لجريدة عمان:
2025-04-17@11:19:40 GMT

« التغير المناخي وعقوباته الوخيمة»

تاريخ النشر: 22nd, January 2025 GMT

« التغير المناخي وعقوباته الوخيمة»

مع بداية هذا العام، اجتاحت حرائق مدمرة لوس أنجلوس والمناطق المحيطة بها، مما خلف وراءه دمارا واسع النطاق. وقد أظهرت الدراسات العلمية أن تغير المناخ أسهم بشكل كبير في زيادة مخاطر الحرائق، حيث ارتفع متوسط المساحات المحترقة سنويا في غرب أمريكا الشمالية بنسبة تتراوح بين 16% و62% مقارنة بعالم دون تغير مناخي بفعل الإنسان.

وأكدت الدكتورة تشانتيل بيرتون من مكتب الأرصاد الجوية البريطاني أن تغير المناخ ساعد في خلق ظروف جوية شديدة الحرارة والجفاف، مما يجعل السيطرة على الحرائق أكثر صعوبة.

وتسهم التغيرات المناخية في زيادة وتيرة الحرائق من خلال عدة عوامل، منها ارتفاع درجات الحرارة التي تجعل التربة والنباتات أكثر عرضة للاشتعال، وانخفاض معدلات هطول الأمطار الذي يؤدي إلى فصول جفاف أطول وأشد، بالإضافة إلى الرياح القوية التي تسهم في انتشار الحرائق بسرعة.

وقد شهدت كالفورنيا مؤخرًا فصول جفاف أشد من السنوات السابقة، مما أدى إلى جفاف التربة والنباتات بشكل أكبر، كما أن عام 2024 كان من أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق، مما ساهم في تفاقم مشكلة الحرائق. بالإضافة إلى ذلك، ساعد تغير نمط الرياح، وزيادة الرياح القوية والجافة، في انتشار الحرائق بشكل أسرع وأوسع. ضعف إدارة الغابات أدى إلى تراكم الأشجار الميتة والشجيرات القابلة للاشتعال، ما جعل الوضع أكثر تعقيدا.

هل سنشهد حرائق مماثلة في المستقبل؟

من المتوقع أن تصبح حرائق الغابات أكثر تواترا وشدة في المستقبل، نتيجة لتغير المناخ وغياب التدخلات الفعّالة. هناك العديد من العوامل مثل ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة الجفاف، واستمرار إزالة الغابات ستزيد من مخاطر حدوث هذه الحرائق في مختلف أنحاء العالم.

هل سلطنة عمان معرضة لحوادث مشابهة؟

على الرغم من أن سلطنة عمان ليست عرضة لحرائق غابات كبيرة كالتي شهدناها في كاليفورنيا، إلا أن بعض المناطق الجافة عرضة لحرائق محلية محدودة خلال فترات الجفاف الطويلة. حيث إن وجود النباتات المحلية في المناطق الجبلية والوديان تعد بيئة قابلة للاشتعال، ولكن محليًا يتم العمل على تقليل هذه المخاطر من خلال إدارة الموارد الطبيعية بشكل مستدام.

كيف للعالم أن يتصدى لهذه الظواهر؟

لتقليل مخاطر الحرائق المستقبلية، من الضروري اتخاذ خطوات عاجلة مثل تعزيز الإدارة المستدامة للغابات عبر إزالة الأشجار الميتة وتقليل الكثافة النباتية. كما يجب التحول إلى الطاقة النظيفة لتقليل الانبعاثات الكربونية والمساهمة في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري. إضافة إلى ذلك، يجب زيادة التوعية المجتمعية حول أهمية تجنب السلوكيات غير المسؤولة التي قد تسهم في إشعال الحرائق. وأخيرا، يجب تعزيز التعاون الدولي من خلال تمويل المشاريع البيئية وتبادل الخبرات والتقنيات المتقدمة في إدارة الغابات.

