فتاة كردية هاربة من سجون إيران: تعرضت مراراً للاغتصاب الجماعي
تاريخ النشر: 22nd, January 2025 GMT
بغداد اليوم- متابعة
خوفا من الوقوع مجددا في براثن "الإرهاب الجنسي"، فرت الشابة بريتان من إيران، إلا أن الكوابيس أصرت على اللحاق بها إلى كردستان العراق، حيث تستيقظ كل صباح على مشاهد الانتهاكات الصارخة التي تعرضت لها في سجون النظام الإيراني.
"لا تمر ليلة إلا وأستيقظ فيها بسبب الكوابيس المرعبة، وهي تجسد مشاهد التعذيب والاغتصاب التي تعرضت لها على أيدي عناصر (الاطلاعات) الاستخبارات الإيرانية أثناء فترة اعتقالي لديهم"، تقول بريتان (اسم مستعار).
واعتقلت أجهزة الأمن بريتان، وهي شابة كردية إيرانية، أول مرة في سبتمبر أيلول 2022 أثناء مشاركتها في الاحتجاجات الشعبية الواسعة التي شهدتها إيران عقب وفاة الفتاة الكردية مهسا أميني.
أميني توفيت بعد تعرضها للضرب على يد شرطة الآداب الإيرانية، بحجة عدم الالتزام بالحجاب الذي يفرضه النظام على الإيرانيات منذ استيلائه على الحكم في إيران عام 1979.
واعتُقلت بريتان لساعات في ساحة الاحتجاج بمدينة مهاباد في كردستان إيران، شمال غرب البلاد، بعد سقوط لثامها أثناء مهاجمة عناصر الأمن المتظاهرين وإطلاق الرصاص الحي عليهم.
وبعد ذلك، نقلها عناصر الاستخبارات إلى داخل إحدى مركباتهم، حيث خضعت لتحقيق قبل أن يتم إطلاق سراحها.
لكن بعد مرور عام على الاحتجاجات، اقتحمت قوة من الاطلاعات مكونة من 12 عنصرًا في سبتمبر 2023 منزل بريتان واعتقلوها.
ونُقلت بريتان إلى فرع اطلاعات بمدينة رضائية "أرومية"، حيث احتُجزت في سجن الفرع لأسابيع دون إبلاغ والدتها أو أي فرد من عائلتها بمكان الاعتقال، ومُنعت من توكيل محامٍ للدفاع أو إجراء أي اتصالات.
وتضيف بريتان، البالغة من العمر 27 عامًا: "خلال فترة اعتقالي في فرع الاطلاعات، تعرضت إلى كافة صنوف التعذيب من الضرب والصعق بالكهرباء والخنق والإغراق...".
ولم يكتفِ السجانون بذلك، بل تعرضت بريتان أيضًا للاغتصاب بشكل مستمر خلال كل وجبة تعذيب، فـ"ما واجهته من اغتصاب واعتداءات جنسية من قبل عناصر الاطلاعات الإيرانية كان بشعًا للغاية، لا تستطيع ذاكرتي محو تلك المشاهد"، تقول الشابة.
وفي ديسمبر كانون الأول 2023، أصدرت "منظمة العفو الدولية" تقريرًا أكدت فيه أن الأجهزة الأمنية الإيرانية "استخدمت الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي لترهيب المتظاهرين السلميين ومعاقبتهم إبان انتفاضة (المرأة – الحياة – الحرية) التي اندلعت عام 2022".
ووثقت هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية و"بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في إيران" استخدام السلطات الإيرانية العنف القمعي الشديد في مناطق الأقليات العرقية.
بعد عدة أسابيع من الاعتقال في فرع الاطلاعات، نُقلت بريتان إلى سجن نساء رضائية. وبعد محاولات عائلتها ودفع أموال طائلة، أطلقت المحكمة الخاصة بالاطلاعات سراحها مقابل كفالة مالية بمبلغ 15 مليار تومان لحين محاكمتها.
وتمكنت عائلتها فيما بعد، وعقب محاولات عديدة، من خفض قيمة الكفالة إلى 5 مليارات تومان، لكن مأساة بريتان لم تتوقف.
