في ظاهرة لافتة وغير مسبوقة، أصبح هشام الحسيني أول رجل دين مسلم يلقي كلمة في حفل تنصيب رئيس أميركي، عندما اختاره الرئيس المنتخب دونالد ترامب ليشارك في الاحتفال بتنصيبه. ظهور الحسيني في هذه المناسبة أثار جدلًا واسعًا وتساؤلات عميقة حول دور الإسلام والمسلمين في الحياة العامة والسياسية الأميركية، خصوصًا في ظل التوترات المتعلقة بقضايا الشرق الأوسط والهجرة.

بداية المسيرة: من العراق إلى أميركا

ولد الحسيني في العراق وهاجر إلى الولايات المتحدة منذ ما يزيد على 46 عامًا، هربًا من الأوضاع السياسية القمعية في ظل حكم صدام حسين. استقر في مدينة ديربورن بولاية ميشيغان، والتي تضم واحدة من أكبر الجاليات العربية والمسلمة في الولايات المتحدة. هناك، أسس عام 1995 مركز كربلاء التعليمي الإسلامي، الذي أصبح نقطة تجمع روحية وثقافية للاجئين العراقيين والعرب والمسلمين الذين فروا من صراعات الشرق الأوسط.

دور بارز في السياسة والمجتمع الأميركي

برز الحسيني كصوت مؤثر خلال حرب العراق في 2003، حيث دعم الإطاحة بنظام صدام حسين، وتعاون مع جهات حكومية أميركية مثل وزارة الدفاع ووكالة المخابرات المركزية لتسهيل التواصل مع الجالية العراقية الأميركية. هذا الانخراط جعله شخصية محورية تظهر بانتظام في وسائل الإعلام الوطنية مثل فوكس نيوز وسي إن إن.

رسائل التسامح والتحديات السياسية

تميزت خطب الحسيني برسائلها التي تربط بين الإسلام والمسيحية واليهودية، مما ساهم في بناء جسور التفاهم بين الأديان. رغم ذلك، أثارت آراؤه حول قضايا مثل المثلية والماريغوانا الجدل، لكنها في الوقت نفسه أكسبته دعم بعض الجمهوريين المحافظين الذين يرون في هذه المواقف تقاربًا مع قيمهم الأخلاقية.

اختيار تاريخي: دور الإسلام في حفل تنصيب ترامب

اختيار الحسيني للتحدث في حفل تنصيب ترامب حمل دلالات سياسية واجتماعية كبيرة. فمن جهة، يعكس هذا الاختيار رغبة الجمهوريين في تعزيز دعمهم بين الجالية العربية والمسلمة، خاصة في ولايات متأرجحة مثل ميشيغان. ومن جهة أخرى، يثير التساؤلات حول تعقيد العلاقة بين الدين والسياسة في الولايات المتحدة، خصوصًا أن الحسيني سبق أن تعاون مع جماعات مؤيدة لإسرائيل خلال دعمه لإسقاط صدام حسين، لكنه لاحقًا أصبح ينتقدها بشكل علني، مما وضعه في مرمى الانتقادات من بعض الجهات المحافظة.

ردود الفعل: إشادة وجدل

اختيار الحسيني لم يمر دون اعتراضات، حيث هاجمته بعض الجماعات الموالية لإسرائيل، مثل المنظمة الصهيونية الأميركية، التي وصفته بأنه "متعاطف مع إيران وحزب الله"، وطالبت بسحب الدعوة. في المقابل، يرى العديد من قادة العرب والمسلمين الأميركيين في ظهوره خطوة رمزية تعزز تمثيلهم في المجال العام الأميركي، وتفتح الباب أمام مشاركة أكبر في الحياة السياسية.

ديربورن: مركز التأثير العربي والإسلامي

وجود الحسيني في ديربورن، التي تُعد مركزًا للجالية العربية الأميركية، يعكس قوة تأثير هذه المدينة في السياسة الأميركية. هذه الجالية التي دعم جزء كبير منها ترامب بسبب سياساته تجاه الشرق الأوسط، أصبحت رقمًا صعبًا في المعادلة الانتخابية الأميركية، ويمثل الحسيني أحد الأصوات التي تعكس تطلعاتها وتحدياتها.

