لجريدة عمان:
2025-01-22@08:47:59 GMT

« التغير المناخي وعقوباته الوخيمة»

تاريخ النشر: 22nd, January 2025 GMT

« التغير المناخي وعقوباته الوخيمة»

مع بداية هذا العام، اجتاحت حرائق مدمرة لوس أنجلوس والمناطق المحيطة بها، مما خلف وراءه دمارا واسع النطاق. وقد أظهرت الدراسات العلمية أن تغير المناخ أسهم بشكل كبير في زيادة مخاطر الحرائق، حيث ارتفع متوسط المساحات المحترقة سنويا في غرب أمريكا الشمالية بنسبة تتراوح بين 16% و62% مقارنة بعالم دون تغير مناخي بفعل الإنسان.

وأكدت الدكتورة تشانتيل بيرتون من مكتب الأرصاد الجوية البريطاني أن تغير المناخ ساعد في خلق ظروف جوية شديدة الحرارة والجفاف، مما يجعل السيطرة على الحرائق أكثر صعوبة.

وتسهم التغيرات المناخية في زيادة وتيرة الحرائق من خلال عدة عوامل، منها ارتفاع درجات الحرارة التي تجعل التربة والنباتات أكثر عرضة للاشتعال، وانخفاض معدلات هطول الأمطار الذي يؤدي إلى فصول جفاف أطول وأشد، بالإضافة إلى الرياح القوية التي تسهم في انتشار الحرائق بسرعة.

وقد شهدت كالفورنيا مؤخرًا فصول جفاف أشد من السنوات السابقة، مما أدى إلى جفاف التربة والنباتات بشكل أكبر، كما أن عام 2024 كان من أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق، مما ساهم في تفاقم مشكلة الحرائق. بالإضافة إلى ذلك، ساعد تغير نمط الرياح، وزيادة الرياح القوية والجافة، في انتشار الحرائق بشكل أسرع وأوسع. ضعف إدارة الغابات أدى إلى تراكم الأشجار الميتة والشجيرات القابلة للاشتعال، ما جعل الوضع أكثر تعقيدا.

هل سنشهد حرائق مماثلة في المستقبل؟

من المتوقع أن تصبح حرائق الغابات أكثر تواترا وشدة في المستقبل، نتيجة لتغير المناخ وغياب التدخلات الفعّالة. هناك العديد من العوامل مثل ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة الجفاف، واستمرار إزالة الغابات ستزيد من مخاطر حدوث هذه الحرائق في مختلف أنحاء العالم.

هل سلطنة عمان معرضة لحوادث مشابهة؟

على الرغم من أن سلطنة عمان ليست عرضة لحرائق غابات كبيرة كالتي شهدناها في كاليفورنيا، إلا أن بعض المناطق الجافة عرضة لحرائق محلية محدودة خلال فترات الجفاف الطويلة. حيث إن وجود النباتات المحلية في المناطق الجبلية والوديان تعد بيئة قابلة للاشتعال، ولكن محليًا يتم العمل على تقليل هذه المخاطر من خلال إدارة الموارد الطبيعية بشكل مستدام.

كيف للعالم أن يتصدى لهذه الظواهر؟

لتقليل مخاطر الحرائق المستقبلية، من الضروري اتخاذ خطوات عاجلة مثل تعزيز الإدارة المستدامة للغابات عبر إزالة الأشجار الميتة وتقليل الكثافة النباتية. كما يجب التحول إلى الطاقة النظيفة لتقليل الانبعاثات الكربونية والمساهمة في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري. إضافة إلى ذلك، يجب زيادة التوعية المجتمعية حول أهمية تجنب السلوكيات غير المسؤولة التي قد تسهم في إشعال الحرائق. وأخيرا، يجب تعزيز التعاون الدولي من خلال تمويل المشاريع البيئية وتبادل الخبرات والتقنيات المتقدمة في إدارة الغابات.