وتقول بريتان: "خلال فترة إطلاق سراحي المؤقت، اعتقلني عناصر الاطلاعات ثلاث مرات بحجة التحقيق معي، وخلال كل فترة اعتقال من هذه الفترات تعرضت لكافة أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، وكسروا إحدى ساقي وإحدى يدي أثناء التعذيب...".
و"كانوا يعتدون عليّ جسديًا ويغتصبونني بشكل جماعي عدة مرات مع كل وجبة تحقيق"، تضيف الشابة الكردية الإيرانية.
لم يتوقف عناصر الاطلاعات عند اغتصاب بريتان وتعذيبها الشديد، بل كانوا يهددونها بافتعال تهمة لوالدتها واعتقالها هي الأخرى.
وقالت: "حاولوا معرفة إلى أي حزب من الأحزاب الكردية أنتمي، من أجل محاكمتي بتهمة (الإفساد في الأرض) وعقوبتها الإعدام".
وبعد كل وجبة تحقيق وتعذيب، كانت تُحتجز بريتان بشكل انفرادي لمدة أسبوع وتُمنع من مواجهة محاميها.
فـ"بعد كل تحقيق، يحتجزونني في غرفة بشكل انفرادي وأنا منهارة القوى والدماء تسيل من كل أجزاء جسدي، ويدخلون مجموعة من النساء التابعات للاطلاعات إلى داخل السجن على أنهن سجينات ويفتعلن شجارًا، ومن ثم يبرحاني ضربًا، كي يظهروا أنني تعرضت لإصابات بالغة إثر شجار في السجن وليس بالتعذيب".
استمرت فترة اعتقال بريتان أكثر من ثلاثة أشهر ونصف الشهر، وبعد الإفراج المؤقت عنها أبلغها المحامي بأن النظام سيعيد اعتقالها مجددًا وسيحاكمها بالسجن المؤبد وستُنقل إلى سجن "إيفين" سيئ السمعة.
لذلك قررت الهروب برفقة والدتها، واجتازتا الحدود الإيرانية العراقية مع أحد أقاربها عبر الطرق الجبلية الوعرة والمحفوفة بالخطر، ونجحتا في الوصول إلى كردستان العراق.
لم تكن بريتان الفتاة الوحيدة التي تعرضت للتعذيب والاغتصاب والعنف الجنسي داخل المعتقل، فجميع النساء المعتقلات معها في السجن تعرضن لما تعرضت له، لكنها لا تزال تتذكر إحدى الفتيات التي صادفتها عدة مرات في غرف الاعتقال، التي كانت تجمعهما بعد التعذيب.
لكنها لم تتمكن من التواصل معها إلا مرة واحدة وبسرعة، لأن الحراس كانوا يمنعون أي تواصل بين المعتقلات داخل السجن.
وتبين بريتان: "هذه الفتاة كانت قد اعتُقلت بنفس تهمتي وهي المشاركة في التظاهرات، لكنها في البداية نجحت في الهرب إلى كردستان العراق، وقبل اعتقالها كانت تعيش في محافظة السليمانية، حيث اعتقلتها الاطلاعات الإيرانية في السليمانية وأعادتها إلى المعتقل في إيران".
لم تتسنَّ لبريتان معرفة عنوان الفتاة وعائلتها للتواصل معهم عند خروجها من المعتقل، وكانت تلك آخر مرة ترى فيها تلك الفتاة.
وعلى الرغم من تواجدها في كردستان العراق، فإنها لا تزال تخشى من الحرس الثوري الإيراني والاطلاعات الإيرانية من كشف موقعها واعتقالها مجددًا وإعادتها إلى إيران، لذلك اختارت إخفاء هويتها.
وتقول: "أعيش في حالة من الخوف الدائم، أخاف من التعرض للاختطاف من قبل النظام الإيراني".
وتعرب بريتان عن تمنياتها بألا تذهب تضحياتها وتضحيات الشعوب في إيران سدى، مطالبة المجتمع الدولي بتوفير الحماية الكاملة للإيرانيين من النظام الحاكم في طهران.