الإسلام في الحياة السياسية الأميركية: سؤال مفتوح

يمثل ظهور الحسيني في حفل تنصيب ترامب نقلة نوعية لدور المسلمين في الولايات المتحدة، ويثير تساؤلات حول إمكانية دمج الجالية الإسلامية في النظام السياسي الأميركي. هل يمثل هذا الاختيار بداية لتحول في نظرة الحزب الجمهوري للمسلمين؟ وهل يمكن أن يؤدي هذا الانفتاح إلى تعزيز التفاهم بين الأديان والثقافات في المجتمع الأميركي؟

بين السياسة والدين

قصة هشام الحسيني تبرز كأحد الأمثلة المعقدة على تداخل الدين بالسياسة في الولايات المتحدة. فهي ليست فقط قصة نجاح شخصي، بل تعكس التحولات الكبيرة التي يشهدها المجتمع الأميركي في ظل التنوع المتزايد. سواء كان ظهوره على منصة التنصيب خطوة تكتيكية أم تعبيرًا حقيقيًا عن انفتاح أكبر، فإن هذه اللحظة تبقى محطة فارقة في تاريخ ومستقبل المسلمين في أميركا.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: فی الولایات المتحدة فی حفل تنصیب الحسینی فی

إقرأ أيضاً:

قرارات وأوامر وتوجهات اقتصادية لترامب أول أيام الرئاسة الأميركية

أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب عددا من الأوامر التنفيذية ذات الطابع الاقتصادي، بالإضافة إلى توجهات أخرى خلال أول يوم من عودته للبيت الأبيض أمس الاثنين.

زيادة الرخاء

أمر ترامب جميع الإدارات والوكالات التنفيذية بتقديم إغاثة طارئة للشعب الأميركي في ظل ارتفاع الأسعار، وبزيادة رخاء العامل الأميركي.

وتشمل التدابير:

خفض اللوائح والسياسات المناخية التي ترفع التكاليف. إجراءات لخفض كلفة الإسكان وتوسيع المعروض من المساكن.

وجاء في هذا الأمر "على مدى السنوات الأربع الماضية، ألحقت سياسات إدارة بايدن المدمرة أزمة تضخم تاريخية بالشعب الأميركي".

إلغاء حظر التنقيب عن النفط

وقع ترامب على الانسحاب من معاهدة باريس للمناخ، بما في ذلك رسالة إلى الأمم المتحدة تشرح أسباب الانسحاب.

ويقول في هذا الأمر "سياسة إدارتي هي وضع مصالح الولايات المتحدة والشعب الأميركي في المقام الأول".

وألغى الرئيس مذكرة من عام 2023 أصدرها بايدن تحظر التنقيب عن النفط في نحو 16 مليون فدان في القطب الشمالي، قائلا إن الحكومة يجب أن تشجع استكشاف الطاقة وإنتاجها على الأراضي والمياه الاتحادية.

كما ألغى ترامب تفويضا بخصوص المركبات الكهربائية.

حالة طوارئ وطنية للطاقة

أعلن ترامب حالة طوارئ وطنية للطاقة، ووعد بملء الاحتياطيات الإستراتيجية من النفط وتصدير الطاقة الأمريكية في جميع أنحاء العالم.

إعلان

ووضع خطة شاملة لتعظيم إنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة، بما في ذلك إعلان حالة طوارئ وطنية للطاقة وإزالة اللوائح التنظيمية الزائدة، وانسحاب الولايات المتحدة من ميثاق دولي لمكافحة تغير المناخ.

وقال ترامب إنه يتوقع أن تساعد هذه الأوامر في خفض التضخم وحماية الأمن القومي الأميركي.

كما وقع على أوامر تهدف إلى تعزيز تطوير النفط والغاز في ألاسكا، وألغى جهود بايدن لحماية أراضي القطب الشمالي ومياهه من التنقيب.

وقال موقع البيت الأبيض إن الولايات المتحدة ستنهي أيضا تأجير مزارع الرياح للأراضي.

وتشير هذه التحركات إلى تحول كبير في سياسة الطاقة بعد أن سعى بايدن إلى تشجيع التحول بعيدا عن الوقود الأحفوري وترسيخ ريادة الولايات المتحدة في مكافحة الاحتباس الحراري.

