له فيها كلمة الفصل، وهي العدل والداخلية والدفاع، من دون أن يعني ذلك أن من سيتولى هذه الحقائب سيحُتسب من الحصة الرئاسية كما كانت الحال في العهود السابقة، ولاسيما في عهد الرئيس ميشال عون.
أمّا إذا خضع الرئيس المكّلف لما يمكن أن تطرح عليه من شروط من قِبل جهة معينة فسيجد نفسه أمام شروط مضادة من قبل الآخرين. وبهذه الخطوة يكون العهد الحالي قد وقع في المحظور، خصوصًا أن خطاب القسم شدّد على أهمية المداورة في الحقائب، أي أن لا حقائب "مطوبة" باسم هذا الفريق أو ذاك. وهكذا يمكن القول إن أولى خطوات العهد ستكون متعثرة، وأن الآمال المعلقة على العهد الجديد ستتبخرّ تدريجيًا، ويكون قد دخل في "بازار" المساومات و"الدعسات الناقصة"، ويكون خطاب القسم مجرد خطاب إنشائي لا أكثر ولا أقل.
اللبنانيون الذين استمعوا إلى ما جاء في خطاب القسم اطمأنوا إلى غدهم، لأنهم شعروا بأن ما سمعوه من رئيس جمهوريتهم قد عبّر عن هواجسهم وتطلعاتهم، وأعطاهم دفعًا من المنشطات، التي كانوا يحتاجون إليها بعد سلسلة من نكبات لحقت بهم نتيجة ما تعرّض له لبنان من اعتداءات إسرائيلية وحشية، وبعد الأزمات السياسية والاقتصادية والمالية التي عاشوها على مدى ست سنوات.
ولكن روما من فوق هي غير روما من تحت. وما هو نظري سيتحّول تدريجيًا إلى الحيز العملي. فإذا لم يُعطَ "الثنائي الشيعي" الحقائب التي يطالب بها، وبالأخصّ حقيبة وزارة المالية، وإن تولاها أشخاص غير حزبيين، يدخل الرئيس المكّلف في متاهات سياسية لها أول وليس لها آخر. وإذا قبِل بهذه الشروط فسيجد نفسه محاصرًا بشروط أخرى ومن نوع آخر. وهكذا تكون "التقليعة" على غير صورة الآمال، التي عُلقت على العهد، يكون اللبنانيون قد وقعوا مرّة جديدة في اختبار الخروج من الرمال المتحركة.   المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

سلام: للضغط الأميركيّ على اسرائيل كي تنسحب بشكل كامل من النقاط التي لا تزال تحتلها

استقبل رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام وفدا من الكونغرس الأميركي برئاسة السيناتور داريل عيسى  في حضور السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون .
وقدم الوفد التهنئة ، مؤكدا دعمه للبنان في مختلف المجالات الى جانب الدعم المستمر للجيش اللبناني .
من ناحيته ، شدد الرئيس سلام على ضرورة الضغط الاميركي على اسرائيل كي تنسحب بشكل كامل من النقاط التي لا تزال تحتلها في اسرع وقت ، معتبرا انه ليس هناك اي مبرر عسكري او امني لذلك، وهو يشكل خرقا مستمرا لترتيبات وقف اطلاق النار والقرار ١٧٠١ والقانون الدولي وانتهاكا لسيادة لبنان.      

مقالات مشابهة

  • سلام: للضغط الأميركيّ على اسرائيل كي تنسحب بشكل كامل من النقاط التي لا تزال تحتلها
  • الرئيس عون عرض والوزير مكي لخطة العمل التي سيعتمدها في وزارته
  • الشيعة التي نعرفها
  • الرئيس عون عرض مع 5 نواب وحرب للتطورات في البلاد... معوض: هناك فرصة حقيقة للاصلاح
  • د. كهلان الخروصي: القانون الدولي الإنساني يواجه ازدواجية المعايير في النزاعات المعاصرة
  • عون: يجب أن يكون الجميع تحت سقف القانون بدءًا من رئيسِ الجمهورية
  • غادة أيوب: يبقى جيشنا فوق كل الافتراءات التي يروجها أتباع إيران في لبنان
  • العائلة كانت تخطط لنظام حكم متوارث، يكون فيه القوني ولي العهد رقم أربعة، حاكما جنجويدياً متسلطاً
  • عون: لبنان لن يكون منصة للهجوم على الدول العربية الشقيقة
  • عون: لبنان لن يكون منصة للهجوم على العرب