كما لا يمكن إغفال دور الأنشطة البشرية في تفاقم مشكلة الحرائق. حيث إن قطع الأشجار والزحف العمراني يؤديان إلى تقليل رطوبة التربة وزيادة تعرضها للاشتعال، كما أن الإهمال مثل إشعال النيران في مناطق حساسة قد يزيد من مخاطر الحرائق.

عواقب بيئية واقتصادية للحرائق

أدت الحرائق إلى تدمير مساحات كبيرة من الغابات وفقدان التنوع البيولوجي وموائل الحيوانات البرية، كما أسهمت في زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. هذه الحرائق تكبد الاقتصاد العالمي خسائر ضخمة نتيجة لتكاليف إخماد الحرائق وإعادة بناء البنية الأساسية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن تلوث الهواء الناتج عن الحرائق يزيد من مخاطر الأمراض التنفسية والقلبية، وكذلك تلوث المياه يزيد من تحديات الصحة العامة.

وتمثل حرائق الغابات في أمريكا إنذارا عالميا حول التداعيات الخطيرة لتغير المناخ. والتصدي لهذه الظاهرة يتطلب جهودا مشتركة من الحكومات والمجتمعات والأفراد، مع التركيز على التخفيف من آثار تغير المناخ وتعزيز الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية. حيث إنه إذا استمرت الاتجاهات الحالية دون تدخل جاد، فإن الأضرار ستتجاوز حدود أمريكا لتصبح تهديدا عالميا.

مها البلوشية أخصائية شؤون مناخيه بهيئة البيئة

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: تغیر المناخ

إقرأ أيضاً:

بيوت تتنفس.. الكشف عن حل ثوري لمكافحة تغير المناخ

كشفت دراسة رائدة أجراها باحثون في جامعة كاليفورنيا دافيس وجامعة ستانفورد أن مواد البناء الشائعة، مثل الخرسانة والبلاستيك، يمكن أن تلعب دورا رئيسيا في مكافحة تغير المناخ من خلال تخزين مليارات الأطنان من ثاني أكسيد الكربون.

وفي الدراسة التي نشرت في 10 يناير/كانون الثاني في مجلة "ساينس"، أوضح الباحثون كيف يمكن لهذه المواد أن تساعد العالم في تحقيق أهدافه للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

وتتمثل الفكرة الأساسية لتخزين الكربون، أو عزل الكربون، في التقاط ثاني أكسيد الكربون إما من الهواء أو من المصادر الصناعية، وحبسه في شكل مستقر حتى لا يسهم في الاحتباس الحراري. وتتضمن بعض الطرق الأخرى المقترحة حقن الكربون تحت الأرض أو تخزينه في المحيط، إلا أن هذه الأساليب تواجه تحديات عملية ومخاطر بيئية.

أما الدراسة الجديدة، فتقدم حلا أبسط، وهو استخدام المواد التي ننتجها بالفعل بكميات هائلة، مثل الخرسانة والبلاستيك، لتخزين الكربون.

العلماء يتطلعون إلى أن تساعد هذه الابتكارات في حل مشكلة تغير المناخ (غيتي إيميجز) بديل في متناول أيدينا

تقول المؤلفة الرئيسية للدراسة "إليزابيث فان رويجن" -الباحثة في الهندسة المدنية والعلوم البيئية في جامعة كاليفورنيا دافيس- "ماذا لو استطعنا بدلا من الأساليب المعقدة استخدام المواد التي نصنعها بالفعل بكميات كبيرة لتخزين الكربون؟" يمكن أن يكون هذا النهج نقطة تحول، خاصة بالنسبة للخرسانة، التي تعد أكثر مواد البناء استخداما في العالم. حيث يتم إنتاج أكثر من 20 مليار طن من الخرسانة سنويا على مستوى العالم، مما يجعلها مرشحا مثاليا لتخزين الكربون".