تأجيل حظر تيك توك

وقع ترامب على أمر تنفيذي يؤخر فرض حظر على تطبيق المقاطع المصورة القصيرة تيك توك لمدة 75 يوما بعد أن كان مقررا إغلاقه في 19 يناير/كانون الثاني.

لكنه اقترح أن تكون للولايات المتحدة ملكية 50% من التطبيق في الولايات المتحدة مقابل عدم حظره.

وأثناء توقيع الأمر التنفيذي مساء أمس، قال ترامب إنه "يمكن" أن يرى أن "تستحوذ الحكومة الأميركية على حصة 50% في تيك توك ويمكنها بموجب هذه الحصة مراقبة الموقع".

فرض رسوم على المكسيك وكندا

قال ترامب إنه يفكر في فرض رسوم جمركية نسبتها 25% على الواردات من كندا والمكسيك لأنهما تسمحان للعديد من الناس بعبور الحدود وكذلك لمخدر الفنتانيل، وأضاف أن الإجراء قد يصدر أول الشهر المقبل.

وتعهّد بإجراءات ضد بلدان أخرى كجزء من سياسة واشنطن التجارية الجديدة.

مذكرة البيت الأبيض دعت لتقييم أداء الصين التجاري مع الولايات المتحدة (غيتي إيميجز) خفض العجز التجاري الأميركي

أمر ترامب الوكالات الاتحادية بـ"التحقيق في العجز التجاري الأميركي المستمر وسده" ومعالجة ممارسات التجارة غير العادلة والتلاعب بالعملة من جانب دول أخرى.

إعلان

وجاء ذلك في مسودة مذكرة تجارية للبيت الأبيض -اطلعت عليها رويترز- لم تصل إلى حد الأمر بفرض رسوم جمركية جديدة فورية.

وتأمر المذكرة الوكالات الاتحادية أيضا بتقييم أداء الصين بموجب "المرحلة الأولى" من اتفاق التجارة الذي وقعه مع بكين عام 2020 لإنهاء حرب الرسوم الجمركية التي استمرت قرابة عامين.

وكان الاتفاق يتطلب من الصين زيادة مشترياتها من الصادرات الأميركية بمقدار 200 مليار دولار على مدى عامين، لكن بكين لم تلب هذا الهدف مع انتشار جائحة "كوفيد-19".

وجاء في المذكرة أيضا "سيتم الآن تقييم مدى التزام الصين بهذا الاتفاق، لتحديد ما إذا كان الأمر يتطلب التنفيذ أو التغيير".

ودعا الرئيس إلى إعادة النظر في اتفاقية واشنطن للتجارة مع المكسيك وكندا واتفاقها مع الصين الذي أدى إلى هدنة في حرب رسوم جمركية سابقة.

وتعهد ترامب بـ "بدء إصلاح فوري" لمنظومة التجارة الأميركية "لحماية العمال والعائلات الأميركية".

وفي تصريحاته في المكتب البيضاوي، تحدث ترامب عن اختلال الميزان التجاري مع الاتحاد الأوروبي، وقال إنه لا يستورد ما يكفي من المنتجات الأميركية.

وأضاف أنه "سيصلح ذلك" عبر اللجوء إلى الرسوم أو حض التكتل على شراء المزيد من النفط والغاز.

مقالات مشابهة

  • السفير عبد المحمود عبد الحليم يعلق على قرار وزارة الخزانة الأميركية
  • وزير الخارجية الأمريكي: السياسة الرسمية للولايات المتحدة هي انتهاء الحرب
  • صفقة أوكرانيا وفرض ضرائب على الصين.. تفاصيل التغييرات الجذرية في السياسة الأمريكية
  • 7 أسئلة تشرح كيف تُغيّر الأوامر التنفيذية والعفو الرئاسي السياسة الأميركية
  • قرارات وأوامر وتوجهات اقتصادية لترامب أول أيام الرئاسة الأميركية
  • رسميا.. دونالد ترامب الرئيس الـ 47 للولايات المتحدة الأميركية
  • رسميا.. دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأميركية
  • تشمل الجنسية الأميركية.. أوامر تنفيذية مرتقبة من ترامب
  • من إنهاء حق المواطنة إلى تغيير السياسة الخارجية.. ترامب يستعد لإعلان إجراءات تنفيذية حاسمة