فهذا النظام، وفق بريتان، لا يتوانى عن استخدام كافة الوسائل للبطش بمعارضيه وبكافة من يقف بوجه انتهاكاته لحقوق الإنسان واعتدائه على الشعوب في إيران.
المصدر: موقع الحرة
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: کردستان العراق فی إیران
إقرأ أيضاً:
المواجهة الأميركية – الإيرانية… احتمال جدي!
آخر تحديث: 26 مارس 2025 - 11:40 صبقلم: خيرالله خير الله راعت الإدارات الأميركية المتلاحقة، منذ عهد جيمي كارتر، “الجمهورية الإسلاميّة” الإيرانيّة إلى أبعد حدود. هذه المرة، يبدو احتمال المواجهة الأميركيّة ـ الإيرانية من النوع الجدي للمرة الأولى منذ قيام النظام المبني على نظرية “الوليّ الفقيه”، الذي أراده الخميني على قياسه، في العام 1979. ما يجعل احتمال المواجهة الأميركية – الإيرانية يرتدي طابعا جدّيا، طبيعة المطالب التي قدمها الرئيس دونالد ترامب إلى السلطة العليا في إيران، وهي السلطة المتمثلة في شخص “المرشد الأعلى” علي خامنئي.من بين هذه المطالب تخلي “الجمهورية الإسلاميّة” عن دعم أدواتها في المنطقة، بدءا بـ“حزب الله” في لبنان وانتهاء بالحوثيين في اليمن، مرورا بالميليشيات العراقية المنضوية تحت لافتة “الحشد الشعبي”. تطلب أميركا من النظام الإيراني إنهاء نفسه نظرا إلى أنّ هذه الأدوات كانت، ولا تزال، علّة وجود نظام لم يكن لديه في يوم من الأيام ما يقدمّه للإيرانيين في أي مجال من المجالات وأي قطاع من القطاعات. تبخرت كلّ الوعود التي قطعها الخميني للإيرانيين في مرحلة ما قبل قيام “الجمهوريّة الإسلاميّة”. يشمل ذلك الوعد بالاستغناء عن الدخل الذي مصدره النفط والغاز. زاد اعتماد “الجمهوريّة الإسلاميّة” على هذا الدخل في ضوء التجارب الفاشلة التي قام بها النظام منذ لحظة قيامه. اعتمد النظام الإيراني من أجل حماية نفسه على الميليشيات المذهبية التي أنشأها ومولها ونشرها في دول المنطقة معتمدا أساسا على وضع يده على سوريا والنظام العلوي الذي أقامه حافظ الأسد. لم يستطع النظام الإيراني الخروج من شعار “تصدير الثورة” الذي وجد فيه الطريقة الأفضل لحماية نفسه. لكنّ السلوك الإيراني في الأسابيع القليلة الماضية يعبّر عن مخاوف لدى النظام من انتهاء صلاحيته أميركيا وإسرائيليا بعدما غيّرت حرب غزّة، التي تسببت بها “حماس”، النظرة إلى نظام الملالي.ارتدّت اللعبة التي مارستها إسرائيل منذ سقوط الشاه قبل 46 عاما، في نهاية المطاف، عليها. حصل ذلك بعد شنّ “حماس” هجوم “طوفان الأقصى”، وهو هجوم أدّى، بغض النظر عن النتائج التي أدّى إليها على الصعيدين الفلسطيني والإقليمي، إلى جعل المجتمع الإسرائيلي يهتز من الداخل. لا يؤكد ذلك أكثر من الهجرة المعاكسة من دولة إسرائيل، إلى مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك جزيرة قبرص، منطقة بافوس تحديدا. لم يسبق للدولة العبرية أن واجهت مثل هذه الهجرة المضادة منذ قيامها في العام 1948. لكن ما لا مفرّ من ملاحظته في الوقت ذاته، أنّه منذ قيام “الجمهوريّة الإسلاميّة” كان هناك تساهل أميركي مع إيران. يشير إلى ذلك كيفية تعاطي إدارة جيمي كارتر مع أزمة احتجاز موظفي السفارة الأميركية في طهران لمدة 444 يوما ابتداء من تشرين الثاني – نوفمبر 1979. لم يمتلك كارتر الرغبة في وضع حدّ لعملية الابتزاز التي مارستها “الجمهوريّة الإسلاميّة”. ثمة من يبرّر ذلك بأنّه كان يعاني من عقدة فيتنام التي تحكّمت بتصرفات إدارته.