إعلان

قام الباحثون بحساب إمكانية تخزين الكربون في مجموعة متنوعة من مواد البناء الشائعة. وتشمل هذه المواد الخرسانة، والأسفلت، والبلاستيك، والخشب، والطوب. ويتم إنتاج أكثر من 30 مليار طن من هذه المواد سنويا على مستوى العالم، مما يوفر فرصة هائلة لتخزين الكربون.

وتضيف فان رويجن في تصريحات لـ"الجزيرة نت" أن إحدى الطرق الواعدة التي تمت دراستها في الدراسة تمثلت في إضافة الفحم الحيوي -وهو مادة تصنع عن طريق تسخين الكتلة الحيوية من النفايات- إلى الخرسانة.

وتشمل الأساليب الأخرى استخدام صخور اصطناعية يمكنها امتصاص الكربون كجزء من الخرسانة أو الأسفلت، وإنشاء بلاستيك وأسفلت من مواد نباتية بدلا من الوقود الأحفوري، وإضافة ألياف الكتلة الحيوية إلى الطوب.

حل جاهز للاستخدام

ورغم وجود هذه التقنيات في مراحل مختلفة من التطوير، فإن بعضها جاهز للاستخدام بالفعل، وفقا للباحثة. على سبيل المثال، يمكن للبلاستيك القائم على الكتلة الحيوية تخزين كمية كبيرة من الكربون بالنسبة لوزنه.

ومع ذلك، تكمن أكبر الإمكانيات في الخرسانة، نظرا للحجم الهائل الذي يتم استخدامها به عالميا. ويقدر الباحثون أنه إذا تم استخدام طرق تخزين الكربون في 10% فقط من إنتاج الخرسانة العالمي، فيمكن أن تمتص غيغا طن من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يعادل إزالة ملايين السيارات من الطرق كل عام.

"وإذا كان ذلك ممكنا، فإن حتى كمية صغيرة من تخزين الكربون في الخرسانة يمكن أن تحدث فرقا كبيرا"، كما أوضحت المؤلفة الرئيسية للدراسة، وتظهر حسابات الفريق أن استخدام الخرسانة المخزنة للكربون يمكن أن يكون له تأثير كبير في تقليل الانبعاثات العالمية.

وغالبا ما تكون المواد اللازمة لهذه العمليات، التي تخزن الكربون، منتجات نفايات منخفضة القيمة، مثل الكتلة الحيوية الزراعية أو الصناعية. ومن خلال تحويل هذه النفايات إلى مواد بناء قيمة، يقول الباحثون إن هذه الأساليب يمكن أن تعزز التنمية الاقتصادية، وتعزز الاقتصاد الدائري، حيث يتم إعادة استخدام النفايات بدلا من التخلص منها.

إعلان

ومع ذلك، لا تزال هناك بعض التحديات. ففي حين أن بعض التقنيات جاهزة للاستخدام، فإن البعض الآخر يحتاج إلى مزيد من الاختبارات للتأكد من أدائها الجيد وقدرتها على تخزين الكربون بشكل فعال.

مقالات مشابهة

  • مقتل 29 شخصا في حرائق الغابات والعواصف الجليدية.. الكوارث الطبيعية تهدد أمريكا
  • هـل تغيـر المنـاخ فعـلًا ؟
  • ارتفاع ضحايا حريق فندق المنتجع السياحي في تركيا إلى 66 قتيلاً
  • لمواجهة التغير المناخي.. أربيل تناقش الاعتماد على الطاقة النظيفة في كوردستان
  • حرائق الغابات في كاليفورنيا.. ما هي أحدث التطورات؟
  • سكان لوس انجلوس يبحثون عن مكان يؤويهم بعد حرائق الغابات
  • بيوت تتنفس.. الكشف عن حل ثوري لمكافحة تغير المناخ
  • زعيم الأغلبية البرلمانية يشارك في مؤتمر عن التغير المناخي بدبي
  • زعيم الأغلبية البرلمانية يشارك في مؤتمر التغير المناخي وأثره على الصحة والتنمية بدبي