كما لا يمكن إغفال دور الأنشطة البشرية في تفاقم مشكلة الحرائق. حيث إن قطع الأشجار والزحف العمراني يؤديان إلى تقليل رطوبة التربة وزيادة تعرضها للاشتعال، كما أن الإهمال مثل إشعال النيران في مناطق حساسة قد يزيد من مخاطر الحرائق.

عواقب بيئية واقتصادية للحرائق

أدت الحرائق إلى تدمير مساحات كبيرة من الغابات وفقدان التنوع البيولوجي وموائل الحيوانات البرية، كما أسهمت في زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. هذه الحرائق تكبد الاقتصاد العالمي خسائر ضخمة نتيجة لتكاليف إخماد الحرائق وإعادة بناء البنية الأساسية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن تلوث الهواء الناتج عن الحرائق يزيد من مخاطر الأمراض التنفسية والقلبية، وكذلك تلوث المياه يزيد من تحديات الصحة العامة.

وتمثل حرائق الغابات في أمريكا إنذارا عالميا حول التداعيات الخطيرة لتغير المناخ. والتصدي لهذه الظاهرة يتطلب جهودا مشتركة من الحكومات والمجتمعات والأفراد، مع التركيز على التخفيف من آثار تغير المناخ وتعزيز الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية. حيث إنه إذا استمرت الاتجاهات الحالية دون تدخل جاد، فإن الأضرار ستتجاوز حدود أمريكا لتصبح تهديدا عالميا.

مها البلوشية أخصائية شؤون مناخيه بهيئة البيئة

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: تغیر المناخ

إقرأ أيضاً:

شهدت فيضانات تاريخية.. 2024 أكثر سنوات أوروبا حرا

باريس"أ.ف.ب": سجلت أوروبا سنة 2024 معدلات حرارة قياسية، لكنها حرارة شهدت أيضا أسوأ فيضانات منذ أكثر من عقد، ما يكشف الوجه المزدوج المتطرف لتغير المناخ.

وذكر مرصد كوبرنيكوس الأوروبي المتخصص في مراقبة المناخ في تقرير نشره الثلاثاء بالتعاون مع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، أن ما يقرب من ثلث شبكة الأنهار في أوروبا غمرتها المياه العام الماضي الذي صُنف من أكثر عشر سنوات رطوبة في القارة منذ عام 1950.

وقالت سامانثا بورجيس من المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى (ECMWF)، الذي يشرف على خدمة كوبرنيكوس للمناخ، خلال مؤتمر صحافي إن هذه "الفيضانات الأكثر اتساعا" التي شهدتها أوروبا "منذ عام 2013".

وأثرت الفيضانات على نحو 413 ألف شخص، وأسفرت عن مقتل 335 منهم على الأقل، كما تسببت بأضرار قُدّرت بنحو 18 مليار يورو.

وقد وقعت هذه الكوارث خلال العام الأكثر حرارة على الإطلاق في العالم، وهي تظهر بوضوح أن ارتفاع معدلات الحرارة مع ما يرافقه من امتصاص كميات أكبر من المياه من الغلاف الجوي، يسمح بهطول أمطار غزيرة وفيضانات أكثر عنفا، وهو تهديد يثقل كاهل أوروبا بشكل خاص.

في سبتمبر، تسببت العاصفة بوريس في خمسة أيام فقط بهطول كميات من الأمطار توازي في العادة معدل المتساقطات في ثلاثة أشهر، ما أدى إلى فيضانات وأضرار هائلة في ثماني دول في وسط أوروبا وشرقها.

وبعد شهر، تسببت عواصف قوية أججتها رياح دافئة ورطبة من البحر الأبيض المتوسط، في هطول أمطار غزيرة على إسبانيا، ما أدى إلى فيضانات دمرت مقاطعة فالنسيا في شرق البلاد وأسفرت عن مقتل 232 شخصا.

في أوائل عام 2024، حدثت فيضانات كبرى في كل شهر في مختلف أنحاء القارة، وفق التقرير الذي لفت إلى ما شهدته المملكة المتحدة في يناير، وشمال إسبانيا في فبراير، وشمال فرنسا في مارس و مايو، وألمانيا وسويسرا في يونيو.