يمكن إيراد أمثلة كثيرة على التواطؤ الأميركي مع إيران بغطاء إسرائيلي. بين هذه الأمثلة، تغاضي الولايات المتحدة عن تفجير سفارتها في بيروت في نيسان – أبريل 1983 ونسف مقر المارينز قرب مطار العاصمة اللبنانية الذي قتل فيه 241 عسكريا أميركيا. كذلك، يمكن الذهاب إلى الحرب العراقية – الإيرانية التي استمرت بين 1980 و1988، والتي تخللتها مواقف أميركية تثير كل أنواع الاستغراب، خصوصا فضيحة إيران – غيت التي شهدت، بين ما شهدته، تزويد إيران بأسلحة إسرائيلية كانت في حاجة إليها لمتابعة الحرب.في الإمكان التذكير أيضا بالخدمة الكبيرة التي قدمتها حرب الثماني السنوات التي افتعلتها إيران ووقع صدّام حسين، بغبائه السياسي، في فخها. قضت تلك الحرب على ثروات كبيرة عراقيّة وإيرانيّة. أكثر من ذلك، لم تتوقف “الجمهوريّة الإسلاميّة” عن عمل كل ما تستطيعه من أجل إجهاض أي احتمال لقيام سلام فلسطيني – إسرائيلي منذ توقيع اتفاق أوسلو في أيلول – سبتمبر 1993. لم تكن إيران، عبر أدواتها الإقليميّة، بعيدة يوما عن العمليات الانتحاريّة التي نفذتها “حماس” والتي لعبت دورا كبيرا في جعل المجتمع الإسرائيلي يتحول نحو اليمين بشكل شبه نهائي. كان اليمين الإسرائيلي يرد ّ الجميل في كل وقت لما قامت به “الجمهوريّة الإسلاميّة” طوال عقود. شمل ذلك بقاء جنوب لبنان طوال سنوات في عهدة “حزب الله” بعيدا عن وجود الجيش اللبناني. كان مطلوبا في كلّ وقت بقاء الجنوب صندوق بريد وتبادل رسائل بين إيران وإسرائيل التي وجدت نفسها بعد حرب غزّة مضطرة إلى التعاطي بطريقة مختلفة مع إيران.في أساس هذا التغيير الصواريخ التي مصدرها إيران والتي ضربت الدولة العبرية من غزّة واليمن… وجنوب لبنان! أكثر من أي وقت، توجد معادلة جديدة في المنطقة التي عانت أيضا من تصرفات باراك أوباما الذي عمل كلّ ما يستطيع من أجل تفادي أي إزعاج لإيران بغية التوصل إلى الاتفاق في شأن ملفها النووي في العام 2015. بلغ الأمر بأوباما أنّ غض الطرف عن استخدام بشّار الأسد السلاح الكيمياوي في الحرب التي شنها على شعبه، كي لا تنسحب “الجمهوريّة الإسلاميّة” من المفاوضات المتعلّقة بالملف النووي الإيراني.من يستخدم الصواريخ اليوم يمكن أن يستخدم السلاح النووي غدا. هذا هو الموقف المشترك الأميركي – الإسرائيلي. هل تستطيع إيران القيام بالتغيير الداخلي المطلوب؟ الأهم من ذلك كلّه، هل تدرك أن صلاحيتها لدى الإسرائيليين والأميركيين صارت منتهية؟،لا جواب على مثل هذا النوع من الأسئلة، لكنّ الأكيد أن الأيام التي كانت تراعي فيها أميركا إيران ولّت. كذلك الأيام التي كانت إسرائيل ترى أنّ كل ما تقوم به إيران في المنطقة يصبّ في مصلحتها، بطريقة أو بأخرى…