وكانت تدفقات الأنهار مرتفعة بشكل خاص، إذ سجل بعضها، مثل التيمز في المملكة المتحدة واللوار في فرنسا، أعلى مستوياتها منذ 33 عاما في الربيع والخريف.

ويعود ذلك إلى هطول أمطار غزيرة بشكل خاص في الجزء الغربي من أوروبا، في حين كانت المناطق الشرقية في المتوسط أكثر جفافا ودفئا.

وبحسب بورجيس، فإن هذا "التناقض المذهل" لا يرتبط بشكل مباشر بتغير المناخ، بل بأنظمة الضغط المتعارضة التي تؤثر على الغطاء السحابي ونقل الرطوبة.

لكنها أوضحت أن العواصف التي حدثت في 2024 "ربما كانت أكثر عنفا بسبب ارتفاع درجة الحرارة والرطوبة"، مضيفة "مع احترار المناخ، نشهد تزايدا مطردا في الأحداث المتطرفة".

ويؤكد ذلك توقعات خبراء المناخ في اللجنة الدولية للتغيرات المناخية، والتي تفيد بأن أوروبا ستكون واحدة من المناطق التي من المتوقع أن يرتفع فيها خطر الفيضانات أكثر من غيرها بسبب الاحترار المناخي.

منذ ثمانينات القرن العشرين، تشهد أوروبا ارتفاعا في درجات الحرارة بمعدل أسرع بمرتين من المتوسط العالمي. وقد باتت "القارة الأكثر دفئا"، وأصبحت من "البؤر الساخنة" لتغير المناخ، على ما تؤكد فلورنس رابييه، مديرة المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى.

وشهد عام 2024 أعلى معدلات حرارة على سطح القارة على الإطلاق. وقد ساهم ذلك في ارتفاع درجة حرارة البحار والمحيطات المحيطة، والتي وصلت أيضا إلى مستويات قياسية في العام الماضي، وفي ذوبان الأنهار الجليدية الأوروبية بمعدل غير مسبوق.

وقال منسق العلوم بالاتحاد الأوروبي في مكتب الأمم المتحدة لتغير المناخ أندرو فيروني إن "التحرك العاجل ضروري، إذ من المتوقع أن تصل شدة المخاطر إلى مستويات حرجة أو كارثية بحلول منتصف هذا القرن أو نهايته"، مؤكدا أن كل عُشر درجة مئوية تتجنب أمورا خطيرة.

نصف المدن الأوروبية فقط لديها خطط للتكيف مع الأحداث المناخية المتطرفة، مثل الفيضانات والحرارة الشديدة. ويشير التقرير إلى أن "هذا يمثل تقدما مشجعا مقارنة بـ 26% في عام 2018".

لكن بعض الدول في جنوب شرق أوروبا وجنوب القوقاز تتخلف عن الركب. لذا، يتعين التحرك بشكل أسرع وأبعد، وبتكاتف الجميع، وفق ما أكدت سيليست ساولو، الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية.

مقالات مشابهة

  • تغير المناخ يهدد الذهب الأبيض بأفريقيا ويعمق تحديات السوق
  • المخللات في وجه تغير المناخ.. كيف تقلل من هدر الطعام؟
  • حرائق غامضة في الأصابعة الليبية تثير حزن وهلع الليبيين
  • تغير المناخ يضاعف موجات الحر في البحار ويهدد التوازن البيئي
  • شهدت فيضانات تاريخية.. 2024 أكثر سنوات أوروبا حرا
  • 2024.. أكثر سنوات أوروبا حرا على الإطلاق
  • أوروبا تشتعل وتغرق في وطأة التغير المناخي
  • الحارس البيئي للإمارات.. مصورة تبرز دور أشجار القرم بمكافحة تغير المناخ
  • فقدان 14 مليون وظيفة حتى 2030.. تغير المناخ يهدد 83% من الوظائف في أفريقيا
  • حرائق غامضة تعود مجددًا إلى الأصابعة و تلتهم 40 منزلا